الحلقة ١٢

4.3K 117 4
                                    


خادمة في قصر الفهد

الفصل

الكاتبة صفاء حسني

استبقت أسماء خطواتها وهي تصرخ وتقول:

"الحق يا فهد بيه!"

انصدم فهد وهو يسألها:

"خير يا أسماء، مالك وشك مخطوف كده ليه؟"

بلعت ريقها أسماء:

"في حريق في المطبخ، ملك سببت حريق. طلبت مني أروح أعمل الحمام زي ما حضرتك طلبت منها تبلغني، ووقفت في المطبخ لوحدها. أقولها: أساعدك يا بنتي، تقول لي: أنا هعرف. وفي الآخر، بسبب سرعتها وتهورها، سببت حريق في المطبخ. ربنا يستر وما ينتشرش لباقي البيت."

انصدم فهد ولم يستمع إلى حديثها، مجرد كان يسأل:

"فين ملك؟ أوعى تكون في المطبخ!"

ظهر على ملامح أسماء الحزن المصطنع وهي تقول:

"معرفش إن كانت جوه ولا خرجت، لكن هي السبب في الحريق."

جري فهد قبل أن ينتظر باقي حديثها. وهي ابتسمت بخبث وقالت:

"لو لم تختنق من دخان الحريق، سوف يتم طردك ونرتاح."

وتتذكر فلاش باك

ذهبت ملك لكي تحضر الطعام، اقتربت منها أسماء وقالت:

"أنا مسؤولة عن الأكل."

نظرت لها ملك وقالت:

"معلش يا أسماء، أنا متعودة لما بعمل أكل مبحبش حد يساعدني. بحس بتوتر. روحي أنتي نظفي الحمام لحد ما أخلص الأكل."

نظرت لها أسماء بغضب:

"ليه؟ إن شاء الله؟ هو أنا موجودة هنا من زمان وطول عمري مسؤولة عن الأكل. ومن الطبيعي نشارك بعض في الأكل. ولما سيبتك تعملي الفطار، قلت عاوزة تثبتي نفسها أول يوم، لكن يا حلوة أنا أقدم منك هنا، يعني أنا الأولى بتحضير الأكل. وأنتم بقا قومي بتنظيف البيت، والا عينيك على فهد بيه وماشي على مثل: أقرب لقلب الرجل معدته."

غضبت ملك من كلامها:

"أنتِ عقلك ضرب؟ ولا إيه حكايتك؟ فوقي على نفسك ومتقوليش مع نفسك، ده بت صغيرة وأتحكم فيها براحتى، وهكون مشرفة عليها وأتشَرط عليها. لا يا ماما، فوقي، أنا محدش يقدر يلوى درعي ولا عشر زيك، وده مش كلامي، ده كلام البيه بتاعك. هو اللي قلي: اطلبي من أسماء ترتب الحمام، هي بتعرف نظامي. وأنتم مكنتش واقفة الصبح وسمعتي وهو بيقول: عايزين نجربها في الغداء. يلا متعطلينيش، أنا مش ناقصة روشه دماغ."

أخذت ملك الأكل وذهبت وضعته على المنضدة. قابلها فارس وابتسم:

"واو، واو! إيه الأكل الجامد ده، ريحته تجنن!"

ابتسمت ملك، ولكن تذكرت حديثه مع فهد وهي منسحبة وقالت:

"مش أنت انطردت من البيت، لسه قاعد ليه؟"

ضحك فارس على صراحتها:

"انطرد مرة واحدة؟ لا يا أختي، ما انطردش، ده بيتي، أو بالأصح بيتي العيلة. كنت عايش مع عمي ومرات عمي وفهد بعد ما أهلي ربنا افتكرهم. وهم كانوا ديما السند والدعم لي لحد ما بقيت دكتور."

سألته ملك:

"يعني زي إيه؟ أنا وهبه كنا دايمًا مع بعض لحد ما أهلي ماتوا، وبعد كده الله يرحمها مرات عمي فرقت ما بينا هي ولا ما يتسمى. وبعد كده افتكرت تنبيه فهد فسكتت."

سألها فارس:

"سكت ليه؟ احكي لي، إحنا مش بقينا أصحاب."

شهقت ملك:

"أصحاب على عينك، قال أصحاب. قال اقعد هنا، وأوعى تمد إيدك على حاجة لحد ما أروح أجيب بقي الأكل. عارف لو لاقيت حاجة ناقصة أعمل إيه؟"

ضحك فارس:

"هتعملي إيه يا شاطرة؟ هو سكت له دخل بحماره، مالك واخدة قلم في نفسك كده؟"

طلعت لسانها ملك:

"أنا مش هقع في فخك تاني، أنت بتستفزني عشان أتاخر في جلب الأكل، ويبرد، فيطردني ابن عمك، ونروح أنا وأنت نشحت في السيدة زينب."

ضحك فارس:

"فخ وكمان نشحت، ونطرد؟ لا يا ماما، روح جيب الأكل، أنت مشكلة ومش أخلص من لسانك، روحي."

تركته ملك وذهبت إلى المطبخ، وكانت تأتي بالطعام تضعه وتحذره بيديها وترجع، وكانت متأكدة أنها قفلت البوتاجاز على كل حاجة.

انتهزت فرصة أسماء أنها بتتكلم مع فارس على السفرة وأنها مش هترجع تاني، ودخلت ولعت على زيت البانيه اللي طفيه عليه. وبعد أن قدح، رشت ماء وطلعت نار، قربت ستاره بتاعت النافذة من البوتاجاز، وخرجت.

عند ملك، كانت بترتب كل حاجة مكانها بطريقة جميلة وتذكرت الكيك. حركات إيديها أمام عيونها وهي بتقول:

"فاضل آخر حاجة وعيوني عليك."

ابتسم فارس:

"حاضر يا ماما، أنا ولد مؤدب وبسمع الكلام."

 أعتذر عن الخطأ، إليك النص المصحح:

 

خادمة في قصر الفهد

الفصل

الكاتبة صفاء حسني

ضحكت ملك وقالت:

"برافو عليك! وأنا عملت لك كيك تجنن وحطيت عليها الفراولة. ولا أقولك، شوف ابن عمك الوسيم، غطس فين؟ ليكون بيدبر حاجة يتخلص مني بيها، عشان قلب المؤمن دليله، وأنا مؤمنة، وحاسة إن في مقلب يتعمل في يامنك يا منه!"

ضحك فارس، لم يكن قادرًا على مسك نفسه:

"ماشي يا مؤمنة، مخلتش حد يساعدك، فين أسماء وفين السفرجي؟"

ابتسمت ملك واقتربت من ودنه وقالت:

"أقولك سر وفى بير."

ضحك فارس:

"قولي يا أختي، أوعى تكون قتلتيهم!"

ضحكت ملك:

"لا، مش للدرجة دي، أنا بس سربتهم. هو أنا ناقصة وجع دماغ؟ بعت محمود وضحكت عليه، وقولت ليه إن عم إبراهيم عاوزك، وقولت لأسماء تروح تغسل الحمام زي ما الوسيم عايز."

أعجب بذكائها وصفق:

"والله برافو عليك، وبتعرف تدير الوضع، بس ليه مش بتحبي حد يساعدك؟"

ردت ملك:

"أكيد يساعدون، لكن أول يوم صعب نتقالم، وأنا باخد وقت أتعامل مع حد يكون معايا في مكان، عشان عيشت لوحدي ٣ سنين."

سألها فارس بحزن:

"هم أهلك ماتوا بسبب إيه؟"

نزلت دمعة غصب عن ملك وقالت:

"حادثة غريبة. كان بابا راح يشتري بضاعة لورشته، وماما طلبت منه تنزل معها عشان تجيب طلباتها، وأنا كنت في المدرسة في امتحانات. ولما رجعت، سمعت الخبر."

مسحت دموعها وقالت:

"بلاش نقلب في المواجع، وانت كمان أهلك ماتوا إزاي؟ والا أقولك بعد الكيك؟"

تركته ملك وذهبت إلى المطبخ. دخلت المطبخ وانصدمت أن النار بدأت تمسك في الستارة. أخذت الطاسة من على النار ووضعتها على الأرض وسحبت الستارة قبل أن توصل النار إلى الغاز الطبيعي، ويحدث انفجار. رمت الستارة في الحوض، لكن كان فيه دخان شديد.

وبدأت النار تهدأ في الطاسة، لكن طلعت دخان. كان محمود أغلق باب المطبخ من الخارج عشان ما تقدرش ملك تخرج بعد ما اتصلت به أسماء.

قال محمود:

"أنت فين وسايب السفرة؟"

رد محمود:

"ملك قالت إن أبوكي عايزني، وبدور عليه مش لاقيه، خير."

لعنت أسماء ملك:

"البت المفعوصة عاوزة تطيرني! كلنا وانت عارف إحنا بناكل الشهد هنا، وعايزين نجهز نفسنا، وهي شغالة بتحط الأكل وتظبط الدنيا عشان تطلع هي البريموا."

اتعصب محمود:

"مش مجيبك يا أختي، مش بنت عمتك أو خالتك."

تنهدت أسماء:

"سيبك، مين اللي جابها دلوقتي؟ أنا هتفشها وأخلق ليه مشكلة، لكن المطلوب منك تقفل عليها المطبخ، عشان لم يجي فهد بيه ويشوف اللي عملته، يخليها ترجع البلد."

استغرب محمود:

"أنتي للدرجة دي مبقوقة منها، طيب جيبتها ليه من الأول؟"

اتعصبت أسماء على محمود وقالت:

"والله لو منفذتشي اللي طلبته منك، لفسخ خطوبتي وأختار."

ابتسم محمود:

"اهدي بس كده، هي على طول زعبيبك، ده تطلع. حاضر يا ستي، هقفل الباب."

بالفعل، اتجه وقفل الباب، وكده أي شبه تبعد عنها. وكان محمود أغلقه عادي مثل ما بيفعل كعادته.

باك

لم يستمع فهد لأسماء، وتجه يبحث عن ملك. في اللحظة دي، كان متجه فارس ينادي عليه، وجده في الطريق وقال:

"كويس إني لاقيتك، تعال ناكل، ملك عملت أكل يجنن ومحضر سفرة حكاية. بنت اللي هم دول، واضح إنها بتعزك أوي، مخلتش حد يساعدها عشان تثبت لك إنها شاطرة."

كان فهد مثل المغيب، لم يركز غير على سؤال واحد:

"هي فين ملك؟"

استغرب فارس وسأله:

"هتكون فين؟ في المطبخ بتجيب الكيكة، تعالي ننتظره على السفرة."

لم يكمل الاستماع له، واتجه مباشرة ناحية المطبخ. وقف أمامه فارس وهو يشير على جهة السفرة:

"خير يا فهد، رايح فين السفرة من الجهة دي؟"

اتنهد فهد ونطق آخرين:

"ابعد عن وشي يا فارس، في حريق في المطبخ، لازم الحق ملك!"

وقعت كلمة الحريق على سمع فارس، وشعر بخوف ورعب، ووقف أمامه وهو يرى حريق كبير أمامه، أو يرتجع الذكريات لهذا الحريق.

كانت ملك بتحاول تفتح الباب لكن لم تستطيع. قوتها وعزيمتها بدأت تتلاشي، خصوصًا إنها جات على نفسها ولم تستريح، والمطبخ كان مليء بالدخان. لم تتصور أسماء أن ملك سوف تستطيع أن تقضي على الحريق قبل أن يشتعل، ولكن مع غلق الباب، جعلها تتنفس كل الدخان. كانت تحاول ملك فتح النافذة والخروج منها، ووضعت كرسي، وهي بالصعوبة تستطيع أن تتنفس.

اتجه فهد إلى المطبخ، ورأى دخان يخرج من تحت الباب، وكان في قمة الغضب لمّا شاف الباب مقفول. فتح الباب من هنا، وخرج كثير من الدخان، وكان خارج من صينية القلي وجزء من الستارة. ولم يرَ منها، دخل يبحث عن ملك، وفجأة...

 

تابع

خادمة في قصر الفهد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن