27

21.5K 1K 114
                                    

استدار لينكون نحو السيارة دون أن يودع أمديس بأيّ كلمة، القى نظرة عليّ لأستشعر دهشته التي أخفاها ورسم الجمود بكل براعة ليركب السيارة وينطلق بها. أظنه لاحظ ارتجاف جسدي وفكي استعداداً للبكاء، لم أعد أستطيع تمثيل الصلابة أكثر، أنا أضعف مما أبدوا عليه بكثير.

أتعلمون ما هو الأمر الأكثر إيلاماً من الظلم؟... الشعور أنك لا تستطيع فعل شيء بشأن ذلك. لم أترك حيلة إلا وفعلتها، لم أترك فكرة إلا وطبقتها، لكنه فقط أقوى مني وهكذا لم يتبقى لي سوى الانهيار.

بدأ صوت بكائي يرتفع تدريجياً حتى تحول لصراخ، وضعت يداي المرتجفتان على وجهي ولم أكابد عناء محاولة كتم صوتي أو إيقاف بكائي فذاك هو الشيء الوحيد الذي سيخفف حجم الألم بداخلي. توقف لينكون بالسيارة بعدما خرجنا من ذاك الكهف ليفتح باب المقعد أمامي، حاول التقرّب مني لكني التصقت بالنافذة رافضة أي تلامس بيننا، عاند ليجذبني من معصمي له فطاوعته، لم يبقى شيء لأعاند من أجله.

-"أقسم أن الأمر ليس كما تفكرين، أنا آسف بشأن كل هذا الألم حبيبتي".

ردّد تلك الكلمات وهو يعصر جسدي في أحضانه محاولا تخفيف ارتجاف أطرافي لكن عبثاً:

-"أنا أحتاجهن".

قال كلماته التي اخترقت قلبي ببطء كسيف صدئ لتزداد حدة بكائي أكثر.

-"توقفي عن هذا أرجوكِ لم أقصد ما تفكرين فيه، أحتاجهن لتأمين المملكة وليس كما تظنين".

كان يقول كلمات كثيرة ظاناً أنها ستهدئ من روعي لكني لم أكن أسمع إلا ما يضرّني، بدأت أشعر بصداع رأسي ونبضه، خففتُ من حدّة بكائي بسبب الإرهاق وليس بسبب كلماته كما يظن.

عدتُ إلى رشدي بعد لحظات... كيف أبكي ظلمه في أحضانه، يبدوا أن الصدمة أوقفت عقلي لوهلة. نفضت ذراعيه من كتفاي بعنف، حاول جذبي مرة أخرى لأطلق سراح صرخاتي وكل الشتائم التي تعلمتها في حياتي، حاولت لكم وجهه لكن كان المكان بالداخل صغيراً لذا اكتفيت بصفعه وضرب كل إنش استطعت الوصول له من جسده، خرج أخيراً ليعود لمقعد السائق ويستدير إليّ قائلا:

-"أنا أستسلم سارة... لقد ربحتِ، أعدكِ أنه وخلال مدة لن تزيد عن ثلاثة أشهر أنكِ لن تجدي محظية... لن تجدي عاهرة واحدة داخل منزل القطيع، لن أكون إلا لكِ، اصبري قليلاً بعد... توقفي عن البكاء أرجوكِ فأنا لم أعد أتحمّل رؤيتكِ تتألمين".

كنت أبكي لكني توقفت عند آخر كلماته ليجتاحني الغضب مجدداً، استعملت كلاًّ من يداي ورجلاي للوصول لجسده وضربه، يجدر بك ذلك أيها السافل اللعين، فلتحترق أنت ومملكتك كما حرقت قلبي. أغلقتُ جفوني بعدها من شدّة التعب أهرب من حياتي وواقعي الجديد، واقع أنني تحت رحمته.

.

.

.

استيقظت بعد فترة على اهتزاز السيارة، لا نزال على الطريق. اعتدلتُ في جلستي لأشعر بعيون لينكون ترمقني باهتمام من على المرآة، أبعدتُ وجهي عن مجال نظره لأحدق في الطبيعة من خلال النافذة بينما دموعي تنهمر دون إذن وبصمت. خرجتُ من شرودي في الفراغ بعد وقت طويل على أطلال منزل القطيع، لقد وصلنا، لكن عليّ قول كل ما أريد قوله قبل أن تتوقف السيارة:

My Pet Wolf ذئبي الأليف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن