الفصل العشرون (السقوط في الهاوية )
أسقط في الوحي مجدداً وأناديك لكي تنقذني ولكنك تدير ظهرك لي ..
........
أستيقظت من كابوسها وهي تصرخ بقوة ارتعش كفها وهي تضعه على فمها بينما الدموع تحتشد بعينيها ...لا تصدق ...هي من قتـ لت ابنها ...لقد قتـ لته بالفعل !!!!عصف بها الأ لم بقوة وذكريات الكابوس تندفع لا تصدق ...لا ترغب أن تصدق هذا ...هذا يعني أن العقار الذي تناولته حولها إلى و حش وفي تلك الليلة قتـ لت أبنها بالفعل...لقد ظن قصي أن انس انزلق من يدها أو وقع ....ولكنه حتى لم يتوقع في أسوأ أحلامه أن تكون هي من قتلته !!!اي جريمة اقترفت ...رباه ...زوجها لن يسامحها أبداً....
وضعت كفيها على وجهها وهي تنفجر ببكاء مرير ...ماذا تفعل الآن....كيف تتعامل مع تلك الحقيقة التي اكتشفتها. ..كيف ....
دفنت رأسها في الوسادة مجددا وهي تصرخ بعنف...أخذت تصرخ وتصرخ حتى شعرت بتمزق احبالها الصوتية ...حتى شعرت أن طاقتها قد انتهت ....فبقيت دافنة وجهها في الوسادة فقط الدموع تنفجر من عينيها وشكل أنس المخضب بالدماء لا يغيب عن عقلها...ليتها تمو ت ...فقط ليتها تمو ت وترتاح الآن ...
...............
كانت جالسة وهي تشاهد التلفاز ....فقط عينيها مثبتة على التلفاز ولكن عقلها في مكان آخر تماما ...هي حتى لا تستوعب ذلك الفيلم الذي يُعرض ...تشعر وكأن ملامح الفيلم باهتة بينما ذكريات آخرى تعصف بعقلها ...تتداخل الصور بعقلها فتتوه هي ....لا تعرف لما كل تلك الذكريات تعصف بها الآن بالذات ....تتذكر والدتها وهي تبكي بقهر بينما والدها يطردهما من المنزل ...تتذكر موت والدتها وكيف أنها فقدت ركن أساسي بحياتها ....تتذكر يومها كيف أخذت تحاول أن تجعل والدتها تنهض ....لم تكن ترغب أن تصدق أن والدتها تركتها بمفردها ...الألم الذي شعرت وقتها لا يُقارن بأي الم اختبرته ...شعرت أن قلبها يحترق ...شعرت أنها تختنق وكأن العالم كله يحترق من حولها....ولكنها بعد فترة وجدت الأمان بمنزل خالتها ...خالتها التى عاملتها وكأنها ابنتها ...لم تبخل عليها بشئ ......حتى كبرت وأحبت ماجد وهو بادلها الشعور ..وباركت خالتها تلك العلاقة ...كانت سعيدة للغاية بزواجهما ....ولكن تلك الغصة بقلب مياسة لم تختفي ..شعرت أن سعادتها سوف تنتهي بسرعة..وبالفعل انتهت سعادتها مع ماجد بأسرع ما تتوقع ...وطعنة في القلب أتتها منه عندما تزوج بعد إلغاء زفافهما بشهر ...شهر واحد فقط ..
أغمضت عينيها والدموع تسيل منهما...كم عانت ...عانت كثيراً وارادت أن ترتاح ...وظنت أن راحتها مع قصي ولكنها لم تعرف ان حياتها معه ستكون بداية لعذاب جديد...لم تعرف أبداً...
-أنا خارج
قالها قصي بهدوء ...لم ترد عليه مياسة إذ بدت أنها في عالم آخر ....عبس قصي وهو ينظر إليها واقترب منها بتوجس ...توسعت عينيه وهو يجد الدموع تسيل على وجهها ...
جلس بجوارها وأمسك كفها وهو يقول :
-مياسة فيه ايه ؟!
رمشت وهي تعود لوعيها ثم تسحب كفها تمسح دموعها بعنف نوعاً ما وعادت نظراتها إلى برودها وهي تنظر إليه وتقول ؛
-فيه ايه مالي ما أنا كويسة اهو ؟!بس حاجة دخلت في عيني ....
بالطبع لم يقتنع بحجة غبية مثل تلك فتنهد وهو يقبض على كفها مجدداً ويقول:
-مياسة أنا عارف ان الفترة اللي فاتت ضايقتك ...وعارف اني زودتها وانا معترف بغلطي ...بس أنا بجد عايزك في حياتي ..
رمقته ببرود وقالت:
-أنت مبتحبنيش يا قصي ...
-ومين قال كده ؟!
قالها بلهفة وهو يضغط على كفها اكتر ثم أكمل :
-أنتِ بالنسبالي راحتي ...والراحة والاحتياج من صور الحب ...انا بكون مرتاح معاكي ...حاسس انك الشخص المناسب اللي هيكون في حياتي ....
تنهدت بيأس ؛
-مش كفاية يا قصي ...مش كفاية أبداً...اللي مصبرني وعدك ليا والا كان زماني مشيت من زمان ...
ابتلع ريقه وقال:
-وعدي هحققه يا مياسة ...النهاردة هتنازل عن مسؤولية روان بشكل كامل...عشان بس اوريكي اني شاريكي ...
نظرت إليه وهي لا تفهم قصده بالضبط ...
.......
بعد ساعتين ...
في أحدى المقاهي الراقية ...
-قصي بيه خير طلبتني ليه ؟!
قالتها هدى ...وهي تكون عمة روان ...لقد تواصل معها أخيراً وطلب مقابلتها ...أنها الطريقة الوحيدة لكي يبعد روان عن حياته ...هو غير مستعد لعيش نفس الألم الذي عاشه معها ....يكفي ما فعلته به ....
ابتسم قصي برسمية وقال :
-أزيك يا ست هدى ...اتفضلي اقعدي الاول وبعدين هنتكلم ....
نظرت إليه هدى بتوجس ثم وضعت حقيبتها على الطاولة وجلست ...أخذت تفرك كفيها بتوتر وهي تنتظر سماع ما سيقوله ...
تنهد قصي وقال :
-تحبي تشربي ايه ؟؛
-قصي بيه أنا لا عايزة اكل ولا عايزة اشرب ...أنا عايزة اعرف جايبني ليه هنا....
ضم قصي كفه وهو يزداد توتراً وقال :
-روان ...
ضحكت بمرارة وقالت وهي تحاول النهوض :
-كنت عارفة انك هتكلمني عشانها ....
-مدام هدى استني بس لو سمحتي ...اسمعيني الأول ....
-اسمع ايه يا قصي بيه ؟!روان دي آخر مرة شفقت عليها ودخلتها بيتي مدت ايديها وسر.قتني وكانت هتمو.ت بنتي ...واحدة مدمنة زيها كانت هتجر بنتي المراهقة للقر.ف بتاعها ...عايزني اسمع اسمها واسكت ازاي ...
-روان اتعالجت وبطلت و....
ضحكت هدى بقوة وقالت:
-أنت مصدق نفسك يا قصي بيه ؟!روان ابوها عالجها كذا مرة ورجعت للقر.ف ده لأنها هي عايزة تعيش كده ...هي عايزة تعيش طول عمرها في القر.ف ومش عايزة تبطل ....لا يا قصي بيه ..كي مستحيل تتغير هتفضل طول عمرها مدمنة ..شمامة. ...
تنهد قصي بتعب وقال:
-هديكي خمسة مليون جنيه....
توسعت عينيها بصدمة ليردد قصي بقوة :
-هديكي خمسة مليون جنيه مقابل انك.بس تطمني عليها بالتليفون كل يوم ....تحضري معاها جلسات العلاج النفسي ...وتديني اخبارها اول بأول ...ومش عايز حاجة تاني ...مش مضطرة تخليها في بيتك ...لو سمحتي أنا مش عارف ألجأ لمين غيرك ...
نفخت بضيق ...تريد أن ترفض ولكن المبلغ كبير ...أنه أكبر من أي مبلغ حلمت بأخده ...لذلك لم تتردد وهي تخبره بموافقتها ...
.............
-رد ...رد يالا ...
قالتها روان وهي تنتحب بقوة ...قلبها يرتعش داخل صدرها ...وذكريات كابوسها المحموم تسيطر على عقلها...لو بقت لوحدها الآن بالتأكيد سوف تفقد عقلها ...الدموع تنفجر من عينيها وهو لا يرد على اتصالها....أسقطت الهاتف وهي تبكي ....تشد خصلاتها الشقراء وهي تشعر بشئ ضخم يجثم على صدرها ...لا تستطيع التنفس ...ماذا تفعل ...ماذا...أمسكت هاتفها وهي تحاول الإتصال به مرة آخرى...لن تستسلم أبداً...هذا مستحيل ...
..
على الجانب الآخر وبعد الانتهاء من الكلام مع هدى كان قصي بسيارته ينظر إلى هاتفه الذي يضيئ بإسم روان ...روان كان الاسم الكفيل ببعث السعادة داخله ولكنه الآن أصبح مجرد لعنة ...لعنة يحاول التخلص منها ....تنهد بتعب وهو يمسك الهاتف ويرد بتعب :
-خير يا روان ؟!
-ق....قصي ممكن تيجي ؟!تعالى بسرعة محتاجاك!!!
أغمض عينيه بتعب ...أنها دوما تستغله ...تستغل خوفه عليها ...اهتمامه بها ... تطلبه وتنتظر أن يذهب إليها ولكن ليس بعد اليوم ...هي لن تستغله بعد اليوم ....
-لا يا روان مش هاجي ...من النهاردة مش هاجي عندك ....من النهاردة مليش اي علاقة بيكي ...عمتك هدى هي اللي هتهتم بيكي ...وياريت تشيليني من دماغك خالص ...عشان أنا من النهاردة حياتي مع مياسة مش معاكي ...
ثم أغلق الهاتف بوجهها دون سابق إنذار ...
ظلت متجمدة مكانها ودموعها تنفجر دون توقف ...تشعر أنها غير قادرة على التنفس....
أوقعت الهاتف وهي تتجه إلى الفراش أزاحت الغطاء فتحت السحاب ثم أخرجت حقيبة بلاستيكية وامسكت حبة المخدر بين يديها ...كانت ترتعش ...تعرف أن لا مجال للعودة الآن ....هي تتألم وتلك هي الوسيلة الوحيدة لترتاح ...لذلك دون أن تفكر وضعت الحبة بفمها وبلعتها وهي تغمض عينيها تنتظر الشعور الرائع الذي سوف يعصف بها !!!
يتبع
#هل_أسعدك_قتلي
#سولييه_نصار