ولدتُ وفي داخلي قلب نقي، أحبك حين رميتني بسهم حبك غير مدركًا، صرت لرؤياك متلهفتًا، وداخل ثنيا قلبك مُتعبده، ولعيناك عاشقة، كبرت بجوارك، فصرت مُلهمي، ومُعذبي، وقَاتلي.
في ليلة راعدتًا، وسماء ليلها ممطرة صرخت إمرأة تعلن عن وضعها لتؤامتين، إحدهما ولدت بقلب صافي محب للخير، والأخرى بقلب جشع كاره للخير، محبة لذاتها، ولدت جانيت وجلنار لعائلة فقيرة، أب ذا إعاقة، وأمًا خادمة لقصر الحاكم، كانتا إبنتان لقبيلة آل مو، أراد والدهما قتل جلنار رضيعه لقلبها الكاره للخير، لإمتلاكها عينين حمروتين، لكن وقفت الأم الضعيفة رافضة، وياليتها لم ترفض.
ديميتري بغضب:أتريدين الإحتفاظ بشيطانه؟
أونار بغضب واضح لكن الضعف في ملامحها آثر الولادة:وأتريد قتل إبنتك؟
ديميتري:إنها تملك عينان شيطان ياأونار، إنها ليست إبنتي، ستقتلنى جميعًا أقسم لك ستكون سبب دمار.
أونار بحنان أم تحمل طفلتها الصغيرة:سأربيها على الخير، سأعلمها كيف تكون إبنتي، لن أجعلها تقع للشيطان.
ديميتري بعجز وخوف واضح:آل مو عليهم لعنة ياأونار، وإن ولد لدينا فتاة، أو فتى بعينين كعيني طفلتك يقتل، ستحاولين ردع شرها، ولن تستطيعي، ستصيبك، وستصيب الجميع، إن لم تقتل سيولد الشيطان، وستنحرف القبيلة بأجمعها، سيتحكم بها.
أونار:لن أقتل إبنتي ياديميتري.
جلس ديميتري عاجزًا لا يعرف ماذا سيفعل؟
هو وحده من يعلم ذلك السر، إنه فارس قوي لدى آغارثا لكنه أصيب، فأصبح شخص معاق لايقوى على فعل شيء؛ حتى قتل فتاته التي سحرت أمها منذ أن رأتها.
ديميتري:ماذا ستطلقين عليها؟
أونار مدققة في ملامح الصغيرة:عيناها حمروتان و بشرتها بيضاء تبدو كزهرة الرومان سأسميها جلنار.
ديميتري حامل الصغيرة الباكية بجوار أمها:إنها هدية من الرب لي ذات قلبٌ نقي سأسميها جانيت.
بدأت الصغيرتان في المشي أحدهما هادئة لا تحدث مشاكل والأخرى تصدر الضوضاء تضرب الصغار تحطم ما تراه، وفي ليلة راعدتًا بدأت تنمو داخل جلنار بذرتها الشيطانيه رأها والدها تقف وتنظر للشرفة فظن أن هناك أحدًا ما لكن لم يجد سوى ضوء القمر ذهب بإتجاه جلنار وضع يده عليها وقال بهدوء:جلنار ما بكِ ياصغيرتي؟
فنظرت له جلنار بعيناها المضيئتان وبدأت الحديث ليس كصغيرة عمرها بضعة أعوام بل كشابة عمرها أعوام وقالت بوضوح : أدعى جلنار و سأكون أنا النار التي ستحرق الجميع تفرق بين حبيبان، تقتل لمتعة الدماء، أجلد للذة الصراخ، سأبث الخوف في قلوب من يسمع بإسمي، ومن ينظر لعيناي يموت رعبًا،
ألم تحاول قتلي صغيرة؟
كبرت الآن وسأقتلك وأعلمك معنى الدمار.
فضحكت جلنار ضحكة شيطانية ونظرة للحائط وحركت بعيناها سيف والدها الذي قتل به الأعداء وأتى بإنجازات فتك به جثث المتطرفين من ينظر لحاله اليوم يقتل بسيفه،
ومِن مَن؟
إبنته التي عمرها ثلاثة أعوام، جعلته يمسك السيف دون طواعية منه وإقترب به من عنقه ثم قطعه وسالت الدماء مفرحتًا لشيطان جلنار التي ما إن رأت الدماء حتى وقعت أرضًا مغشيًا عليها، فمرت أمها من أمام الباب فدخلت لتطمئن على زوجها وفتاتيها وجدت زوجها على هذا الحال وإبنتها ملقية أرضًا تملئها الدماء الزاحفة فظنت أنها خسرت الإثنان فجحظت عيناها وصرخت صرخة بنار الخسارة واضحة ليس خوف بل حزنًا على من فارقوها فسمع صرخها شبابان في عمرهما الحادي عشر دخلوا وجدوا الدماء فذهبوا ليتفحصوا الملقيين وجد أمينوس الأب قد فارق الحياة مخبًأ معه سر إبنته جلنار، والفتاة وجدها أبيدوس تنام في هناء فحملها من الدماء وذهب بها لتلك من يوقد قلبها بالنار.
أبيدوس:إبنتك على قيد الحياة.
فنظرت له أونار بأعين دامعة تحاول الصمود:أ صغيرتي على قيد الحياة؟
أبيدوس:أجل إبنتك نائمة.
فمدت يداها المهتزان وأخذت إبنتها قرب قلبها لو رأها أحدًا لظن أنها خبأتها داخل أضلاعها وبكت على زمنٍ مضى وعلى ليل آت على حبيب هجرها وحياة خالية على سواد ليلتها التي تزينها دماء حبيبها فصارت تقول وسط نحيبها: أتركتني في دنياي وحيدة؟
أتركت لي إبنتان عكس بعضهما؟
أتركت أونار؟
من تضيء ليلك؟
ألم تخبرني أنني سبب عيشك؟
أن ضياء عيناي هم ضياء قلبك؟
لمن تركتني؟
لم يكن لي إلاك، لا عائلة باقية، ولا أهل موجدون سواسيه، وقبيلة معاديه، ولا قمر مواسيًا.
فأتى الحراس وأخذوا جسده ليزيلوا الدماء ويلبسوه ثيابه الفارسيه ووضعوا معه سيفه لامعًا ووضعوا فوقه التراب معلنًا عن ديميتري مغادر لتلك الحياة.
فعاشت الأم بعيناها باكيه رافضتًا لحياة ليس بها ديميترها، لم تهتم لوجود فتاتان بحاجة لرعاية فأخذ أمينوس جانيت مربيًا وأخذ أبيدوس لجلنار ظنًا أنه سيكون لها أخ لكن لخطط القدر رأي آخر.
عاش أمينوس مع جانيت فتاة الخمسة أعوام مطعمًا ومغذيًا يلاعبها ويعلمها فن القتال وفن الموسيقى فدمجت بينهما وصارت تلعب بالموسيقى كأداة تحميها ممن حولها، ظُلم عالمها وظلمة ليلها، كبرت وصارت فتاة ناضجة عاشت ترى فقط معذب قلبها أرادت لو يرأها كفتاة كاملة لكن عيناه لم ترأها إلا كصغيرتًا وكان لها مربيًا.
جانيت:من هولاء؟
أمينوس:غرباء سقطوا من أعلى الجبل.
جانيت:حسنًا.
رحل أمينوس وتركها ناظرتًا لهؤلاء الغرباء وقلبها ينبض لقد رأت رؤيا أن هناك فتاة ستأتي وتأخذ منها روحها.
فسمعت صوت ناي أمينوس فذهبت لتجلس بجواره تسمع موسيقاه الساحرة.
أمينوس:لما أنتِ هنا ياجانيت؟
جانيت: سمعت موسيقاك فأتيت لأستمع لها بعنايه.
أمينوس متفهمًا:ها قد إنتهيت يمكنك الذهاب.
جانيت بحزن:ألا يوجد لي فرصة؟
أمينوس بهدوء:أنتِ فتاة ربيتها كأخت لي ياجانيت.
فعبثت جانيت وقالت بهدوء: أعلم.
وهمت ذاهبه وبعد مرور أيام على تفكيرها الدائم في معذب روحها خرجت من غرفتها لتستنشق هواء السماء الصافيه رأت من تجلس على غصن شجرة وأمامها شاب تعلم بوضوح من هو ورأته يقترب من تلك الفتاة ويدللها بأشعاره مغازلًا ثم رأت بعينيها قبلاته لها فعلمت أن رؤياها تحققت فذهبت لغرفتها حزينة باكية وقامت بشكواه لقمر السماء قائلة: أيذهب بأشعاره لغيري مغازلًا؟
يعلمني من حروف حبه ثمانية غزله، وكلماته.
موسيقاه، ونظراته.
شغفه، وسيفه.
هواه، وحبه، ويأتي قائلًا ليس لي مكانًا عنده.
صرت عاشقة لعيناه، ولقلبه هائمه، ولبسمة ثغره مدمنة، صارت روحي من حبه معذبة.
رماني بأسهم حبه مداويًا، ثم أتى راميًا بأسهمه المعادية.
أ يرضيكَ ياقمر ينير سمائي الصافيه شجني وحيرتي وروحي التي في فضائه ضائعه؟
أ يرضيك جرح قلبي النازف من حبيب أيامي الخاوية؟
رضاه بكاء عيني وصراخ قلبي نازفًا،
فهل سيحركه جرحه ويزيح كرب وحدته؟
ثم تمسح أدمع عيناها الباكية وتذهب لتنام على سريرها الذي يحتضن قلبها مدفئًا.
تمر أيامًا عليها وهي في عزلتها، يحين موعد رحيل سارقة قلب حبيبها، فتتزين وتخرج لتودعها فتذهب للقاعة فتجد الجميع يهمس فتسأل بهدوء خادمة قائلة:ماذا يحدث هنا؟
الخادمة:جلالة الإمبراطور يريد أن يحظى بعقاب حب غير مقدر له.
فتجحظ عيناها وتصرخ به قائلة:أتريد أن تصعق لأجلها؟
فيجيبها وهو ناظر لمحبوبته قائلًا:لأجل عليا أتحمل برق السماء بأكمله.
فتجن جانيت وتذهب لغرفتها غاضبة تفتح بابها بقوة وتدخل وتغلقه وخلفه تجلس باكية فيأتي هواء من الخارج محطمًا لبلوراتها من معذب فؤادها فتزداد بكاءًا ثم تستمع لنايه الحزين فتمشي على الزجاج المنكسر متناسية لألم قدمها وتقترب لتسمع نايه أكثر في ظلمة الليل فتنظر لقمرها مجددًا قائلة بحسرة:ها قد إنتهت تسأولاتي ولم تعيده لي جراحي الغائرة.
وترقص على نايه وقدمها تنزف دماء تملئ أرض غرفتها لكن ماذا يساوي ألم قدمها أمام ألم إنكسار قلبها؟
فتندب حظها قائلة:
ياقلب باكي، فلتهدأ ليس لبكاءك داعيا.
وياعيناي فلتكفي، لا يوجد لدمعك أهمية.
ويا رجفة يدي الخائفة مما أنتِ خائفة؟
ذهب الحبيب وإنفجر فؤادي باكيا.
وياسمائي الصافية ها قد سقط نجمك الأمعِ راحلا.
ويا صوت إنكسار قلبي ها أنا أرقص على أنغام هلاكي مغنية.
فوقعت على ركبتيها داميه وبكت بحرقة قلبها على وحدتها القادمه وأيامها الفائته.
مر ليلها وأيامها في حزن ودمع فأتت أختها لها مهددة قائلة: لتأتي معي ياتصبح أمك كأبيك جثة هامدة.
جانيت بخوف: أتي معكِ إلى أين؟
جلنار بغضب: لتحرق ناري أبيدوس وعائلته كاملة.
جانيت بعيون باكية: فليهدأ شيطانك ياجلنار أمك حاربت لتجعلك في تلك الدنيا إنسانة خيره.
جلنار وقد لمعت عيناها: ولدت كشيطان قاتل ياجانيت أعيش على الدماء والتفرقه، إن لم تأتي سأقتل أمك أمام عينيكِ الدامعة.
فذهبت معها جانيت إجبار لا طواعيه، أتى يوم وضع جلنار وكانت منتظرة لفتاة مثلها فأتت فتاة بزمرد أخضر فصارت لها كارهه، ومر عام والثاني تولت تربيتها جانيت مع إبنة معذبها بحب كرد جميل لتربيتها وأتى موعد إنتقام جلنار مغردًا فإنقسم الأخان أحدهما يصد عن المملكة شياطين جلنار والأخر ذهب لكهفها ليردعها عن شرها فوجد طفلتان فقبلهما.
فأتت جانيت وقالت: هؤلاء من نسلكما.
فلم يفهم مقصدها فسألها:ما معنى كلامك؟
جانيت بوجه شاحب:تلك عنود إبنة أبيدوس وجلنار، وتلك آريانا طفلتك، ولم تنهي كلاهما فصرخت: لا ياجلنار، مبعدتًا حبيب قلبها فأخترق سهم أختها قلبها.
مسكها أمينوس بخوف قائلاً: ستكونين بخير ياصغيرتي
أليس كذلك؟
فقالت بألم:آريانا إبنتك أخت آريان لقد ولدت عليا تؤامان.
فنظر لها ودمع عيناه أصبح واضحًا:لقد ربيتك بكل ما أملك من حب كنت كصغيرتي فلا تذهبي وتتركيني دون عائلة كاملة.
فهبطت دمعاتها قائله:رُميت بسهم حبك عاشقه ورُميت بسهم بعدك باكية وها أنا أتلقى سهم قتلك لأموت من حبك ومن بعدك ومن توأمتي الغاليه.
وإنتهت قصة جانيت فتاة عشقت وصارت هائمة عاشت وحيدة خائفة تتلقى عذاب بعد أمها، ومرارة حقد أختها، نيران تركها من حبيبها.
#حنين_جمعه_ضياءالقمر
#آغارثا