|11| صراع مع التوأم المزيف

1.1K 93 1
                                    


بعد مرور اسبوعين تقريبًا ..
.
بإحدى الليالى الهادئة ، كانت تجلس حورية فى حديقة المنزل وحدها تمسك بكوب من المشروب الساخن بين كفيها ، تلتزم الصمت التام وتوزّع أنظارها على أى شئ يقع فى مرمى بصرها بلا هدف ..
ترفع قدميها الاثنين على الكرسى لتقترب ركبتيها من صدرها وتُسند عليها يديها اللتان تضمان الكوب ..
شعرت بشخص ما يأتى من خلفها ،حتى جلس على الكرسى الفارغ بجانبها وهو يُصفّر فنظرت له وابتسمت له بشئ من المجاملة عندما قال :
_عاملة ايه؟
وأجابته بخفوت :
_الحمدلله
أخذ ليل نظرة عابرة على ملابسها السوداء بالكامل ومن ثم وجهها الباهت ،والذى بالكاد يتبسّم لإرضاء جميع من حوله فقط ليس إلا ..
حاول خلق حديث معها وقال :
_مش عايزة تحرجى تفكى شوية؟ ،او حتى تروحى شغلك .. على فكرة هيفرق معاكى
هزت رأسها بحيرة وردت بصوت منخفض :
_مش حاسة ان ليا نِفس اعمل حاجة
_ده إحساس بس ،انتى لو جربتى ونزلتى هتلاقى نفسك فل وعادى
أجابته وكأنها تحاول إنهاء الحديث :
_ربنا يسهل ان شاء الله
ولكنه لم يعطها فرصة للسكوت وأعاد فتح الكلام قائلا :
_طب انا عايز اخرج وبصراحة عايزك معايا
_اشمعنا انا؟
هز كتفه الأيسر بغرور مازح :
_مزاجى
ردت باستنكار :
_ياسلام!
_هو انتى مش قولتيلى قبل كدا اننا أصحاب؟ وانا دلوقتى زهقان وعايز اخرج مع حد من اصحابى
سبقها بالكلام قبل ان تتحدث وقال :
_لا مش هشوف فاتح ولا هادى ولا اى حد ، انا طالبك انتى ومش هقبل أى حجج فارغة ...
*
*
*
بعد دقائق قليلة ..

كانا يسيران فوق الرصيف بجانب السيارات السريعة التى تمر بالشارع ،حيث كان يساعد هواء الليل اللطيف فى تحريك خصلات شعرهما بهدوء .. كان يرتدى بنطالًا أسودًا وقميصًا أبيضًا بأزرار مغلقة عدا أول اثنين وحذاءً رياضيًا أبيض اللون ..
ساد الصمت عليهما لمدة صغيرة تمتّعا خلالها بنسمات الهواء التى تداعب وجههما ، ثم انقطع الصمت بصوت ليل يقول :
_انتى خريجة إيه ياحور؟
_آداب إنجليزي

_انا كنت تجارة ..
ثم تابع :
_واستغربت انى جبت مجموعها أساسا ،انا مكنتش وش تعليم
_مكانش نفسك تدخل كلية معينة مثلا او حاجة؟
هز كتفيه بلامبالاة :
_مكانتش فارقة معايا اوى ، بس انا قولتلك قبل كدا انى بحب اتحرك واجرى واتنطط ففكرت ف شرطة واقسم بالله ما عارف ازاى
قهقهت بقوة حتى انغلقت عينيها من فرط الضحك ،وقالت :
_ده بجد ؟! ، شرطة ايه ياليل ده انت العكس تماما
بادلها الضحك وهو يقول :
_النصيب بقى
_وهو ياشرطة يا اجرام؟ مفيش وسط؟!
لم يبدِ اهتمامًا ولم يعقّب ، دس يده بجيبه ليخرج علكة بطعم النعناع ويضعها بفمه ،ثم عرض عليها واحدة أخرى :
_عارف انك مبتحبوش بس هعمل اللى عليا وهعزم بردو ، تاخدى؟
تبسمت بجانب فمها بتهكم وأخذتها منه قائلة :
_هاخد رخامة بقى ..

تطلع قليلًا لعنادها التافه ضاحكًا ، ومن ثم عادا للصمت بضع لحظات حتى سألها قائلا حتى لا يترك مجالًا للسكوت ويشغلها بأى شئ :
_بقول ايه ، انتى زوقك ف الأغانى عامل ازاى بالظبط؟
_قديم ، ام كلثوم وعبد الحليم وفيروز ، بحب اغانى الزمن ده جدا
_مبتسمعيش حاجة من الجديد خالص؟
_خالص ، يمكن عمرو دياب بحب أغانيه القديمة بس انما الجديد بتاعه مبيعجبنيش ولا بيعجبنى اغانى دلوقتى كلها أساسا
مال برأسه ناحيتها قليلا وعرض عليها مشاركة أغانيه قائلًا :
_طب ينفع اسمّعك حاجة من بتوع دلوقتى؟ ، يمكن تعجبك
مالت برأسها تقليدًا له وقالت بابتسامة بسيطة :
_ورّينى ..
وضع يده بجيب بنطاله وأخرج هاتفه مصحوبًا بسماعتين صغيرتين تتصل بالبلوتوث .. أعطاها واحدة و وضع هو الأخرى بأذنه ،ثم قام بتشغيل أغنية تسمى "مطلوب حبيب" تنتمى لأغانى فرقة "مسار اجبارى" ،ثم أعاد الهاتف بجيبه ..
.
استمرا فى السير بصمت تام يستمعان فقط للأغنية ، وبين الحين والآخر كان يسترق النظر إليها ليعرف رأيها من وجهها ..
أنصتت للأغنية بتركيز وقد أثارت الكلمات إعجابها ومن ثم بدأت بتحريك رأسها بخفة شديدة مع الألحان حيث راقت لها كثيرا ..
وسرعان ما قال صاحب الاغنية كلمة "مطلوب حبيب" حتى فاجئها ليل باحتضان يدها بين أصابع كفه دون اى سابق إنذار او أن ينظر لها حتى ..
تحركت عينيها بتردد للحظة ثم نظرت فى الأرض لحظة أخرى ومن ثم إلى الشارع لتبتعد عن النظر فى عينيه اكبر قدر مستطاع حتى لا يرى ابتسامتها البسيطة التى تحاول كتمها او يرى وجهها الذى امتلأ بالخجل ؛فقد بادلته التمسك وشبثّت يدها بيده بهدوء وهى لاتزال تبتعد بنظرها عنه ويزداد خجلها أكثر ..

صراع مع التوأم المزيف (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن