الفصل الثامن عشر

63 8 4
                                    


لوهلة أدركت انها لا تدري إلى أين وجهتها، حين يفقد المرء هدفه فكل الطُرق قد تفي بالغرض، استقلت سيارة اجري بعدما ارهقها السير ثم أخرجت هاتفها وحاولت الاتصال ذلك الرقم الذي ارسل إليها مقطع الفيديو ذاك وبعد المحاولة الثالثة أجاب اخيرًا فقالت هي بغضب :

-اخويا فين دلوقتي

أخبرها هو بالعنوان فأخبرت السائق به على الفور، كان صوته للمرة الأولى تسمعه فلا تدري من يكون لذلك تابعت بإنفعال :

-والله لو عز جراله حاجة يبقى فتحتوا على نفسكم أبواب جهنم وساعتها محدش هيقدر يوقفني
-احنا مش واقفين ضدك يا بيان ويا إلا مكنتش بعتلك الفيديو!، فكري صح

ازداد غضبها فقالت :

-انتوا مين!، انتوا مين بقى
-كل حاجة هتعرفيها في وقتها

كادت أن تتحدث من جديد ولكن صوت إغلاق الخط سبقها، اخذت تتأمل الطريق وتحث السائق على الإسراع، لم تستطع كبح لجام حزنها فأخذت تبكي طيلة الطريق حتى وصلت للمشفى بفستان الزفاف الذي مازالت ترتديه، كانت النظرات تتابعها بينما هي لا تبالي لهم وما يشغل بالها كان عز، عز فقط!، سألت موظفة الإستقبال فقالت إليها انه بالطابق الثاني فتوجهت إلى أعلى مسرعةً وحينها وجدت والدها يجلس بالقرب من غرفة العمليات فإقتربت منه ثم قالت بقلق :

-عز كويس؟

تأملها فاروق من أعلى رأسها حتى اخمص قدميها، يشعر بالغضب تجاهها بلا سبب فهو يرى أن ما حدث قد حدث بسبب زواجها من هارون، يعلم بأن داخلها صراع كبير الان فأراد ان يزيد حرائقها الداخلية فقال بحدة وغضب :

-اتمنى تكوني مبسوطة يا عروسة

زفرت هي بضيق ثم قالت وكأنها لم تسمعه :

-عز كويس!
-بين الحياة والموت ادعيله، مش محتاج افكرك إن كل ده بسببك، ألا صحيح هو جوزك فين؟، جوز بنتي الغالي

شعرت وكأن خنجر مسموم يجرح قلبها للتو، تلك الليلة التي لطالما حلمت بها تحول الحلم إلى كابوس مرعب كم ودت ان تستفيق منه، ابتعدت عن والدها كثيرًا ثم جلست على مقعد ما وحيدة ثم ضمت ساقها إليها برفقة فستانها الأبيض الذي تزين بسواد الحزن، انكمشت على حالها تماماً وعادت تبكي من جديد، تبكي على خيباتها السابقة وخيباتها القادمة!
              ***
أقبل هارون على منزل والده كالإعصار في ذروته، كان الغضب يملأه لإفساد ليلته المنتظرة تلك، لإفساد حلمه الجميل، ألم يكن حُلمًا؟، وما نهاية كل حلم إلا الاستيقاظ وها هو قد استيقظ على واقع مرير!، كان خليل قد اقبل برفقة يوسف علي المنزل منذ قليل لذلك حين رأي هارون عقد حاجبيه بتعجب ثم قال :

-انت بتعمل ايه هنا دلوقتي؟!

ابتسم يوسف بخبث ودهاء لنجاح خطته بينما قال هارون غاضبًا :

بين الحرب والحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن