الفصل العاشر*لقاء وصدمات*

1 1 0
                                    


عرف الجميع أن العائلة إكتملت فزينة المملكة ورفعت أكاليل الورد تزين القصر وأصوات السعادة تصدح في أرجاء المملكة بأكملها وينقل شعبها الأخبار ها آصف وجد أخته وها هو آريان إلتقى بتؤامته ها هم نسل أبيدوس وأمينوس.
إنه يوم ترسيم آصف وآريان إمبراطوريين للعوالم الأربعة، إنه يوم إعلانهما حاميين للمملكة وشعبها.
يجلس على سريره ينتابه القلق مما يخبئه له الزمن فعدوته هي زوجة أبيه فإبتسم بسخرية قائلًا: زوجة أبي الذي علمت عن وجودها أمس.
طرق الباب فأذن لمن بالخارج بالدخول فدخل ديروس ومعه الحاشية لديهم ملابس إمبراطورية وخواتم من الذهب الخالص يزينها جواهر من اللؤلؤ والحجر الكريم.
ديروس: أعتذر جلالتك عن مقاطعة خلوتك هاهي ملابس ترسيم سموكم كإمبراطور لمملكة آغارثا وباقي الممالك.
فهز آصف رأسه بقبول تلك الملابس فوضعت على سريره وذهب ديروس والحاشيه فنظر للملابس بإستخفاف قائلاً: جئت زائرًا فأصبحت مالكً.
وعند آريان كانت تجلس معه آريانا تحكي لها حكاياتها وتقصص له قصصها منذ أن كان عمرها يوم إلى أن أصبحت إبنة ستة وعشرون عامًا فهي كأخيها لا تنسى مايحدث أمامها وكانت تفقه لكل شيء ويضحكون معًا فطرق الباب فأذن آريان لمن بالخارج بالدخول فدخل ديروس ناظرًا أرضًا إحترامًا لوجود فتاة في المكان فحيا آريان وآريانا.
ديروس: تلك ملابس سموكم فاليوم موعد ترسيم جلالتك إمبراطورًا.
فنهض آريان وتحرك ووقف أمام ديروس وعانقه قائلاً: شكرًا لحمايتك لأختي.
فقال ديروس:ذلك واجبي جلالتك.
فنظرت آريانا لمعذبها قائلتًا: أكنت تعرف منذ البداية؟
فأجابها ديروس بحب: رأيتك أول مرة بعمر السابعة كنت أراقبك من بعيد حتى علمت من أنتِ بعمر الثامنة عشر حين أتيتي إلى القصر كأميرة متبناه فأصبحت حمايتي لسموك واجبة.
أدارت وجهها عنه عابثة فإبتسم على طفولة فتاته، فتحدث قائلاً:
أعتذر من سموك ان أغضبتك يومًا.
ثم ألقى التحية وغادر.
عند عنود كانت في غرفتها تفكر في أن الأخبار ستصل إلى والدتها عاجلًا أو أجلًا، وجدت حائط الغرفه يكتب عليه
" أنا أنتطرك"
فخافت عنود وتعرقت جبهتها، وأمسكت بعنقها متذكرتًا ما تفعله بها أمها، فجحظت عيناها خوفًا ورعبًا مما ينتظرها.
في غرفة لأول مرة ندخلها توجد سيدة في عقدها الخامس تمشط شعرها ذو الخصلات البيضاء مزينة رأسها ووجهه الدائري البشوش صاحبة عيون بنية كالقهوة في لونها يأتي من خلفها رجل في عقده السادس ذو شعر أبيض تلمع عيناه من رؤيتها يقترب منها يمسك خصلات شعرها ببطء ويأخذ المشط ويكمل هو تمشيط شعرها الحرير قائلًا:
أري في عينيك العالم بشكل مختلف، وبثغرك المبتسم جمال الكون، ومن نطقك لإسمي كأنه ينطق من الجنة، أستعيد روحي، ويذهب تعبي، وتشفى جراحي، ويرق قلبي عند رؤيتك تضحكين أتعلمي لما أسميتك بولاريس؟
بولاريس بإبتسامة خجله: لما؟
إلياس: هناك نجمًا في سمانا يطلق عليه هذا الإسم يدل على وجودنا في القطب الشمالي يقال أن سطوعه متوسط ولكن إن رأوكي سيتغير رأيهم، أنتِ نجم إلياس، ومن سطوع إبتسامتك يخلق إلياس.
بولاريس بحب: مر على حبك لي خمسون عامًا ومازلت كما أنا في عيناك.
فقاطعها إلياس قائلًا:بل يزداد عشق إلياس لبولاريس، وتزداد مكانة بولاريس في قلب إلياس.
فنهضت بولاريس و واقفت على مقدمة قدمها ولفت يدها حول عنق إلياس قائلتًا: وكل يومًا يمر على بولاريس بجوارك تعشقك أكثر، كنت لها الأب والأخ والصديق والزوج.
فنظر إلى عيناها بحب: أتسمحي لإلياس أن يأخذك إلى عالمه؟
بولاريس بخجل واضح على خديها هزت رأسها كإجابة، فحملها إلياس وذهبوا سويًا إلى عالم لا يعرف تفاصيله سوهما.
إكتملت زينة عنود كأميرة إمبراطوريه ليس كوصيفة ملكيه، وذهبت إلى آرلا لترى إن إنتهت فهي تعلم توترها في المناسبات لقد رافقتها لمدة أحد عشر عامًا كأخت ورفيقة فدقت الباب بهدوء وأذنت لها آرلا بالدخول فدخلت وصوت خلخلها يصدح في الغرفة فإلتفتت آرلا لترى من القادم لتذهل من جمالها وتصدم لرقتها ها هي عنود ترتدي ملابس بسيطه مزينة بهدوء لا يليق إلا بها، ترسم عيناها بكحل أسود أعطى لعينيها العسليتين جمالًا لايليق إلا بهما، وأحمر شفاة يشبه لون شعرها الكستنائي يعطي لوجها ذو النمش البني بهاءً ويزيدها روعة.
فماذا إن رأها عاشقها؟
آرلا بإعجاب واضح:ماهذا الجمال ياعنود؟
هل كان مختفي حين كنتِ صديقتي؟
أ أضاء وجهك محبوبك، أم أخيك الحبيب؟
فخجلت عنود وإزدادت حمرة خديها وإبتسمت إبتسامة هادئة وغيرت الموضوع قائلتًا: إنتهيتِ؟
هل تريدين مساعدتي؟
فقالت آرلا بخجل: أيمكنك أن تمشطي لي شعري فلاأستطيع أن أصل إليه ولا يمشطه البنات بحذر؟
فإبتسمت عنود: لأجل أخي فقط.
فضحكت عنود وآرلا وبدأت آرلا في تمشيط شعر عنود وتزينها زينة هادئه فآرلا جمالها لايحتاج لزينة.
وعند آريانا كان يمشط لها أخيها شعرها ويساعدها في وضع زينتها بين ضحكاتهما المتعالية ومن يقف خارجًا يبتسم أخيرًا فتاته تستطيع الإبتسام والضحك بحرية دون خوف.
وها هو آصف خائف متوتر يمشي في الغرفة ذهابًا وإيابًا يحاول الهدوء ولا يستطيع فيجلس على سريره لايعلم لما يشعر قلبه بغصة تقلقه متسائلًا
هل سيخسر شيئًا ما؟
ماذا يحدث معه؟
بدأ الجميع بالتجمع خارج القصر منتظرين ظهور آصف وآريان مع أختيهما، ومن داخل القصر هناك مشاعر ممزوجة بالحب الذي رائحته خوف وخوف يغلبه أمان وتوتر واضح على الجميع.
دق باب غرفة آصف ففتحه فوجد أمامه عنود في هيئة ملاكيه كما وصفها فضمها لصدره يريح قلبه الخائف من أن يحدث شيء لإخوته وجاء آريان ممسك بيد تؤامه مبتسم ولكن حين رأى عنود ذهبت إبتسامته وحمحم بهدوء ففتح آصف عيناه وجد أبناء عمه أمامه وشعر بإزدياد ضربات قلب عنود المضطرب فأخرجها من بين يده وأمسك يدها بقوة ونظر لعيناها ثم رمش لها بهدوء لاتخافي أخِيكِ معكِ فأدارت وجهه بهدوء وعيناها تنظر للأرض فأحدثت في قلب آريان غصة
أ فتاته تبعد عينيها عنه؟
فزفر آريان بهدوء وقال بضيق واضح: يلا بينا ياآصف قرب الوقت.
فإبتسم آصف ساخرًا على أخيه المعذب لقلبه وقال : ماشي إسباقني وهاجي أنا وعنود بعدكم.
وعند ذكر آصف لإسم عنود نبض قلب آريان بقوة كأنه أعاد له حياته فهز رأسه بالموافقه وذهب هو وأخته قائلًا داخله لقلبه
ماذا ياقلب أليست إبنة المرأة التي تعتبر عدوتك؟
أ أحببتها لدرجة أن سمعك لإسمها فقط يعيدك للحياة؟
ألم تكتفي ألمًا وتريد المزيد؟
ألا يكفيك مرة واحدة؟
أتريد أن تكسر للمرة الثانية يابخسارتها يا ببعدها عنك؟
فأخذ نفسًا عميق وأخرجه بهدوء ومسح وجهه كأنه يبعد ذلك الحزن الذي يحتل كيانه.
آصف بهدوء:عنود، آريان بيحبك صدقيني.
فرفعت عينيها ونظرت لها كأنها تريد أن ترى الصدق في عيناها البنفسجية.
آصف بإبتسامة لطيفه: أنا وآريان مع بعض بقالنا سته وعشرين سنة فإزاي مش مصدقاني؟
فخانتها عينيها وسقطة دمعة معلنتًا عن إنهيارها فوضعت وجهها بين يديها وبكت بصمت فإقترب منها آصف وعانقها فبادلته العناق ظن أنها تبكي على وضعها هي وآريان ولكنها تبكي خائفتًا مما ينتظرها من أمها باردة القلب فأخرجها من حضنه ومسح دمعها وأعطاها كوب ماءً لتشرب وأخذها من يديها وذهبا لمكان الحفل فجلس بجوار أخيه فوقعت عيناه على حوريته التي كانت ترتدي فستانًا لبني اللون وشعرها ممشط كجديلة خلف ظهرها وبعضًا من خصلاته تقترب من خديها وتلك الأعين تجذبه نحوها أكثر وشفتاها كورد أحمر اللون ويرغب في إستنشاق رائحته.
بدأ الحفل وبدأت الفقرات ووسط إنشغال الجميع إستأذنت عنود من أخيها بحجة الذهاب إلى الحمام فذهبت إلى غرفتها وجدت من يفتح الباب بهدوء فخافت وبدأت ضربات قلبها تزداد ثم وجدت من يحتضنها من الخلف بقوة فبدأ صدرها يعلو ويهبط ولكن تلك اللمسة إنها تعرفها فنطقت بخوف:آريان؟
فوضع وجهه على كتفها وأغمض عيناه وكأنه وصل بر آمن وأنفاسه الدافئة تصل إلى عنق عنود تذيبها كقطعة ثلج إقتربت منها النيران فأذابتها فأغمضت عينيها ووضعت كفيها على كفي حبيبها فقال آريان وهو لازال مغمض العينين:
أتهربي من عيني ياعنود؟
ألم أخبرك لا تبعدي عيناكِ عني؟
لم تستطع عنود الإجابة فهي في عالم آخر آثر أنفاس آريان ولكن سقطت من عينيها دمعة على يد آريان وحين شعر بها بعد رأسه عن كتف عنود وأدارها له بهدوء فوجدها لازالت مخفضة الرأس فرفع رأسها بهدوء قائلاً: عيناكِ في وجودي لا يسمح لهما بالنظر أرضًا.
فإقتربت منه معانقتًا إياه بقوة وبكت وبدأت ضربات قلبه تزداد شعر بها آريان فلمس على ظهرها وأخبرها بلهفة:بهدوءٍ ياعنود أنا بجوارك لا تبكي أعتذر.
فإزداد بكائها فقال بخوف: ماذا هناك ياعنود؟
مايقلقكِ؟
فخرجت من حضنه رافعة عيناها الحمراء آثر البكاء ناظرة لعيناه محدثتًا نفسها قائلتًا: ليتني أستطيع إخبارك أن أمي هي ماتجعلني قلقة وأن هي سبب دمعي.
فمسح لها آريان دمعها مطمئنًا إياها: عنود سأظل معكِ بجواركِ إن كلفني الأمر قتل الجميع سأفعل.
فأطمئنت عنود وإبتسمت إبتسامة ساحرة فسُر آريان وإقترب بيديه ولمس خد عنود ثم هبط بهدوء إلى أن وصل لشفتيها فأغمضت عنود عينيها آثر لمساته وإزدادت نبضات قلبها وأصبح صدرها يعلو ويهبط بسرعة فتحرك بإصبعه على كرزه الذي أصبح يملكه وإقترب من عنود واضعاً يديه أسفل ظهرها وإقترب بشفتيه يلتهم كرزه فرفعة عنود يداها ووضعتهما على صدره تبعده عنها إلا أن دق باب غرفة عنود وإختبأ آريان في الشرفة فوجدوا أنها إمرأة تلبس عبأة تغطي بها وجهه فتسألت عنود: من أنتِ؟
فأزاحت المرأة غطاء رأسها فجحظت عيناي عنود وقالت بصدمة:أمي؟
فصدم آريان وإحمرت عيناه قائلًا بصوت كفحيح الأفعى: جلنار؟
جلنار بإبتسامة ساخرة: كيف حالك يا إبنة أبيدوس.
عنود بقوة كاذبة: بخير، وأنا إبنتكِ أيضًا ولم أرى يومًا أبي.
جلنار ضاحكة بإستهزاء: ألم تري أخيكِ إبن ليلى؟
هو يشبه أباكِ.
فجلست على مقعد واضعتًا قدمًا فوق الأخرى وأكملت حديثها
ألم أخبركِ أني أنتظرك؟
هل أعجبك عيشك كأميرة ياعنود؟
أريدك أن تأتي لي بآريانا لترى من ربتها
أم أعجبتها هي أخرى حقيقة أنخا أصبحت أميرة إمبراطورية وليست متبناة؟
عنود: لما تريدين رؤية آريانا؟
جلنار ناظرة لعنود بغضب: ومنذ متى تسأليني ياعنود؟
عنود مخفية خوفها: منذ اليوم يا جلنار، خالتي أخبرتني على كل شيء أنكِ أجبرتها وهددتها بوالديكِ كنتِ ستقتلي أمك وأبيك إن لم تستمع لكِ لم تقتل أمينوس بل أنتِ ولم يقتلها أبيدوس بل أنتِ كنت تريدين قتله فتصدت لكِ فقتلها سهمك.
فضحكت جلنار بقوة ونهضت وإقتربت من عنود وقامت بلطمها بقوة فسقطت أرضًا ثم أمسكتها من عنقها ورفعتها لأعلى قائلتًا:
لن أقتلكِ الآن ياعنود أحضري لي إبنة عليا غدًا وإلا أقسم لكِ سأجعلها جثًة في غرفتها.
ثم أفلتتها و أوقعتها أرضا، وفي الشرفه كان يريد آصف التصدي لجلنار لكن تحكم في حركته ديروس وأوقفه محله حتى لا يتدخل فغادرت جلنار وفك ديروس قيد آريان فركض إلى حبيبته التي ترتجف خوفًا ليس على ذاتها بل على أختها التي تريد أمها قتلها فمسك آريان وجهها قائلاً:
ستذهب آريانا لأمك غدًا ياعنود ولا تخافي سنكون معكما لن يحدث لكما شيء.
ثم نظر أمامه وعيناه تشع بالغضب والحقد والكره لتلك جلنار،
ثم نهض وأنهض عنود وجعلها تغسل وجهها وتعدل من زينتها وتسبقه للحفل وبعث معها ديروس حتى يضمن سلامتها، فوصلت وشعر آصف بخوفها ورأى علامات يد أحدًا على عنقها فإقترب منها بهدوء حتى لا يشعر أحد قائلًا:
ماذا حدث ياعنود؟
وما به عنقك؟
فنظرت له وهي مبتسمة سأخبرك بعد الحفل ياأخي.
فجاء آريان وقام أكتافيوس بإعلان ترسيم آصف وآريان إمبراطوريين رسيمًا للممالك الأربعة فصعدوا الإثنان وأتى ديروس بالتاجين؛ لكن رأت آرلا لون مختلف في تاج آصف ظنت أنها بعض الأحجار الكريمة بما إن آصف أكبر من آريان بأيام فجحظت عيناها بصدمة لا بل تلك الورود حوله يختلط بها زنابق السلام إذا أكل آصف ذلك الكعك الذي بجوار الورد سوف يتهيج جلده ويشعر بحرقة في فمه فركضت قبل أن يضع آصف الكعك في فمه، وأسقطت الكعك من يديه فنظر لها متسائلًا، وعم الهدوء المكان وتوقفت الطبول.
إلياس بغضب: ماذا فعلتي ياآرلا؟
فنظرت بولاريس لتلك الورود المنتشرة حولهم آثر سقوط الوسادة الحاملة لتاج آصف، والكعك ففهمت ما حدث.
بولاريس بصوت عالي وبجدية: أحضروا حكيم المملكه.
فتعجب إلياس لحديثها ونظر لها فإبتسمت له تطمئنه، فأتى الحكيم ونظر للورود وصدم مما وجد فنظر للملك قائلًا:
تلك الزهور يختلط بها زنابق السلام وهي زهور جميله ولكنها سامة كان من الممكن أن تسم جلالة الإمبراطور.
فصدم الجميع وأعلن إلياس إنتهاء المراسم والتحقيق في أمر الزهور، وتحديد موعد لإختيار الامبراطوريين زوجاتهما بحضور السماء وكذلك الأميرات الثلات.
فإنتهت الليلة بين صدمات وأحزان وخوفٍ من الآتي.
#حنين_جمعه_ضياءالقمر
#آغارثا

آغارثا الجزء الأول "آريافارثا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن