✦الفصل الثالث ✦

3.4K 139 18
                                    

كان يقود سيارته بعقل مشتت.. عقله يسترجع كلمات والدته مراراً وتكراراً كما لوكان يرفض تصديق الى اي مدى وصلت امه.. زفر بعنف وهو يضرب المقود بغضب.. هناك مشاعر عديدة بداخله يريد ان يخرجها ولا يعلم السبيل لذلك هناك غضب، حزن، خذلان، يأس، رفض.. كل هذا يشعل صدره بنيران يريد تفجيرها ليشعر بالراحة التى ظلت تائهة عنه طوال حياته.. فهو منذ ان كان طفل وهو يتخلى عن ابسط الاشياء لإسعاد من حوله كان دائماً كالجبل الشامخ لا يميل ابداً ولكنه الان ولأول مرة فى حياته يريد ان يبكي، يصرخ، يريد فعل اي شيء حتى يتخلص من ذلك الالم الذي يكوي روحه.......

عندما وجد الشارع ليس مزدحم ازدادت سرعة سيارته... ظل يقود بسرعته العالية عدة دقائق قبل ان يتفاجأ بخروج فتاه امامه من حيث لا يدرى والغريب انها ظلت واقفة وكأنها تريد الموت.. وقبل ان يصدمها اوقف السيارة بأقصى سرعة مما ادى الى اندفاعه للامام بعنف واصطدام رأسه فى المقود لينتج عنه جرح ليس بالعميق ولكنه كافى ليُسيل كماً لا بأس به من دماء رأسه.. وضع يده على رأسه بغضب ازداد عندما رأى تلك الدماء التى اغرقت يده ليلعن بشدة تحت انفاسه ويفتح باب السيارة يخرج منها بخطوات واسعة متجهاً الى تلك الغبية التى مازالت تقف كما هى تغمض عيناها منتظرة ان يصدمها......

وصل اليها.. ينظر لآرتجافها بعيون حادة محمرة من كثرة الغضب.. الا يكفيه كافة مصائبه لتأتى تلك المختله تزيدها عليه.. هدر بها بحدة لاذعة:
-انت هبلة يا بت انت ولا عبيطة ولا حكايتك ايه بالظبط.. عايزة تموتى ياختى عندك النيل اهو ارمى نفسك فيه .. احسن ما تلبسي الناس مصايب وهما مش ناقصين

ظلت كما هى ، جسدها يرتجف بشراسة ، مغمضة العيون كما لو كانت منفصلة عن هذا الواقع حتى انها لم تسمعه من الاساس فلم تبدي اية ردة فعل.. مما جعله يغضب اكثر ويمد يده يجذبها بعنف من عضديها هاتفاً بصراخ.. قاذفاً بكلماته لنفسه قبل ان يكون لها فقد كان يريد الانفجار وها قد اتت الفرصة:
-انا بكلمك!
ايه هتبقى عمية وكمان طرشة... فكرك لما تموتى حد فى الدنيا دي هيوقف حياته علشانك لا فوقى محدش بيزعل على حد... مفيش حد بيهمه غير نفسه وبس ... كل واحد همه مصلحته حتى لو على حساب ولاده فاهمة.

ضغط بجدارة على جرحها النازف، فحديثه افاقها من تلك الدوامة السوداء التى ابتلعتها داخلها.. ففتحت عيناها المحمرة من البكاء و رفعت خضرواتيها الحمراوتان اليه تنظر له بتيه وحيرة طفلة تبحث عن الامان.. تزم شفتيها ببراءة تحاول كتم غصة بكاء تتصاعد بداخلها......

بينما هو عندما رفعت اليها عيناها الواسعة تنظر له بتلك البراءة القاتلة.. انقلب حاله تماماً.. فتحولت نظراته القاسية الى نظرات دافئة حنونة كدفئ عيناه...وكأن قلبه قد شعر بحاجتها فهدأت نيرانه المشتعلة بعيناه وتحولت لنظرات مطمئنة لقلبها وروحها المشتتة.....
ظل يتأمل عيناها الخضراء يشعر وكأن عيناها تجلب الربيع الى حياته بعد ان كانت كفصل الشتاء القاسي كله برودة ، غيوم سوداء ، جليد ، رعد ، وبرق...

عشق فى مهب الرياح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن