إنَّني -يا رئيفةُ- رجلٌ معجونٌ بالخوف، أخافُ من كلِّ شيء؛ من أن أضعُفَ بكِ أمامَك، ومن أن تتقوَّيْ بي عليّ، ومن أن أُديرَ مفتاحي في البابِ بعدَ يومِ عملٍ مُنهكٍ وفظيعٍ فلا أجدَكِ خلفَ الباب، أخافُ ألَّا تُحبِّيني، وأخافُ ألا تُتاحَ لي الفرصةُ الكافيةُ لأكرهَك
وأخافُ ألا تكوني موجودةً على هذه الأرضِ حيثُ أنا مَزروعٌ في مكاني مثلَ نبتةِ شوك، أخافُ أن تُمكِني لي وأنا بكلِّ هذا القبح، وأخافُ ألَّا تُمكِني لي وأنا رجلٌ حزين.
ماذا أقولُ لكِ؟ أخافُ ألا تطبخي لي، وألَّا تُمسِّدي ملابسي الحزينةَ بيدَيكِ الطيِّبتين،
إنَّ الرجلَ -يا رئيفةُ- في حقيقتِه كائنٌ هشٌّ وضعيف، صحيحٌ أنَّ بإمكانِه خارجَ البيتِ أن يُصارعَ ويُصارعَ من أجلِ البقاء، من أجلِ لقمةِ العيشِ ومن أجلِ الكرامة، وهذا ما تقتضيه الحياةُ على كلِّ حال،
لكنَّه يودُّ أن يعودَ إلى البيتِ سريعًا ليتحوَّلَ إلى قطٍّ أليفٍ تمسحُ امرأتُه على رأسِه، أنا هذا الرجلُ الهشُّ يا رئيفة؛ حتى إنَّني سأبكي إذا رفعتُ وجهي عن هذه الورقةِ الآنَ ولم أجدكِ جالسةً على الأريكةِ تعبثين بكرةِ الصوفِ وتنظرين إليّ!
أنت تقرأ
بكاء على هيئة خواطر
Rastgeleأكتب هذه الرسالة تحت وطأة الخوف والترقب، أخشى أن أعتاد الغياب وأن تألفه أنت كذلك أخشى أن تصبح كل الأشياء الجميلة التي حدثت ما بيننا "لا شيء" أخشى أن يمحي الغياب جماليتها، أخشى ان لا تعود الأشياء كما كانت! أن تهمل أن تذبل أن تنسى وتموت! لا زلت أكتب...