لقد كُنت في المطار أنتظر رحلتي، ليُرن ذلك الصوتُ معلنًا الدخول إلى الطائرة، دخلت سعيدًا ونظرتُ من حولي وابحث عن مقعدي لأجدهُ أخيرًا، وجلستُ بجانب النافذة، ومن لا يُريد أن يجلس بجانب النافذة؟ هذا المكان الرائعُ أصبح لي، ولكن جاءني شخص مسن يطالب بالجلوس بمقعدي الثمين، رفضت الأمر وأخبرتُه أن هذا مقعدي ولن أتخلى عنه، وبدأت أصواتنا تتعالى معلنة الشجار.
ثم تدخلت مضيفة طيران جميلة، لتقول بصوتِها الذي يبدو وكأنه لحن موسيقى:
"أرجوك أن تتفهم الأمر وتجعله يجلس بمكانك يا سيد دانس"
أومئتُ رأسي وسمحتُ له بالجلوس، حسنًا، أنا رجل نبيل لا يرفض طلب امرأة.
أردت أن أخبرها كيف عرفت اسمي، وإذا بها اختفت، حسنًا، هذا مؤلم قليلًا، ولكن أمامنا وقت كثير لأجعلَها تقعُ في حبي، قهقهت بخفة وأغمضت عيني لأرتاح قليلًا، غفوت واستيقظتُ على أصوات صراخ من حولي:
"اللعنة! الطائرة تسقط، لا أر"
لم أكمل كلامي وإذا بالطائرة تسقطُ في العالم الأزرق، ومن غيره أنهُ المحيط.
شعرت بشيء يقرص وجهي، لحظة ليست قرصة بل شيء كسكين يجرح وجهي، استيقظتُ مرعوبًا واتضحَ الأمر أنهُ سلطعون لعين أفسد وجهي، أمسكتُ الجرح ونظرت من حولي، يبدو أنني نجوتُ وها أنا في جزيرة مجهولة
نزلت دمعة ساخنًا من عيني، فيا ليتني مت في تلك الطائرة ولا أواجه مثل هذا المصير. جلست أندب حظي. وبعدها ذهبتُ أتجول ربما أجد قرية أو شيء من هذا القبيل. تجولت ودخلتُ الغابة ورأيتُ شجرة موز. رائع هذا من حسن حظي. فأنا جائع، تسلقت الشجرة وبدأت أكل. احسستُ أنني أبدو كالقرد، ولكن تلاشى ذلك الشعور بعد أن شاهدتُ ذالك الشيئ
تجمدت عروقي وأبيض وجهي، لقد كان نحيلًا ذو أنياب يجر وراءه جثة رجل، وسرعان ما تبين أنه ذلك الرجل المسن الذي كان يجلس بجانبي. ضللتُ أنظر بحذر وأرقب ما يفعل ذلك الشيء، أو بالأحرى هذا الوحش. جلس الوحش وبدأ يأكل بشراسة ذلك الرجل. لم أتحمل المنظر وأدرت وجهي ودموعي لا تفارق وجنتي. لقد انتهى وذهب، وأنا نزلت بسرعة وركضتُ إلى عكس الاتجاه الذي ذهب له.
وصلتُ إلى مكاني الأول، جلست على الرمل منصدمًا مما حدث، وأيدي ترتجف. نطقتُ بصوت مرتجف:
"أريدُ أمي".
وسمعتُ خطوات ورائي، والتفتُ بسرعة لأرى ذلك الوحش قادمًا لاجلي، مع ذلك كنت أسرع منه وركضتُ وهو يلاحقني، صرختُ قائلاً:
"لا تفعل، لا تقتلني، لا!"
سقطت وأمسك بي وفتح فمه وقلت للمرة الأخيرة، مترجيًا:
"لا، فأنا لم أوقع المضيفة بحبي بعد..."
ثم ابتسمت المضيفة وهي تنظر للوحش نائمًا، ربتت على رأسه وقالت:
"لا بد أنكَ شبعت يا صغيري".
أنت تقرأ
مذكرات كاتبة فاشلة
Poetryعلى صفحات هذا الورق، سأسطرُ ما مر بي من مواقف، وسأنثرُ هنا كلمات يراودني بها الفكر.