"نايومي! توقفي عن كونكِ مدللةً واحزمي اغراضكِ!"صياح من الطابق العلوي اخترق مسامع الجالس على الاريكة بينما يدخنّ سيجارةً لوثت رائحة معطر الجوّ المنتشرة في المنزل الفوضوي.
الصناديق تملأ المكان، بالاضافة الى الاكياس المنثورة هنا وهناك، هم على وشك الإنتقال الى مدينةٍ اخرى، مدينة طوكيو، والتي تبعد مئتي كيلومترٍ عن منطقتهم، الجميع كان على استعداد، الجميع اي ساكورا والدة نايومي وزوجها، فقط.
"اخبرتكِ انّ بإمكانكِ الذهاب وتركِ! اذهبي معه وحدكما وسأبقى مع والدي! اخبرتكِ انني لا اطيقه امي!"
صياح اخر لصوتٍ ارقّ وانعم بدى واضحاً للذي اختنق بدخان سيجارته حينما اتت على سيرته، يعلم بكرهها الشديد له وكم انها حانقةٌ لأنها تظنّ انه سرق والدتها من والدها، افكار مراهقةٍ ستتغير بتغير سنّها.
"تلك الطفلة!"
هسهس بحنق يطفئ سيجارته ويتجه الى الأعلى للتدخل بينهما، لكنه يلقي بذاته الى التهلكة بفعلته تلك، هو يذهب بقدميه الى حرب نشأت بين مراهقةٍ ترفض الذهاب وثلاثينيّةٍ تجبرها على ذلك، كلتاهما مصرٌّتان على رأيهما، وكلتاهما اعند من الاخرى، لذا سيذهب ليتلقى صفعةً، او ربما حذاءً يُفلق به وجهه، وفي اسوأ الحالات سيجد ذاته مرمياً من اعلى السلالم بعد ان دفعتاه لإسكاته.
انا لا امزح!
"لا يمكن! ستبقين مع مدمن الكحول عديم الفائدةِ ذاك؟ هل جُنن-"
حالما فتح باب الغرفة، او بالاصح ساحةَ المعركة، شعر بأذنيه تُثقبان من علوّ صوت زوجته التي تكاد تنفجر غيظاً حينما قاطعتها نايومي متحدثةً بلا مبالاة.
"وهل نسيتي كيف كنتِ مغرمةً به قبل ان يصبح مدمناً؟ بحقكِ كنتِ مهووسةً بهِ قبل ان تجدي هذا المخلوق البشع!"
تنهدت والدتها بعمق من عناد الاخرى، او بالأحرى وقاحتها وسموميّة كلماتها، تعلم انه فعل متسرع الانتقال الى منزل زوجها الجديد، تاكاهاشي موزان، او لنقل موزان فقط، لكن لا خيار اخر للابتعاد قدر الامكان عن زوجها السابق سوى بالذهاب معه حيث يكون.
"لقد كان ذلك في الماضي نايومي، اما الان فبوجود موزان اصبح امر العيش اسهل، لقد انتهى كلّ شيء، انسي والدكِ فحسب، انتِ لم تعودي تنتمين اليه، انتِ تاكاهاشي نايوم-"
تحدثت بهدوءٍ هذه المرّة في محاولةٍ لاستلجاب لينها، لكنها لم تزد شرارتها سوى قدحاً، واشعلت الغضب بدواخلها حينما ابدلت كُنيتها التي تعود الى والدها بخاصة الكريه امامها.
أنت تقرأ
مَطِيَّةٌ سَرمَدِيَّة
Romanceبدا العالم والضجيج الخارجيّ كشيءٍ ثانويٍ هما بغنىً تامٍ عنه، وكأنّ لا وجود لشيء سوى اعينهما التي افاضت بمشاعرٍ جيّاشةٍ عظيمةٍ لازالَ كلاهما يجهل هويّتها. كما جهلا اللحن الغريرَ البديعَ المُطَهّمِ الصادر من قلبيهما. وجهلا الشغفَ والوَجدَ الذي غُمرَت...