عاد لأرض الوطن!

440 18 2
                                    

كانت تقف تُحدق في القهوة بتركيز تخشى أن تفور و يُفسد مزاجها في اليوم التي تنتظره من أسبوع لأخر..
يوم أجازتها.

-مُضيّ!
تحدثت مُضيّ و لم تُزيح عيناها من على القهوة: أستني يا ماما بالله عليكِ القهوة لو فارت هقعُد متنكدة اليوم كُله.
أبتسمت نور والدتها بسُخرية: تفور ولا تو|لع ركزي معايا، داوود أبن عمك صالح راجع من إيطاليا النهاردة و العيلة هترجع تتجمع تاني بليل.
نظرت لوالدتها بصدمة صارخة بتفاجئُ: إيه!
و بمُجرد أن أبتعدت عيناها عن القهوة حتى فارت لتنظُر لها بخيبة و هي تمسح على وجهها بضيق و تفاجئ.

____________________________________

توقفت ميار عن تصفُح الهاتف و هي تنظُر لهُم بصدمة قائلة: أزاي دا؟ أزاي داوود هيرجع و مش هنقول لـ لينة حاجة؟
تحدثت مروة والدة ميار و هي تتأكد أن لينة التي تقبع بالغُرفة المجاورة لم تستمع لهُم: وطي صوتك يابت أنتِ، أه هنروح و مش هنقولها أنه هيكون هناك أنتِ عارفة أُختك لو عرفت مش هترضى تعتب شقة جدك، و أنتِ برضوا عارفة جدك هيبقى عامل أزاي و هيحصل مشاكل أكتر من إللي حصلت زمان..

أكملت مروة و هي تُحاول أن تقنع نفسها بحديثها: كمان ما أُختك خلاص أكيد نسيت داوود، الكلام دا من خمس سنين يعني كانوا لسة عيال.
نظرت لها ميار بسُخرية قائلة: أما نشوف نسيته فعلًا و دي حوارات عيال ولا لأ.
تنهدت مروة و هي تدعي ربها أن يمُر اليوم عليهم بسلام.

____________________________________

أطلقت والدة داوود زغروطة سعيدة بعودة أبنها البِكري بعد غياب طال لخمس سنوات.

همس أبنها الأصغر لأبيه: دا لو راجع من الحِج مش هتزغرط كدا.
سمعته هاجر "والدة داوود" لتقُل بغيظ: أتلم يا بحر، دا بدل ما تفرح أن أخوك راجع من السفر.
وقف بحر قائلًا: فرحان والله بس هو أنا لازم أزغرط يعني علشان أثبتلك فرحتي؟
تحدث صالح بعد صمت: الحمدالله أنه راجع، دا غيابه طال والله و من ساعة ما سافر كل حاجة راحت حتى لمة العيلة.
شردت هاجر في ما حدث مُنذ أن سافر أبنها ليقُل بحر مُحاولًا أن يبتسم: خلاص يا حج كُل حاجة هترجع زي ما كانت، بدليل أن أهو رجعوا يتكلموا على جروب العيلة و جدو هيجمعنا تاني النهاردة.
تنهدت هاجر لتقُل بثقل: ياريت كُل حاجة ترجع فعلًا، و لو أني أشُك.

____________________________________

في عُمارة في "وسط البلد "..

كان يجلس على الكُرسي أمام الشُباك و بيده القيثارة يعزف عليها و هو يُغني باللغة التُركية بإتقان:
‏| sen yokken ne gece ne de gündüz, Ne ay var ne tek bi' yıldız
‏ Her yer karanlık ve ıssız, göremiyorum ..
"عندما أنت لا تكون موجود لا يوجد نهار ولا ليل
ولا يوجد قمر ولا حتى نجمة واحدة، كل مكان مُظلم و مهجور ولا أستطيع الرؤية" |

أكمل غُناء بتمعُن و هو ينظُر لقطرات المطر البسيطة المُتساقطة على زُجاج النافذة حتى رن جرس الباب، نظر للباب لدقائق ثُم أخفى رسمته التي كان يُكملها قبل أن يبدأ بالعزف.
فتح الباب ليجدها أمامه تبتسم له بلطافة كعادتها تُحمل في يديها الطعام المُفضل لهُم، ليبتسم لها هو الأخر و هو يُفسح لها الطريق لتدلُف.
تحدثت بمرح و هي تجلس على الأريكة: كنت معدية عادي لا بيا ولا عليا و لقيت في وشي مطعم بيتزا، قولت والله يا بت ناريهان لازم تجيبي من هناك و تعزمي نوح علشان تذليه بعدين.
ضحك لها بهدوء و هو يذهب للمطبخ قائلًا: طب أقعُدي و أنا هروح أجيب الأطباق.
أبتسمت له و هي عيناها تدور في الغُرفة حتى وقعت عيناها على رسمته المُغطاه لتقُل بصوت عال حتى يسمعها: أنت رسمت رسمة جديدة؟
أتى هو و وضع الأطباق على الطاولة ليأخُذ الرسمة يُخفيها بعيدًا عن عيناها، تفهمت هي فعلته لتقُل بهمس بعدما تنهدت: ليل تاني يا نوح!

- أضغاث مُضيئة -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن