ماذا لو بكَى البهلوان !*

192 4 0
                                    

"واحد، اثنان، ثلاثة . . "
. . .
"مرّة ثانية؛
واحد، اثنان، ثلاثة . . "
. . .
"محاولةٌ أخرى؛
واحد،اثنان،ثلاثة . . "
. . .

"تبّا، لا فائدة . . !*"
. . .

شظايـَا زُجاج متناثرة . .
قطراتٌ دمٍ ثائر . .

زحمةُ أفكار . .
وفيضُ ذكرياتٍ هائجة . .

مسمعُ صوتٍ منتحِب . .
وبقايا مسَاحيق باليَة . .

. . .

كانت أصابعي تحاولُ رسم بسمةٍ على وجهي الباكي، والملوّن، وبشفتَين قاتمة . .
أعدّ حتّى الثّلاثة، ثمّ أغالبُ شفتيّ المقوّسة حزناً،
لا أدري ما خطبها اللّيلة . .
تأبى الابتسامة !*

أردّد العدّ والمحاولة، ولا طائلَ يُرجى . .
اجتاحتني الذّكرى، ودوهمتُ بالماضي الذّاهب . .
لا سكُوت لذلك الصّوت . .
صوتٌ أشبه بالنّحيب القاتل . .

"توقّف !
أرجوكَ توقّف . .
كفى صراخاً، لم أعد أستطيع !*

من غير المُمكن دون أن أفعلها . . !
ثمّ أصبحتْ أمامي شظايا مكسورة . .

.
.
.
.

أمام تلك المِرآة، وذلك الانعكاس . .
تنحبسُ أنفاسي، وأنتزعُ كُرة أنفي الحمراء . .
تسيل سياجاتُ عينيّ السّوداء، ولا بدّ من تلاشٍ لكلّ تلك المساحيق الملوّنة . .

أبكي، أنتحبُ، وأصرخْ . .
وكياني عليها يضمحلّ سوءاً، وورعاً . .

إنّها المِرآة مجهولةُ العدد . .
ضحيّة البهلوان التّعيس . .

ضاحكُ المبسمِ، لهيفُ الجَنان . .
مزوّقُ الملمحِ، مشوّه الوِجدان . .

.
.
.
.

أضواءٌ ساطعة، هتافاتٌ صارِخة . .
أعينٌ لامعة، أفواهٌ ضجّة . .
أجواءٌ حماسيّة . .
ومقدّم سيركٍ يعلنُ ولُوج البهلوان . . !*

. . .

لم أكترث لملامحي المُهترئة، وانتصبتُ فوق الخشبة بثيابَ مزركشةٍ رثّة . .
رحّب بحضوري المأساويّ جماهيرٌ، وجماهير . .
طفحتْ ملامحُهم ضحكا،
ً وأنا الّذي لم أبدأ بعد !*

بحذاءٍ أحمر طويلٍ عثّر مشيتِي، كنتُ أترنّح . .
ويبتسمُون . . !

خواطر طويلة العنق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن