الفصل الثالث (مشاعر جديدة)
لا استطيع التحكم في عيناي ...أنها تتبعك أينما ذهبت ...
.......
-مياسة؟!
قالتها سناء بصدمة وهي ترى غرفة مياسة فارغة ...اتجهت بسرعة الى خزانتها لتجدها فارغة أيضاً ...وضعت كفها على فاها بصدمة وهي تنظر الى الساعة فتجدها قد تجاوزت الثانية عشر منتصف الليل ...كانت قد أرادت ان تشرب وحينها أرادت الاطمئنان على مياسة ...من داخلها كانت تشعر بالذنب لانها كلمتها بتلك الطريقة ...ولكن طريقة مياسة في رفض ماجد كانت حقاً قاسية وأوجعت قلبها كأم لذلك لم تنتبه لكلماتها القاسية ....
خرجت بسرعة من الغرفة وهي تتصل بماجد ابنها تستعين به .....
.......
بعد نصف ساعة تقريبا كان ماجد عندها حيث أنه يسكن بالقرب منها وبالفعل الاثنين خرجا من المنزل يبحثان عنها ...
-مكانش لازم تقسي عليها بالكلام يا ماما ...
قالها ماجد مؤنباً ...طفرت الدموع من عيني سناء وقالت:
-والله يا بني غصب عني ...غصب عني يا ماجد ...أنا زعلت لما شوفتها رفضتك بالشكل ده ...كان نفسي افرح بيكم يا بني وبنيت آمال كبيرة وفي لحظة اتهدت...
تنهد ماجد وأطرق برأسه قائلاً بذنب :
-كل ده بسببي ... أنا اللي صممت على رأيي ورفضت أتنازل.. محاولتش حتى أحل الموضوع ... وبسببي وصلنا لطريق مسدود ..
-ده نصيب يا بني ..
قالتها سناء بإعياء ...
نظر إليها ماجد وقال:
-خلاص يا ماما اطلعي البيت وأنا هدور عليها ...
كادت سناء أن ترفض إلا أن ابنها أصر وقال :
-ماما لو سمحتي اسمعي الكلام واطلعي أنا هشوفها....يالا ...
هزت سناء رأسها وولجت إلى البناية ...ضم ماجد المعطف الخاص به واتجه إلى سيارته الصغيرة واستقلها ثم انطلق بها باحثاً عنها ....ويبدو أنه كان يعرف اين هي ....
..........
في موقف الأتوبيس ....
كانت مياسة جالسة ودموعها تتساقط تباعاً....لم يتبقى لها إلا مكان واحد فقط وهو عمها الذي يسكن بالصعيد ...هو الوحيد المتبقي لها الآن ولكن هل سوف يتقبل وجودها ....للأسف عمها يحمل نفس صفات والدها وقد يطردها ولكن لا ضرر من التجربة....
فجأة لمحته يخرج من السيارة...نهضت بصدمة وهي تمسح دموعها التي تغرق وجهها ...نظر إليها ماجد بتأنيب ثم اقترب منها وقال:
-كنت عارفة انك هتكوني هنا ...هتروحي لمين (!لعمك؟!فاكراه هيستقبلك يا مياسة ؟!
رفعت رأسها بكبرياء وقالت:
-ولو طردني مش مهم هروح مكان تاني ...أرض الله واسعة...
هز رأسه بتعب وقال:
-ليه بتعملي الحاجة من غير ما تفكري يا مياسة ...ازاي تطلعي من البيت في الوقت ده؟!افرض كان حصلك حاجة ؟!
-مش عايزة اكون في مكان أنا مش مرغوبة فيه ...
قالتها وهي تربع ذراعيها وتنظر من الناحية الأخرى ...أغمض عينيه بتعب وجلس ثم قال:
-اقعدي عايز اتكلم معاكي شوية ...
ترددت في البداية ولكنها بالفعل جلست وهي تنتظر كلماته وهي حتى لا تنظر إليه ...
بدأ في التكلم بهدوء وقال:
-تعرفي قد ايه خالتك قلقانة عليكي ؟!تعرفي أنها كانت عايزة تيجي معايا عشان تدور عليكي يا مياسة ؟!!تعرفي الكلام ده ولا لا ؟!يا ستي افرض اتعصبت عليكي شوية ...ست كبيرة وغلطت...لسانها فلت في لحظة غضب متأخديش الأمور بحساسية كبيرة كده ...ومتعمليش حاجة من غير ما تفكري فيها كويس ...خروجك بالليل كده وأنتِ بنت مش آمن ...افرض كان حد اذاكِ أو عملك حاجة ...افرض أنا مكنتش قدرت الاقيكي كانت حالة خالتك هتكون ايه يا مياسة ...متخيلة هتكون حاسة بإيه ؟!...
-طيب وأنا ...أنا معنديش إحساس يعني ....أنا تعبت ...تعبت ...أنا كمان إنسانة وليا مشاعر يا ماجد ...تعبت من كتر ما الناس كلها بترمي سني في وشي ...أيوة عارفة أني كبرت في السن وفرصي في الجواز قلت أو انعدمت ...أنا عارفة كده ليه ضروري الناس تفكرني... وليه عشان كبرت في السن مطلوب مني اني اوافق على اي حد ؟!عشان كبرت مفروض اوافق على واحد متجوز أو مفروض اوافق على واحد رماني زمان من غير تفكير ...واحد بدل ما يطمني عايزني بوضعي وبعقدي...ودلوقتي عشان جه اتقدملي مفروض ابوس ايدي وش وضهر واقبل بوضع أنا مش عايزاه عشان سني ...خلاص مش عايزة اتجوز ...أن كان الجواز معناه اني أتنازل ويتداس عليا يبقى اقعد لوحدي احسن ما أموت مقهورة زي أمي؛!!
تنهد ماجد وقال:
-طيب خلينا نمشي ونقفل الموضوع ده خالص خالتك قلقانة عليكي ..قلقانة عليكي عشان بتحبك يا مياسة ..
أطرقت بوجهها ومسحت دموعها لينهض ويمسك حقيبتها ويقول:
-يالا نروح البيت ...واعتبري خالتك زي مامتك ...أنتِ لو أمك اتعصبت عليكي هتسيبيلها البيت وتمشي يعني ؟!!.
وبعدين يا ستي متقلقيش. ..أنا بنفسي مش هخلي حد يجبرك على حاجة تاني ...أمي مش هتفتح موضوعي معاكي تاني .. يعني ارتاحي خالص ...
...........
-مياسة...
قالتها سناء بلهفة وهي تضم مياسة بقوة وهي تبكي ....
ربنا مياسة على ظهرها وهي تبتسم دامعة ...
ابتعد سناء قليلا وقالت؛
-كده يا مياسة...عشان بس انفعلت عليكي تسيبي البيت وتمشي ...ليه كده يا بنتي ...
تدخل ماجد وهو يقول :
-ماما خلاص مفيش داعي للكلام ده...خليها تدخل وترتاح. ..
هزت سناء رأسها وقالت:
-روحي يا بنتي لاوضتك ...
أطاعت مياسة أمرها وذهبت إلى غرفتها...نظر ماجد إلى والدته وقال:
-امي متفتحيش الموضوع معاها تاني ...
-بس يا بني أنا عايزة افرح بيكم ...
أغمض ماجد عينيه بتعب وقال:
-امي لو سمحتي متفتحيش الموضوع تاني. ..احنا لقيناها المرة دي الله أعلم المرة الجاية هنقدر نلاقاها ولا لأ ...عشان خاطري متفتحيش الموضوع ده تاني ....
هزت والدته رأسها بتعب وقالت:
-حاضر يابني ...
ولكن داخلها سناء كانت غير مقتنعة ...لقد اصرت على أن تتكلم مع مياسة حتى تقتنع وتوافق على ابنها !!!
......
مرت الأيام برتابة شديدة ...كان نفس الروتين ...مياسة تذهب الى العمل وتعود ..تنظف المنزل مع خالتها وتنام لتستيقظ للعمل مرة آخرى ...ولكن الجانب الافضل في عملها كان هو ...قصي.....
............
-هتحرقي ايدك كده ...
قالتها مودة لتنظر إليها مياسة بإرتباك وترى ما الذي كانت تفعله فهي كانت أمام ماكينة القهوة وكوبها كاد أن يمتلئ وينسكب على يدها ....أبعدت مياسة الكوب ونظرت إلى مودة زميلتها في العمل والتي كانت أقرب شخص لديها في تلك الشركة رغم أنهما ليسا أصدقاء مقربين ولكن مياسة حقاً تحبها....
-معلش كنت سرحانة شوية ..
قالتها مياسة بإرتباك وهي تطرق برأسها ابتسم مودة بخبث وهي تنظر إلى قصي وقالت:
-ايه بس اللي واخد عقلك ومخليكي مبتبصيش الا عليه ...
-ها ...لا مفيش حد ...أنا رايحة أشرب القهوة عشان ورايا شغل ...
ثم هربت بسرعة من أمامها لتضحك مودة وهي تنظر إلى قصي الذي يتكلم مع أحد الموظفين
.....يوم الجمعة
في المقبرة ...
كانت تجلس بجوار قبر والدتها دموعها تُغرق وجهها بينما تتلمس القبر وتقول بإختناق :
-وحشتيني أووي ...الحياة من غيرك وحشة أووي يا ماما ...لولا خوفي اني اغضب ربنا كنت جيتلك ...أنا مش قادرة اتأقلم في الحياة من غيرك ...حاسة نفسي غريبة ...محدش قادر يفهمني يا ماما ...محدش خالص ....
أطرقت بوجهها وهي تنفجر أكثر بالبكاء ...
.....
بعد دقائق معدودة كانت قد انتهت ثم مسحت دموعها وهي تبدأ بقراءة القرآن لها ....
.......
بعد نصف ساعة نهضت وهي تكفكف باقي دموعها واتجهت إلى بوابة المقبرة لكي تخرج ولكنها تجمدت وهي تجده أمامها يخرج من سيارته توقف فجأة وهو يراها ...عينيه الرمادية تركزتا عليها...ارتبكت وهي تفرك كفيها ...اقترب قصي منها وقال:
-بتعملي ايه هنا يا آنسة مياسة ؟!
-كنت بزور ماما الله يرحمها ...وحضرتك ...
-أنا كمان جاي ازور هنا حد بعتبره حتة من قلبي ..
-مين ؟!
-أبني ...جاي ازور ابني الله يرحمه .
يتبع
#هل_أسعدك_قتلي
#سولييه_نصار