الفصل الثاني والعشرون

67 5 1
                                    


ظلت ليلى جالسة في مكانها على الأريكة بعد رحيل المأذون والشهود ..
وقف سليم عند الباب يتأملها بحزن .. لم يكن هذا ما توقعه وحلم به عن ليلة زفافهما ..
أرادها عروس سعيدة تنتظر تودده إليها بلهفة
وسعاده لا أن تجلس وكأنها في انتظار حكماً
بالاعدام .
لوى شفتيه بمرارة ثم تمالك نفسه واقترب منها وجلس بجوارها ..... أنتفضت مبتعده
عنه فوضع يده على ذراعها يمنعها من الابتعاد
وهمس في أذنها بعشق وقلبه يخفق تأثراً ..
كان هذا غريبا عليه يجريه لأول مرة ..
- بحبك
ثم وضع فمه على شعرها وقبلها برقة فشهقت
وكادت أن تبكي ولكنها تمالكت نفسها حتى لا
تغضبه .. فقال بحنان حزين :
- متخافيش .. انا مش حجبرك على اي شئ يا
حبيبتي .
رفعت وجهها إليه بلهفة
- انت بتتكلم جد ؟!..
مسح وجنتيها برقه عيناه تجولان على ملامحها الجميلة بنظرة شوق لم يستطع
اخفاؤها
- ايوه بجد ..حأديكي كل الوقت اللي يكفيك
لغاية ما تتعودي عليا.
ثم طوقها بذراعه وهو يدفن وجهه في شعرها
- انا مش حقرب منك الا برغبتك انتي وده وعد مني .
لكنه في الحقيقة لن يتوانى عن محاولة اغواءها .. وأقسم أنه سيجعلها تأتي إليه
راغبة وقريباً جدا .. فهو في شوق كبير
اليها ولن يكفيه العمر كله كي يطفئ نيران
شوقه .. وتابع قائلا
- كفاية انك تكوني بقربي .. ملكي .. لا يجرؤ أي حد أنه ياخذك بعيد عني .
ظل يحتضنها ويهدهدها كطفل صغير ..  وسحب مشبك شعرها و جعله ينساب على ظهرها وراح يمسح عليه بحب وهو يقول:
- شعرك يعجبني .. هو عكس شخصيتك ..
هو ثائر ومتمرد  .. لكن انتي .. انتي زي الميه
الرايقه .. صافية القلب والنية .. متتصوريش مدى سعادتي انك بقيتي ليا لوحدي .

غامت عيناها وهي قابعة في حضنه.. تخشى أن تبتعد فيغضب .. فكانت شبه مستسلمة لما
قد يفعله بها ولكنه وعدها أن لا يجبرها على شئ وهي تصدقه فهو لم يحاول فرض نفسه
عليها منذ أن وجدها .

صوت جرس الباب اجفلها وجعل ذراعي سليم
تشتد عليها وقال بضيق
- مين اللي جاي دلوقتي ؟!..
ابتعدت ليلى عن ذراعيه ولم يمنعها ووقف ليرى من القادم .

*************

أنها تتجاهله عمدا ..
تختفي من اي مكان يظهر فيه..
فقد دخل فهد عابس الوجه إلى غرفه الجلوس
الملحقه بحجرة نوم والدته وكانت تجلس والدته وبيدها فنجان قهوه تشربه بهدوء وسألته ؟
- ماذا بك ؟
قال يتشدق
- لا شئ.. أشعر بالملل .
- ولماذا لا تخرج أو تذهب للعمل .. لم أعتد على جلوسك في البيت هكذا .
وضع كفه في جيب سرواله وقال
- مازلت في إجازة ولا اشعر بالرغبة في الخروج.
نظرت إليه بتمعن مستغربه من توتره وقالت
- انت واختك تبدوان في حالة غريبة .. لا اعرف ما الذي حدث بينكما .. أخشى أن تنتكس حالتها مرة أخرى وتكون أنت السبب.
قال بحنق
- اعتقد اننا يجب أن نتركها تواجه واقعها وحدها ونكف عن تدليلها .. أنها تلجأ لنا باستمرار بسبب ما مرت به وتنسى أنها هي من تسببت بكل هذا لنفسها .
سألته أمه بتردد
- وماذا عن ادهم .. كانت تأمل أن يعود إليها و.....
قاطعها فهد بحده وقد زاد حنقه عند ذكرها لأدهم :
- بالله عليك يا امي .. لا اعرف كيف تفكرين بأنه سيقبل بها بعد ما فعلته به .. وانتي تعرفين جيدا مدى قسوته .
اعترضت أمه قائلة
- أنه رجل جيد وصديقك المقرب .
- ولكنه لم يعد يحبها وأستطيع أن أؤكد لك أنه وقع في حب فتاه أخرى وجميلة تعلم ذلك
يجب عليها الآن أن تتخطى حبها القديم وتفيق مما هي فيه .
هزت رأسها ايجابا بأسف
- معك حق .
سألها بعد تردد ..
- سيلين ليست هنا ؟
ابتسمت أمه بمكر
- لم تدعوها بسعير .
- حتى لا تغضب ..فهي ...
قاطعه دخولها من الباب باندفاع قائله
- خالتي .. انا ذاهبة .
استدار فهد إليها ووقف مندهشا مما رآه وقد الجم لسانه ما شاهده..
كانت ترتدي ثوب احمر ضيق وقصير جداً أظهر تناسق ورشاقة جسدها الذي كانت تخفيه داخل القفاطين المغربيه التي ترتديها
بإستمرار .
انتبهت سيلين لوجوده فشهقت بغضب
وهي تضم معطفها لتخفي جسدها عن عينيه الجائعه وهبت في وجهه كالقطه
- إلى ماذا تنظر يا قليل الادب ؟ .. ألا تخجل
من التحديق بي هكذا ؟
افاق فهد من صدمة رؤيته لجمالها واحتقن وجهه من سبابها له وسألها بحده وهو لا يتخيل أنها ستخرج هكذا :
- إلى أين انتي ذاهبه هكذا  ؟
- إلى اللقاء يا خالتي .. لن اتأخر .
ثم استدارت وخرجت من الغرفة مارة بجواره كأنه هواء ..  وقف فهد للحظات ينظر في أثرها بذهول ثم استدار وسأل والدته بغيظ :
- اين هي ذاهبة بهذه الملابس ؟
حاولت أمه أن تداري ابتسامتها لكن عيناها فضحتها وردت قائله
- وما هو وجه اعتراضك على ملابسها ؟ .. جميلة تلبس مثلها ولا تهتم لذلك .
احمر وجهه بشدة واسرع الي النافذه ليرى سيلين وهي تركب السيارة في المقعد الخلفي وقد أغلقت معطفها الطويل حيث يخفي ما ترتدي تماما .. لكنه يعلم ما ترتدي تحته ..
تحرك السائق بالسياره وظل يتابعها بغيظ إلى أن خرجت من البوابة واختفت .. واستدار إلى أمه وقال بعصبية
- جميلة كبيرة وناضجة ولكن هذه الفتاه مازالت صغيرة جداً لترتدي مثل هذه الملابس .
ثم صمت ليبحث عن شئ مقنع يقوله وتابع :
- بالله عليكي .. كيف تسمحين لها بالخروج وحدها هكذا ؟
- لم تتمالك أمه نفسها وضحكت مقهقه بصوت عالي وقالت :
- لا تقلق .. اليوم حنة ابن خالك .. وهي ليلة
الفتيات فقط .
لم يهدئ هذا الكلام ماكان يشعر به
- ولو .. ذلك السائق مازال شابا .. كيف تخرج معه بمفردها ؟!
- وهل ستغار عليها من السائق ؟
بهت وجه فهد وقال معترضا:
- اغار  .. اغار على هذه السليطة اللسان ! انا لا اطيقها .. لا يمكن أن يطيقها أحد .
تنهدت أمه وقالت
- لماذا لم توصلها انت بنفسك ؟
رد بضيق شديد
- لم تكن لترضى .. أنها تتجاهلني تماما كما رأيتي .. ولا تتذكرني الا عندما توجه لي السباب فقط .

بحر الاحزان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن