14- أصابت الهدف بجدارة

486 40 143
                                    

الفصل الرابع عشر
”أصابت الهدف بجدارةٍ

بصراحة وددتُ توصيتك على العريس قليلًا“ همست أُميمة بمُشاكسة فتوردت لؤلؤة وتلعثمت قائلة: ”توصِّيني أنا عليه!“
ضحكت أُميمة ثم جذبت كفَّ ألاء وضغطت عليه قائلةً بتأكيد: ”اسمعيني يا ألاء، ياسيف صديقُ وِضاء المُقرَّب بالإضافة للدكتور أيهم لذلك أنا أعلمُ عنهما بعض الأشياء خاصةً ياسيف لأننا جميعنا حضرنا مأساته وفقده المُبكر جدًا لوالِديه“ تأوه ألاء وقد رقَّ قلبها له فتابعت أُميمة بشجن: ”ولأجل أن ينجح ياسيف لقد قابل صعوباتٍ كثيرة جميعُها كادت تحرمه من التعلم أو تُلقي به ميتًا مِن الجوع لكنه واجه جميعها ببسالةٍ واستطاع العمل لتوفير حاجاته إلى جانب دراسته حتى صار ما هو عليه اليوم، عبقريٌ في الكيمياء تتهافتُ الجامِعاتُ عليه“ نبض الفخرُ في عين ألاء وازدادت ابتسامتها بخجلٍ لتستكمل أميمة حديثها بحنو: ”رغم كل هذا فياسيف طفلٌ يتيم حُرِم من العائلةِ ودفئها منذُ وقتٍ طويل ولم يبقى له سوى رفقةٌ ذكورية خشِنة يُعينُونه ويُساندونه، ستكونين الأُنثى الأولى في حياته يا لؤلؤتي فتحمليه قليلًا وأرفقي به، أعلمُ أنكِ كالخالةِ هُدى حنونة وذات قلبٍ كبير ففيضي عليه بحنانك وأغدقيه بحبكِ لأنه يستحق ولا تخافي لن يحيد بعينيه بعيدًا عنكِ أبدًا فالحمد لله وضاء وصديقيه مُتحفظون من هذه الجِهة ويعتبرونها خطًا أحمر بينهم وبين الله لا يتخطونه“ بقت لؤلؤة صامتة تبتلعُ ريقها بتوترٍ فما تقوله أُميمة هو مسؤوليَّةٌ كبير وتخاف أن تُقصِّرَ فيها.. أما أميمة فلم تتوقف هنا بل تابعت مُوضحة بصدق: ”أُخبرُكِ بكل هذا اليوم لتستعدي جيدًا لما أنتِ مُقبلةٌ عليه بالإضافة إلى عدم وجود أي شخصٍ آخر سيُخبِرُكِ بهذا أو يهتمَّ لأمره، عمته نفسها لم تكن لتسأل عنه لولا ما يُرسله لها مِن أموالٍ شهرية، ألاء أنتِ حقًا ستكونين كل عائلته وأهله وعالمه فلا تخذليه أبدًا“
”لن أفعل“ همست لؤلؤة بحسمٍ دامعةَ العينين ثم تابعت بابتسامةٍ مُحبّة واثقة: ”أنا أُحبُّه أميمة فلا تخافي عليه“ وببعض الغيرة المُصطنعة تابعت لتِغيِّر الحديث قليلًا فهي هنا لتتسوق وتُحضر ما تبقى لها لا لتحزن وتبكي على ماضي حبيبها: ”ثم منذُ اليوم لن أسمح بالحديث عنه، ياسيف أصبح لي فقط وهؤلاء الذين يتهافتون عليه لن يروا منه شعرةً، واحدة سأخفيه بقلبي جيدًا“
ضحكت أميمة وعلت قهقهتاها لتحمل طفلها الصغيرُ بين يديها وتستقيم مع أميمة قائلة: ”بما أنّي بلَّغتُ ما أوصاني به وِضاء المُتخوف على صديقه كأنه أخته الصغيرة؛ هيّا بنا نستكمل تسوقنا لأني أُريدُ إحضار فستانٌ جديد لصغيرتي مي وساعةٌ لحبيبي مُحمَّد والقليلُ من الأشياء لطفلي وأخيرًا الكثيرُ من الروايات لي لأني انهيتُ ما أملُك“
ضحكت أُميمة بشدَّةٍ ثم قالت بعبوسٍ مُحبب: ”المُفترضُ أن أتسوق أنا لا أنتِ، أنتِ هكذا تأكلين حقي في الشعور بكوني عروس وتُريدُ أن تتدلل“
”كاذبة لقد دللناكِ كثيرًا الفترةِ السابقة والآن أُريدُ أن استفيد بصُحبتكِ قبل سفركِ مع أميرُ رواياتك شبيه داغِر“
فهتفت لؤلؤة ببكاءٍ مُفتعل: ”لا تُذكريني بداغر أنا بالكاد أتخطى أمر خيانتي له بالزواج من غيره“
”شفاكِ الله حبيبتي، كان الله بعونك يا ياسيف دبَّسناك وانتهى الأمر“.
❀•❀•❀
”هل جُننت طِلال!“ هتفت والِدته بصدمةِ ثم قالت تستنكرُ قوله: ”تتزوج والآن! لماذا يا ولدي؟“
”يا أمَّ طِلال ما الذي يستدعي الاستنكار الآن أنا أُريدُها زوجةً لي“ قال طِلال برفقٍ وهو يحتضنُ كتف والِدته في مُحاولةٍ لاستمالتها فاعترضت الأم قائلة: ”لكنها يا ولدي..“
”لا تُكملي يا أُمي أرجوكِ، هي فتاةٌ جميلة ومُهذبة يتيمة نعم وهذا ما يُزيدُني اصرارًا على الزواج منها اليوم قبل غدٍ، أمي هي حقًا وحيدة ولا تملكُ مَن يعتني بها“
”أخبرناك أننا سنعتني بها ونُرحِّبُ بوجودها بيننا فلما الزواج إذًا؟“ تساءلت والِدته ببؤسٍ فهتف بحنو: ”أمي مكوثها معنا كضيفةٍ سيُشعِرُها بثقلها علينا لكن أن تبقى معنا كواحدةٍ مِنّا وفردٌ من العائلة هذا سيُشعِرُها براحةٍ أكبر ثقي بي..“ بعدها خفض وجهه بشجن ثم تابع بابتسامةٍ مُتألمة: ”ولماذا هي؟  لأني ببساطةٍ أُحبُّها“
صمتت والِده دامعة لا تعلمُ بما تُجيب فقال طِلال بحزنٍ يُرقِّقُ قلبها: ”أستكسرين قلب طِلال يا أمَّ طِلال؟“
بكت والِدته بتأثُّرٍ وهي تُعانِقه قائلة: ”لا عاش ولا كان مَن يكسر قلبك يا حبيب أمك، أذهب مع والِدك يا طِلال واعقد عليها، أعدُك سأُحبُّها وأرعاها بقلبي“ ضمَّ والدته بامتنانٍ شديد وهو يشكُرها قائلًا: ”شكرًا يا حبيبتي الحنون، كنتُ أعلمُ أنكِ ستُطاوِعينني في ما أفعل“ ثم ابتعد عنها ورمق باب الغرفةِ بامتنانٍ مُضاعف قائلًا: ”كما كنتُ أعلمُ أن أبي الحنون لن يُعارضني أبدًا بل سيُشجعني أكثر عندما يعلم بصدق مشاعري نحوها، لقد أخذ مني حور ليضعها في سريرها مُرسلًا إيّاي لكِ لأُقنعكِ قبل عودةِ لؤلؤة من آخر تسوقٍ جنوني لها قبل الزواج“ ضحكت الأمُ وهي تُكفكِفُ دموع الفرحةِ قائلة: ”أخيرًا سنتخلصُ من أختكَ المجنونة وأبطالُ رواياتها ذوي الأسماء التي لا أعلمُ مِن أين يأتون بها“ شاركها طِلال الضحك قبل أن يهمس بشجن: ”سأشتاقُ لها كثيرًا، لا أتخيَّلُ أننا سنُسلِّمُها بأيدينا لذاك الدكتور ليأخذها بعيدًا عنّا!“
توقفت الأُم عن الضحك ثم قالت مُبتسمة: ”أنا أثقُ في ياسيف أنه رجلٌ جيد سيُسعِدُ أبنتي لكن هذا لا يُخفي أنني سأشتاقُ لجنونها بقوة، سأفتقدُها كثيرًا“
عانق طِلال أمه مُجددًا هامسًا بتبرُّمٍ: ”سنجبرُ هذا الطبيب على بعثها في زيارةً لنا كل شهرٍ مرَّة على الأقل أو مرتين“
ضحكت الأمُّ وهي تهمسُ بأسى على المسكين ياسيف: ”كفاكم افتراءً على الرجل أنتم تُزيدون عليه بأفعالكم الشبيهة بأفعال العصاباتِ هذا وهو يا قلب أمه مسكينٌ لا يقوى على مُجاراتكم“
قهقه طِلال عاليًا وهو يهمسُ مُشاكسًا: ”أنتِ معنا أم معه يا أم طِلال؟“
فقالت أم طِلالٍ وهي بحنق وهي تضربه على كتفه: ”هو صار منكم الآن لذلك أنا معكم جميعًا“.
❀•❀•❀
ركض نحو والدته وابنته اللاتان وجدهما قد ركضوا نحوه يحتمون بحضنه فعانقهم وهو يُنادي على رودين صارِخًا: ”رودين تعالي هنا“ جاءت ركضًا باكية فعانقها هي الثالثة مُربتًا عليهنَّ قائلًا أهدوا ستكونون بخير“ سار بهم حيثُ غرفةٍ داخلية تقع وسط المنزل ثم أجلسهنَّ بها قائلًا بحسم: ”لا تتحركنَّ من هنا“
غادر مُسرعًا بعدها مُتجهًا نحو هاتفه في غرفته ليتصل بسرعةٍ على رِجالِه القليلون جدًا والحامون للفيلا قائلًا بلهيبٍ غاضب: ”ماذا يحدث؟“
اطلاق النار كان قد انتهى فأجابه أحدهم قائلًا بتوترٍ: ”لا أعلمُ سيدي كان هناك سيّارتان مُعتمتان تُطلقان النار علينا من جهتان مُختلفتان، لقد قاومتُ أنا ومحمود من جهة ومن الأخرى قاوم سامي بينما صبري كان في البقالة يُحضِرُ لنا بعض الفطور“
صمت أيهم يُفكِّرُ بقسوةٍ ثم قالت بحثيثٍ: ”أبقوا مكانكم أنا قادمٌ إليكم“
بدل ملابسه في لحظةٍ خاطفة ثم استعد جيدًا وخرج ينزلُ السُليمات الداخلية بغضبٍ لمُحاولةِ أحدهم المساس بأهل بيته أو تخويف نساءه، وصل للبهو الواسع وكاد يخرج منه لولا أن صوتًا غريب أوقفه قائلًا: ”يا أنت“ التفت أيهم نحوه بغيرةٍ وهو يُفكِّرُ كيف دلف هذا الغريبُ لمنزلي!
”كيف تجرَّأت واقتربت مِن رودين؟ نجوم السماء أقربُ إليكَ منها يا حقير“ قال سراج بفورانٍ شديد في رأسه وهو يوجِّه سلاحه نحو أيهم الذي كان ينُاظره بجمودٍ وبرودٍ شديدان مما جعل سراج يُثار أكثر ويغلي داخله بحقدٍ شديد ليُعمِّر سلاحه وبصياحٍ يضغطُ على الزِناد يليه أطلاقُ النار لرُصاصةٍ دقيقة أصابت الهدف بجدارةٍ ثم رُصاصةٌ أخرى اخترقت هدفًا مُختلفًا في جُزءٍ من الثانية ليخِرَّ المضروب بالنار أرضًا مُتألمًا صارخًا بحسرةٍ فهو لم يستطع انقاذها، لم يستطع حمايتها بل خسر حياته بطلقةٍ مُفاجِئة فِداءً لها!
❀•❀•❀
”ما هذا المكان؟“ سألته بفضولٍ فأجابها بحماسٍ: ”أولًا سنستأجرُ سيارةً سريعة لأننا بالتأكيد سنحتاجها خاصةً وقد تركتُ سيّارتي في جراج الفيلا“ أومأت بفهمٍ لتجده يذهبُ لسيّارةِ سوداء فارهة من ماركةٍ شهيرة جدًا، السيارةُ من النوع الذي لا تتسع لأكثر مِن اثنين مع انكشاف سطحها وتمتازُ بِطابعٍ شبابي بحت ولا تصلُح إلّا للجنون فقالت مُستنكرة: ”سنركبُ هذه!“
قهقه وِضاء عاليًا وهو يفتحُ لها باب السيّارةِ قائلًا: ”أخبرتُكِ أن اليومَ يومُ الجنون فقط“ طالعته بريبةِ ثم دلفت للسيارةِ بترددٍ وهي تهمسُ بخوف: ”إن انقلبت بنا لن أُسامِحك يا وِضاء“ أغلق باب السيارةِ خلفها برفقٍ ثم استدار لجهته وقفز داخلها مُستقرًّا خلف المقود قائلًا ببراءةٍ مُصطنعة: ”لا تخافي سنكون بخير“ بعدها التفت لها مُقتربًا منها بشدَّةٍ ليجذب حزام الأمان ويُلبسها إياه قائلًا بهمسٍ مُغوِ أمام عينيها: ”هكذا صرتٍ أكثر أمانًا“ ثم على حين غرّةٍ عاد لكرسيه ووضع لنفسه حزام الأمان قبل أن ينطلق بها مُسرعًا نحو أول وجهةٍ لهما بينما هي قد شتتها كلماته فأنستها الشعور بسرعته وهي تُفكِّرُ داخلها ببطء: ”لماذا هو مُثيرٌ اليوم هكذا أم أنه يتقصدُ إغرائي!“
طالعت جانب وجهه بتفكيرٍ عميق مُتسائلةً: ”أسيُحبُّني أم أنِّي مُجرَّت بديلٍ لرِفاقه كما صرَّح فجر اليوم؟“
ثم وبشعورٍ لا إرادِي تحركت يداها نحو بطنها التي بدأت تُؤلِمُها بطريقةٍ بثَّت الرعب في قلبها، بعد قليلٍ زاد الوجع فتأكد شكُّها وهمست بشحوبٍ: ”وِضاء توقَّف“
سألها وِضاء مُستنكرًا: ”لماذا؟“
فأعادت لتهتف بحرجٍ أشد: ”توقَّف يا وِضاء“
لاحظ وِضاء يداها المُستقرة فوق بطنها وكأنها تتألمُ فتوقف جوار الرصيف سائلًا بلهفةٍ وخوف: ”ما بكِ أنتِ تتألمين!“
أغمضت عفراء عينيها وبدأت في البُكاء من شدَّةِ الاحراج لينخلع قلبه عليها ويفك حزام الأمان ثم يهبطُ من السيارةِ مُسرعًا ويتجه نحوها فاتحًا الباب وراكعًا أمامها قائلًا: ”ما بكِ عفراء لماذا تبكين؟
أتخافين لهذه الدرجة من السيارةِ أم أنكِ تتألمين؟ أخبريني ماذا حدث؟!“
هزت رأسها نافية وهي تهتفُ ببكاءٍ: ”أُريدُ العودةَ للمنزلِ“ طالعها باستنكارٍ سائلًا: ”لماذا؟ ماذا حدث؟“
فطالعته للحظاتٍ بتفكيرٍ ثم انفجرت في البكاء مُجددًا ليلتفت بحسمٍ نحو مقعده بعد أن اغلق بابها قائلًا بحسم: ”سنذهبُ للطبيب حالًا“
لتوقفه قائلة بشهقةٍ مُحرجة خجولة قبل أن يُحرِّك السيّارة: ”لا داعي للطبيب أُريدُ صيدلةً فقط“
طالعها بتفكيرٍ عميق فتابعت بحرجٍ أكبر: ”ومرحاضٍ أيضًا“ رفع حاجبه مُستوعبًا وقد فهم ما يحدثُ معها فابتسم يُحاول قدر الإمكان الامتناع عن الانفجار في الضحك قائلًا: ”حسنًا أعرفُ مكانًا مُناسبًا أكثر“ ثم رفع سماعة الهاتف وبحث عن رقمٍ بعينه وهو يسألها دون مُواربةٍ: ”أيَّ ماركةٍ تستخدمين؟“
احمرَّ وجهها بالكامِل وقد وعت أنه فهم كل شيءٍ فارتبكت ولفت وجهها بعيدًا عنه هامسةً بحنقٍ وحرجٍ شديد: ”وقح قليلُ الأدب“
كانت تلك هي القشة التي جعلته ينفجرُ بالضحك قائلًا: ”كلُّ هذا وأنتِ طبيبةٌ صيدلانية! ماذا تركتِ لغيركِ من الفتياتِ إذًا؟“
فصاحت بحدّةٍ لتُخفي إحراجها: ”اصمت وِضاء“
لكنه تابع مُشاكسًا إياها: ”سأصمتُ الآن احترامًا لهرموناتكِ لا أكثر حتى لا تفضحيننا على المَلأ“ بينما هي فكرت داخلها أن مِن حقها الشعور بالخجل فلم يسبق لها أن وضعت في موقفٍ شبيهٍ بهذا أبدًا، ثم غمغمت بحسرةٍ وحزن: ”لقد أفسدتُ اليوم بغباء“
سمع جُملتها الأخيرة فقال بلُطفٍ وهو يُمسِكُ بيدها القريبةَ منه: ”لم تُفسدي شيء، مازال اليوم طويلٌ أمامنا لنستمتع به“ بعدها تابع يستكمِلُ مُشاكسته: ”مع تغيُّرٍ بسيطٍ بالخطة ليُناسب جلالتُك“
ابتسمت بحياءٍ وهي تخفضُ وجهها ولا تنظر نحوه بينما هو اتصل بأحد الصيدليّات وأملّاهم عنوانًا بعينه ليُرسِلوا عليه طلبه ثم سلَّط عينيه عليها راضِيًا بعدما انهى المُكالمة وقد تذكَّر الخائنة التي طلقها سابقًا عندما صارحته بتبجُّحٍ دون قطرةِ حياءٍ يوم زواجِهما أن لديها عذر وبعد أقل من اسبوعٍ  بادرته في كل شيء بألفاظٍ بذيئة تهتِكُ الحياء وتصفِهما بقذارةٍ وجُرأةٍ لم يتوقعها منها خاصةً في مرتهما الأولى أبدًا، بسخريةٍ تذكر أنها كانت الأخيرةُ أيضًا فقد شكَّ بها بعدها بعد سماعه لمُكالماتٍ تُثيرُ الريبةَ لها مع أحدهم أدعت أنه صديقتُها لوقتٍ ليس بطويلٍ أنتهى بإمساكه لها في وضعٍ مُخِل مع حارسه والذي علم في ما بعد أنه حبيبها الذي دفعها لتوقعه في شباكها وتتزوجه فيُغدِق عليهما بأمواله ويعيشان بها وهي على ذِمته، منذ ذاك اليوم وهو لم يثق بأي حارسٍ شخصي أبدًا وقرر الاهتمام بنفسه دون الاعتماد على أحد ثم قاطع النساء وحبُّهم الخادع المُصطنع مُمتنعًا عن الزواج للأبد، زفر بوجعٍ وهو يُبعدُ عنه تلك الذكريات الحقيرة ويُركِّز فقط مع الحوراء الصادِقة التي أهداها الله له، عفراء هي برهانٌ لرضا الله عنه وحبه ليُكرمه بمَن أعادت له رغبته بالزواج مُجددًا بل والسقوط في الحب أيضًا مع حسناء عفيفةً مثلها دون جُهدٍ يُذكر منها أو مُحاولةِ إغراءٍ حتى، عفراء آية مِن الجمال ولو كانت سيئةَ الخُلق لكان الآن تسيرُ في الطُرقات عارية تعرِضُ جسدها الفتّان لكلِّ مُشاهِدٍ خسيس لا يغضُّ بصره بل يستمتع بتدقيق النظر لكل ما تجود به وتعرضه مُزينًا مُعطرًا.
وصلا لبُرجٍ حديثُ البُنيان أنيق يقعُ مُباشرةً على النهر فنزل من السيّارةِ والتفت ليُمسك بيدها قائلًا: ”هيّا تعالي“
فتساءلت بفضولٍ وهي تتلفتُ حولها: ”إلى أين؟“
ليقول مُبتسمًا بحنوٍ وهو يخلعُ بلطوه العملاق ويضعه على كتفها: ”لشقتُنا“
اتسعت عينيها هامسة باستنكارٍ: ”شقتُنا؟“
فأومأ بابتسامةٍ هامسًا وهو يُشدِّدُ مِن احتضانه لكفِّها: ”هيّا لتأخذي راحتكِ دون خوفٍ أو قلق“ ثم تابع بحسمٍ خشن: ”لن أقبل بدخول زوجتي في ظرفٍ كهذا للمراحيض العامة أبدًا“
لحظتها طالعته بامتنانٍ غلب عليه الإعجاب و.. الحب!
اتسعت ابتسامتها ثم سُلبت منها نبضة أخبرتها أنها سقطت في حب هذا الرَجُل وانتهى الأمر.
❀•❀•❀
”أنتِ؟“
ابتسمت الوالِجة بمرارٍ وهي تتقدمُ للأمام نحوها لتصل إليها وتقف أمامها تُناظِرُها بعينين خبيثتين قائلة: ”كشفتِ عن أنيابكِ أخيرًا“
صمتت صفاء تبتلعُ ريقها بوجلٍ وهي تهمسُ بتأتأةٍ قائلة: ”كيف د دلفتِ؟ مَن سـ سمح لكِ؟“
قهقهت المَرأةُ عاليًا ثم قالت بشرٍ وهي تتمخترُ في مشيتِها أمامها: ”أنا لا أحتاجُ إذنًا كي يُسمحَ لي..“
امسكت الفتاةُ بطرف شعر صفاء تتلاعبُ بأحد خُصلاته قائلة: ”أين هشام؟“
”عمَّن تتحدثين؟“ همستها المُرتبكة أثناء ادعائها الجهلُ فضحتها لتقول الفتاةُ بخشونةٍ: ”عشيقك الجبان، مَن يُصدِّرُكِ للمصائب دومًا وينفذ بجلده في كلِّ مرة كالشعرةِ من العجين“ ثم لاعبت حاجبيها مُتابعة بخبث: ”أأُخبِرُكِ أنا أين هو؟“
ابتلعت صفاء ريقها برعبٍ فتابعت سيرين ساخرة: ”مساء اليوم سيكون على مدن الطائرة المُسافرة لشمال أُروبّا“
”تكذبين، لقد كلمته منذُ قليل وأخبرني أنه سيُرسِلُ أحدهم لإنقاذي“ انطلقت كالمِدفع تقذفُ كلماتها في وجه سيرين التي تعمَّق خبثها أكثر وهي تجيبُ ببرودٍ مُصطنع: ”هو الكاذب لأني رأيته منذُ قليلٍ في سيارته مُتجهةً للمطار الدولي“
شحب وجه صفاء بشدَّةٍ وهي تهمسُ برعبٍ قائلة: ”مُستحيل“
”فكري معي لو كان صادِقًا لماذا لم يقل لكِ أنه آتٍ لكِ؟ لماذا قد يرسل لكِ فتى لا يُحسنُ التصرُّف لإنقاذكِ؟ ألستِ بتلك الأهمية التي تجعله يترك أي شيءٍ ويأتي بنفسه لمِ؟!“ بثَّت سيرين سُمَّها داخل أُذن صفاء التي صدَّقتها فانهارت صارِخة: ”هشام يا حقير، تركتني ألبسُ القضيّة وحدي بعدما حرَّضتني على استخدام غالية لتنفيذ المُتبقي مِن خططِنا، لعنَكَ الله يا سافِل لعنَكَ الله، أقسمُ بالله لن أترُككَ تهنَأ سأخبرُ ابن أخيكَ وائل بكل شيء وكل ما خططته لتقتل أمه أولًا بعد ما لم تستطع اخضاعها لكَ أو حتى تشتيت اخلاصها لعبيد ومِن ثم دفعي على الحقير عبيد وقتلها بحسرتها عليه يليها قتلُ عبيد عندما اكتشف علاقتنا فطلقني فوره لتحرص على عدم معرفةِ أحد والآن كنتَ تُريدُ قتل ابنه لتحوذ على ثروته وحدكَ، أبعد فشل جزءٌ مِن مُخططك تتركني وتهرب يا خسيس؟ سأفضحك بالله سأفضحك..“ وتابعت هزيها المُنهار وهي تلطمُ وجهها وتلتفُّ حولها تُحدِّثُ نفسها فخرجت سيرين بهدوءٍ وهي تُخرجُ من جيب سروالِها الواسِعُ مُسجل صغير حفظ كل كلمةٍ قالتها صفاء بالداخل داخله فهمست بفخرٍ ومكر: ”حان وقتُ الحساب جميعًا“
وصلت لمكتبها فجلست خلف حاسوبها واحتفظت هناك بثلاث نسخةٍ احتياطية في ثلاث ملفّاتٍ مُختلفة وبعدها أغلقت الحاسوب واتصلت على رقمٍ بعينه وهي تقول لنفسها بجمودٍ: ”حان وقتُ اللِقاء يا ابن العم“.
❀•❀•❀
بينما كانت تتصفَّحُ رسائلها المبعوثة على رقمها الخاصُ بالعمل وصلها رِسالةٌ مُختلِفة ومِن شخصٍ تظنُّ ملامِحه مَألوفةً لديها، فتحت الرسالة التي كانت تحوي كلِماته الغريبة ”مُباركٌ لكِ، رأيتُكِ أمس؛ كنتِ أكثر ثقةٍ وقوة، أكثر شموخٍ فتنة“
اهتزت قليلًا بسبب الرِسالة لكنها بعزمٍ حظرته وحذفت رسالته: ”مَن هذا الغريبُ وماذا يُريد منِّي!“ هتفت باستنكارٍ ثم توجَّهت لدُولابِها واخرجت منه ملابسها مُقررًا الخروج والاستمتاع قليلًا بهواء مدينتها الساحلية قبل أن تذهب للأُخرى الصحراوية وتُحرم مِن جمال هذا البحر ونسماته المُسكِرة، ارتدت ملابسها وعقدت نُقابها وهي تنظرُ في المِرآة أمامها بتقييمٍ لفُستانها السُكري الفضفاضُ والمُزيَّن بالقليل مِن الورود الزرقاء القاتمة ثم خِمَارٌ طويل بنفس لون الورود ونقابٌ معقودٌ للخلف يُماثِله لونًا، أعجبها لونُه عليها فغمز للمِرآة قائلًا بنرجسيةٍ مُصطنعة: ”ما كلُّ هذا الجمال يا عِطر“ بعدها ضحكت بصفاءٍ قائلة وهي تبعثُ رسالةً لأخيها تُخبِره فيها أنها خارِجة وأنها ستتمشى قليلًا على كورنيش البحر: ”اليومَ سيكون لي فقط“ أخذت حقيبتها ثم أغلقت باب الغرفةِ خلفها وتوجهت للبحرِ تسيرُ عليه بشرودٍ مُبتسمة وهي تدعو لوالِدتها الحبيبةُ بقلبها حتى شعرت بقدميها تقودانِها نحو طريق حيِّهما القديم.. ركبت سيارةَ أُجرى وأملتها العنوان فسارت بها وقبل أن تصل اعترض طريقها سيارتان سوداويتان نزل منها شابٌ بجسدٍ عضلي رشيق مُتَهجِّمُ الوَجه واثِقٌ لعين في نفسه، اتجه نحوها ثم فتح بابَ سيارةِ الأجرةِ قائلًا بخفوتٍ وملل: ”أنزلي..“ ثم نظر بعينيه داخل السيارةِ وقال زافِرًا بحنق: ”أين أخيكِ الآخرُ؟“
رمقته بصلابةٍ لا تعلمُ كيفَّ بُثَّت فجأةً داخلها ثم قالت بوجومٍ: ”ماذا تُريد؟“ بعدها تابعت باستدراكٍ وسُخرية: ”أرسلكَ خالي إذًا!“
فابتسم الرجلُ بمكرٍ قائلًا: ”ذكية“ ثم تابع بفجورٍ وهو يُمرِّرُ عينيه عليها: ”رغم أن مظهركِ لا يدلُّ على هذا!“
تصاعَد لهيبُ عِطر تاللهِ لن تصمُت على سبِّها مرَّةً ثانية فقالت تُهِينه بلا مُواربة: ”ومظهرُكَ أنتَ أيضًا لا يدلُّ على أنَّك مُجرَّد تابعٍ لخالي يُرسِله لمُلاحقةِ النساء“ ثم ضيقت عينيها وقالت بسخرية: ”سأدعو لكَ أن تترقى قليلًا علَّ خالي يرفعُ قدركَ ويجعلُكَ تُلاحِق الرجال فيما بعد“ طالعها ببوادِر اعراض ذبحةٍ صدرية فتابعت تقول بجمودٍ وهي تجذبُ الباب منه وتغلقه بقوَّةٍ: ”ارفع وقاحةِ عينيكَ عنِّي يا هذا وابتعد فأنا لدي عملٌ أقوم به“ ثم طالعته من قمةِ رأسه لأخمص قدميه بتهكُّمٍ وهي تقول بمكرٍ: ”عملٌ للرِجال الحقيقيّون يستعصى عليك فهمه“ بعدها غمزت بعينيها البُنِّية اللامِعةَ التي انعكس عليها غروب الشمس مُتابعة: ”قُل لرئيسكَ إن أراد لِقائي يكفيه مُراسلتي على الهاتِف لنُحدد مُقابلة له معي في مكانٍ مُناسب ولا داعي لحركات الأطفال هذه“
بعدها وجَّهت حديثها للسائق قائلةً: ”يُمكِنُكَ مُتابعةُ سيرك يا حاج“ ثم عادت بعينيها المرسومة بأهدابها الكثيفةَ المرفوعة له وهي ترمقه بخبثٍ قائلة: ”فمكَ والذُباب يا هذا“
رحل السائق الكبيرُ في السن بارتعاشٍ فهذه أول مرةٍ تُثبِّته عصابةٌ ما ثم ساق مُبتعدًا بسرعة بينما عِطر شعرت بفخرٍ شديد وراحةٍ أشد بعدما استطاعت رد الأذى عنها، الآن لم تعد الضعيفةَ الخائفة بل باتت القويّةُ القادِرة بالاستعانة باللهِ والتعلق به، يكفِها خطأُ خيّال في حقها، لن تسمح لشخصٍ بعده أبدًا بالتعرض لها!
تعلمُ أنها أمنت شرَّ ذاك الغريب لذلك هاجمته بلسانها فرغم كل سيئات خالها إلّا أنه يُحبُّهم وهذا ما جعلها تُرجِّحه أنه شدد على رِجاله بعدم إيذائها أو التعرض لها.
أما صخر فكان ما يزال مكانه واقِفًا يُحاوِلُ استيعاب ما رمته بيه تلك الحقيرة الوقحة، بنارٍ مُلتهبة تتأرجحُ في صدره وفكٍّ مُتصلِّب ثم كفٍّ يقبضُ على سلاحه بقوةٍ هتف بغيظٍ شديد: ”ما أسوأ أن تدلف فريسةَ ضعيفة بقدميها لعرين أسدٍ فتّاك يا صغيرة“ قست عيناه أكثر وقال بعينين مُظلمتين: ”لعبتِ بالنار وحان وقتُ احتراقكِ بها“
بعدها ابتسم بخبثٍ قاسي: ”الآن صار بيننا حسابٌ شخصي وأنا لا أترُك حقِّي أبدًا، ستردين دينكِ شِئتي أم أبيتِ“.
❀•❀•❀
على متن القارِب كان سند بابتسامةٍ يقرَأ كلمات أخته فتمنى لها يومًا سعيدًا ثم توجَّه لأدهم الساهِم وقال بحماسٍ علَّه يُبدِّدُ الحزن المُخيّمُ عليهما قليلًا: ”أتعلمُ أني أتدربُ على السباحةِ؟“
فابتسم أدهم وقال بود: ”حقًا؟“
ليومِئ سند قائلًا: ”بلى وأعتقدُ أني أبليتُ حسنًا، ما رأيك في مُنافسةٍ سريعة؟“
ضحك أدهم وقال باستنكارٍ: ”في هذا الجو!“ ثم بابتسامةٍ عابثة تابع قائلًا: ”انسى الأمر لن أنزل الماء أبدًا إلّا لو رأيتُ فاتنةً جميلة تغرق“
قهقه سند ثم قال وهو يتجه لغرفةِ قيادةِ القارِب: ”لم يعد لي رغبةً في النزول أفسدتَ مزاجي“ بعدها نادى على العمُّ حمدي المُكلف بقيادةِ القارِب قائلًا: ”هلّا علمتني القيادةَ يا عمَّ حمدي أرغبُ بتجربةِ القيادة؟“
ليدلف أدهم خلفه قائلًا: ”يُمكِنُكَ الراحةُ قليلًا يا عمِّي وأنا سأُعلِّمه“
أومأ الرجلُ بابتسامةٍ بشوشة: ”سُلِّمتَ يا أدهم بيه“ ثم خرج ليرتاح قليلًا بينما أقترب أدهم من سند قائلًا: ”كم تدفع لو علمتُك القيادة وجعلتُكَ اليومَ مُحترفًا؟“
فقال سند بتلاعُبٍ: ”سأجدُ لكَ عروسًا فاتنة!“
قهقه أدهم عاليًا بعبثٍ وكأن روحه القديمة التي دفنها بعد حبه لتاج تستحضره ليقول بخبثٍ وهو يكشِفُ عن ساعديه ثانيًا كُمَّا قميصه بينما يفتحُ أول زِرَّين كاشفًا عن صدرِه يستنشقُ نفسًا عميقًا من رائحةِ البحر المُلغمة باليود والمُقرَّبة لقلبه بشدَّةٍ: ”هذا عرضٌ مُغري يتطلبُ الاستعداد جيدًا“ بعدها رمقه بتلاعُبٍ مُماثِل قائلًا: ”تجهز لرد دينك إذًا“.
❀•❀•❀
”هيّا حبيبتي ارتدي ملابسك“ همس طِلال برقةٍ لحور التي سألته بفضولٍ طفولي: ”لماذا؟“ فابتسم قائلًا: ”ألا تُحبين المُفاجئات؟“
أومأت فقبَّل رأسها قائلًا: ”عديني أولًا أن توافقي على ما سأقوله لكِ!“
أومأت مُوافِقة فزادت ابتسامته وهو يُهمسُ لها بما يُريد لتتسع عيناها برهبةٍ قائلة: ”زواج!“
فأومأ قائلًا: ”ولهذا ستأتين مع أمي وأبي وأنا سأكون بانتظاركِ هناك“
طالعت والِداه بقلقٍ قائلة: ”لكن..“ فهمس هو بسرعةٍ وقلق: ”ألا تُحبِّينهما؟“ لكنها أجابت بثقةٍ قائلة: ”أُحبُّهما أكثر من الكل مثلك ومثل الدكتور وائل ومثل غالية أحبكما كلكم أكثر من السماء والدنيا كلها“ ابتسم بسعادةٍ لكلماتها فسألها مُجددًا: ”إذًا ألا تودين البقاء معنا للأبد؟ هل أنتِ سعيدةً معنا؟“
أومأت بنعم ثم تابعت بتأكيدٍ على صدقها: ”العمُّ مُحمد اشترى لي منذُ قليلًا الكثير من الحلوى ثم ذهب بي للأُرجوحةِ القريبة ووعدني بالذهاب لغالية أما الخالةُ هدى فهي عانقتني كأمي وضفرت لي شعري وطبخت لي ما أحبُّ من الطعام ووعدتني بقراءةِ القصة التي أُحبُّها قبل النوم ولؤلؤة اشترت لي فستانًا جميلًا أعطته لي بعد عودتها من الخارج، جميعكم تحبونني وتُدلُّونني كثيرًا لهذا أنا سعيدة للغاية وأُريدُ البقاء معكم للأبد لكن مع غالية، أريدُ غالية أولًا“ بعدها استذكرت مشهد أختها وهي ساقطة أرضًا تتلوّى من الألم وتخرجُ أشياء من ثغرها فترقرقت الدموع في عينيها هامسةً بحشرجة: ”هي الآن وحيدة تبكي ولا أحد معها“ ثم قالت بنبرةٍ باكية: ”غالية تخافُ الظلام لكنها لا تقول هذا لأحد“ ثم نظرت في عينيه بترجٍ قائلة: ”لا تجعلها تذهبُ للأبد كما فعل والِديَّ أرجوك!“
دمعت عين طلال باختناقٍ فعانقها بشدَّةٍ قائلًا: ”أنا آسف صغيرتي آسف لكِ وللحبيبةِ غالية“.
بعد قليلٍ في مكتبٍ للزواجِ الشرعي بصحبةِ أمه وأبيه ووائل صديقه وشيخُ المسجد وبالتأكيد العروس سأل المَأذون بعمليةٍ وابتسامةٍ واسعة: ”مَن وَالي العروس؟“ فقال مُحمَّدٌ بحنوٍ: ”أنا يا شيخ إن شاء الله“ ثم التفت لوائل وشيخُ المسجد صديقه المُقرّب قائلًا: ”الشيخُ مُصطفى ووائل سيكونان الشاهدان بإذن الله“
أومأ الشيخُ بابتسامةٍ بشوشة ثم بدأ صيغته المُعبرة عن الزواج الشرعي خاتمًا حديثه بجملته الشهيرةُ قائلًا: ”بارك الله لكما وبارك عليكُما وجمع بينكُما في خير“
فالتفت طِلال بعشقٍ وقلبٍ دامي لمحبوبته الجليسة جواره على الكرسي المُتحرِّك ليمُدَّ يده لها بارتعاشٍ يحتضنَ كفها داخل كفيه مُستشعرًا حرارتها الخجولة هامسًا بقلبٍ ينتفضُ لوعةً بقربها أخيرًا: ”مُبارك يا عروسي الغالية“
لم تستطع من حرجها أن ترفع عينيها إليه لكنها بتيهٍ خفضت رأسها فمال طِلال نحوها وقبَّل قمَّة رأسها أمام الجميع هامسًا بصوتٍ خافت لم يسمعه غيرها: ”صرت الآن يا غالية جزءً من روحي أنا كُلِّي فِداءً له“.
❀•❀•❀
”لقد تأخرا كثيرًا ألن ينزلا الآن؟
أُريدُ رؤية غالية لقد وعدني الجميعُ برؤيتها!“ تذمرت حور دون صبرٍ فهمست لؤلؤة بحنو: ”أهدَأي يا حور كما أخبركِ طِلال أنه سيتزوَّج غالية ويُحضرها لتعيش معكِ للأبد لكنها مريضةٌ قليلًا لذلك لن تُتعبيها عندما ينزلُ بها“
أومأت هامسة باشتياقٍ وعيونٍ دامعة: ”أنا أعلم، لقد رأيتُها وهي نائمة على الأرض تبكي مُتألمة“ ثم قالت بكُرهٍ كبير على سنِّها: ”الستُّ صفاء هي السبب لقد وضعت الكثير من المِلح لتقتلنا جميعًا“ ثم تابعت بشهقاتٍ مُتتالية: ”اخبرتُهم أن لا يأكلوه لكنها لم تسمع كلامي“
احتضنتها لؤلؤة بقوةٍ قائلة: ”هانت يا صغيرة لا تقلقي، لن يُؤذيكما أحدٌ مُجددًا“
انتهت جملتها بشجنٍ ثم اتسعت عينيها بابتسامةٍ كبيرة قائلة بسعادةٍ: ”ها قد أتى طِلال وغالية“
ابتعدت حور عنها بسرعةٍ والتفتت نحو مدخل البناية التي صعد إليها والدي طِلال منذُ قليلٍ ومعهم شيخ المسجد فرأت غالية تُدفَعُ بكرسيها المُتحركُ من قِبل طِلال المُبتسم أخيرًا منذُ ما أصاب أختها، كانا يخرجان من المصعد ثم بوابةِ البناية والجميع من خلفهما يبتسمون بهدوء فصاحت حور غيرَ مُصدقة والدموع تهطل من عينيها: ”لولي!“
رفعت غالية عيناها مُتفاجِئة لتفتح زراعيها بلهفةٍ لأختها الحبيبةُ الصغيرة وكل ما بقى لها من عائلتها والدموع تسيلُ من عينيها، فتحت حور باب السيارةِ وركضت نحو أختها ببكاءٍ ولهفةٍ قائلة كأنها لم ترها منذُ قرون وليسَ مُجرَّد ليلةٍ واحدة: ”غالية، اشتقتُ لكِ!“.
❀•❀•❀

بخ مُفاجأة مش كدا 😂😂💥
حبيت أفرح بنوتاتي إلي بيفرحوني في الكومنس وطلبوا مني فصل كُلّما تفرَّغت 🥺❤❤❤❤❤
بصراحة أخدت الكام يوم دول أجازة من الشغل فعليت الهِمّة وقررت الكتابة وإنهاء فصل كامل مليان مُفاجآت مُهمّة والفصل الجاي هيوضح حاجات كتير فمستسعجلوووش دا فاتكم تخطيط السنين 😂🙉
بس اشطا يعني الفصل إلي جاي هنحاول منأخرهوش بإذن الله 💃🔥

نيجي لتاني سؤال 👀؟
الريتش بيوقع ليه يا جماعة 🥺!
هل الفصل مبيوصلش طيب؟
وقتها محتاجين تضيفوا الرواية للمكتبة علشان يوصلكم اشعاراتها، ولا لأني مبقتش انبه على الفيس والواتس احم  👈👉
عدد القُرّاء قل بطريقة مُحبطة جدًا للأسف فهل مثلًا بسبب مواعيد النشر المُتباعدة؟
بس دا غصب عني فعلًا والله ولو بإيدي لنشرت كل أسبوع، ومع ذلك بإذن الله كل ما تجيلي فرصة هكتب وأعوضكم كمان ❤❤❤❤
عدد القرّاء مُهم بالنسبالي وكمان تفاعلكم (سواءً بتصويت أو بكومنت) لأنه الحاجة إلي كل ما شوفها بقول الناس ده اهتمت بيا وقدرتي فيستحيل مقدرهاش، بعد كل ده حابة أقولكم إن النشر مُستمر طول ما لسه ليا عمر وعذراكم أكيد بس ليا رجاء بسيط لو مفيهوش ازعاج 🙈❤❤
إلي حب فيكم الرواية بتمنى يرشحها لأصدقاءه القُرَّاء لأننا حابين نوصل لـ 10K في أقرب وقت 🤤💙
ووقتها أوعدكم بهدية كيف ما تحبّو؛ قصة جديدة نفصل شوية بيها أو فصول زيادة (بس متكتروش اخركم فصلين 😂😂🙆‍♀️🏃‍♀️) أو أي شي بتتمنوه 😚

دُمتم بوِد 🌼🧡

منى علاء شاهين
الجيش الأزرق Blue army 🌍💙

استوصوا بالحبيب غزلًا "للكاتبة منى علاء شاهين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن