خادمة في قصر الفهد -
الكاتبة صفاء حسني
سحبت ملك الفوطة بعنف من على المنشفة، كانت خارجة وهي تسحبها، غضبًا من فهد الذي لم يتركها ترتاح لحظة واحدة. أوقفها فهد، وسألها:
أنتِ رايحة فين؟ أنتِ مش شايفة أنتِ عملتي إيه؟
نظرت إليه ملك بغيظ، شعورها بالضيق يزداد مع كل كلمة ينطقها.
عملت إيه تاني على الصبح؟ أخ صبح إيه يا ملك؟ احنا وقت الغداء، الكيك. هروح الحق الكيك وهى ماشي، أو الأصح
كانت تجري، ووقعت علبة الشامبو من على الحوض. شعرت بالخجل من نفسها، لكن غضبها من فهد كان أقوى.
انتبه فهد، وفي دقيقة كانت ملك تتزحلق على أرض الحمام. وقبل أن تسقط، سندها فهد. كانت ملك مغمضة عيونها وهي تسقط، واستسلمت للوقوع. شعرت بالخوف من أن تصاب بأذى، لكنها لم تكن تريد أن يرى فهد خوفها. وبعد قليل، انتبهت إلى أن هناك يدًا مسكت جسمها ومحوطاها. فتحت عيونها، ونظرت إليه. عيونه فقط هي التي تتكلم.
وبعد ذلك، كانت تخرج من بين يديه وهي متعصبة:
مش أنا طفلة، مسكتني ليه؟ كنت تسبني أقع أموت
ابتسم فهد وبدأ يفك يده وهي تعدل نفسها.
تموتي مرة واحدة لا يا حلوة، أنتِ بس كان هيتكسر عظمك
سألته ملك باهتمام ورقة وصوت منخفض، تستشعر خوفه عليها رغم أنه لم يعترف به:
هو أنت خايف عليا؟
ابتسم فهد وهو يهرب من شعوره:
طبعا خايف عليكي، لو وقعتي هتتكسري
وبعد ذلك، صدمها وهو يقول:
مين بقي اللي يمسح الحمام إلا بهدلتي أمه ويرتب الكراكيب في كل مكان؟
غضبت ملك، واتنهدت وهي تشعر بضيق، وضربت برجلها في الأرض:
اه تمام هعمل كل حاجة، لكن على فكرة أنت اللي وقعتهم، مش أنا، والمفروض اللي يقوم بِإتلاف شيء يقوم بإصلاحه.
انصدم فهد ونظر لها بدون تعليق، وكان ماشي وهو يعطيها الأوامر.
عايز الحمام يبرق عندك، الديتول وكمان فرشة الأسنان
نظرت ملك باستفهام، تستغرب من طلبه الغريب:
طيب الأولاني وبسمع عنه، لكن فرشة الأسنان لِإيه؟ هو الحمام ليه أسنان؟
كانت تضحك، وكملت:
ولو غسلت بيها أنت بقي هتغسل سنانك بِإيه؟ بِإيدك، والا فرشة الحمام الكبيرة؟
وكانت مستمرة في الضحك.
نظر لها فهد بغضب وقال:
يخفي الفرشة دي مخصوصة للحمام، عشان ما بين السراميك تنطف كويس، ولو مش عارفة خلي أسماء تعلمك. لكن هتعلمك إيه؟ الغسيل، واللا إنك تعرفي تمشي؟ أنا مش عارف اتهفيت في دماغي ووافقت تكوني خادمة إزاي، وأنتِ مش شاطرة إلا في اللماضة فقط.
وهو خارج، وكان في جزء من الشامبو على أول الحمام، وكان ها يتزحلق. مسكت يده ملك وهي تضحك، تشعر بالانتصار على فهد:
خلي بالك يا كبير، كنت هتقع. والطفلة هي اللي سندتك، واوعي تنسي تخلي حد يعلمك المشي، اوكي؟
يلا سلام، أروح أكمل الأكل.
خادمة في قصر الفهد - الحلقة 12
الكاتبة صفاء حسني
كان فارس يراقب الموقف باستغراب، كيف يهتم فهد بخادمة عنده. لكن في قرارة نفسه، قال:
البنت روحها حلوة ودمها خفيف. أنا شفت ضحكة فهد اللي من يوم وفاة أبوه وزواج أمه وتركها البيت، وهو نسي الضحكة دي. لكن معقول فهد يقع في حبها ويعيد الماسة مرة تانية؟ مش كفاية اللي حصل مع أسماء. أنا لازم أتأكد من مشاعره.
وفي هذه الأثناء، كانت ملك خارجة من الحمام، فأوقفها فارس قائلاً:
بقولك يا ملك، إيه رأيك تيجي تشتغلي في المستشفى معايا؟
فتحت فمها بذهول من المفاجأة، خصوصاً عندما ذكر اسم المستشفى، وبعد ذلك استوعبت الأمر:
أنت بتتكلم بجد؟ هما أصلاً يقبلوا اشتغل؟ أنا اللي سمعته عنها إنها مستشفى كبيرة.
رد فارس:
وإيه المانع؟ أنتِ ممرضة، وأهم حاجة عندهم الكفاءة.
ضحك فهد وهو يتهكم على كلامه:
كفاءة إيه يا فارس، أنت عايز تخسر وظيفتك؟ واضح إنها معندهاش غير لسان وفقط.
نظرت له ملك بتحدٍ:
أنا عندي كفاءة ونص، وهقدر أوفق ما بين البيت والمستشفى.
كانت أسماء تراقبهما وهي تشعر بالغيرة، تتمنى أن تمشي ملك من البيت بأي طريقة. كانت تفكر:
إمتى فهد يهتم بحد غير نفسه؟ ليه متمسك بالبت دي؟ أنا لازم أخليه يتخلى عنها ويرميها في الشارع، أو تروح مع فارس ونخلص.
وكانت تفكر ماذا تفعل، ثم ابتسمت بوجه انتصار.
استمر فارس وفهد في الحديث مع ملك، مؤكدين أنها تستطيع القيام بذلك. انسحبت ملك وتركتهم وذهبت إلى المطبخ، وهي تفكر:
هو أنا أقدر أكمل تعليمي وأشتغل ممرضة وأيضاً كخادمة؟ عرض المستشفى ده فرصة مش تتعوض، خصوصاً إن اللي اسمه فهد ده ملهوش أمان، ممكن يطردني في أي لحظة.
استمعت لها أسماء وهي تتحدث مع نفسها بصوت عالٍ، فقالت:
يسمع منك ربنا، يارب يطردك ونرتاح، عشان جوايا إحساس غريب من تمسكه بيكي. أنا شوفته مع ستات كتير، لكن النظرة اللي شفتها من شويه دي مختلفة.
كان فارس يتحدث مع فهد ليقنعه:
أنت ليه مش مقتنع؟ أولاً، أنت مش وصي عليها ولا ليك سلطة عليها. وثانياً، البنت مستقبلها تشتغل في مجال تعليمها، مش تكون خادمة. ومدام قلبك طيب وحنين، ساعدها، كمل جميلك بقى وخليها تثبت نفسها.
غضب فهد على فارس:
هو أنت شايف شغلها كمُرضية يكون سند لها؟ أنت بتفكر إزاي؟ دي طفلة، والمستشفيات معرضة لنقل ليها عدوى من مريض.
