|13| صراع مع التوأم المزيف

1K 101 12
                                    


استمرت حورية فى مقاومة يديه التى تقيد جسدها والتحرك بكل قوتها ،إلى ان شعرت بتحررها منه ،فالتفتت له سريعًا ووجّهت له لكمة قوية ،ثم أسرعت تركض خارج المطبخ ،بل خارج الشقة بأكملها وأغلقت الباب خلفها ..
اتجهت إلى الدرج وقبل أن تتخطى أول درجة تراجعت فجأة وصعدت للطابق الذى يعتليها ،وسرعان ما سمعت صوت باب شقتها يُفتح فتوقفت تمامًا ووضعت يدها على فمها حتى لا يخرج صوت أنفاسها المضطربة او صوت بكاءها الذى يعاندها ليرتفع ..
استندت على الحائط وهى تكمم فمها بكفيها الإثنين بقوة ،بينما تتسابق عبراتها على وجهها دون اى تحكم منها .. ثم انتبهت لصوت خطواته على الدرج ينزل للأسفل ببطء وهدوء ؛دليلًا على عدم اهتمامه بأمرها او بمطاردتها ؛فقد كان هدفه فقط تخويفها وإنهاء حبها لليل ..!
.
اقتربت من السلم قليلًا ونظرت من فوقه لتتأكد من مغادرته بعد ان اختفت أصوات خطواته على الدرج ، ثم دوت سريعًا إلى شقتها التى ترك أدهم بابها مفتوحًا .. ، وما ان أغلقت الباب حتى انفجرت بالبكاء ..
اتجهت إلى اقرب مقعد منها وجلست فوقه وهى تبكى بصوت مرتفع وتلتقط أنفاسها بعدم انتظام ، نظرت فى الأرض وأخفت وجهها بين كفيها الإثنين فكتمت صوتها قليلا ، تزرف الدموع بغزارة ويرتجف جسدها بشدة ..
لا تدرى هل تبكى بسبب صدمتها من حقارته ، أم من تعرضها لمثل ذلك الموقف الذى لم يسبق لها ان تتوقعه حتى ، أم غضبًا من سذاجتها التى سمحت لها ان تثق بشخص لا يطلق عليه سوى لقب "مجرم" ..!
*
*
*
_يابن الكلب !!
أطلقها هادى بغضب امتزج بالصدمة من حديث حورية التى تبكى بصمت وهى تجلس بجانبه فوق أريكة منزله ..
نهض من مقعده وبدأ بالسير يمينًا ويسارًا بذهول وهو يتمتم بصوت مسموع :
_بقى احنا نعمل معاه كل ده وده اللى ناخده منه ف الاخر!؟
نظر لها وارتفع صوته تدريجيًا مع زيادة غضبه :
_انا قولتلك م الاول يا حورية ،قولتلك اول ماعرفت حقيقته نخليه يمشى وناخدها من قاصرها ويبعد عننا .. الحاجة الوحيدة اللى خلتنى اسيبه يقعد كان إلحاحك على ده ،وجيتلك بعدها تانى وقولتلك هتندمى يا حورية وانتى مسمعتنيش !
نظرت له بجانب عينيها وردت بصوت منخفض على عكسه تماما :
_متنكرش انك كمان كنت مرتاحله وبتحبه ..
صاح هادى عاليًا :
_للأسف !
ثم تابع وهو يتطلع حوله باندهاش :
_انا مش عارف عقلنا ازاى مُغيّب بالمنظر ده ، ازاى واحد احنا عارفين حقيقته ومصايبه وبردو سمحناله يقرب مننا ! ،مخنا كان فين!؟
لم تلتفت حورية له إطلاقا واستمرت ببكاءها الصامت وهى تحدق بنقطة فارغة فى الأرض ..
تنهد هادى تنهيدة طويلة واقترب منها ، جلس بجانبها بعدما حاول خفض عصبيته قليلًا ،وربت على كتفها قائلًا :
_اهم حاجة انك كويسة يا حور .. لو سمحتى اهدى شوية وانا أكيد هلاقى صرفة مع الحيوان ده ، انا مش هسكت متخافيش
_وانت فاكر إنه هيظهر تانى؟
_حاجته كلها هنا ، اكيد هيستنى وقت نومى ويجى ياخدها
وتابع بتهكم :
_ماهو سهل عليه يتهجم ع البيوت !

ثم أضاف :
_وحتى لو مظهرش انا هدوّر عليه ومش هسيبه ، وهعمل كل اللى أقدر عليه عشان أجيبلك حقك ، بس متعيطيش عشان خاطرى ده ميستاهلش أصلا
لم تستجب له ولم تستطع منع دموعها بالنزول اكثر فأكثر وقالت بصوت متقطع بسبب البكاء :
_طلع مسترخصنى اوى ياهادى وانا مش حاسة ..!
ضحكت باستهزاء وتابعت :
_بعد ما وثقت فيه واعتبرته واحد قريب منى اطلع ف الاخر بالنسبة له واحدة جاية م الشارع مش اكتر ..
تضاعفت دموعها أكثر واهتز صوتها أكثر :
_هالة كان عندها حق .. ، وانت كان عندك حق ..
انا اللى كنت عامية وغبية!
صمت هادى قليلا ثم أحاطها بيديه وجذبها لصدره بهدوء وشرع يربت فوق كتفها بهدوء ،وعينيه يظهر بها الضيق والغضب بوضوح ...
*
*
*
اقترب ليل من مبنى المنزل وصعد السلم الصغير المكون من ثلاث درجات ليقف أمام الباب ويضغط الجرس .. يرتدى بنطالًا من اللون الرصاصى الغامق من خامة الجينز وقميصًا ورديًا بنصف كُمين منقوش عليه جملة إنجليزية عند الصدر وحذاءً رياضيًا أبيض اللون ..
مرت لحظات قليلة حتى فتح هادى الباب ،وجحظت عينيه عند رؤيته وسرعان ماتحولت ملامحه إلى الغضب وصاح قائلا وهو يشده من ملابسه بعنف :
_انت جايلى برجلك !!
أدخله هادى إلى المنزل بقوة غير مبال باندهاشه من تصرفه ،وظل ممسكًا به بيد وبالأخرى أغلق الباب ،متوعدًا له :
_ده انا مش هوريك نور الشمس تانى !
صاح ليل متسائلًا :
_فى ايه ياهادى ايه اللى بتعمله ده !؟
_انا لسة هوريك اللى هعمله ،هو انا عملت حاجة!؟ ، ده انا اقسم بالله لاخلّيك تكره اليوم اللى شوفتنى فيه ..
ثم تابع بصوت مرتفع مليئ بالعصبية أمام عينى ليل المتسعة بتعجب ،وقال :
_احنا يازبالة بعد مانقرر نساعدك وندخّل نفسنا كمان ف حواراتك وقرفك عشان نفتحلك بيتنا ومتقعدش ف الشارع تيجى ف الآخر تعض الايد اللى اتمدتلك ،ده بدل ماتقدّرهم وتقول شكرا !؟
ارتفع حاجبيه للأعلى وزاد تعجبه أكثر و رد قائلا :
_انا مش فاهم حاجة خالص ..
أبعد ليل يد هادى عن ملابسه ورجع للخلف خطوة وهو يقول :
_هو انا اسيبك نص ساعة بس الاقيك متجنن كدا ! ، ماتفهمنى ايه اللى بيحصل

صراع مع التوأم المزيف (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن