بيت مُصطفى هاشم / في الثالثة عصرًا..
كانت تقف لينة و يديها مُلطخة بالطين أثار صُنعها للتماثيل و لا شيء يصدح في الغُرفة سِوى صوتها و هي تُغني مع عايدة الأيوبي بشوق.
_ إن كان للحبيب حبيب تاني،
أنشغل قلبه بحبيب غيري..
نسي كلامه الأولاني ...
كان أهون عليا لو كان قالي!
أكملت عايدة الغناء بينما هي لم تُكمل، بل ظلت صامتة، دموعها تنزل بهدوء على وجنتيها بينما عقلها علق بالماضي و ذكرياته مع حبيبُها الأول.
______________________________________في إحدى المُستشفيات ..
فتحت مُضِيّ عيناها لتجد وجه نوح القريب من وجهها لتشهق بفزع قائلة بعدما إعتدلت في جلستها: إيه دا إنتَ مين و إيه إللي جابني هنا؟
قال هو مُسرعًا و هو يُشير على يدها: خُدي بالك بس علشان الكانولا إللي في إيدك، أنا نوح إللي جيبتك المُستشفى بعد ما أُغمى عليكِ في الشارع..
تنهدت هي بتعب قائلة: طب معلش ينفع حضرتك تديني شنطتي؟
أعطاها نوح حقيبتها مُكملًا حديثه بعتاب: الدكتور قال إنك عندك هبوط في الدورة الد_موية بسبب قلة الأكل و الإرهاق، مش بتاكلي كويس و تاعبه نفسك ليه؟
توقفت أصابع مُضِيّ عن الضغط على هاتفها لتنظُر له بعدم فهم بسبب تدخُله فيما لا يخُصه ليُستدرك نوح نفسه قائلًا: أنا مش قصدي أدخل أو أضايقك، أنا بس بقولك إن مفيش شيء يستاهل إنك تتعبي نفسك كدا علشانه ف خُدي بالك من صِحتك أكتر من كدا.
أمأت هي بفِهم و هي تضع الهاتف على أُذنيها قائلة و هي تنتظر رد مُراد عليها: فاهمة، شكرًا لحضرتك يا أُستاذ نوح و أسفة إني تعبتك معايا..
و قبل أن يرُد نوح أستمعت مُضِيّ من الهاتف الحديث المُعتاد " رصيدك خِلص بس الكلام لسة مخلصش .."
أغمضت هي عيناها بنفاذ صبر و هي تُغلق هاتفها: وقتك دا دلوقتي!!
نظرت لنوح لتجده ينظُر لها بترقُب مُتحدثًا: في حاجة؟
حمحمت هي بإحراج قائلة: أنا أسفة، بس مفيش مع حضرتك رصيد؟ مُتأسفة بس حقيقي رصيدي خِلص و مش عارفة أعمل إيه..
ضحك هو بهدوء ليُخرج هاتفه من جيبه و يعطيه لها قائلًا: مُحرجة ليه مش أنتِ لوحدك إللي رصيدك بيخلص في أوقات غلط يعني.
أبتسمت له مُضِيّ و هي تأخُذ من يديه الهاتف لتتصل بأخيها و قد لاحظت اسم "ليل" الموشوم بالخط العربي على يديه.
_______________________________________ يا تيتا وربنا ما قادر أكُل لسة شارب قهوة سادة نِفسي، كمان ماما محلفاني أتغدى معاهم.. أنا جاي علشان سو عايزاني
هكذا أردف داوود لنوال "جدته" بتصميم لتقُل سارة بملل: ماماا! بالله عليكِ لا تسيبيه عايزة ألحق أقوله الكلمتين علشان هو وراه شغل متعطل!
تأففت نوال بضيق و هي تأخُذ صحن الطعام و تذهب للداخل، ليضحك داوود قائلًا: فظيعة تيتا والله، بتعاملني كأني دكر بط بتزغطوا -تُطعمه-.
ضحكت سارة و هي تُميئ برأسها ليقُل: ها يا سو كُنتي عايزاني ف إيه؟
تنهدت سارة قائلة: إنتَ مزعل ناريهان في حاجة يا داوود؟
صمت داوود لدقائق ليقُل: ليه بتقولي كدا؟
_ أخر يوم في السفرية وشها كان متغير و البت ميار سمعتها و هي بتعيط بليل.
أماء داوود بفِهم ليُجيب: لأ يوميها محصلش حاجة بينا..
حمحم ليقُل: بس.. أحنا سيبنا بعض من يومين.
شهقت سارة قائلة: إيه دا ليه!؟ عملتلها إيه؟
أجاب داوود ببراءة: معملتش حاجة والله، دا نصيب مش أكتر ..
"أكمل بمُزاح": بس ليه دايمًا لازم أبقى أنا إللي غلطان ما يمكن هي إللي مضايقاني مثلًا!
ضيقت سارة عيناها: هي إللي مضايقاك برضوا! دا أنتَ تضايق بلد بحالها!
رفع داوود حاجبيه و هو يضحك على حديثها بينما أكملت هي: بس تصدق.. كدا أحسن.
_ ليه؟ علشان هي يتيمة برضوا ؟
عبست سارة بحاجبيها مُتحدثة: إيه دا لأ! من أمتى و أنا بفكر كدا أصلًا، الحكاية و ما فيها إن كان باين أوي يا داوود إن أنتَ مبتحبهاش و علشان تبقى عارف بقى..
صمتت لينظُر هو لها بإهتمام حتى تُكمل و بالفعل ناولته هي مُراده و أكملت: باين للأعمى إن أنتَ لسة بتحب البسكوته ..
"أشارت بأصابعها على عينيه" عيونك إللي بتلمع و بتطلع قلوب بمُجرد ما اسمها يجي قُدامك فضحاك قُدام الكُل.
أبتسم داوود ليقُل بغصة: فضحاني قُدام الكُل إلا قُدامها يا سارة.
أبتسمت سارة مُجيبة و هي تُربت على يديه: علشان أما أقولك إنك بأف تصدقني، هي عارفة إنك بتحبها و هي كمان بتحبك على فكرة بس مش قادرة تسامح و خايفة تبعد عن يونس تبقى بتظلمه، إنتَ بقى لو جدع و بتحبها بجد رجعها ليك و خُدها من عين التخين.
أتسعت إبتسامته قبل أن يقُل: هيحصل يا سو، وحياة أمي ما هسيبها غير أما تكون جنبي في الكوشة.
ضحكت هي ليضحك هو معها و لم يقطع هذه الضحكات سِوى رنة هاتف داوود.
![](https://img.wattpad.com/cover/340990884-288-k313554.jpg)
أنت تقرأ
- أضغاث مُضيئة -
Romantizmمُضيئة هي ك نور الشمس الساطع صباحًا، مُشتعلة ك النار التي لا تخمد.. مُعتم هو ك الليل و ظلامُه يُحيط به حينما ذهب، صاخب ك أمواج البحر في البرد القارص.. ف كيف للضوء أن يلتقي بالليل، و كيف للنار أن تتأقلم مع البحر؟