الفصل التاسع*إكتمال العائله*

1 1 0
                                    


نام الجميع تلك الليله ودمعهم ينساب بهدوء رغمًا عنهم، وقلوبهم مليئة بالأسرار، والحزن، ونار الإشتياق تحرقهم لم يسلم أحدًا في تلك الليلة، وجميع تلك الأحزان سببها طمع، وحقد جلنار.
في غرفة نعرفها حق المعرفه يجلس ناظرًا لظلمة السماء، وتتساقط منه الدموع غير متقبلًا لتلك الحقائق يدعوا الله أن يكون شيئًا ناقص في تلك القصة التي سمعها، مؤاكدًا والده ليس كذلك لربما علم شيء، وكان الوقت قد فات، فلم يعلم بها طاقته المنزوعه، فوضع رأسه داخل يداه، وبكا بحرقة متمنيًا لو كان ميتًا قبل أن يعلم كل هذا، فإستيقظ أخيه وذهب لجواره، وضمه لصدره بجوار ذلك المسكين الذي يذبح بدمع أنيسه.
آريان:شاركني ياآصف،
من امتا وإحنا بنداري وجعنا عن بعض ياصاحبي؟
مش أنا شريكك في السراء والضراء وأنت نفس الكلام؟
فإبتعد آصف عن أخيه رافعًا كفه المرتعش آثر بكاءه يمسح خده الذي إنشق به مجرًا لتلك الدموع.
آصف بصوت مبحوح آثر ذلك البكاء:هحكيلك ياآريان.
رجع للخلف رافعًا رأسه لأعلى، مبتعدًا بعيناه عن أخيه، متذكرًا حديثه مع طاقة والده.
آصف بذهول :كيف لوالدي أن يكون سبب دمار؟
طاقة أبيدوس ساخرتًا:بل هو أساس ذلك الدمار.
آصف مصدومًا لا يعرف
كيف يدافع عن أبيه؟
طاقة أبيدوس قبل ستة وعشرون عامًا جمع القدر بين عائلة والدتك وآغارثا، كان أبيك شاب مطلوب تُسحر الفتيات بعينيه، كان يمتلك نفس عيناك، تقع في غرامه الكثيرات، وهو محافظ على قلبه، حامي له، رافضًا أن يزوره أحد لا أن يدخله؛ حتى وقع أمام هدوء والدتك، وقع لعيناها، أنكر هذا في البداية، ولكن إعترف عمك بوقوعه، وتلقى عقابه، جنت جانيت وخافت جلنار، كانت دائمة الدلال على أبيك، تحاول جعله يرأها كمرأة يحبها قلبه، لكن أبى أبيك، إلى أن أتى ذلك اليوم المشئوم، وإستطاعت أن تقترب من أبيك، وواقعا في خطيئة كانت نتيجتها عنود.
ذُهل آصف، وجحظت عيناه قائلًا بصوت منخفض: عنود؟
وصيفة آرلا؟
التي يحبها آريان؟
أكملت طاقة أبيدوس حديثها: أرادت جلنار أن تجعله قربها، وأن يعترف بإبنتهما لكنه رفض قائلًا لها"لم أجبرك على شيء، لم أقترب منك إلا بإرادتك طوعًا منك" فثارت جلنار، وأخبرته إن تلقى عقابه، وذهب إلى ليلى ستكون عدوته، وستقتلهما معًا ستفتك بتلك الأسرة بأكملها، ستنهي هذا الحب، لن تجعله يكتمل أمام حزنها، وخسارتها، وتركته وذهبت.
بكى والدك لفعل هذا الشيء الشنيع تلقى عاقبته، وعقاب حبه، وذهب، حاولت جلنار أن تجهض، لكن تمسكت عنود بالحياة، أبت الموت أرادت القدوم إلى تلك الحياة، وياليتها ماتت، إنحرفت كباقي قبيلتها وجذبت جانيت لهذا الدمار، أصبحوا ملك هذا الشيطان يمدهم بالطاقه، يمدوه بالدماء، حملت والدتك بك، وخالتك لكن بتؤام ليس بآريان فقط حين أنجبت قتلت جانيت الفتاة الصغيرة، ولم يجدوا جثتها؛ لكنها قالت أنها أكلتها لتهدأ نيرانها، ثم قتل الجميع على يد جلنار.
أنهى آصف حديثه لأخيه وإنفجر في البكاء، وآريان طغت على ملامحه الصدمة، له أخت يُقال أنها ماتت!
وأميرته إبنة عمه، وجلنار!
أهي مثل أمها؟
أ وقع أمام جلنار؟
كانت عنود خلف ذلك الباب آتية للإطمئنان على أخيها، ومحبوبها، إستمعت لحديث آصف لكن ينقصه شيء، لاحظ آريان خيال لشخص يعرفه عند الباب؛ لكن قبل أن ينطق وجدا الباب يفتح بهدوء، ودخلت عنود بهدوء ناظرتًا لأسفل تبعد عيناها عن أخوتها.
عنود ببكاء:تلك القصة ناقصة ياآصف، لدي باقيتها، ما لم يعرفه أباك، أعرفه أنا؛ لقد قصت لي خالتي القصة قبل وفاتها.
لم يجب آصف، ولم ينظر لها،
فماذا سيقول لأخته الذي ظلمها أباه منذ أن كانت نطفة؟
فأكملت حديثها قائلتًا:تلك الليله المشئومه لم تكن بسبب أباك، مارست أمي السحر منذ أن كانت طفلة؛ لكن لم يعرف أحد غير خالتي جانيت، كانت أمي وحشًا منذ صغرها، تريد إمتلاك الأشياء الثمينه، لم تحب أباك؛ بل أرادت إمتلاكه، لم تنتقم؛ لأنه تخلي عنها، بل لأنه رفضها، وجرح كرامتها، مارست عليه سحر الحب، وجعلته يرأها كوالدتك، أوقعته في شباك سحرها، فتقرب منها لذلك، أوهمته بأنها ليلى محبوبته، وأنهما أتمما الزواج، أنا لست نتيجة خطيئة، لقد أكملوا مراسم زفافهما؛ لكن والدك كان مغيب، كانت نتيجة سحر جلنار أنا. بعثتني مع آيدن إلى هنا كوصيفة لآرلا، لم تحبني يومًا، لم تسأل عني ليلة، فقط أرادت أن تستخدمني؛ لأوقعكما تلك الليلة عند الممر كنت معكما، كانت تتواصل بكما عن طريقي أنا، لديها روحي يمكنها قتلي في أية لحظة، لم يخطأ أباك يا آصف، بل أخطئت من جعلت من ذاتها أمي.
وجلست على الأرض باكية بحرقة، تعرف الدموع طريقها على خديها فهي رفيقتها الوحيدة، نظر لها آصف بحنان لا ينكر أنه منذ أن رأها عشقها ليس كعشق الأحبه بل عشق الأخوة، إقترب منها، وجلس بجوارها وعانقها وملس بيده على ظهرها، فزاد بكائها، وأمسكت بيدها قميصه، فهذه أول مرة تشعر بها بأن هناك من يحبها، من يقلق عليها، ومن يمسح دمعها، وقعت عيناها على من ظنته رفيق دربها، وجدت عيناه حمروتان كالدماء، علمت عن غضبه، وعدم تقبله بها، فزاد بكائها، وتمسكها بأخيها الذي علم سبب بكائها الحاد ذاك، فنظر لمن ظن به خيرًا راجيًا بعيناه أن يحاول تقبل الوضع، وكل مايدور في رأس آريان أن تلك مؤامرة من عنود وأمها، فعلم آصف مايدور في رأس أخيه، فأمسك بأخته وأوقفها، وذهب واقفًا أمام أخيه ناظرًا لعيناه غير مهتمًا بغضبه، قائلًا بصوت كفحيح الأفعى:ليست مؤامرة ياآريان، أقسم إن لمست إبنة أبي؛ لأهدم تلك المملكه على رأس ساكينها.
وأخذ أخته من يديها، وذهب من تلك الغرفة، وهي فقط كالجماد ناظرًا بعينيها الباكية لمن خذلها دون تفكير.
جلس آريان أرضًا، وصرخ كأسد وحيد أمامه فريسته، ولا يقدر من ضعفه أن ينقض عليها وقام بغضب، وقلب الغرفة رأسًا على عقب.
كان بالخارج ديروس سمع الحديث من أوله إلى أخره، دخل وقبض على يد آريان بقوة لكمة آريان، فرد له ديروس تلك اللكمة، لعله يستفيق من غضبه ذاك، وصرخ عليه.
ديروس: آريان فوق اللي في دماغك مجرد أوهام.
آريان ضاحكًا بعجز ضحكة إنكسار: أي أوهام؟
إن اللي بحبها طلعت بنت عدوتي اللي قتلت أمي؟
ولا إن أخويا وقف قدامي عشانها؟
ديروس: اللي بتحبها بنت عمك مش بنت عدوتك، قالتلك عمرها مااعتبرتها بنتها أو عملتها كأم، وأخوك واقف قدامك عشان غضبك ميضيعش أخته، ولا حبيبتك منك، سابك عشان تفوق ياآريان.
آريان جلس أرضًا لايقوى على الحراك، وأصبح كجسد دون روح لا يعلم مايحدث حوله فجلس ديروس بجواره، وأكمل معه حديثه.
ديروس: أختك لازالت على قيد الحياة ياآريان.
فنظر له آريان يحاول أن يتأكد من صحة حديثه.
ديروس مبتسمًا: إنها على قيد الحياة، سالمة؛ لكن من ربتها عدوتك أيضًا.
فصدم آريان من حديث ديروس.
ديروس: إنها أميرة في ذلك القصر؛ لكنها أميرة لدى أعدائك، ليست بقوة عنود، ليست كثيرة الحركه، لاتظهر كثيرًا، تشبه أمك قليلاً، وبه بضعًا من ملامحك.
آريان بهدوء ناظرًا أمامه: أين هي؟
ديروس بهدوء حذر: يعرف عن مكانها آصف، وهي بخير، ستعلم مكانها حين تعود لعقلك، وهدوئك.
ترك ديروس آريان، وذهب، تركه الجميع وحيدًا، خائفًا، غاضب، تائه، لايفقه شيء سوى البكاء؛ حتى غفت عيناه الباكية، وعقله مذكرًا إياه بحديث طاقة والده، ألا يحكم على الأشياء من غلافها، وأنه لا يجب أن تتشابه الصفات، فأستيقظ، وعاد لرشده متقبلًا تلك الحقائق ولكن رافضًا لذلك الحب.
عند ديروس يجلس على سور الفناء متذكرًا صغيرته خوفها، وعيناها، ملابسها، وزينتها البسيطه، خجلها، وحبها لورود تلك الشجرة التي أمامه، كان عمره أول مرة رأها بها عشرة أعوام، وعمرها سبعة أعوام، كان يملأها النشاط، يزين فمها إبتسامة يعشقها، متذكرًا لمعة عيناها منذ تلك اللحظة أصبح حارسها، وهي مهمته الوحيدة.
شرقت الشمس وآصف يتابع أخيه من بعيد يخشى أن يجعله وحيد، يعلم أنه يكره الوحدة؛ لكن يحب وجود آصف بها، يعلم أن يكره الحقائق؛ لكنه مضطر لتقبلها، أتت من خلفه فتاة صوت خلخالها يصدح في الأذن، ظاهر للجميع، وكأنه ينبه من حوله أن صاحبته آتيه، فإستدار آصف فرأى آريانا تركض، والخوف ظاهرًا على ملامحها، واقعة أمامه، وأتى أخيها آدريان بعصاه خلفها، رفعها، وكان سينهال عليها ضربًا، فوجد يد تصدت للعصا، رُجت يداه من قوتها، فظهر شخصًا نعرفه بعيناه، وملامحه الباردة، مسك العصا، وقام بكسرها، وهبط، ومسك صغيرته، وساعدها على النهوض، وأعطاها لآصف، فقدمها مجروحة تنزف الدماء.
ديروس مبتسمًا بمكر لا يليق إلا به: أظن أن ضربي لك أمام الجميع مسبقًا لم يكفيك، كسر يداك، وتجبيرها لم يبعدك عنها،
تريد المزيد؟
لك مني ما تريد.
حرك يداه وأحدث طرقعة بأصابعه، فوقف آدريان محله، ومهما حاول الفرار لا يستطيع لقد تحكم ديروس بحركته، فبدأ يتصبب عرقًا، وينظر لديروس بخوف، حاول الحديث فأحدث ديروس فرقعة أخرى، جعلته أبكم، فذهب إلى صغيرته، ونظر لقدمها، وتلك الدماء، فأعطاها عصا وأخبرها
"نالي منه إنه يستحق"
نظرت له بخوف، فنظر لها قائلًا:إفعليها لاتخافي، ثقي بي.
فقامت بضربه بقوة حتى ظهرت دمائه، كان هناك من يراقب بعيون صقر كسر جناحه، أخاه يساعد غيره، ويتركه بمفرده فأحس آصف بوجوده فقال، وهو لم يستدير حتى.
آصف: تدعى آريانا.
فتوقفت آريانا عن الضرب، ونظرت للخلف هي، وديروس، وجدا آريان معطي لهم ظهره.
ديروس: أتت القصر، وهي بعمر الخمسة عشر عامًا.
وتنهال الصدمات على آريان واحدة تلو الأخرى.
فأتت عنود، ورأته، وعيناهما متقابلان، فأنزلت عيناها منكسرتًا، متمنيتًا أن يستطيع معذب فؤادها أن يقبل بها.
عنود والدمع في عينيها:ربتها خالتي جانيت، أكبرها بعام.
آصف: منذ أن تولت جلنار تربيتها، وهي تجلدها.
وكان هذا على مسمع ومرأ آريانا غير فاهمةً لما يحدث حولها.
عنود: أتينا إلى هنا معًا، أنا كوصيفة، وهي كأميرة متبناه.
ديروس: منذ أن كانت في السابعة من عمرها، وأنا أحاول حمايتها.
فصدمت آريانا
أهو يعلم عن وجودي؟
ويرأني قبل أن أراه أنا؟
ويحاول آريان التماسك؛ لكن خانته عيناه، فهي تؤامه كيف لايشعر بها، أو يبتعد عنها؟
كان يتألم دائمًا، وتظهر على جسده جروح الجَلد؛ لكن لم يعرف أنها تخص تؤامه.
عنود رافعتًا رأسها، ودمعها ينساب:آريان تلك أختك ليست إبنة عدوتك، إنها إبنة أبيك، وأمك.
فصدمت آريانا وجحظت عيناها،
ألها عائلة؟
ليست وحيدة؟
هناك شخص من دمائها؟
يعرف نسبها؟
فتحركت متناسيتًا لتلك الجروح وصوت خلخال قدمها يعلن تقدمها من أخيها، إلا أن وصلت إليه، وحين رأت ملامحه للمرة الأولى إبتسمت بأمان، وحب، ولمعت عيناها، ثم أغلقتهما معلنتًا فقدانها للوعي، واقعتًا بين يداي أخيها، فوضع يداه مساندًا لها وجلس بها أرضًا، رافعًا عيناه، ناظرًا لها، ثم عانقها بقوة، وإنساب دمعه بقوة، صارخًا، حاقد على دنياه، من أخذت منه والداه، وحرمته من تؤأمه لمدة ستة وعشرين عامًا.
فتقدم آصف من أخيه، وتؤأمه، وإحتضنه من الخلف باكيٍ معه، وعنود، وديروس واقفين ناظرين لهم، عنود ببكاء، وديروس لانت ملامحه الباردة، مرتاح قلبه لقد أوصل صغيرته لبر الأمان، فنظر آصف لعنود، وأراد منها التقدم، فهزت رأسها، رافضتًا، فنظر لها آريان، وأشار إليها بيده للقدوم، فركضت إتجاههم، وحضنا الأربعة بعضهم البعض، وصوت بكائهم واضح للمملكة بأكملها، فعرف الجميع أن العائلة إكتملت أخيرًا.

#حنين_جمعه_ضياءالقمر
#آغارثا

آغارثا الجزء الأول "آريافارثا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن