الفصل الثاني عشر *شهادة القمر في خجل*

2 1 0
                                    


تترك الأيام بداخلنا جراحٍ لا نهاية لها، تمر بنا تداعبنا، وتتراقص على قلوبنا بالأحزان، نتقبل واقعها ونغمات ألحانها، وهنا شيء بداخلنا يطمئننا بأن هناك يوم سيصير عيد، بمحبوبٍ سعيد يأتي يمسح جراحنا بنغمات حبه مغردٍ، وأنا إنتظرت أعوام إلى أن أتيت لقلبي مغردٍ، محوت جراحي وبدلتها بورود متفتحة، فأهلًا بوجودك السعيد وبعينيك الحاضنة لي مدفئة، أهلًا بوجودك أنيس لروحي، ماحيٍ لجراحي، مبعدٍ لحزني، ولي ضاحكًا،أيامي جميعها صارت بوجودك عيد، لقد شرقت شمسي مغنية، وأتى قمري سعيدًا، وأثمرت أشجاري، وكأن ربيعها حل، ترانيم حبك أزهرت قلبي وصرت بكَ مكتفية، ولاأحتاج للمزيد.
تحركوا حولها في حركة دائرية، مُحدثين أنغامًا قوية، ثم إخترقوا صدرها، فأغمضت عيناها، ثم طفى جسد لثوانٍ، ففتحت عيناها، ملئت الغرفة ضوءًا أخضر اللون، مشعًا، ثم عاد جسدها إلى الأرض، فقامت برفع يديها أمام عيناها، وهبطت بهما بهدوء، مزيلتًا لذلك الضوء الأخضر، مانعتًا للمعة عينيها الساحرتين، وإختفى نمشها، وتحول شعرها للون الأحمر القاتم، تبدلت عنود من فتاة، لفتاة أخرى.
فنظرت لهم بإبتسامة قائلتًا: تلك أنا عنود بقوة ساحرة كأمي، وقوة قابضة كأبي، ورثت الإثنان فصرت أقوى من جلنار؛ لكن لست بقوة سيدها.
فذهل آريان بجمال محبوبته ونظر إليها بهيامٍ واضحٍ نهض من محله وصار أمامها واقفًا متناسيًا لمن معهم في الغرفة قائلًا:
أ هذا الجمال لشمسي؟
زمرد عيناكِ ساحرًا، وتلك الخصلات بلونها القاتل لقلبي صرت لها عاشقًا.
أهذه عنودي؟
فإبتسمت عنود بخجل وهبطت بعيناها لأسفل ناظرة فرفع وجهها وأكمل حديثها لها قائلًا: لا تبتعدي بعيناكِ عني، فأنا لهما مدمنًا، وفي وجودي لا تطأطيء رأسك خاجلة بل داخل أحضاني تعالي خاجلة خبئ نفسك بداخل صدري وهدئي نبضات قلبي المشتاقه لك قائلة:"أين عنودي؟
وأين قلبها؟
ألم يشتاقوا لسماعي مغردًا؟"
ثم جذبها لأحضانه ولها صار معانقًا مغمض عيناه، لشعرها مستنشقٍ، يغوص في بحور عالمه مع عنود الغالية.
وبدأ آصف أن يضايقه قائلًا:إبتعد عن أختي قليلًا و راعي وجودنا بذات الغرفة معك.
وإنطلقت ضحكات آرلا وآريانا وديروس.
فأدار آريان وجه لآصف قائلًا:من يغار منا يفعل مثلنا.
فخرجت عنود من أحضانه بصعوبة قائلة:كيف أتيتم بزمردي وروحي التائهه؟
فجلس آريان ولأحضانه جذبها وجلس آصف بجوار حوريته وديروس ممسكًا بيد صغيرته ولها مطمئنًا.
آصف بإبتسامة:حين أخبرتيني بأن جلنار لروحك مالكة أرادت أن أفهم،
كيف ولما؟
فذهبت لآريان متسائلًا فقص لي قصة طاقتك وعيناكِ الرائعة وكان معنا ديروس، فخططنا لجلبهم من جلنار ومن داخل كهفها وستكون لها ضربة قاتلة.
وأكمل آريان الحديث وهو لعيناها ناظرًا: وطلبنا من آرلا أن تحفظ لنا سرنا وأن تغطي على عدم وجودنا وأخذنا ديروس معنا وصرنا خلفكما حتى نطمئن أنكما بخير.
فنظر ديروس لصغيرته الخاجلة:طلبت من آريانا أن تقطع خيط يداها المقدس وأن تجذب جلنار لها بالحديث وتستفزها.
آصف:وحين بدأتما بالحديث معها تخفيت أنا وآريان وصرنا خلف الكهف ولمكان الزمرد فقومنا بإحداث خرقٍ في الكهف فنحن للصخور متحكميين قابلنا بالداخل ذئاب فقومت بالتحكم بعقلهم وذهب آريان وقام بآخذ البلورة بهدوء وخرجنا من المكان حين إستدعانا ديروس وحين أنهينا مراسم الزواج تجمعنا لنعطيكِ ماهو لكِ.
فتسأل آريان:كيف لعيناكِ طاقةٍ؟
ومتى تدربتي على طاقتكِ؟
ولما آخذهما منك المجهول ولعنكِ؟
فنهضت بهدوء من جواره ووضعت يدها على قلبها لعله يهدأ من خوفه وصارت له مطمئنه وقالت عنود:لم أرى والدي ولو لمرة واحدة حتى حين أتى لكهف أمي لم يحدثني أو يرأني أو يهتم بوجودي لكني رأيت جدي داخل حلمي مرات كثيرة حتى بدأت روحه تزورني في الواقع وصار لي مدربًا وأخبرني كيف أتحكم بطاقتي وأن طاقتي أساسها خوفي وغضبي إنها تحميني فبدأت ظهورها أول مرة وأنا في الرابعة ورأيت أني أقوى من جلنار بها ثم مرة الأيام والسنوات وفي عامي الحادي عشر ظهرت مجددًا كنت سأقتل أمي بيداي، فبدأت البكاء متذكرة،
جدها:لا تغضبي ياعنود ستظهر طاقتك التي طالما خبائتها.
عنود مغمضت العينان وهي خائفة:ستضرب أختي من أمنتني عليها خالتي.
جدها بحذر: لن تضربها سأعركلها لا تخافي ياغاليتي.
لكن تمكن مني الخوف فنهضت طاقتي للمرة الثانية أمام جلنار؛ لكن لم يحالفني الحظ تلك المرة حضر المجهول وقام بإزاحتي ثم تقرب مني وحين رأى زمردي جحظت عيناه ما أتذكره أن عيناه لها زمرد أخضر لامعًا لكن به حزنًا لا أعلمه فأطلق لعنته وأخذ زمرد عيناي وتبدلت من فتاة لفتاة ثانية، لكني قابلت رجلًا في الجنوب حين كنت تائهه وأخبرني أن زمرد عيناي لجلنار قاتلًا وموقظًا لم أفهم حديثه لكنه إختفى وتلك كانت رؤيتي الوحيدة له.
وبدأت البكاء بحرقة على ماضيها، فتقرب منها آريان وعانقها ليبدل حزنها مداعبًا:لقد فعل خيرًا، أخفى جمالك عن عيون الآخرين ليصير ملكي في ليلة زواجي يازمردي.
فضحكت من وسط حزنها فجلسوا سويًا ثم لاحظ آصف شرود آرلا فنكزها برفق وإقترب من أذناها ثم همس قائلًا:لا تفكري كثيرًا في ليلتنا؛ لأنها ستكون طويلة رائعة.
فجحظت عيناها خاجلة ثم ضربته بكوعها في بطنه متألمًا، ونظرت لعنود وقالت بهدوء:أتذكر أني سمعت قصة عن شيطان ما كان له زمردٍ أيضًا قتل أجدادكم حبيبته التي كانت من القبيلة الخائنة وأن لحبيبته عينين حمروتين وشعرها كلون شعرك وشعر والدتك وأنه ألقى لعنتًا لكني لا أتذكرها.
فأكمل ديروس الحديث :عائلتي تتوارث تلك القصة واللعنة كانت لبطون سيدات عائلة حبيبته وسيدات آريافارثا، أنه ستلد بطونهم طفلًا شيطانيًا يملك عينان حمراء وأنه للشر محبٍ، وأتذكر أيضًا أن والدتك كانت الفتاة التي ولدت بتلك اللعنه وأنها قتلت والدها وحين كانت ترمي أمينوس بلعنة كي يكره إمرأته تلقت أختها السهم وقتلت من اللعنه الخاطئة وأن جلنار جنت لقتلها فعذبت أمينوس وشرب سمها القاتل.
فأكملت آرلا متذكرة:جلنار لم تكن هكذا نمت طاقتها في عمرها الثامن عشر؛ لأن أبيدوس أراد أن يغادر آغارثا ويذهب لليلى وهي كانت عاشقه لأخيها ولغزله بها ولدلاله لها فجنت حين رأته يذهب بكل هذا لغيرها مثل حزن آريان حين تركته وساعدت آريانا تلك الليلة وذهبت مع عنود وتركته خلفك وحيدًا حزينًا لكن لجلنار شيطانًا بعقلها لاعبٍ.
فقالت عنود:حين ولدتني جلنار لم تكن لي كارهه بل أحبتني وكانت في بعض الأحيان تبكي على ذاتها لم أفهم تغيراتها أو صراخها أحياناً تحدث شخصًا غير موجود قائلة"إصمت وإتركني لحالي لقد لعبت بي، وبعقلي صرت متحكمًا أنت وهي ياليت قتلني والدي وعمري يومًا واحدًا كنت لا أشهد قتله وقتل تؤامي ولم أقم بخيانة من كان لي مربيًا ولم أقتل من كان لأختي حبيبًا ولم أقم بقتل عائلة ذنبها أنها أحبت وعاشت بعيدة عن طغياني وشري، أرجوكما أن تتركاني أحيأ يدونكما يكفيني دماءًا لا أريدها" حتى تبدلت كاملة وصارت شيطانة لدماء مدمنة.
فتحدث آصف وهو منصتًا بإهتمام:يبدو أن هناك شيئًا ناقصًا تلك القصة ليست كاملة.
فقال آريان متسائلًا :أكتافيوس يمكن أن يقص لنا ويفهمنا ما يحدث؟
فرد ديروس وهو مركزًا:ليس أكتافيوس بل شخصًا من عائلتي عاصر كل هذا ويعرف تلك الحكاية.
آريانا بهدوء:ومن هو؟
ديروس بهدوء وحذر:يسمى دوريس.
صدمت آرلا قائلة:خادم الحاكم الفاسد؟
أساس الدمار؟
فقال ديروس:أخفضي صوتك، أجل هو سنذهب له في يومٍ آخر أريد النوم.
وآخذ صغيرته وذهب ثم آخذ آصف آرلا وذهب فنظر آريان لعنود وهو ناظرًا مبتسمًا إبتسامة نصر فخافت عنود ولم تفهم ما يحدث معه فنهضت من أمامه ذاهبة فقام بمسك يدها وجذبها فوقعت جالسة على قدمه فنظر لعيناها وهي تحاول أن تفك قيدها فثبتها قائلًا ببعض الغضب :إهدئي ولا تتحركي.
فهدأت وتوقفت عن الحركة ونظرت له فتبدلت نظراته الغاضبه ولانت ملامحه ونظر يتفحص معالم جسدها ثم ترك يداها ووضع يده على خصرها ولمس جسدها لامسة ناعمة فأغمضت عيناها لتلك الرعشة التي تملت منها فتحدث بصوتٍ دافئ قائلًا:منذ أن رأيتك أحببتك ياعنودي، شعرت بلمساتك حين كنت خائف تلك الليلة وشعرت بطيفك وهو يتجسس علي شعرت بخطوات قدمك الرقيقه وتلك الليلة التي قبلتك بها كنت أتمنى أن تكوني معي ولي وأن أكمل ما بدأت منه وأن أصير لكِ زوجًا رائعًا أريد أن أمحو أحزانك وأدخل لقلبك سعادة ممتعه فنظرت له عنود بعيون مليئة بالدمع فقام بتقبيل عيناها الرائعة ثم قبل وجنتاها الخاجلة ولمس شفتيها لمسة رقيقة فأغمضت عيناها وبدأ صدرها يعلو ويهبط بسرعة واضحة ونبضات قلبها يسمعها من يمر من قوتها ثم وضع شفتيه على شفتاها مقبلًا وهو يلامس جسدها مداعبًا فوضعت يداها على رقبته ثم أسفل شعره مداعبة فتغول بقبلته ونهض وهو حاملها وذهب بها إلي مضجعهما يعلمها فنون حبه وشغفه لها موضحًا.
وعند ديروس وآريانا كانت تجلس على سريرها في حيرةٍ من أمرها
لما كان متأكد من زواجها؟
فأتى ديروس بجوارها وجلس وتحدث بهدوء قائلًا:أبناء عائلتي يعرفون زوجاتهم وهم بعمر العاشرة فعلمت أنه مقدر لي زوجًا لكِ وبحثت عنكِ حتى وجدت وصرت عنك مدافعًا ولكِ حاميًا.
فنظرت له بصدمة
كيف عرف تفكيرها؟
فنظر لعيناها قائلًا:لقد حفظتك ياآريانا أعرف ما تحبين وما تكرهين أعرف أيضًا فيما تفكرين، إنهم ثلاثة عشر عامًا بهم لكِ كنت تابعًا.
فبكت آريانا من وجوده بجوارها وأنه يحبها منذ أن كانت في السابعة أحبها لمدة ثلاثة عشر عامًا بدون علمها فضمها لصدره وعلى ظهرها وضع يده ليكون لها مطمئنًا ثم أخرجها من داخل أحضانه ورفع رأسها ومسح دمعها بهدوء قائلًا:
كيف لزرقة بحرك أن تبكي في وجود حبيبها؟
فأبتسمت في خجل وهبطت بعيناها لأسفل فإقترب من أذنها هامسًا:وكيف لهما أن يهبطا لأسفل خجلًا من عاشقهما؟
فنظرت لعيناه ووضعت يدها على وجهه تلامسه فسارت به رعشة ولكنه لها صار مخبًأ فقالت بهدوء:أ حقًا صرت معك؟
أ يمكنني رؤيتك يوميًا دون خوفًا واضحًا؟
فأجاب بهدوء:كل ثانية من عمري سأكون معكِ بها.
فأمسك بيدها وقبل باطنها فسارت بداخلها نيران حارقة فنهضت من جواره خائفة فقام ولمس كتفها فنفض جسدها خائفًا فهدأها قائلًا:إهدئي لن أفعل شيء فقط أريد أن أنام داخل أحضانك معانقًا.
ففتحت عيناها براحةٍ وأجابته بهزة رأسٍ توحي بموافقة، فأمسكها من يدها وجذبها حتى صار على السرير جالسٍ فأشار برأسه للسرير ففهمت ما يريد فذهبت وبجواره صارت نائمة فقام بفرد ذراعها ونام عليه أمنًا فقامت بوضع يدها الثانيه ولمست شعره مداعبه فقام بلف ذراعه حول خصرها وقام بجذبها لو رائهما أحدهم لقال أنه داخل أضلاعها نائمًا فإبتسمت بهدوء وقامت بغلق عيناها نائمة في سعاده وآمان أول مرة من عمرها.
وعند آرلا وآصف ذهبت آرلا أمام المرأة تتطلق لشعرها العنان فأتى نسيمًا لشعرها مداعبًا فقام آصف مسحورًا من جمال شعرها ومسك خصلاته وصار لها مستنشقًا ثم لف ذراعيه حول خصرها وجذبها لأحضانه وعلى كتفها نائمًا ثم قال بهدوء وهيامٍ واضحٍ:منذ أول ليلة لي هنا وأنا واقع لغرامك ياحوريتي، رأيتك تركضين وكان ثغرك باسمًا ولؤلؤ فمك كان لي واضحًا سحرت من إبتسامتك ومن جمالك ومن شعرك الطائر كالنورس خلف ظهرك متطايرًا ومن قدميكِ البيضاء التي بحجم قدم طفلًا صغيرًا لاعبَ فعشقت دلالك وسحرت من خصلاتك وصرت مدمنًا لرؤيتكِ وبعيناكِ هايمًا،
أتسمحي لي أن أتذوق جمالهما؟
فإبتسمت في خجل فنهض عن كتفها وأدار وجهها وصار له مقابلاً فأغمضت عيناها في خجلٍ وتوردت وجنيتها فإقترب من عيناها وصار لهما مقبلًا وقبل وجنتيها المتورده ثم قام بعناقها وأزال زينة شعرها ثم صار لخصرها مداعبًا فصارت تتضحك من لمساته المزغزغه وركضت عنه هاربة فركض خلفها إلى أنا وقعت ووقع فوقها فحل الصمت مكان الضحك وتقابلت عيناهما فإقترب من شفتيها مقبلًا وتغولت قبلاته فأصدرت أنينًا فلم يتمالك نفسه فزاد من قبلاته فلفت يدها حول عنقه تعطيه القبول بما يحدث وعلمها من فنون عشقه ومن هيام قلبه لها.
إنتهى حزني بكَ وبعثك الله لي مراضيًا أزلت هموم قلبي بورود متفتحة وتبدلت ملامحي الذابله وصارت بكَ منيرتًا راضاني بكَ فرضيت عز الرضا.
إبتسم القمر في خجلٍ وسعادةٍ هاهم فتياته ضاحكين في رضا وأتى عوضًا من الله لقلبهم مبدلٍ شجنهم إلى سعادة واضحة.
#حنين_جمعه_ضياءالقمر
#آغارثا

آغارثا الجزء الأول "آريافارثا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن