الفصل السادس عشر (تخلي )
أعماق روحي ترعد...وفي صميمي غيمة...تبكي ..وثلج أسود
(نزار قباني )
........
أخرج هاتفه بسرعة وهو يتصل بها ولكنه سمع رنين الهاتف من الغرفة ...دخل ليجد هاتفها ملقي بإهمال على الطاولة المجاورة للفراش ...
-لا يا مياسة ...لا......
حاولت روان أن تتدخل وتهدئه وقالت:
-طيب اهدي هي ممكن تكون ...
-اخرسي...اخرسي...ممكن تخرسي وتسيبيني في حالي!!!
تراجعت روان بصدمة ...كان الرماد يشتعل بعينيه ...غضبه يسيطر عليه ....ابتلعت ريقها وقد ترطبت عينيها بفعل الدموع ليصرخ بها :
-أنتِ السبب ...أنتِ السبب في كل اللي بيحصلي ده ...سامعة!!!!حياتي اتدمرت بسببك ...من اول ما شوفتك مشوفتش يوم عدل في حياتي ...حبك كان لعنة عليا...ياريتني ما شوفتك ولا حبيتك ...أنا بخسر بسببك...بخسر سعادتي وراحة بالي ...بخسر كل حاجة بفضلك أنتِ ....
شهقت بقوة والدموع تنهمر من عينيها وقالت بنبرة مختنقة:
-أنا اسفة ...اسفة ...
-وأنا اعمل ايه بأسفك ..قوليلي اعمل ايه بأسفك؟!اسفك ده هيرجعلي حياتي اللي ضاعت معاكي ...هترجعلي ابني اللي قتلتيه ...
تراجعت بصدمة من قسوة كلماته وقالت :
-كفاية يا قصي ...
-لا مش كفاية ...لازم تحسي باللي أنا حاسس بيه ...أنا بموت كل يوم بسببك...بحاول انساكي وأنتِ مش سايباني. في حالي ....مش مخلياني متهني مع البنت اللي اختارتها ...أخيراً قررت استقر ظهرتي في حياتي تاني ..رغم أننا كنا متفقين على الطلاق ..لكن لا أنتِ حبيتي تدمري حياتي وفعلا برافو عليكي حياتي اتدمرت اهي ...افرحي يالا وانبسطي ..
أطرقت برأسها وهي تشهق بالبكاء ...كلامه الهجومي اشعرها بالسوء ...لقد عرفت كم هي أنانية الآن لقد دمرت حياته ولم تتركه يتهنى ...هذا يكفي ...آن الأوان لكي تتركه وشأنه ...تتركه ليبقى مع من اختارها
رفعت عينيها مرة أخرى ونظرت إليه وهي تحاول ألا تنفجر بالبكاء ولكنها عجزت عن السيطرة على دموعها التي أصبحت تنهمر دون توقف :
-أنا اسفة يا قصي ...اسفة على اللي عملته ...واسفة اني بعد كل الضرر اللي سببته في حياتك رافضة اختفي من حياتك واسيبك في حالك ...سامحني يا قصي اني مش قادرة اسيبك ...بس ده عشان والله بحبك ...مش هقدر اعيش من غيرك ...عشان بحبك والله ويمكن انت كرهتني أو بطلت تحبني بس انا لسه بحبك وهفضل احبك طول حياتي ...
مسحت دموعها وأكملت :
-طلقني يا قصي مادام ده هيخليك مرتاح ومبسوط طلقني وعيش مع مراتك وانا هختفي من حياتك ده وعد مني مش هتشوفني تاني ...
نظر إليها بجمود...وعلى الرغم من جمود نظراته إلا أن داخله كان يحترق....هز رأسه وقال:
-اكيد هطلقك بس بعد ما نروح الدكتور الاول ... عايز اطمن عليكي قبل ما اسيبك ....
ابتسمت بإنكسار وقالت:
-عشان تريح ضميرك يعني ...طيب يا قصي اللي تشوفه وانا مش هعترض أبداً ...هروح معاك للدكتور ...واعمل اللي انت عايزه مادام ده هيريحك ...بس الاول شوف مراتك فين ورجعها... رجعها مادام هتسعدك ...
........
-ايه اللي جابك هنا تاني مش مفروض تكوني مع جوزك ؟!هو يعرف انك هنا ؟!
قالها والدها بضيق وهو يراها تجلس على الأريكة بكل هدوء ...تنظر إليه والصقيع في عينيها وتره ....نهضت مياسة وقالت:
-تحب اتكلم قدام مراتك عادي ولا هتخليها تدخل جوا عشان نتكلم براحتنا ...
نظرت ماجدة إليها وقالت:
-لا يا عينيا اتكلمي وقولي ايه اللي خلاكي تسيبي جوزك وانتوا في شهر العسل وتنورينا هنا ...
ابتسمت مياسة وقالت:
-حلو اووي ...عشان تأخدوا انتوا الاتنين التهزيق بالمر ....
-ايه يا بت قلة الأدب دي ؟!
صرخ عزيز بعصبية فضحكت مياسة وقالت:
-أنت لسه شوفت قلة أدب يا حاج ...استنى قلة الأدب جاية دلوقتي ...ده قلة الأدب والتربية هتظهر دلوقتي ...ما اصلا حضرتك قصرت في تربيتي ....
-أنا لو منك هجيبها من شعرها ..
قالتها ماجدة بغيظ...نظرت إليها مياسة وقالت:
-وتفتكري قصي هيسكت يا ماجدة ؟!اكيد بابا عارف هو ممكن يعمل ايه لو لمسني. ...صح ولا ايه ؟!
ثم نظرت إلى والدها وهي تكمل كلامها ...
-عايزة ايه يا مياسة ؟!
قالها والدها بغيظ...
اقتربت منه وقالت:
-أنت كنت عارف ان قصي متجوز صح ؟!...كنت عارف ورغم كده مقولتش وسكتت خالص ....يا ترى دفعلك.كام.عشان تسكت ...
ارتبك والدها وقال:
-هو...هو قالك؟
-ايوة قالي على اللعبة الرخيصة اللي اتلعبت عليا من أبويا اللي هو المفروض اماني ...ابويا كان يعرف أن جوزي متجوز ومفكرش يقولي...
قولي لحد امتى ...لحد امتى هتفضل بالشكل ده ....انت ازاي كده ...ده انا بنتك من لحمك...انت اللي مفروض تحميني مش ترميني اي حد يلعب بيا ويكسرني ....
مسحت بقسوة الدموع التي انهمرت من عينيها وقالت:
-بس أنا ليه مستغربة ...أنا اصلا كنت مستنية منك ايه ؟! انت طول عمرك كده ...انت اتخليت عني في عز ما أنا محتاجالك...اتخليت عن امي ورميتها برا حياتك لحد ما ماتت بحسرتها وانت عيشت حياتك من غير ما تحس بالذنب ...فمعرفش جاية اتكلم ليه معاك ...على اساس انك هتحس بالذنب مثلا ...ابقى غبية لو افتكرت انك هتحس بالذنب ...انت عمرك ما هتحس بغلطك يا بابا ...هتفضل عايش في العسل مع انثى العنكبوت اللي اختارتها لحد ما تغرقك ...
-أنا انثى عنكبوت ياللي متربتيش ؟!
صرخت ماجدة لتقول مياسة :
-اخرسي يا رقاصة أنتِ ...
ثم وجهت كلامها لوالدها مكملة :
-بس دي مش النهاية يا بابا ..انت هتندم على كل لحظة اذيتني أنا وأمي فيها ...حتى لو مندمتش في حياتك ...هتندم لما نقف قدام بعض عند ربنا وارفض اسامحك !!!
ثم استدارت لتذهب إلا أنها توقفت مكانها وماجدة تتمتم:
-فعلا متربتيش ..لو أنا امك كنت ربيتك
نظرت مياسة إليها وقالت:
-مش معقول رقاصة هي اللي هتعملني الادب ...طيب خلى حد اشرف منك يربيني بدل ما اطلع فلتانة زيك ...
ثم غادرت وتركتها وهي مصدومة ...
-أنت هتسكتلها يا عزيز ...
صرخت ماجدة ولكن عزيز كان منفصل تماما عن الواقع وكلمات ابنته تجلده بقسوة !!!
.....
خرجت مياسة من بناية والدها لتجد قصي يخرج من سيارته وهو يلهث ...
زفرت بضيق واتجهت نحو السيارة واستقلتها بكل هدوء ...
نظر إليها قصي بتوتر ...هيئتها لا توحي بالخير ...ولكنه استقل السيارة بكل هدوء واستعد للانطلاق ولكن قبل هذا نظر إليها وقال:
-قلقتيني عليكي انا...
قاطعته بفظاظة وقالت:
-مش عايزة اسمع صوتك لو سمحت سوق وانت ساكت !!!
لم يناقشها وقاد السيارة فهو لا يريد أن يثير المشاكل الان ...
......
نهضت روان والباب يُفتح وتجد مياسة يتبعها قصي ...تنهدت براحة وقالت:
-خوفتينا عليكي ...
رمقتها مياسة ببرود وقالت:
-اسمعوني انتوا الاتنين عشان كلامي مش هكرره ...قصي وعدني أنه هيطلقك بعد أسبوع ...ولو الطلاق متمش أنا اللي هتطلق منه ...
أطرقت روان برأسها ولم تتحدث لتكمل مياسة:
-وحاجة تانية ..معلش روان متقعدش هنا معانا ..تقدر توديها بيتها وتروحلها تطمن عليها لحد ما يتم الطلاق والا أنا اللي همشي..وده آخر كلام عندي ..
ثم تركتهما وولجت لغرفتها وهي تغلق الباب !!!
يتبع
#هل_أسعدك_قتلي
#سولييه_نصار