الفصل التاني و العشرون

1.2K 58 16
                                    

لايك من فضلكم

الفصل الثاني والعشرون


بخطوات ثقيلة أثقل من خطوات سلحفاة عجوز جر نفسه حتى وصل الإسطبل حيث من المفترض أن حارث ينتظره هناك؛ لا يذكر ماذا قال له الأخير أو متى عاد للفندق أوكيف
كل ما كان يفكر فيه هو العودة، إلى أين ليس متأكدا لكن ماهو متأكد منه بأنه يشعر بالاختناق وعقله لم يعد قادرا على الاستيعاب أو التحليل
-أيوب ما بك أتحدث معك منذ ساعتين.
قال حارث وهو ينكز أيوب في ساعده ليزداد توتره و تحفزه
ويقول :
-ماذا تريد مني؟
لماذا أصررت على حضوري معكم؟
نظر له حارث في استغراب ورد:
- ماذا تعني لم طلبت حضورك تعرف لماذا؟
أعني أنت أخي وتعرف
قاطعه ملوحا بيده وقد احتقن وجهه بشدة :
-توقف عن تلك الحجج الواهية أنا سأخبرك لماذا؛ كي تزيد من ذل زوجتك، بدلا من أن تأخذ غرفة مشتركة معها بسريرين منفصلين أو حتى تنام على الأريكة أو تتلقح أرضا ، أصررت بأن تكون هي في غرفة منفصلة مع عمتك وأنت هنا معي!
وهل هناك ذل أكبر من ذلك، طبعا يجب أن تبرهن للجميع بأنك أنت من لاتريد الاقتراب منها وليس العكس،قد يرد لك ذلك كرامتك التي تزعم أنها هدرت.
خلل أيوب شعر بيده في حركة عصبية وأكمل حديثه وسط دهشة حارث الذي ألجمته الصدمة :
- بدلا من اختيار الطريق السهل سواء بالمسامحة أو تركها اخترت أسوأ شيء باسم الحب، اخترت أن تتأكد من بقائها بجانبك ثم إذلالها .
بذهول قال حارث مقاطعا:
- أنا !!!
ليعلو صوت أيوب :
- نعم أنت، تعرف ماذا هذه هي طريقتكم تتبعون الحب والطيبة حتى توقعون الطرف الآخر في شباككم وعندما تتأكدون من تحكمكم في مشاعره وأنه أصبح تحت قبضتكم تدعسونه ليصبح فتاتا تحت أقدامكم ، أنت و...
رنين هاتف حارث الذي لم يتوقف قاطعه عندما رفعه الأخير ليجيب على المتصل ثم مده له؛ كانت يده ترتعش من شدة الغضب لذلك أنزل عينه للهاتف وكاد أن يرفض الرد لولا رؤيته لاسم المتصل، ليزفر ويستغفر في سره ثم أجاب
قائلا:
- نعم جدي
أتاه صوت الشيخ قلقا بعض الشيء أو ربما خُيل له ذلك: -أين أنت يا بني اتصلت بك كثيرا منذ الصباح ولم أتلقَ ردا؟
هل حدث مكروه لأحد ؟
ضغط بإصبعيه على جانبي أنفه مع إغماض عينه في محاولة لتملك أعصابه
قبل أن يجيب بصوت خرج حادا رغما عنه:
-كلنا بخير، لم أنتبه لهاتفي أعتذر، هل هناك شيء مهم ليس من عادتك أن تتصل كثيرا؟
لم يجبه الشيخ عثمان فورا حتي أن أيوب أبعد الهاتف ليتأكد بأن به شبكة ليأتيه صوت الشيخ بنبرة مختلفة قائلا: -عد غدا صباحا يوجد أمر عاجل جدا أحتاج مناقشته معك وحدك؛ أصلا لا أعرف لماذا أصر حارث على أخذك وأخذ أشماس في إجازة مع عروسه؟
اعطني حارث.
-كما تريد غدا صباحا أكون عندك.
مد الهاتف لحارث قبل أن يسمع رد الشيخ
الذي قال:
- لم أطلب منك أن تكون هنا غدا صباحا قلت تعال غدا.
ليجيبه حارث:
-لا عليك ياجدي سوف أخبره أنا فقد بدأ في لم ملابسه بالفعل.
عقد الشيخ حاجبيه وقد أنبأه قلبه بحدوث شيء لكنه
قال بنبرة عادية:
- لا عليك وأنت أيضا عد لا داعي لبقائك هناك مع زوجتك و عمتك ؛
ضغط على كلمة عمتك ليعرف حارث بأنه لن يفوت أمر أخذه لأشماس و أيوب معه!
أغلق الهاتف ليجد أن أيوب جهز حقيبته فعلا و استعد للخروج ليسرع ويمسك بحقيبته حتى يقف
ويقول:
-استهدِ بالله، جدي طلب أن تعود غدا لا أن تكون عنده غدا صباحا، سوف ننتطلق معا أنا أيضا عائد معك.
لم يهدأ غضبه بعد لذلك سحب الحقيبة من يد حارث لتنقطع الذراع الجلدية التي كان حارث ممسكا بها وفتح الباب
قائلا:
- أنا ذاهب الآن عد أنت مع زوجتك وعمتك .
لحق به ليقنعه بأن يوصله لمحطة الباصات ، فلا يوجد طيران مباشر من موقعهم حيث الشلالات لمدينته ؛ طوال الطريق حاول حارث حثه على الحديث دون فائدة كان أيوب واجم الوجه بملامح غاضبة متألمة شاردا معظم الوقت، لم يتركه حتى ركب المواصلة فقد وجد سيارات أجرة فقرر الذهاب بها بدلا من انتظار الباص حتى الصباح؛ ليعود حارث بعدها للفندق ويرسل رسالة لدرصاف يخبرها بأنهم سيعودون في الصباح، كاد أن يرسلها لأشماس لكنه عدل الاسم بعدها لا يعرف ربما أثر فيه كلام أيوب أو ربما أراد هو أن يثبت لنفسه خطأ اعتقاد الأخير ؟
هو لم يفعل ذلك بقصد إذلالها أمام أحد بل كي لا يضغط عليها وعلى نفسه أكثر ، الجميع يظن بأن وجوده معها في نفس البيت لا يؤثر عليه هل يمزحون؟!!!
هو كان يمسك نفسها عنها عنوة ويتعمد حرمان عينيه من التطلع إليها كي لا يقع في الخطأ ، ولأن وهي حلاله و في بيته رائحتها تحيطه وتختلط بأنفاسه كيف يكون الفرار؟
لا أحد يعرف النار التي تشتعل بداخله كلما مرت أمامه وجلست بتلك الوضعية التي تظهرها في قمة أنوثتها بمناماتها المختلفة التي لولا معرفته بنفورها منه لأقسم أنها تتعمد ارتدائها أمامه لتزيد اشتعال جسده ألا تعرف بأنه رجل محروم!
حتى نظارتها تثيره طريقتها في ضبطها على أنفها بإصبعها تذيبه كم يتمني أن يعدلها هو لها بل ينزعها ليعطي تلك العينين ما تستحقانه من تمجد، كل شيء فيها شهي و لذيذ ومغري و هو محروم منه!
حرم نفسه منه أملا بأن يأتي اليوم الذي تعطيه له هي طواعية ، لن يشعر بمتعة تملكها إلا بأمر منها هي من عرف القلب معني الحب بلمسة من يدها،منذ كان يحبو في طريق لايعرف آخرها ليكبر و تكبر معه تلك النبضات التي لم تتغير بل زادت قوة رغم كل ماحدث.
تنهيدة حارة أخرجها علها تطفئ النار المشتعلة ثم أخذ حماما باردا مثل لياليه وهي بعيدة عنه.

وصل أيوب لمنزل الشيخ عثمان مع أذان الفجر ليجد الأخير يهم بالخروج للصلاة في المسجد كعادته فأخذه معه وبعد تأدية الصلاة عادا للمنزل دخل أيوب خلف الشيخ لمنزله الرئيسي
ليقول الأخير :
- ألن تذهب لترتاح قليلا ؟
خلع أيوب حذاءه وقال :
- لا هناك أمر هام أريد مناقشتك فيه ولن أستطيع النوم قبلها.
قلبه أخبره بأن الأمر يخص أشماس؛ لذلك
اجابه بجدية :
-تعال لغرفتي أريدك في أمر هام أيضا وبعدها أخبرني بم تريد.
تبعه ليجلس الشيخ على أريكته أمامه مصحفه و جلس أيوب أمامه محاولا التحكم في أعصابه ، منذ أن ترك حارث وهو يعيد الكلمات في رأسه، يحلل ويفسر كل حرف وكل حركة منها أثناء نطقها لها بل أعاد شريط تعارفهما منذ بدايته ليحلل جميع تصرفاتها ويتخذ القرار الحاسم والذي سوف يبلغه للشيخ الآن .
حرك الشيخ عثمان كرات سبحته بين يديه كالعادة
وقال :
-تذكر الرسومات التي نقشتها منذ مدة ونالت إعجاب الجميع؟
نظره له أيوب بعدم فهم
ليتابع :
-تلك التي مزجت بيها بين الثقافات وأدخلتها معا، الفرعونية مع الحضارات الخمس التي كانت عندنا مع بعض من حضارة بابل أعتقد
هز أيوب رأسه وقال :
- نعم تذكرت هل طلبوا صنع المزيد ؟
لقد وضعت الرسومات في الحاسب الآلي وبعضها لايزال عندي يمكنني وضعها لتسهيل الطباعة لكنهم طلبوا رسم يدوي لذلك لم أضعها وقتها مع الباقي.
ليقول الشيخ ببعض الحزم:
-طلبوا رسم يدوي لأنهم أرادوا سرقته.
رمش أيوب كأنه يحاول التأكد مما سمع،
فتابع الشيخ موضحا:
-لم يكونوا مجرد سائحين بل تجار ماركات مشهورين في أروبا وقد اعتادوا أخذ الرسومات من الدول الأخرى وتغيير القليل منها ثم تسجيلها باسمهم ليستخدموها هم في أعمالهم أو يبيعوا التصميم لأشخاص آخرين ؛ حظهم هذه المرة أن زوجة إبراهيم رأت التصميم الخاص بك وقد وضعوه على أحد مواقعهم بأنه تشكيلة جديدة ستغزو أوربا ، لذلك أبلغت إبراهيم الذي رفع عليهم قضية فورا وقد تم التوصل لاتفاق بين المحامين لكن عليك الذهاب لكي توقع هذا الاتفاق إذا أعجبك أولا، وكي تؤكد ملكيتك له، أخبرني إبراهيم بأن هناك شيء اسمه ملكية رسم أو هكذا
صحح له أيوب المذهول مما سمعه:
-حقوق ملكية.
-اه هذا هو المهم أن تسرع لأخذ التاشيرة والسفر إبراهيم ينتظرك كي ينهي كل شيء .
كعادته لم يرد بل أخذته المفاجأة
ليقول بعد برهة:
-كيف عرفت السيدة جيهان أنه تصميمي؟
رد الشيخ ببساطة :
-لم تكن تعرف بأنه تصميمك لقد أرسلت جزء من عملك لإبراهيم إذا كنت تذكر فقد أعجبه التصميم جدا وقتها، هي ظنت أنها لي أو للمصنع بالأحرى لذلك أبلغته .
هز رأسه بمعني فهمت ثم رفع عينيه وقال:
-والآن ماذا أفعل لم أفهم ؟
حوقل الشيخ وقال:
-يابني أخبرتك أولا تذهب للسفارة إبراهيم حجز لك موعد في العاصمة بعد الغد هو يعرف أحد العاملين بها لا تقلق لن تتأخر الموافقة على التأشيرة وبعدها تتوكل على الله وتذهب لتثبت حقك؛ عموما أنا لم أعرف بأن قيمتها عالية لذلك قمت بمراجعة المبيعات الخاصة بها و خصمت ثمن التكلفة فقط والباقي حولته لحسابك في بلدك
ارتفع حاجبا أيوب في دهشة
وقال بصدق ممزوج بامتنان:
- لالا لن آخذ قرش منها، أنا كنت أؤدي عملي لا غير، كما أنك تركتني أجرب وقد خربت العديد من الأواني و القطع الغالية حتى أتقنتها في النهاية ، أرجوك جدي لا تجعلني أشعر بأني غريب أو مجرد عامل عندك هذا آخر شيء أحتاجه منك الآن بالذات.
كلماته و نبرته المترجية جعلت الشيخ يصمم على ما قرره بينه وبين نفسه ليقول بلين:
- قل مالديك ياولدي وعليك أمان الله.
ظهرت بوادر الراحة على محيا أيوب ليأخذ نفسا عميقا
ثم قال:
- أعرف أنك تعلم بأني قد جئت لبلدك خصيصا كي أسافر لأوربا على قوارب الموت.
نظرة الشيخ تخبره بأن يتابع تحريك سبحته بنفس الوتيرة دون أن يظهر أي تعبير على وجهه
فتابع:
-مالا تعلمه هو سبب رغبتي الحقيقية في السفر.
هنا توقفت يد الشيخ عن تحريك السبحة، لتزداد قوة نبضات أيوب بدرجة واضحة للعيان حيث أصبح صدره يعلو ويهبط بقوة
فقال وهو يكور قبضته :
- أردت الذهاب كي أبحث عن أبي.


❈-❈-❈
في الدولة المجاورة

 سيل جارف  الجزء الاول من سلسلة الحب والحربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن