(الفصل الحادي عشر، الجزء الأول)

967 51 2
                                    

في المخزن

نادي "جاسر" بضيق
: أنتم ياجدعان يالي هنا، أحنا هنفضل هنا لحد إمتي إن شاء الله

نظر "جاسر" جانبه وجد "عطوة" مغشي أرضًا لا يتنفس كأنه قد فارق الحياة فأكمل ندائه في تلك المرة بصوت جهوري
: ياجدعا إلحقونا الراجل مات

دلف "فهد" وفي يديه زجاجة من أحد المشروبات الغازية و لُقمة أخيرة متبقية من ما كان يأكله
تحدث ببرود وهو يلوك الطعام في فمه
: خير يا وش الفقر أنت ... خير؟

_طبعًا ما أنت محدش قافل عليك في أوضة لا داخلها شمس ولا نور ولا مانع عنك الأكل والمايه ماتموتونا وتخلصوا
(تحدث "جاسر" بغيظ وغضب)

ألقي "فهد" بالعلبة الصفيح للمشروب أسفل قدمه ودعسها بقوة ثم هبط لمستوى جاسر وهمس
: أهو دا إلى أنت بتتمناه إننا نموتك بس أقسم بالله لا نخليك تطلبه ومتلاقيهوش
أنا الشبح إلي بيطلع في الأفلام يخوف العيال الصغيرة إلي زيك

نظر له وطفق بضيق
: ماشي ياعم الشبح شوفلنا الراجل إلى مات ده

ضحك فهد بسخرية ولم يكترث لحديثه
:و إيه يعني الموت مش خسارة فيه

ثم نظر له بشر وأردف
_ زي ماهو هيبقي مش خساره فيك كدا، أصل بعيد عنك يعني الموت أما بيجي للناس أهاليهم بتكرمهم وتدفنهم وتقرأ ليهم قرآن وتزورهم من وقت للتاني ، وفي ناس لما بيموتوا الكلاب بيقي ليهم قيمة عنهم إلى هو أنت وأمثالك كدا قولي بقا مين هيعبرك لا ست وعيل وأهل ولا أي حد أنت عالة علي نفسك أصلا ، انا لو منك أموت نفسي

نظر "فهد" إلي"عطوة" وجده مغشي عليه و أشبه بالأموات من كثرة اللكمات التي تعرض إليها
هبط إليه ووضع يديه عند مخرح الهواء من أنفه وجده مازال حيًا، أمسك بزجاجة مياة وسكب منها القليل علي وجه فشهق "عطوة" و فاق لكن أنفاسه بطيئة
أسنده للخارج حتي يعبئ رئتيه بالهواء بدلًا من الغرفة الشبيههة للكهف الذي كان يجلس بها
أجلسه علي كرسي أمام أعين "جاسر" فنظر إليه بأعين يغورها الحقد والبغضاء

أمسك فهد بزجاجة مياة و سندوتش وأعطاهم لـ"عطوة" وقال بتهكم وضيق
: أمسك أطفح.. علي الله يطمر فيك.. أنا مبأكلكش عشان سواد عيونك.. أنا خايف تروح فيها ويحسبوك علينا بني آدم وأحنا لسه محتاجينك

ظل "عطوة" يأكل بشراهة كأنه لم يري الطعام مرة قط في حياته

و مازال جاسر ينظر إليه بحقد وتمكن منه الكِبر وقال في نفسه
: أنا "جاسر مهران" (بودي فلقة القمر)
أترمي كدا من غير لا أكل ولا شرب وعيل زي دا خايفين عليه يموت.... أنا هوريكم مش لو كان فارس هنا دلوقتي كان زمانه عرف يتصرف
***************************************

في منزل "نوح الجبالي"

حزمت زينات أغراضهم وشغلت إذاعة القرآن الكريم في المنزل، وقفت تنظر بحزن إلي أركان بيتها وعيناها دامعتان كانت تريد أن تبقي في منزلها حتي تحتضر لكنّ إرادة الله أقوي مننا

فَهلْ بعدَ الغيابِ مُـلْـتَــقَــي ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن