في لحظة من الزمن نشعر وكأن تلك اللحظة قد مرت علينا سابقًا، عينان لم نرها يومًا نشعر بالألفة بين صاحبهما !، قد يجيد القلب إخفاء ما أراد إخفاءه ولكن مع ذكرى واحدة او نظرة يعيد العقل للقلب ما قد غفل عنه وتظاهر بنسيانه!، هكذا لاح على عقل بيان امرًا قديماً ظنته قد تاه في بئر النسيان ولم تكن تذكره حتى رأت عيناه من جديد من ذلك القُرب، لا لم تكن واثقة من انه الفتى ذاته ولم يكن هو الاخر واثق من كونها ذات الفتاة ولكن على كل حال تذكر كلاهما ذلك اليوم الذي امتلأ بغبار الماضي..
***
قبل سبعة عشر عامًا...
في إحدى الحدائق العامة حيث كانت الشمس ساطعة جلست زهرة زوجة فاروق تتابع تحركات بيان مبتسمةً فالبرغم من انها لم تكن ابنتها إلا انها احبتها كثيرًا ولم تشعرها يومًا بأنها ليست والدتها، كانت تراقبها بشغف أثناء لهوها ولعبها غير مبالية لما سيفعله زوجها إذا عرف بخروجهم من البيت هكذا ولكن الأمر كان يستحق العناء فهي تشفق على تلك الفتاة الصغيره صاحبة الخمسة أعوام فقط فمعاملة والدها القاسية لها تشعرها بالغضب ولكن ما باليد حيلة!، نظرت زهرة حيث عز صغيرها الذي جلس ارضًا يلعب بحبات الرمال الممزوجة بالعشب الأخضر فإبتسمت وغفلت عن بيان لوهلة وكانت الوهلة تلك كافية بأن تأتيها بيان باكيةً فتلك الفتاة مشاكسة وتجيد افتعال المشاغب!!-مالك يا حبيبتي حصل ايه؟
لم تجبها بيان بشيء واكتفت بأنها جلست بجانبها ثم عانقتها وأخذت تبكي فبادلتها زهرة العناق وهي تمسد على خصلات شعرها بحنان وهنا اتي فتى يكبرها ببضعه أعوام ثم وقف بأدب قائلاً :
-آسف!
نظرت إليه زهرة ثم قالت بتساؤل :
-آسف على ايه؟
-كنت بلعب بالكورة مع صحابي والكورة خبطت فيها بالغلط فـ قعدت تعيط، مكنتش اقصد اعمل كداابتعدت بيان عن احضانها ثم تأملت ذلك الفتى بعين دامعة رق لها قلبه فهو حقًا لم يقصد!، ابتسمت زهرة ثم قالت إلى بيان :
-شوفتي!، اهو مكانش يقصد
حركت بيان رأسها يمينًا ويسارًا بقوة رافضة تصديق ما يقال إليها فالطالما كانت فتاة عنيدة منذ نعومة اظافرها!، قال الفتى من جديد :
-انا آسف متزعليش مني
-لا زعلانه ومش هصالحك أبدًا!قالتها بالرغم من عدم معرفتهم ببعضهم البعض وقامت بعقد يديها بغضب أمام صدرها وعقدت حاجبيها وكأنها تنهي النقاش!، كتمت زهرة ضحكاتها بصعوبة لكون الأمر لطيفًا مضحكًا بالنسبة إليها فنظرت إلى الفتى ثم قالت :
-انت اسمك ايه؟
-هارون
-طب تعالي اقولك سر يا هاروننظرت بيان إليها على الفور وقالت :
-متتكلميش معاه عشان هو وحش!
-لا هو مش وحش انا وهو صحاب، مش كدا يا هارون؟حرك رأسه إجابة بنعم بعدما ابتسمت فأشارت هي إليه بالاقتراب وسط نظرات بيان الساخطة وحين اقترب همست هي في اذنه قائلةً :
أنت تقرأ
بين الحرب والحب
Actionقد دقت طبول الحرب تزامنًا مع طبول القلب معلنًا الحب فلمن النصر!، ستسقط الراء من الحرب وينتصر الحب ام ستغزو الراء الحب ويتحول إلى حربٍ أبدية!