إبنة البيتا

23

CH 23

23- شهقة العين أكثر فزعاً و أقل صوتاً .

جفت عيناها تماماً كما لو أنها لم تبكي في حرارة سابقاً بعد مدة طويلة من الركض المتواصل الكثيف رفعت عينها المتورمة إلى الأعلى كان القمر يركض كما لو كان يُلاحقهم بين الأغصان اليابسة المتشابكة بالاعلى عبر السماء المليئة بالنجوم كان المنظر ساحراً و مع ذلك أنزلت رأسها إلى الأسفل.

أغمضت عيناها عندما أحست بالدموع تجتمع بها ولا تدري إن كان سبب ذلك الريح الباردة اللآسعة أو الحزن كان السبب دفنت رأسها في الفرو البني الدافئ غائمة الذهن أخترق أُذانها فقط صوت إنسحاق الثلج تحت كفوف الذئاب .

في هذة العتمة تشعر كما لو أنها تعوم في كل ذكرياتها القاتمة كل الذكريات التي كانت في سراديب عقلها كانت تتدفق لها واحدةً تلو الأخرى الأجساد الميتة التي لن تُحيا مرة أخرى و الأصوات التي لن تُسمع مجدداً لن ترى الوجوه التي ألفتَّها و لن ترى جسدهم المرتج من الضحك أدركت حقيقة من هذة الذكريات أنها وحيدة في العالم أجمع فالموت أخذ الجميع في لحظة و في دفعةٍ واحدة !

مر في خاطرها والدها ذلك الدم القرمزي المندفع فوق فروه الكثيف ثم متجمعاً سريعاً على الثلج الأبيض تمنت لو لم يذهب لو لم يمت لو كانت هي من ماتت في تلك اللحظة أحست بالوحدة الموحشة دون عائلة لتُرشدها أو تحميها لا تدري مالذي ستفعله ومالذي يجب عليها أن لا تفعله !

رفعت رأسها وسقطت دمعة حارة على خدها وجهت عيناها إلى الذئب الرمادي الذي كان أمامها كانت مصوبةً عيناها على اخوها النائم كانت نظرتها حزينة و مليئة بالشفقة علي حال أخيها كان يبدو أقل حجماً إلى حد ما كأنه يعاني من سوء تغذيةٍ شديد إرتجف فمها من المنظر .

شددَّت قبضتها و دفنت رأسها في الفرو الدافئ أحست بمذاقٍ مُرٍّ في فمها أدركت أنها جرحت شفتها ! و أدركت أن لو كان هناك شيءٍ واحد يجعلها مع رجل معروفٍ كقاتل أقربين و أن تأتي معه إلى معشر الهلال سيء و بشع السُمعة هو أن يشفى أخر فرداً من عائلتها تبقى لها !

رفعت رأسها فور ما وقعت عيناها على الذئب الأسود في الأمام و قد صبغ نور القمر على الفرو الأسود القاتم مما جعله يلتمع في هذا الليل القاتم كان يركض دون إبطاء دون أن يلقي أي نظرة و لو واحدة إلى الخلف ولا حتى نظرةً سريعة صغيرة فور ما حنت رأسها مجدداً و أعتلى البرود ملامحها .

بعد مرور وقتٍ ليس قصير من الركض المتواصل حتى بلغ القمر المنتصف كان ذئب جيرالد يتباطئ مما جعل الذئبين في الخلف تتباطأ سُرعتهم و عوضاً عن الركض أصبحوا يسيرون خلف الذئب الأسود الذي إنزاح عن الطريق تماماً و تعمق بين الأشجار في أحد الإتجاهات ولم تكن تفهم لما كان ينحرف تماماً عن الشمال مما أثار إستغرابها و جعلها متوترة .