شهقاتٌ متتالية كانت تصدرُ من المقعد الخلفي، استمرّت نايومي في البكاء طوال الطريق المؤدي الى منزلهم الجديد في طوكيو، نعم لقد انصاعت رغماً عنها وحزمت اغراضها للذهاب مع والدتها وزوجها، مرغمة."انا اكرهك"
همست بحنق تمسح دموعها بعنف عن وجهها، لم يتسنى لها زيارته حتى، اتصلت به فقط، لكن ذلك ليس كافياً، وجب ان تعانقه وتقبل جبينه ووجنتيه لمرةٍ قد تكون اخيرة، اضحت تشتاقه منذ الان، والدها العزيز.
تنهدت والدتها بعمق تفرك صدغها بإرهاق، لم تنوِ ارغامها على المجيء بتلك الطريقة، لكنها كانت مجبرة، لم تكن لتأتي لولم تهددها، او بالأصح تبتزها بتلك الطريقة.
'إلّم تأتِ فلن اتردد برفع دعوى قضائيةٍ ضدّ والدكِ واتهامهِ بتهديدكِ للبقاءِ معه'
مازال صوتُ والدتها الحادّ وكلماتها القاسية تُعاد في رأسها جاعلةً دواخلها تتخبط في ضيق وحنقٍ شديدين.
رنين قاطع الصمت الخانق في ارجاء السيارة، وقد كان مصدره هاتف نايومي.
"هـ هارو!"
همست بضعف كمن تستنجد بصديقتها التي شاركتها البكاء المرير على رحيلها.
"انني مرتبكةٌ نايومي! جميعنا، انا وفوميكو وشون، جميعنا سنفتقدكِ نايومي"
اتاها صوت الاخرى المهتزّ والمتقطع بسبب شهقاتها المتتالية، اضحت تشتاق اليهم جميعاً، بالرغم من انها قابلتهم البارحة فقط في المدرسة مؤكدةً انها لن تذهب برفقة والدتها، لكن هاهي الان توشك على الوصول الى طوكيو، مرغمةً، مجبرةً، ومُكرهه.
"اهتمي بنفسكِ جيداً نايومي، كُلي وادرسي جيداً، نحنُ سنزوركِ في وقتٍ ما لذا لا تحزني وكوني قوية"
شجعتها بعدما استجمعت شتاتها متحدثةً بصوت مرتجف يدعي الثبات.
نايومي فقدت كل شيء، والدها، اصدقاءها، وحتى والدتها!
والتي رُسمت صورة مختلفة تماماً عن التي كانت بذهنها سابقاً، هي الان تراها كشخصٍ قاسٍ لا يعرفُ الرحمة، كشخص اناني يفعل ما يشاء غيرَ مبالٍ بالخراب الذي يحدثهُ بدواخل من حوله، شخص ناكر للجميل يجحد ما استمرّ لسنواتٍ مديدة في فترةٍ وجيزة.اغلقت الخط ملقيةً برأسها على النافذة بإنهاك، البكاء الشديد سبب لها صداعاً حاداً في رأسها وارهق جفنيها المنتفخان بشدة، واللذان اغلقتهما علّها تهرب من واقعٍ لم يعد لها السلطة لتغييره، لم تعد مُخيّرةً كما كانت، كلّ شيء سيسير وفق خطة احدهم ولا يهم رأيها بعد الان.
![](https://img.wattpad.com/cover/347425147-288-k641016.jpg)
أنت تقرأ
مَطِيَّةٌ سَرمَدِيَّة
Romanceبدا العالم والضجيج الخارجيّ كشيءٍ ثانويٍ هما بغنىً تامٍ عنه، وكأنّ لا وجود لشيء سوى اعينهما التي افاضت بمشاعرٍ جيّاشةٍ عظيمةٍ لازالَ كلاهما يجهل هويّتها. كما جهلا اللحن الغريرَ البديعَ المُطَهّمِ الصادر من قلبيهما. وجهلا الشغفَ والوَجدَ الذي غُمرَت...