أهلُ الحبّ مساكِين!

27 0 0
                                    

..

في البداية
"هو صحيح أهل الحُب مساكين!"

. .
.
.

لستُ متأكدةً تماماً إذا يمكنُني حقّا الإطلاق عليها أنانيّة منّي لكن حَجمُ التّفكير المهوّل الذّي يفتكُ بي ضخمٌ ومخيفٌ جدّا ..
هو صحيحٌ نحبّ لأن الحُب بدون أي كلام كثير هو أعظمُ ماقد يحصلُ في حياة الإنسان، لكنّه من الممُكن جدّا حتّى في كثير من الأحيان يتحوّلُ لجحيمٍ مسعُور يأكلكَ، يُنهيك ..
لا يتركُ لك منكَ أيّ شيء!

قرأتُ للتّو عبارةً عبّرت بشكلٍ قويّ بل وصفت ما أكون به وأنا أحِبّ!
بكل قوّة، وبكلّ جمالٍ أيضاً .. جمالٌ حدّ التّعب.

وتقول هذه العبارةُ الخفّاقة:

«الحبُ نشاطٌ؛إذا أحببتُ، فإنّي أكون في حالة دائمة من الاهتمام بالمحبُوب. والمقصود بالنّشاط هو النّشاط الباطنيّ؛ أن يكون الإنسان نشطًا في الفكر والشعور وعيناه وأذناه مفتوحتَين. فالقُدرة على الحُب تتطلّب حالة من اليقظَة والحيويّة الدّائمة.»

تبدُو في معناها أنه شيء جميلٌ للغاية، بل ساحر جدّا يسلبكَ حالةَ السّكون الّتي من الطبيعيّ أن تتمتّع بها!

لكن عند التّعب، تبدو متعبةً جدّا ..
بدَت لعقلي بل أنا أشعرُ بهذا، فرطُ نشاطٍ حادّ بكلّ خليّة من خلاياي ومن دون راحة، فكم يُمكنني الصّمود!؟

لا يمكننا البقاء مفتوحِي الأعين، لكن الحبّ يضعُ لكَ لاصقاتٍ علىٰ أجفانكَ حتىٰ تبقى أعينكَ مفتوحة، هو صحيحٌ أن الأمر لا يمثّ للإجبار بصلة .. لكن حتىٰ وأنتَ سعيدٌ للغاية لا يمكنكَ البقاء مفتوحَ الأعين!
ستتعبُ، عيناكَ ستتعب جدًا!

حالةٌ من اليَقظة والحيويّة الدًائمة كافية لجعلكَ مجنوناً للغاية، مثل سماعِ أسطوانةٍ صخبةِ الصوت دون توقّف، وحتّىٰ وأنتَ سعيدٌ للغاية ستتعب، أذناكَ ستتعبُ جدّا!

جسدٌ يقظٌ، لهِف، متأهّب طِوال الوقت، طِوال الأيّام، طِوال الشُهور ..
حتّى وهو سعيدٌ سيتعب .. سيتعبُ جدّا!

لكن لا يمكنُ تجاهل قدرِ السّعادة الملفُوفة داخل هذا النّشاط، تُشبه المخدّر ..
فلا تشعرُ بتعبٍ من الأساس!
لكن في الحقيقة أنتَ تتآكلُ من الدّاخل!
تتآكلُ في كلّ تلك اللّحظات الّتي قُوبلَ فيها فرطُ نشاطكَ بخمولٍ قاتل!
تتألّم في كلّ تلك المشاعر اللًامعة والّتي يجيؤُها الرّد باهتاً للغاية!
تنتهي في كلّ ذلك الاهتمام المتلهّف حين يُقابل بالهدرِ كشيءٍ لا داعٍ له أبداً!

وهكذا ..
تمُوتُ إثر جرعةٍ زائدةٍ النّشاط.

والويلُ لكَ ..
لم تسمح لنفسكَ بالنّوم قطّ!
أنتَ الآن بروحٍ خاوية، وجسدٍ معطُوب أيضاً ..
وبصوت السّت تذكر:
"هو صحيح أهل الحُب مساكِين
والعاشقين ذابُوا ما تابُوا، ذابُوا ما تابُوا!"

.
.
.

طويلةُ العنق

خواطر طويلة العنق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن