جيت كلي

4 1 0
                                    

ما كنتُ أختلف به عنك، شجاعتي التي كانت تنقصك، شجاعتي التي نهتني عن التفريط بك مع علمي بأنك قضيتي الخاسرة، لكنّي حملتها، وتحمّلتها، وسرتُ بها بقدمين تخوضان في الوحل إلى نهاية الطريق. كنت أعلم أني لن أكسب شيئًا، إلا أن الخسارة أهون علي من التراخي والهرب من المحاولة، أن أغادر فارغة، هذا ما كنتُ أسعى إليه، وأن أحدق في وجه الغياب دون أن أرتعد، وأن ألفظ كلمة الوداع دون أن يثقل لساني ويتعثر بها. كنت أخشى أن يقيم الندم معي، فيتخذ من فراشي مخدعًا، ويثور سخطًا كلما غرق المكان في بحر العتمة، يتربص بي حين أقف فجرًا على شرفتي، يخِزني حين أتلمس وحدتي، ويتمتم بأنه كان هناك ما يمكنني القيام به، خشيت أن يضيق صدري حتى لا تجد التنهيدة ممرًا فيه، خشيت أن يبرد قلبي، وترتعش روحي، وتتجمد عيناي أمام نقمة الضمير، خشيتُ أن أنكمش على نفسي حين تتقوى على أسئلة كثيرة عن الصواب وعن الخطأ. أما وقد استنفدت في مشاغلة الصبر كي لا ينقطع، حتى انقطع، فلا شيء أخشاه، كان وقتا طويلًا انقضى في المشي الخطأ، في الطريق الخطأ، إلى العنوان الخطأ، والمنعطفات الصعبة -وإن كانت صعبة- غالبا تعيد توجيهنا إلى حيث يجب أن نكون، لا تسألني عن الحنين، فهو لا يعد في أعراف الغياب حدثا مهما يستدعي الحديث عنه، ولن يضيف شيئا إلى نهاية القصة

بكاء على هيئة خواطر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن