الجزء السابع عشر ﴿ندم﴾

1.6K 96 151
                                    

﴿الأفعال هي التي تأكد على صدق المحبة أما الأقوال فالكل فلاسفة ﴾

نزار قباني

العاصمة لندن
ليلا

لم أكن أتخيل يوما أنني سأقع في مواقف كهذه ، صحيح انني لم اكن أعيش كملكة عند عائلتي لكنني كنت مكرمة عزيزة نفس ، لم يستخسروا بي شيئ رغم سوء اوضاعهم ، لم اكن أطلب الكثير منهم لكن لا يوجد طلب قد طلبته ولم يوفروه لي ، لم يهني أحد أو يستصغر من قيمتي حتى اني لم اتعرض يوما للتوبيخ من قبلهم ،

لم تكن تعجبني حياتي سابقا كنت اكرهها بشدة ،لطالما ظننت أنني أعيش في أسوء الظروف لكن لو قارنتها بحياتي الحالية و الظروف التي أمر بها فسأندم على تذمري في ذلك الوقت ، لو أخبرني أحد بانني ساعيش عيشة كهذه وسط أناس كهؤلاء لكنت شكرت إلاهي وعشت ممتنة بما املك

أما الأن فأنا أشعر أنني بلا قيمة شخص حقير مذلول مكروه قد وضع في مكان لاينتمي له وسط اناس يستحقرونه ويوجهون له نظرات الإستصغار دائما ، كرامتي تداس تحت الأرجل في هذا البيت ولامفر منه إلا لو تخليت عن حرية أخي ، لم أشعر يوما بالذل والقهر كما شعرت اليوم ، أتعرض للتحرش من قبل منحرف ثم يتم إتهامي بالدنائة أنا التي لم تتكلم مع شخص من الجنس الأخر في حياتها أو حتى تقع عيني بعين أحد منهم ، أطرد من الغرفة للمرة الألف مع تلقي الإهانة والشتم

مسحت دموعي التي لم تشئ التوقف عن النزول والتي لاأعلم إن كانت دموع بسبب الألم او القهر والذل أو بسبب التعب أو شفقة على نفسي.

توجهت للخزانة وبدأت ابحث عن الفوط الصحية ممسكة أسفل بطني التي تكاد تتمزق من الألم ، أخرجت معها ملابس نوم دافئة ثم توجهت بها للحمام إغتسلت بصعوبة وغيرت ثيابي ثم أخذت بخطواتي للسرير ، إرتميت عليه وغطيت جسدي جيدا فالبرد يكاد يقطع جسدي

إنكمشت على نفسي وسط دموعي وألامي وشعور الخوف لايفارقني لقد كنت سيئة الحظ كأمي ففي كل شهر أرى الموت أمام عيني بسبب دورتي ، اتقطع ألما ، تصيبني تشنجات لاتحتمل أتمنى بها الموت ، أستمر في الإستفراغ وألزم مكاني انوح وأبكي تعبيرا عن ألمي ، لطالما كرهتها وتمنيت لو خلقت كذكر بسببها لكن أمي كانت تقول انها نعمة منحها الرب لنا لولاها لما رزقنا بأطفال تبهج حياتنا وتملأ أيامنا

مرت ساعة إستمريت بها في البكاء والشهيق متمنيتا أن تخف ولو قليلا وترحمني لكن بدون فائدة فالألم لم يشئ التوقف وقد إستنزف كل طاقتي على التحمل وهاأنا اركض بإتجاه الحمام للمرة الثانية لأستفرغ مابمعدتي ، ليس وكأنني قد أكلت فقد إنقطعت شهيتي منذ زمن او لنقل منذ أول يوم دخلت به هذا المنزل كزوجة لكن معدتي تعتصرني حتى إستفرغ فمي عصارتها.

بعدما إنتهيت توجهت لغسل فمي بالمياه وقد وقع نظري على إنعكاسي في المرأة ، لاحظت الأن فقط كم انني فقدت من وزن جسدي بعد أن جئت لهذه البلدة ، وجه شاحب وهزيل إضافة لكثير من الهالات السوداء علامات التعب والحزن لاتفارق ملامحي وقد تذكرت الأن كلام لينا الذي وجهته لي في تلك المرة بأنني أهمل نفسي ولن يستطيع زوجي أن يلقي علي نظرة جانبية حتى بسبب مظهري .

disorder Where stories live. Discover now