✦الفصل التاسع( جزء ثاني )✦

3.7K 162 61
                                    

كان يقف فى حديقة السرايا بقلب ينبض بإرتياب كمن ينتظر نتيجة اجتيازه لإمتحانٍ ما ! وهو بالفعل كذلك فقوبلها بهذا الزواج يُعد اسمى النتائج التى يريد تحقيقها. التفت ينظر الى شرفتها مصوباً نظراته عليها بقلب يرتجف تأثراً حين يمر على خاطره طيف تلك اللحظة التى ستكون له قلباً وقالباً. وتكتب على اسمه لينعم فؤاده المتيم بقربها. مجرد التخيل قادر على بعث مزيج من السرور والطمأنينة لخافقه فكيف سيكون الواقع ؟!

صوت سيارة تدلف الى السرايا بسرعة عالية جعلته يفيق من شروده ويلتفت ليرى عاصم قادماً اليه بوجه غامض وخطوات واسعة. مشاعر الغبطة والسعادة التى كانت تجتاحه جعلته غافل عن غضب عاصم الذي اخذ يلتهم الخطوات الفاصلة بينهم وهو يستعين بكل ذرة تعقل داخله حتى لا ترتكب يداه جريمة شنعاء بحق اخيه الروحى وصديق عمره.
-« والله يا عاصم انت ابن حلال مصفى كنت لسه هكلمك دلوقتى »

هتف راشد بهذه الكلمات المازحة والتى لم تكن سوا اضفاء مزيد من الوقود فوق نيران غضبه المشتعله. فقال بغضب تجلى بوضوح فى عرقه النافر بعنقه :
-« هتكلمنى عشان اشهدلك على جوازك من رحيق مش كدا يا بن خالى »

كانت عيناه ينبعث منها الشر والذي قابله الفرح اللهفة من جانب راشد حين قال :
-« عرفت منين ؟ جدي قالك مش كدا مع انى نبهت على خالك ميقولش لحد غير لما اتصل بيك فى الاول بس بكلم فى مين؟! »

اقترب منه واضعاً يده فوق كتف عاصم الذي اخذ الانفاس الساخنة تخرج منه تصطدم بنسمة الهواء الباردة التى تزين الصباح وهتف بنبرة اجشة متأثراً بضربات قلبه اللاهفة :
-« بس عارف انا حاسس انى..انى..مش عارف اوصف بس انا مبسوط . كويس انك جيت دلوقتى عشان تبقى معايا. المهم قولي رأيك ايه؟ »

رغم ان جنود الندم قد غزت قلبه وجعاً على سعادة اخيه التى كُتب عليها الوأد فى مهدها الا ان جيوش الغضب التى اصابت فؤاده فى الصميم واخلفت وجع من نوع أخر وشعور مقيت بالالم على شيء يجهله والذي لم يتحمله فقال بفظاظة يخفى بها كل ما بداخله :
-« رأيي ان رحيق متنفعكش يا راشد. عشان كدا انسى ان الى فى دماغك دا يحصل »

ازال يده من عليه ناظراً له بإستفهام وقد بدأت اعصابه بالتحفز رفضاً لما تلقته أذناه :
-« ليه بتقول كدا ؟ »

تابع بعدها بغضب عندما استوعب سبب حديثه هذا مقارنة مع تصرفاته العدائية نحو رحيق سابقاً :
-« معقول كرهك ليها وصل للدرجادى ! عايز تطلع عقدك عليا وتخلينى اسيب الانسانة الوحيدة الى اتمنيتها ! »

رفع سبابته بوجهه محذراً واسترسل بحسم وتصميم :
-« اوعى تحلم انه يحصل فاهم. رحيق هتجوزها غصب عن اي حد حتى انت. انا بحبها ومش هسيبها عشان خاطر تفاهاتك دي »

ما ان انتهت كلماته حتى قام عاصم بتوجيه لكمة قاسية كانت من نصيب انف راشد الذي اخذت الدماء تنزف منه بكثرة تزامناً مع صياح عاصم الذي قال بصراخ :
-« لا عشان هى مراتى انا ! »

عشق فى مهب الرياح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن