15- لن تكوني لغيري

561 30 70
                                    

الفصل الخامس عشر
”لن تكوني لغيري“


”لقد قُمنا بالازم لكن السُمُّ كان قاسيًا أصاب هدفه وأثَّر على بعض الأعصاب لديها“ همس الطبيبةُ المُختصَّة فابتلع طِلال ريقه وقال بشحوبٍ وهو يشعرُ بروحه تُزهق رويدًا رويدًا: ”إلى أي مدى أثَّر السمُّ عليها يا دكتور رضا؟“
فهتفت الدكتور بعملية: ”أنتَ تعلمُ يا دكتور طِلال أننا يجب أن ننتظر المريضة لتستيقظ أولًا حتى نستطيع تحديد هذا، فقط ادع الله أن لا تتضاعف حالتها وتدخل في غيبوبة تُعقدُّ الأمر أكثر“
صمت طِلال فابتلع وائل رِيقه وجذب صديقه بعيدًا قائلًا للطبيبةِ بإرهاقٍ بعدما حمدَ الله على سلامة غالية: ”شكرًا لكِ على الاهتمام بها يا دكتور رضا“ فابتسمت رضا بعيونٍ لامِعة تنبض بأعجابها لهذا الطبيب الوسيم زميلها الذي يصغرها بأربعةِ أعوامٍ كامِلة ومع ذلك استطاع تحريك مشاعرها نحوه بثباتِه وثقله الغير طبيعي أبدًا، ألتفت وائل لطِلال وهمس مُشجعًا بابتسامةٍ مطعونة وهو يُطالِعُ صديقه بعينين مذبوحتين، لا يُصدِّق أن مَن أأتمنها والِده على بيته وحياته حاولت قتل ابنه بلا ذرة ضمير واحِدة!
يعرفُ أنها النقيض التام من اسمها وأنها لا تُحبُّ سوى نفسها لكنه لم يتخيل أبدًا أن يصل شرِّها لهذا الحد.. يذكرُ أنه لم يرتح لها يومًا ولم يحبها أبدًا لكنها بقت زوجة والِده لذِلك احترامًا له بعد مماته أبقاها في المنزل مُكرمة، لم يكن يعلم أنها ستخون العشرةَ وتحاول قتله، لماذا تحاول قتله أصلًا؟
ماذا ستستفيد؟ وإلى ماذا تُريدُ أن تصل بقتله؟
لن تجني ورثًا أو مالًا فما مُرادها من كل هذا؟
يستحيل أن تكون فعلتها هذه نابِعة من مُجرد غلٍّ أو حقدٍ غير مُبرر، هناك أمرٌ خلفها وهذا ما سيسعى لمعرفته في القريب العاجِل.
جلس جوار طِلال الذي كانت حاله لا تسرُّ عدوًا أو غريب.. فتساءل إن كان كل هذا تأثرًا لما حدث؟
وتساءله لم يظلَّ طَي الكِتمان بل صرَّح وائل به قائلًا: ”ما بكَ طِلال؟“
همس طِلال بخفوتٍ شارِد: ”أينَ أهلُ غالية؟“
فهتف وائل بأسف: ”أخبرتُكَ من قبل أنها يتيمة“ طالعه طِلال بجمود ثم همس بغموض: ”ألا تملك أحدًا آخر؟“
ليُؤكد وائل قائلًا: ”غيرَ حور لا أظن“ ثم تابع بارتباكٍ وأسفٍ شديد: ”لا تقلق سأهتمُّ بعلاجِها والتكفُّل بكل ما يخصها، حور ستكون أمانتي
زاد عمق نظرات طِلال وصمته حتى قاطعتهما حور الراكِضة نحوهما ببكاءٍ شديد والمُمرضة من خلفها تحاول الامساك بها، اتجه وائل نحوها مُتألمًا لحالها بينما قالت المُمرضة باعتذارٍ: ”أقسمُ لم أسهو عنها سوى لِلحظاتٍ بسيطة فقط حتى أُحضر ملفَ مريضٍ لزميلتي وعندما ألتفتُ وجدتها تركضُ خارج الغرفة وتُنادي عليكمَا
لتهتف حور ببكاء لا ينقطع: ”أين لولي يا دكتور لماذا أخذتموها وحدها؟“
طالعها بعينين مليئتين بالألم ثم قال بنبرةٍ آسفة وثباتٍ غريب للمُمرضة الواقفة أمامهم: ”لا عليكِ يا أنجي سأهتمُّ بها“
أومأت المُمرضة ثم ذهبت بخفوتٍ بينما اقترب طِلال منهما وهو يُطالِع حور بغموضٍ يزدادُ قوة بينما همست حور من بين شهقاتِها: ”إلى أين أخذوا لولي؟ لـ لقد كانت تبكي، رأيتُها فـ في الحديقة، أستعود معنا؟ إلى أين أخذوها؟“ انهالت عليه بالكثير من الأسئلة المُرتعبة فهمس بحشرجةٍ وعينان دامعتان وهو يجلسُ على ركبتيه أمامها: ”هي الآن في مكانٍ أفضل“ فعانقته بقوةٍ باكية وهي تهتفُ بانهيارٍ: ”أ.. أريدُ لولي خذ.. ذني إليها سأذ.. ذهبُ معها، لا تجعلها تتـ.. ـركني وحدي لقد قالت هذا عن أمـ.. ـي وأبي ولـ.. لم أرهما مجددًا أرجوك يا دكتور، أرجوك لا تدعها تذهب“ كانت شهقاتها المُتتالية تُقطِّعُ كلماتها المُلتاعة، بحرقةٍ احتضنها لتُسال دموعه وهو يتذكرُ نفسه يومَ ماتت أمه.. لقد احتاج حينها لمن يضمّه هكذا، احتاج لمن يُخبره أن كل شيءٍ سيمرَّ وعالمه لن يُهدم، أَنه لن يتخلى عنه أبدًا لكنه لم يجد!
أغلق عينيه مُتألمًا فظلت الصغيرة تهذي بكلماتٍ مُبعثرة داخل صدره حتى ارتخت أعصابها وخفتَ صوتها وسقطت في سباتٍ عميق، لم يستطع ايقاف شهقاتها أو حتى أنين بكائها الذي أدمي قلبه وحمَّله أضعاف ذنبه بكون السبب في حالتها وما حدث لغالِية!
”وائل“
همسةُ طِلال الجامدة جعلته يرفع عينيه إليه ليُقابل عينا صديقه المُظلمة كما لم يرها مُسبقًا، استقام رافعًا الصغيرة بين يديه فقال طِلال بحسمٍ: ”سآخذ الصغيرة معي، بيتِ الآن أكثر أمانٍ لها“
اعترض وائل وهو يحاول التماسك لأجل الصغيرة: ”حور مسؤوليتي“ فقاطعه طِلال بحزمٍ قائلًا: ”أنتَ لا تبقى في المنزل يا وائل فكيف ستهتمُ بها؟ هل ستتركها مع أرملة أبيكَ القاتلة وحدها!
ثق بي يا صديقي؛ منزلي به أمي ولؤلؤة وهما ستهتمّان بحور جيدًا، حور الآن في أشد أوقاتها حاجةً لحنان أنثى مثلها ونحن لن نستطيع اعطائها ما تريد“ ثم تابع مُؤكدًا وهو يمدُّ يده ليتلقف الصغيرة من بين يديه: ”حور ستكون أمانتي التي تركتها غـالية لنا“ نطق اسمها باختناقٍ وصعوبةٍ شديدة لاحقها بحمله لحور بكفّين مُرتعشين وهو يتابع بجمودٍ يشعلُ في صدره لهيبًا لا يُطفَأ: ”لا أُريد أن تشرق شمسُ الغد قبل أن تكون تلك المُجرمة خلف القضبان، هذه جريمةُ قتل عمد ولا أريدُ التهاون بها“ تهجمت عين وائل وقد اشتعلت عينيه كجمرتين من نارٍ وهو يجز على أسنانه قائلًا: ”ستدفعُ الثمن غاليًا، غاليًا جدًا فقد نفذ رصيدها لدي بالكامل“.
❀•❀•❀
دلف بشموخٍ مِن باب المشفى ومنه لغرفةٍ بعينها حوت محبوبته الشاحبة والمُغطاةُ بشرشفٍ أبيض ضمَّ جسدها الضئيل وخبَّأه عن العيون، وصل لسريرها فجلس جواره هامسًا بأسف ورأسه مُنخفضةٌ بألمٍ يذبحه: ”آسف غالية، آسف حبيبتي، ليتني خطفتُكِ حينها، ليتني ما تركتُكِ لحظةً واحدة بعدما وجدتُكِ!“
طُرِق الباب المفتوح مُسبقًا ثم دلف وائل بوجهٍ قاتم يُطالِعُ صديقه بخزيٍ مما صدر عن أرملةِ أبيه فاستقام طِلال وتنحنح قائلًا بقسوةٍ وعينان حاقدتان مُشتعلتان بغضب: ”هل تم الأمر؟“
أومأ وائل بتقززٍ قائلًا: ”الحقيرةُ باتت خلف القضبان“ ثم تابع بشرود: ”صفاء ليست وحدها هناك عقلٌ مُدبر يفوقها شرًا يُساعِدُها في الخفاء“
ضيّق طِلال عينيه سائلًا: ”مَن؟“
فقال وائل بتفكيرٍ عميق وهو يرفع عينيه لطِلال المُترقب: ”هذا ما أسعى إليه الآن!“
خيَّمَ الصمتُ عليهما لدقائق قبل أن يهتف وائل مُستغربًا: ”ما كلُّ هذا الاهتمام بغالية وحور؟ لَم أعهدكَ رقيق القلب تتأثرُ بسهولةٍ هكذا!“ نبرته كان بها بعض السخريةِ والاستنكار فهتف طِلال بجدية: ”غالية تُهمُّني يا وائل“ بعدها صمت للحظاتٍ وتابع مؤكدًا: ”على وجهٍ خاص“ صمت وائل يُقلِّبُ كلِمات طِلال الغامضة في رأسه ثم استفسر بجديةٍ وهو يُضيِّقُ عينيه بريبةٍ: ”كيف تُهمُّك! إلى أين حدٍ وصلَ بكَ الأمر؟ وضِّح حدِيثكَ طِلال
تعمَّق اصرارُ طِلال مُقررًا الإباحةَ بما يعتمِل في صدره أخيرًا فالأمرُ بات لا يتحملُ الإخفاء أكثر: ”للحدِّ الذي يجعلها تخصُّني
دلفت المُمرضة وهو يهتف بجملته فردَّ طِلال سلامها ثم جذب صديقه برفقٍ وخرجا مِن الغرفةِ قائلًا بالقليل من الارتباك: ”المُمرضةُ وصلت أخيرًا، لم يعد هناك حاجة لوجودنا بالداخل“ ثم فكر قليلًا وهتف بعدها بحسم: ”الآن باتت أوراقي مكشوفةً أمامك“ خفت صوته ليبتلع ريقه قائلًا: ”لم يعد هناك داعي لدلوفنا إليها، هذا انتهاكٌ لخصوصيتها!“
ابتسم وائل ببلاهةٍ ثم هتف مصدومًا بعدم استيعابٍ لما يصدرُ عن صديقه: ”وتغارُ عليها؟“
بعدها سأل مُستفسرًا باستنكار: ”متى حدثَ كلُّ هذا؟“
احمرت أذنُ طِلال ليهمس بحدَّةٍ غير مقصودة وهو يبتعدُ عن صديقه: ”لا يُهمُّ هذا الآن“
لكن وائل أصرَّ هاتفًا: ”أنتَ تخون صحبتنا يا طِلال!“
فالتفت طِلال له وقبل أن يهمس بشيءٍ كانت المُمرضة تخرجُ من الغرفةِ هامسة بفرحةٍ مُهلِّلة: ”دكتور طِلال دكتور وائل المريضَةُ فاقت“.
❀•❀•❀
ساعات قليلة مرَّت لتكون حور غافية بين يدي طِلال الذي كان واقفًا في شُرفةِ منزله يتطلعُ في السماء الغائمة أمامه والتي حجبت ضوء النهار عنهما وكأنها في حِدادٍ على ما أصاب غالية، أغمض عينه مُتلذذًا بهمس قلبه لاسمها ثم فتح عينيه يُطالِعُ وجه حور المُشابه لوجه محبوبته مع اختلاف وضوح ألوان الحياة أو اختفاءها من على وجهيهما، سيبذل قصار جهده لتنفيذ ما نواه ويخشى أن يردعه والِديه أو يرفضا زواجه منها بأي حُجَّةٍ كانت، لا يُهمِّه فرق العمر بينهما أو حالتها أو أي شيءٍ آخر، يكفيه أنها ستكون له وحينها يُقسِمُ أنه سيفديها بروحه.
طِلال؟“ نداء والِده الخافِت جعله يلتفتُ له بجمود، حاجبيه المُنعقدان لم ينفَكّا منذُ ما حدث فتابع والِده بحنوٍ وشجن: ”لقد نامت حور فلماذا ما زلتَ واقفًا؟
أدخل يا ولدي وضعها في غرفة لؤلؤة قبل أن تمرض منك“
أومأ طِلال ثم أخذ نفسًا عميقًا وهمس بخفوت: ”أبي أنا أُريدُ الزواج“
”ماذا!“ استنكر والِده فرفع طِلال عينيه لوالِده قائلًا بإصرار: ”اليوم ستأتي معي لنعقد عليها ولا داعي لمعرفةِ أحد فأنا لن أخبر حاليًا سواكَ وأمي"
”ما الذي تهزي به؟“ سأل والده للمرةِ الثانية مُستنكرًا فنظر طِلال لحور الجميلة النائمة بين يديه قائلًا وقد لانت ملامحه بإرهاقٍ قليلًا: ”سأتزوجها لأستطيع حمايتها وفِدائها بروحي، لن اسمح أن تكون عالةً على أحد أو أن يحمل همها غيري، اليوم سأجعلُها زوجتي“
”مَن يا وَلدي؟“ استفهم والِده بصدمةٍ فقال طِلال مُبتسمًا بعيونٍ دامِعة: ”غالِية يا أبي، أخت حور“
فتساءل والِده دون استِيعاب: ”ألم تُخبرن أنها.. أقصد..“
أومأ طِلال مُتفهمًا: ”كان هناك احتمالٌ كبير بدخولها في غيبوبةٍ لأجل غير مُسمى لذا لم أُرد وضع حور في موضعٍ مُؤقت يجعلُكم مُترقبين دائمًا موعد رحيلها“ صمت الأبُّ فتابع طِلال وهو يتذكرُ كلمات الطبيبةِ التي كانت تخبرهما بأسفٍ أن السُم أثر بالسلب على النصف الأسفل للمريضة مما سيجعلُها غيرَ قادِرةٍ على السير لفترةٍ الله يعلمُ كم ستمتدُّ ولذلك عليهم بزيارةٍ طبيب علاجٍ طبيعي في أقرب وقتٍ ليخبرهم بالخطوةِ التالية!
حكى طِلال باختصارٍ ما حدث لِوالِده ثم اختتم حديثه قائلًا: ”قلبي أحبَّ غالية يا أبي وحان الوقتُ ليثبتَ مدى حبه وتعلقه بها، هي قدري الذي أُحبُّه ورضيتُ به رضًا كاملًا
ثم طالع والِده بتعاطُفٍ قبل أن يعود لينظر بحنوٍ نحو حور الغافية بين يديه مُتابعًا: ”أريدُ دعمكَ المُعتادُ لأُكملَ معها المشوار لنِهايته يا أبا طِلال، دعني أجعلهم جزءًا لا يتجزَّأ منَّا“ عاد بعينيه لوالِده قائلًا برجاءٍ خافت: ”سأتزوجها لتبقى معنا في المنزل على راحتها وفي الوقت المُناسب عندما أشعرُ بها باتت جاهِزة سنُعلِنُ الزفاف ونُتِمَّه..“
طال الصمتُ بينما والأبُّ يُفكِّرُ بعمقٍ حتى تنهد أخيرًا سائلًا: ”أستوافِقُ هي؟“
أومأ طِلال بسرعةٍ قائلًا: ”ستوافِق أعدُك
فتناول الأبُّ منه الصغيرةَ بتمهُّلٍ هاتفًا بهدوءٍ: ”كبِرتَ يا طِلال ووجدت روحك رفيقةَ دربها“ طالعه طِلال باختناقٍ مُبتسمًا فها قد نال موافقةَ والِده أخيرًا!
ترك الصغيرةَ لتستقر بين كفّى والِده بينما تابع مُحمد بحنوٍ وابتسامةٍ مُشجعة: ”هيَّا أذهب وخُذ موافقةَ والِدتك هيّا“ أومأ طِلال مُتحمسًا فنبهه والِده قائلًا: ”مِن صالِحك أن تكسبَ وِد والِدكَ لأنها إذا وافقتكَ ستحملُ حور وأختها فوق كفوف الراحةِ وستكونانِ بالنسبةِ لها كلؤلؤة بالضبط“
أومَأ وِضاء مُسرعًا وهو يُقبِّلُ رأس والِده هامسًا بامتنانٍ شديد: ”لا حرمني الله منكَ يا أبي“.
❀•❀•❀
وقفت أمام مِرآتِها تضبطُ خِمارها ببعض الشرود وعيونٍ غائمة، لا تُصدِّق أن اليوم هو عُرسُ وَلَدِها.. عُرس طِلال!
للحظاتٍ كانت رافِضة بل كادت لا تقبلُ أبدًا لأنها تُريدُ لولدها الأفضل، لا تُريده أن يتزوج مِن قعيدة تصغره بتسع سنواتٍ ولم تدلف للجامِعةِ حتى، أرادت له شابة عاقلة مُتفوقة ومُتدينة تستطيعُ إدارةَ حياته ومنزله على أكمل وجه، فتاة تُشاركه السفر والركض وتملأ حياته حلاوةً وبهجة، لماذا يختار طِلال فتاةً مثلها؟
فجأة تذكرت أنها كانت في مكانةٍ مُشابهة لها، يَتيمة فاقدة للحنان تَشتاقُ بقوةٍ لمَن يَحتويها ويَضمّها، لمَن يُطمئِنُها ويُخبِرُها أنها ستكون بخير، ستكون آمنة، فاستجاب الله لدعائها وأرسل لها مُحمدًا هدية من السماء لينتشلها مما كانت فيه، كيف تنسى ماضيها؟
كيف تُقلِّلُ مِن شخصٍ وتنتقصه؟
كيف تنسى فضل الله عليها وكرمه الذي حفَّها به
فبدل حالها من حالٍ لآخر!
عاتبت نفسها بقوةٍ ثم فاضت عيناها بالدموع وهي تستغفر الله وتعزمُ على إكرام مَن اختارها قلبُ طِلال وبعد سويعاتٍ قليلة جدًا ستُصبح زوجته.
انتهت من ارتداء ملابسها فابتسمت باتساعٍ وهي تتذكرُ أن طِلال رفض الذهاب للمَأذون دونها، حنونٌ هذا الوَلدَ كأبيها بالضبط، يا لِحظِّها به عروسه المُنتظرة، غامت عينها بحنوٍ وهي تُقِرُّ أن الله دائمًا ما يُرسِلُ رِجال عائلةِ مَنصور ليُنيرُوا دائمًا حياة شخصٍ ما، في الماضي كان هذا النور مِن نصيبها والآن هناك صبيةٌ جديدة سيُنيرُ أحد فرسان المَنصور حياتها بإذن الله.
❀•❀•❀
كان ينُاظِره بجمودٍ وبرودٍ شديدان مما جعل سراج يُثار أكثر ويغلي داخله بحقدٍ شديد ليُعمِّر سلاحه وبصياحٍ يضغطُ على الزِناد يليه أطلاقُ النار لرُصاصةٍ دقيقة أصابت الهدف بجدارةٍ ثم رُصاصةٌ أخرى اخترقت هدفًا مُختلفًا في جُزءٍ من الثانية ليخِرَّ المضروب بالنار أرضًا مُتألمًا صارخًا بحسرةٍ فهو لم يستطع انقاذها، لم يستطع حمايتها بل خسر حياته بطلقةٍ مُفاجِئة فِداءً لها!
تنفس أيهم بعمقٍ وما زالت يداه مُوجة لسِراج الساقط أرضًا يتلوّى من الألم.. الرُصاصةُ الأولى أصابت ظهر كفِّه فأسقطت السِلاح من بين يده والثانية أصابت قدمه فاختل توازنه وأرتمى أرضًا يصرخُ بحرقةٍ بينما يطقطِقُ أيهم رأسه ويُخرج هاتِفه ليُجيب الرقمِ الذي هاتفه قائلًا: ”أتصل بسيارةِ الإسعاف والشرطة“ ثم أغلق الهاتِف في وجه حارسه وأتصل بصديقه ورَفيقه هاتفًا: ”أين أنت؟“ ثم تابع بجمودٍ: ”لقد قتلتُ سِراج“ لاحق كلماته برفع عينيه لأعلى السُّلَّم الداخلي فيجد رودين هُناك واقِفة، تتطلعُ للسَّاقط أرضًا بقلبٍ دامي ودموعٍ تُلطِّخُ وجنتيها وعينيها.. أيهم قتل سِراج!
مرَّت أمام عينيها شريطُ حياتها بالكامل، تدليل سراج وحبه وافتتانها به ثم كلماتِه المعسولة ونظراته الناعسة الذائبة لها، لحظاتهم الحبيبة، همساتهم الدافِئة وتذمرُها الطفولي وخشونته التي لطالما أحبتها فخرج صوت بكاءها وهبطت السُليمات بانهيارٍ هاتِفة: ”سِراج!“
همستُها أحيت قلبًا وأماتت آخر، طعنت أيهم فأغمض عينه بغيرةٍ ولهيبٍ مُرٌّ كطعم العلقمِ، هذه زوجته تهلعُ لأجل آخر، تركضُ خوفًا على آخر!
أما عن سِراج ففتح عينه باسمًا بلهفةٍ وقد ألتفتَ بوهنٍ لها، تهللت أساريره بنصرٍ لرؤيةِ هلعها وخوفها الواضِحُ عليها فهمس مُتألمًا: ”رودي..“ وداخله ينتشي أكثر لأنه كان صادقًا، رودين لا تستطيعُ أن تُحبَّ غيره وكفى!
وقبل أن تصل إليه تذكرت رفضه لطفلها ثم مُعاملته المُتعاليةُ لها في آخر فترة لهما معًا بعدها زواجِه بالحقيرةِ ماهي ثم ضربه لها حتى دخلت المُستشفى وأخيرًا قتله لطفلها!
قتلتها الأخيرة فتجمدت خطواتها وقست عيناها بكرهٍ شديد لتهتف بحقدٍ وعنفوان: ”ما الذي أتى بكَ إلى هنا يا حيوان!“
فتح أيهم عينيه بقوة أثر سماعِه لجملته التي أعادت الروح لصدره وقلبه بعد أن كاد يقسم داخله أن يُطلقها ويرميها خارج منزله لو لمست ذاك الحقير فركض نحوها وأحتضنها برفقٍ هامسًا بصلابة: ”أخبرتُكِ أن تظلِّي بالأعلى لماذا خرجتي خلفي!“ فتطلعت إليه بعيونٍ دامِعة وهي تُحاول تهدِئة نفسها من الانهيار الوشيك هامسة بانفعالٍ وأنفاسٍ مُضطربة: ”سـ سمعتُ صوت الطلقاتِ النارية فخفتُ عليكَ!“
تهدرجت أنفاسُ أيهم فابتلع ريقه وهو ينظرُ لعينيها المُتلألئتين بالدموع هامسًا بخفوتٍ شديد ونبرةٍ مُتقطعة: ”الشرطةُ آتية، أصعدي لأعلى“
”لكن لمـ..“ وبُترت كلماتها!
في تلك الأثناء كان سراج يُطالعهم بحقدٍ مُضاعف وغليانٍ شديد، محبوبته وطفلته التي ربّاها بنفسه بين يدي رجُلٍ آخر يحتضنها أمامه كيفما يشاء!
حرك يديه بغضبٍ أعمى حتى وصل للسلاح المجاور له ثم وجهه نحوهما ليقول ببطءٍ وغلٍّ شديد: ”لن تكوني لغيري“
أطلق النار وهذه المرة وجهته كانت مُختلفة، كانت رودين.. صرخ أيهمُ صرخةً زلزلت جدران القصر نادى فيها باسم زوجته قائلًا: ”روديــــــــــن
أما عن سِراج فأغمض عينيه براحةٍ وهو يهمسُ داخله بانتشاءٍ مرضي: ”إن لم تكون لي في الدنيا؛ ستنتظرينني في السماء إذًا“.
❀•❀•❀
أثناء انتظارِه لها خارج المرحاض رنَّ هاتفة ليجد أيهم المُتصل فأجابه بتسليةٍ: ”سلامٌ من الله عليكَ يا عريس“ لكن أيهم استفسر بجمودٍ عن مكانه فأوجس وِضاء منه خيفةَ ليقول بترقبٍ: ”ماذا هناك؟“
وجملةَ أيهم التالية جعلته يهبُّ واقفًا هامسًا بفجاعةٍ: ”ماذا!“
في بضع لحظاتٍ صغيرة استجمع وِضاء شتات نفسه ورد بمهنيةٍ أثناء تغاضيه عن جهله بهوية ذاك المدعو سِراج: ”لا تتحرك من مكانِك سأتصرف“ ثم قال بتأكيدٍ: ”أنا قادِمٌ إليكَ
أغلق وِضاء الهاتِف ثم هاتف أحد رِجال الشرطةِ أصدقاءه قائلًا: ”مَرحبًا زياد..“ لكنه بتر حديثه عندما أخبره الشُرطِيُّ زياد أن حرّاس السيد أيهم راسلوه واستدعوه لجريمةِ قتلٍ وقعت في منزله، أومأ وِضاء بعمليةٍ قائلًا: ”أعلم ولهذا راسلتُك“ ثم تابع بجديةٍ وحزم: ”اسمع منه أولًا يا زياد أنتَ تعلمُ أيهم جيدًا وتعرفُ أنه لن يقومَ بهذا إلّا وقد حدث أمرٌ جلل، أيهم ليسَ قاتلًا ولا مُجرمًا
فأكد زياد قائلًا: ”لا تقلق وِضاء إنها محاولةُ دِفاعٍ عن النفس كما أن الجاني لم يمت فقد طلبوا له الإسعاف“ ثم تابع بتأكيد مُضاعف: ”تعلمُ جيدًا دقةَ أيهم في الرماية وأنه لا يُخطِئ الهدف أبدًا لهذا أجزمُ بأنه كان حذرًا في إطلاق النارِ لحظتها بالإضافةِ أن المُعتدي اقتحم بيت أيهم مُسلحًا وهذا يُضعفُ موقفه فلا تقلق سأهتمُّ بكل شيء“
أومأ وِضاء بخفوتٍ ثم قال بصلابةٍ وهو يجمعُ أشياءه: ”حسنًا زياد أنتَ تعلمُ مكانة أخي جيدًا فلن أُوصيك حتى أصل إليكم“
ثم أغلق هاتِفه لتخرج عفراه بخجلٍ ووجنتي مُحمرتين كالفراوِلةِ بينما عيناها الصافية تتطلعُ بعيدًا عنه وتبحثُ عن نِقابها الذي خلعته خارجًا قبل دخولِها المرحاض، اقترب وِضاء منها حتى وَقف أمامها ثم رفعَ نقابها الذي كان مُمسكًا به بين يديه أمام عينيها هامسًا ببعض الهدوء وداخله يحترقُ على صديقه: ”اغمضي عينيكِ“ توترت وارتبكت لكنها نفذت ما طلبه منها فامسك بالنقاب ثم ثبته حول عينيها واقترب منها أكثر حتى لامس وجهها صدره فعقد لها النقاب ومال برأسه جوار أُذنها هامسًا بصوتٍ أجش وهو يُغمضُ عينيه: ”طرأ أمرٌ عاجل وعلينا العودة“ ثم ابتعد قليلًا وهمس بندم: ”سامحيني على افساد اليوم“
طالعته مأخوذة بكل ما فعل، همساته كلماته واعتذاره والأهمُّ من هذا فِعلته وعقدُ النقاب بكل هذا الحنو!
ابتلعت ريقها واشتدَّ ارتباكها فقالت بخجلٍ وابتسامةٍ صغيرة: ”لا عليكَ، يكفيني رفقتُنا لتلك الساعات السابقة، لقد استمتعتُ حقًا
أرآد بقوَّةٍ تقبيل رأسها، احتضانها أو حتى أخذها بعيدًا عن كل شيءٍ وأي حدٍ لكنه أكتفى باحتضان كفِّها قائلًا بتضخُّمٍ في صدره: ”إذًا جاهزة؟“
أومأت فجذبها خلفه وقد عاد لواقعه تحتلُّ صورةَ صديقه أيهم مَجال رؤيته.
❀•❀•❀
”حقير قليلُ الأدب“ همست بغضبٍ وهي تنظرُ من مِرآة سيارةِ الأجرة له حتى ابتعدت تمامًا فعادت بعينيها المُتهجمة للأمام قائلة لسائق سيارةِ الأجرة: ”من فضلك يا حاج لا ترحل سأُحضرُ شيئًا سريعًا وأعود معكَ للحي الذي أخذتني منه“ أومأ الرجل قائلًا: ”تمام يا ابنتي سأكون في انتظارك على الطريق خارجًا
أومأت له ثم ألتزمت الصمتَ حتى وصلت فنزلت ودلفت بتوترٍ لحيها، سارت بتروٍ نحو منزلها، هنا كانت تلهو صغيرة وهناك خلف نافذتها الأرضية كانت تُشاهِدُ المارة أو الصبيةُ اللائي كانوا يلعبون الكرة، ابتسمت بحنو لتذكر والِدتها عندما كانت لا تملُّ من أسئلتها أو تعليمها أو الجلوس برفقتها أسفل النافِذة والحديث معًا لسنواتٍ طويلة حتى صارت شابة عاقلة فأفضت لها أمها بكل أسرارها، زفرت بحنين مُشتاق لتلك الأمُّ الغالية الراحلة ووصيتها القيمة والتي حوى ركنٌ منها أبغض الأشخاص لقلبها، انتفض قلبها الصغير عندما تحركت عيناها نحو بقعةٍ بعينها شهدت انتهاك خيّال بكلماته لها!
ابتلع ريقها بقهرٍ تتمنى القصاص منه، لا تصدقُ أنه بهذه البشاعة.. لا تصدق أنه من بين رجال الأرض أجمعين أقبل على أذيتها هي دون غيرها وحاول.. حاول.. أغمضت عيناها ببؤسٍ وهي تتجه لفتح باب منزلهم فسمعت صوتًا مَألوفًا يهتِفُ بتلاعبٍ من خلفها: ”عِطرُ الفاتِنة ما الذي ذكركِ بينا؟ ألبيتِ النداء بهذه السرعة!“ جملته الأخيرة كانت ساخِرة فاستدارت بغضبٍ لتتفاجأ بكونه نفس صاحب الرسالة التي وصلتها صباحًا فسألته بحدَّةٍ: ”مَن أنتَ؟“
ليُجيبها بجملةٍ تحفظُها عن ظَهر قلب: ”ربما هربتِ مني هذه المرَّة لكن في اللِقاء القادِم سأحرِصُ على اقتناص قُبلَتي منكِ“ ثم ضحكَ بخبثٍ وهو يقتربُ منها قائلًا: ”هناك وعدٌ قطعته لكِ من عشر سنواتٍ يا جميلة“
”ابتعد“ صرخت بغضبٍ وهي تُخرِجُ شيئًا من حقيبتها باتت لا تخطو خطوةً واحدة دونه وقبل أن ترشّه عليه كان هناك جسدٌ عضلي قوي يحول بينهما ويقفُ أمامها كدرعٍ حامي لها أمام وجه ذاك الحقيرُ البغيض الذي التزمت منزلها فترةً جيدة بسببه ولم تخرج منه إلّا نادرًا وبصحبةِ والِدتها!
”كيف تملكُ جرأةَ النظر لما يخصُّني؟“ ثم لكمة وثانية تليها ركلتين بغلٍّ حارق قضت على الشاب تمامًا وحطمت كل عضلةٍ في جسده حتى انهار أرضًا يصرخ من الألم والدماء تسال من وجهه فالتفتت الكتلة العضلية نحوها وجذبتها خلفها من كم فستانها بخشونةٍ فهي أطهرُ مِن أن يلمسها بيده، انتظرت حتى ابتعدا قليلًا ثم جذبت كفها منه بغلظةٍ قائلة بغضب صائحة: ”هل تلحقُ بي؟“
ليصيح هو الآخر فيها هاتفًا: ”هل أنتِ مجنونة؟ لماذا أتيتِ إلى هنا؟ ألم تكن والِدتُكِ تُوصيكِ بالرحيل عن هذا الحي المشبوه للأبد وعدم العودةِ إليه أبدًا!“
لم يكن يسألها بقدر ما كان يُقِرُّ واقعًا نسته أو تناسته في خضم مشاعرها فتطلعت في عينه المُحمرّة بقتامةٍ وكأنها للتو عاد إليها وعيها: ”لماذا جئت إلى هنا؟“
اختلت انفاسه وزادت نبضاتُ قلبه بعدما طال صمته وهو يُطالِعها بنظراتٍ عميقة ينبضُ بها الندمُ والأسف فاستسلمت قبله من حرب النظرات هذه وقست نبرتها لتقول بحقدٍ نابعٍ من صميم قلبها: ”لستَ أفضل منه حالًا
شحِبَ وجه خيّال وتعرَّق جبينه، هل تعرَّفت عليه؟
هل تتذكره!
رغم أنها صرخت داخلها: ”أنتَ أيضًا مُتحرشٌ حقير“ لكن لسانها لم يستطع إلّا أن يهتف قائلًا: ”لا تُخبرني أنكَ مُنزهٌ عن الخطأ يا سيد خيّال!“
رغم أنه زفر بارتياحٍ كونها لم تتعرف عليه إلا أنه ما زال السيء في عينيها، يخجلُ مِن نفسه أمامها، الكرهُ في عينيها يطعنُ قلبه بخناجر مسمومة تُلهِبُ صدره، استدارت عطر ورحلت بشموخٍ وكره مُتجهة لسيارةِ الأجرة التي تركتها مصفوفةً على طرف الطريق ثم ركبتها قائلة بشحوبٍ للسائق: ”لنعود من فضلك“
تحرك السائق بينما نظرت هي في مِرآة السيارةِ لتجد خيًال ما زال واقفًا مكانه هناك فتنغصت ملامحها وهمست داخلها بتقززٍ: ”يُريدُ ارتداء ثوب الشهامةِ والنخوةِ أمامي وقد رأيتُ منه قذارة روحه وبشاعتها!“
عقدت زراعيها أمام صدرها مُتأففةً بتعكُّر: ”ثلاث حُقراءٍ في يومٍ واحد، يا للحظ!“
ابعدت عيناها عنه وقد شغلها حقيرٌ آخر مثله، لقد عاد رامي قائد عصابةِ المنطقة وتاجرُ المخدرات الأكبر في حيِّها!
❀•❀•❀
”ماذا أفعلُ الآن سيدي؟“ همس الرجلُ بتلعثمٍ فأمره خيّال بنبرةٍ مُظلمة: ”كما أنت، ابقى خلفها واخبرني بأي شيءٍ يمسّها
أومأ الرجلُ وخرج فتساءل خيّال بغموضٍ لماذا يُرسلُ والِده خلفها؟
ولماذا أرسل ذاك الحقير صخر بالذات!
ازدادت ظلمةُ عينيه وجملتها الأخيرة تتكرَّرُ في رأسه حتى مات قلبه وفرَّ اللون من عينه لتُصبح عيناه باردة جامدة فاتجه لسيّارته وجلس خلف المقود يفكرُ بعمقٍ حتى قطع تفكيره اتصال هاتفه فامسك به ليجدها تاج.. أجاب الخط ببرودٍ فوصله صوتها الحاد يهتفُ بجديةٍ: ”أينَ أنتَ خيّال!“
لم يجبها فزفرت بحنقٍ وصاحت غاضبة: ”عد بسرعة هناك أمرٌ هام“
فهم مقصدها فتجعدت ملامحه ليقول بسوادٍ قاتم ازداد حتى بلغ مُنتهاه: ”في طريقي إليكِ“.
❀•❀•❀
استيقظت لتجد نفسها في مكانٍ أبيض شاحب وعلى عينيها غمامةٌ بيضاء تحجبُ عنها جزءً كبيرًا من الرؤية، حولها أصواتٌ مُشوَّشة بعيدة ومَألوفةً نوعًا ما، أغمضت عينيها ببطءٍ وإرهاقٍ ثم فتحتها مُجددًا لتتساقط قطرتان من كِلا العينان زحفا من طرف عينيها وصولًا للوسادةِ الطِّبية أسفلها، بدأت تعود لوعيها والأصوات من حولها تتضح: ”وتغارُ عليها؟“
”متى حدثَ كلُّ هذا؟“
”لا يُهمُّ هذا الآن“
أنتَ تخون صحبتنا يا طِلال!“
طِلال!“ كانت تلك همستُها المستغيثة المُتوجعة التي جعلت المُمرضة تنتبه لها فتُهرول نحوها وتقترب منها هامسة بسعادةٍ: ”استيقظتِ!“
”حور“ همست غالية بدوارٍ شديد فركضت المُمرضة لتُنادي الطبيبةَ ومَن ينتظرانِ المريضة بالخارِج.
❀•❀•❀
كان يشعرُ بوجعٍ خفيفٍ في قلبه جعله غيرَ مُطمَئنٍ أبدًا فإحساسه لا يخيبُ أبدًا، استنشق قدرًا كبيرًا من رائحة البحر المنعشة والمُحملة برائحةِ يود البحر العبقة، رفع بوجلٍ عيناه للسماء يُناجي المولى عز وجلَّ بصمتٍ بينما سند منشغلٌ في قيادة القارب ليُقاطعهما رنينُ هاتف الأول، فتح أدهم الخط بسرعةٍ وقلقل فأجابه حارِسُ الأمن بارتعاش: ”ألحقنا يا سيد أدهم“ ثم تابع بارتباكٍ وتوتر كأنه صبيٌ صغير لا يُجيدُ التصرُّف: ”نحن في مُستشفى السيد أيهم التخصصي“
مـاذا!“ والصرخةُ المُستنكرة من أيهم بثَّت الرعب في قلب سند ليلتفت إليه برهبةٍ فاستلم أيهم دفّة القيادة وغيَّر وجهةَ القارب ليعود لأقرب يابسة وهو يصيحُ بقوة: ”ماذا حدث؟ هل أنتم بخير!“
فكاد الحارسُ أن يبكي وهو يهتفُ مُبتلعًا ريقه بتلعثمٍ: ”هُوجمت الفيلا بطلقٍ ناري صباح اليوم سيدي“.
❀•❀•❀
”وعليكم السلام مَن معي؟“
”لا يُهمُّ مَن معكَ يا طبيب المُهم أني أُريدُ لقائكَ لأمرٍ هام“ همست سيرين بجمودٍ وبرودٍ فسأل وائل باستنكارٍ: ”أي أمرٍ تُريدينني فيه!“
ابتسمت بقتامةٍ ثم قالت بخبث: ”كحقيقة أرملةِ أبيكَ مثلًا ومَن يُساعدها في الخَفاء..“.
❀•❀•❀

السلام عليكم يا حلوين اشتقتلكم جدًا واللهِ 🥺💛
اخباركم إي طمنوني عنكم؟
عارفة أني أتأخرت جدًا بس واللهِ كان عندي مُشكلة في النشر بالإضافة أني أخدت دور مرض جامد مكنتش بتحرك من السرير بسببه بس الحمد لله بقيت أفضل كتير والمُشكلة اتحلت فقولت لازم أنزل الفصل أول حاجة 💛💛💛💛💛💛💛💛💛

أنا زودت الفصل واللهِ 😂 بس برضو عارفة أنه صغير على الغياب بس بإذن الله نعوض 🤍🤍🤍🤍
تتخيلوا إي مُمكن يحصل مع كل ثنائي 👀؟
وحشني تحليلكم وتعليقاتكم على الرواية واللهِ 😍😍😍❤
دُمتم بود يا أحبابي 😚💛
قراءة مُمتعة

منى علاء شاهين
الجيش الأزرق Blue army 🌍💙

استوصوا بالحبيب غزلًا "للكاتبة منى علاء شاهين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن