الفصل الرابع*حقائق ووعود*

8 2 0
                                        


عند الدخول إلى القاعه وجدا الموجودين يقومون بتحيتهما حتى الأسرة الملكيه، ولهما مقعدان مختلفان مقعدان من اللؤلؤ الخالص، والزمرد الأزرق، وجميع من في القاعة يجلسون على مقاعد جليديه.
تجعد وجه آصف مذهول بما يحدث، وفم آريان مفتوح من هول الصدمه لا يفهمان، ولا يعيان ما يحدث.
الموجودون:أنرتم مملكتكما جلالتكما.
نظر آريان لآصف مستغربًا ما يحدث في تلك القاعه وجد آصف ينظر له بعيونًا حائرة يبحث عن إجابة ولا يجد.
جلالة الملك إلياس: تفضلا آصف وآريان، وأشار بيده هذان مقاعدكما.
آصف مشيرًا بكف يده: لا نريدا الجلوس نريد معرفة،
لما نحن هنا؟
ومن أنتم؟
جلالة الملكة بولاريس بوجه بشوش: إجلسا، ويمكننا التكلم.
آريان بوجه غاضب، وعيون صقر جريح: لانريد الجلوس أخبركم آصف بالفعل، نريد معرفة سبب وجودنا هنا، سبب تلك الملابس، سبب تلك المقاعد المختلفه، أريد أن أفهم كل هذا الهراء، أريد أن أعرف كيف حال أصدقائي بالأعلى على الأقل.
الأمير أيدن بصوت عالي: لما صوتك عالي؟
أخبرناكما بالفعل أن تجلسا كي نتحدث.
آريان موجه نظره ببطئ لأيدن: ومن أنت كي ترفع صوتك؟
أأنت الملك؟
لا، إذًا اصمت.
مسك آصف يد آريان وفي أذنه :إهدأ يا آريان سنعرف كل شيء تعال لنجلس، وسنفهم.
نظر آريان لآصف، وكأن عيون آصف إحتوته، وكانت بمثابة مهدئ له، وبعيون أصبحت ضعيفه، وقلقه، ومترجيه: عايز أروح ياآصف، ورحمة أمك، وأبوك روحني، مش عايز أعرف حاجه، عايز أعيش نفس الهدوء اللي كنت فيه والنبي.
نظر آصف لآريان عاجز، وخائف عليه، وهو يعلم أن آريان يخشى الحقائق المدفونه، يخشى معرفة شيء يزيل هدوء حياته، يود لو ينعزل أكثر مما هو عليه في منزله بين ذكرياته الكثيرة المؤلمة، لم تمر عليه ذكرى واحدة تسعده سوى ذكرياته مع آصف، وذكرياته في التسلق فأحتضنه فهو أخيه، وصديقه الوحيد وبنبرة مطمئنه: هنروح يا ريو، أوعدك مش هيحصل حاجه، أنا واعد جدي إني هكون طيفك، وضهرك، وسندك، وحمايتك يا ريو.
تمسك آريان في آصف بقوة، وهو يعلم أنه الوحيد المتبقي له من عائلته، هو من إهتم به مسبقًا، ومن يهتم به إلى وقتهما هذا، وتمنى لو ينتهي العالم في تلك اللحظة، وهذه ليست أول مرة.
ترك آصف آريان، وأخذه من يده، وذهبوا إلى مكان جلوسهما ونظر لهما آدريان نظرة مليئة بالشر من بين كل الحضور هو أكثر من يكره آريان و آصف.
آصف وهو ممسك بيد آريان الموضوعة على المقعد: لقد جلسنا نريد أن نعرف الآن.
إلياس مبتسمًا أومأ برأسه كإجابة لآصف:ستعرف كل شيء، ثم وجه نظره إلى الحضور وقام بالنداء: ديروس تفضل بالدخول.
دخل شخص يبدو عليه الهيبه، والقوه، وحين بدأت تظهر ملامح وجه لآصف وآريان كانت الصدمة حليفيتهما، وقفا ثم نطقا في صوت واحد:علي؟!
أدي علي التحيه ثم نظر لهما بوجه بشوش: علي دا بالنسبالكم يا شباب أنا هنا ديروس حامي الأسرة الملكيه اللي فاضله، جعل يده لكمة ووضعها على صدره ناحية قلبه، ونزل على ركبتيه أنا آسف على اللكمة سمو الأمير آصف، وآسف سمو الأمير آريان على الخناقة، بس كانت لازم تحصل عشان أرجعكم هنا، فوق على الجبل دوروا عليكم، وتم تأيدكم في المفقودين، وتم منحكم وسام شجاعه، الأمور فوق تمام البشر اللي كنتم متعودين تساعدوهم وصلتلهم المساعده كامله متقلقوش.
آصف وآريان مازالوا مصدومين ولا يدريا ما يحدث.
نظر آريان لآصف بفم مفتوح من هول الصدمة:أنا مش فاهم حاجه.
نظر له آصف ثم توجه بنظره لديروس وحرك رأسه نفيًا: ولا أنا.
نظر لهما إلياس: أعلم أنكما مشتتين سيقص لكم رجل حكيم عمره تخطى أعوام القصه وما يحدث، ثم توجه بنظره للحضور قائلًا : حكيم اكتافيوس.
قام من بين الحضور شخص واضح عليه علامات الشيخوخه ذو شعر أبيض كثيف، وجسد هزيل، وظهر منحني، ولديه عكاز يبدو على ملامح عجزه الحكمه، تحرك من مقعده إلى مقعد وضع في منتصف القاعه، وجلس به، ونظر إلى آصف وآريان بعيون دامعة، ونظرة إشتياق، ونظرة ملتهبة غاضبه مليئة بنار الإنتقام، ثم نظر إلى الموجودين بالقاعه وقال: هذان حاكما المملكة الأصليان ليس مملكة آغارثا فقط بل ممالك العالم الأربعه، هما أبناء الملكان العظيمان أبيدوس، و أمينوس، هما ورثة الممالك الأربعة هما الحكام للمالك الأربعه.
بدأ السكوت يحل على القاعه من يتذكر أبيدوس وأمينوس ويقارن بينهما، وبين آصف وآريان، وحبهما لبعضهما الذي يشبه آبائهما، وتلك الملامح التي تتطابق معهما.
آريان يملك عيون زرقاء كمياه البحر تغرق من ينظر فيهما، ومع ذلك يملأهما الغضب تشبه عيون والده من يرأها يرى أمينوس مفتول العضلات ذو وجه أبيض، وطوله تخطى المئة وثمانون شعره أسود، ولكن لديه تصفيفة عصريه، ومع ذلك شعره ناعم لديه لحيه صغيره تضيف لجمال وجه رونقه الخاص.
آصف ذو عيون بنفسجية اللون قاتله ليست ساحرة فقط فريدة من نوعها، مفتول العضلات طوله تخطى آريان وصل إلى مئة وستة وثمانون، لديه بشرة بيضاء، وشفاه حمراء، شعره أشقر اللون، وطويل يصل لأول كتفه، يربطه دائمًا يشبه أباه أبيدوس وكأنه نسخة مطابقة منه.
قام الجميع حتى الأسرة الملكيه، وركعا مؤدين التحيه، والإخلاص لمن يملكان خلاصهم، وهناك من ينظر لهما بحقد وكره.
وقفا آريان وآصف فها هما يأخذان صدمة تلو الأخرى،
حاكمان، يرثان أبائهم، كيف ومتى؟
قام الجميع بعد تأدية التحية، نظر لهم أكتافيوس وقال :سأكمل حديثي وسأوضح كل شيء.
كنا نعيش في آغارثا معًا أهل آريافارثا، وآل مو كنا نعمر آغارثا من مشرقها إلى مغربها، ومن جنوبها إلى شمالها، إزدهرت مملكتنا، وكان لدينا حاكمان رائعان، كانوا كملاك مبعوث لنا من الرب، يتحرك بيننا دون خوف، لديهم من القوه مايكفي لتحريك الجبال، أحبت جانيت أمينوس، وجلنار أبيدوس، كانتا فتاتان فائقتان الجمال، بشرتهم كانت كبياض التلج، وملامحهما كانت كحوريات البحر، تمنيا دومًا أن يحبهما أبيدوس وأمينوس، لكن لم يعيرهما إهتمام يوًما.
بدأت قبيلة آل مو تنحرف، وتتبع الشيطان، وتمارس أشياء محرمة، وتم نفيهم بواسطة والدكما، بعدما حاولا أن يردعهم عن الطريق، ولم يستطعا، كانت جلنار وجانيت يفعلان أي شيء يرضي أبيدوس وأمينوس، لكن ظهر فتاتان ووالدهما أضاعا طاريقهم على الجبل، وجدوا البوابه لعالمنا، لا نعلم كيف واقعا والدكما في حبهما، وأصبح حبهما عشق ثم تحول لهيام، أغارت جلنار، وجانيت حاولوا أكثر من مرة أن يوقعا بأبيدوس وأمينوس، لكن لم يستطيعا غادر والدكما مع عائلتهم الجديدة بعد الزواج، بعد أن خسروا نصف قوتهم، فهذه قوانينا من يغادرنا يخسر نصف طاقته، فأتجها جلنار وجانيت لمحرمات المملكة، واتبعوا الشيطان، وتحولا لكتلة شر متحركه يحرقان المملكة، ويسفكان الدماء، ثم إستدعت السماء أبيدوس وأمينوس لحماية المملكة، والمجرة بأكملها من شرهما، وكانت بعد ولادتكما بسنة واحدة، أتوا وحاولوا التصدي لتلك القوه، ولكن كانا بنصف قوة إستطاعا قتل جانيت، فثارت جلنار، وذهبت، وقتلت أمهاتكما، حاولت قتلكما لكن لم تستطع فقوتكما فاقت قوتها، لقد رزقكم الله بطاقة كاملة كنتا أعظم من والدكما، وعادت غاضبة أكثر، كان أصيب أمينوس إصابة فائقة أدت به، فثار أبيدوس خسر أخاه نصفه الثاني، وخسر زوجته، وزوجة أخيه، وبدأت الحرب بين جلنار، وأبيدوس حرب سببها غرام جلنار الذي تحول لرغبة تملك أدت بمن حولها، قتل فيها أبيدوس بعدما خسرت جلنار كل قوتها، وشبابها تحول إلى شيخوخة، لا نعرف مكانها، لكنها ستعود مجددًا، توعدت بهذا، مر أربعة وعشرون عاًما منذ ذلك الحين.
حين إنتهى أكتافيوس من الحديث كان آريان يبكي، فهو الوحيد الذي يتذكر مظهر جلنار، فلديه ذاكرك قويه، ولم ينسى يومًا كيف حاولت أمه عليا حمايتهما، وكيف تصدت خالته ليلى لجلنار، وكيف قُتلا، وكيف يديه الصغيره أطفأت نيران جلنار، و عين آصف أذابت جمالها بكى، وصرخ بإسم والدته، ثم نظر لآصف بعيونًا يملأها الغضب، مخيفة، أصبحت عين صقر يتمنى لو يفتك بفيرسته، من ينظر لها يكاد يقسم أنه سيقسم ذلك المكان لنصفان.
آريان بصوت كفحيح الأفعى: كان فيه وعد دايمًا عايز تعرفه يا آصف، وعدي هو إني أقتل جلنار بنفسي، عمي جه وهو غرقان في دمه لبسني، ولبسك الأساور كان عارف إني فاهم، وإني مش هنسى حاجه قالي خد بالك من أخوك هو نصك التاني، وجلنار هي عدوتكما الوحيده، كنت عارف إننا هنرجع هنا بس كنت خايف، خايف أخسرك، وأضيعك خايف تموت قدامي زي مكلهم ماتوا قدامي، عيطت لما شوفت كل المنظر دا حضنتك، وهديتك وجه جدك خدنا، ومشي ومن وقتها، وأنا حالف لأخلص على جلنار، وأملأ إيدي بدمها، وأوريهالك زي ما وراتك، ووراتني موت أهلنا هاخد حقنا يا آصف.
ثم سقط مغشيًا عليه بين يد آصف الباكي شاحب اللون، الذي يتمنى لو يرى تلك جلنار التي جعلت أخاه، وصديقه قلق، وشارد طوال عمره يحلم بكوابيس، وكان لاينام طوال عشرة أعوام، ولم تكن تؤثر به المهدئات، كان فاقد للنطق، ينظر لآصف، ويجلس بجواره كحارسه فقط، لو غفت عيناه يستيقظ يمسك بآصف، ويحتضنه، ويتفحصه أهو بخير، أو لا، تذكر رسوماته لكوابيسه، وتعليقها على جدران غرفته، وتلك المرآة التي كانت ضمن رسوماته دومًا،
أهي جلنار؟

#حنين_جمعه_ضياءالقمر
#آغارثا

آغارثا الجزء الأول "آريافارثا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن