29

663 73 63
                                    



بَعد أن أختِرقَ ذَلِك الصَوتُ مَسامِعهُ
مُسبِبٌ بأضرِام الصَواعِق فِي قَلبهُ الَذي بَات يَنبضُ بِوحَشيّة

أغمِض عَيناهُ بِقوة
يَخشِى الألتِفات خِوفاً مِن أن تَكُن هَلاوسِاً أيَضَاً
أعتِصَر الأسوِارَة بَين كَفِهُ
هِو يَقف بِصعوبَة
فَقد أختِلَ تَوازنهُ بالكامِل

يَصرِخُ عَقلِهُ مِن تَناطُح الأفكِار يَمينَاً وشِمالاً بِطريقةٌ مُظلمِة داخِل رأسِه
ويَنوحُ مُطالِباً أن يَقطِع حَبلُ تَفكيره فيمَا يَحدث
يَخبرهُ بأنِها هَلاوِس مُجدِداً
وأن لا يُطيع قَلبهُ مُجدِداً فَيعودُ بِخيبةٌ عارِمَة

ولكِن عَبثاً يُحاوِل ، فقَلبهُ كَان المُنافِس
يَندِفع بِلا مُقاوِمة للألتِفاتُ شَيءً فَشيء
وهُناك صَوتٌ يُخبرِه
بأنِها حَقيقة أخيرَاً

تَنهِد ثُم ألتِفتَ بِبُطىء بَينما يَنظِرُ للأسفَل
لَمِح هيئةٌ ناحِلة وكَأن الاحزان أكلّت مِنها
أرتِفعت أنظارِهُ نِحو وَجهُها

مُتعب ، مُرهِق ، ذِو هَالِات حَمرِاء مُنهِكة
شَعرٌ قَصير !
نِظرةٌ عَميقها يَتخبِئ خَلفُها أرهِاق السِنين
هُناك بِقعةٌ تَهلِكُ مابِقى مِنها مِن أشلّاء
لَمحَ نِظرةٌ
تَحمِلُ عُبء الزَمِان
هُناك ظَلمةٌ حالِكة تُطفئ بَريقُها

كَانِت عَيناهِا دامِعتين وكَأنهِا السَماء حينَ تَرعِد
وِجهُها مُتعِب ومُنهِك

كُل شَيء يُشير إلى انِها لَيست يونجسِو الِتي عَهدِها
عَكسُها تَمامِاً
عَلى الرُغِم مِن جَمالُها الَذي يَسودُ المِلامِح
إلا أنِها كَانِت مُرهِقة
وكَأنُها سَجينٌ بَريء خَسِر حَياتهُ فِي الزُنزَانة

لَم يَستَطِع كَبحُ نَفسِه
هِو لا يَعِ ما يُفكِر بِه حَتى !
كُل الأصوِات المُزدحمِة داخِلُ رأسِه
أصبحت هادِئة حينمَا ألتِقت عَيناهُ بخاصِتُها
وكَأن العالِم بِذلِك الهِدوء

Again | I.Nحيث تعيش القصص. اكتشف الآن