الفصل الواحد والعشرون (هروب غير مشروع)
جميع القلوب لفظتني للخارج ..حتى قلبك ...
.........أغمضت عينيها والخدر ينتشر في كل جسدها...شعرت بروحها تنفصل تماما عن جسدها وتطير ...سعادة لا تدري من اين أتت تعصف بها ...ابتسامة ارتعشت على شفتيها ثم ضحكات عالية خرجت منها ....أنها تختبر تلك السعادة منذ زمن ...زمن ....كيف امكنها التخلي عن سعادة تقدمها لها حبوب سحرية...تساعدها على الانفصال عن واقع مرير ....أنه السحر الذي تحتاجه بحياتها ....لن تندم بعد الآن ...سيكون الطريق الذي تسلكه لتنسى كل شئ....
تسطحت على الفراش وهي تنفصل عن الواقع...إذا كان المخدر سيمنحها تلك السعادة فلما لا ...بالنهاية ما الجيد في واقع بهذا السوء؟!!
..........
اغمض عينيه وهو يرجع رأسه للخلف ...لقد تخلى عنها وانتهى الأمر...ترك كفها أخيراً رغم علمه أنه لن يحب اي احد بقدرها ولا حتى مياسة ...يعترف أنه يكن مشاعر خاصة لمياسة ولكن تلك لا تُقارن مع مشاعره لروان ...فمشاعره نحو روان قوية عاصفة ....عكس المشاعر اللطيفة التي تنتابه عندما تكون مياسة بجواره ..ولكن الأنسان لا يحصل على كل شئ ...إن أراد أن يكون سعيد في حياته فعليه أن يترك روان ...أن يبتعد عنها والا سيعيش في الجحيم طوال حياته ....لقد حاول مساعدة روان ولكنه في كل مرة فشل وكان الثمن حياة ابنه ....ما فعلته بإبنه لن ينساه يوماً....لن ينسى أنه مات بسبب إهمالها ...ابنه الصغير ...قطعة من قلبه .....
اخرج حافظة أمواله من جيبه ونظر إلى صورة ابنه التى وضعها هناك...نظر إلى الصورة والبؤس مرتسم على وجهه...عينيه رطبة بفعل الدموع فمه قد انحنى بحزن ....طفله ...قطعة منه....عندما وُلد كان أسعد رجل على وجه الأرض ...لقد فعل المستحيل ليحافظ عليه ...ولكن للاسف ابنه مات ..مات ومات شئ بداخل قصي ...شئ لن يعود مجددا.....انهمرت دموع قصي وهو يقرب الصورة منه ويقبلها بلطف ثم ارتفع صوت نشيجه وهو يدفن وجهه بين كفيه ...لن ينسى ...ولن يغفر !!!.........
عاد إلى منزله وعلى وجهه يبدو الأرهاق...كانت مياسة جهزت طاولة الطعام لكي تأكل وتوقفت فجأة وهي تراه
-أنا عملت أكل تحب تاكل؟!
هز رأسه بتعب فقالت :
-روح غير هدومك اغسل ايديك وتعالى كل ...
ثم جلست وبدأت تأكل :
-ايه مش هتستنيني؟!
قالها مربعاً ذراعيه فهزت كتفيها وقالت:
-لا وأحمد ربنا اني هاكلك أصلاً....
ابتسم بتعب ...يعترف أن سلوكها المشاكس يعجبه ..أنه يحب اندفاعها بالكلام ...لقد تأكد بالفعل أنها الشخص المناسب له ...
-طيب خلاص يا ست البنات متزعليش ...هغسل ايدي واجي ...
وبالفعل اتخذ طريقه نحو الحمام ...
....
بعد قليل كان قد أتى واتخذ مكان له على الطاولة وبدأ يأكل ...
-انا كلمت عمة روان النهاردة ...هي اللي هتهتم بيها وهتابع معاها...
قالها قصي فجأة ....توقفت مياسة عن الأكل وقالت بأمل:
-يعني هتطلقها خلاص ...
هز قصي رأسه وقال:
-ايوة يا مياسة ...اخر الأسبوع ده هبعتلها ورقتها ....
مد يده وأمسك كفها وقال:
-أنا مستعد اعمل ايه حاجة عشان تبقي معايا يا مياسة....أنا حياتي مع روان خلاص انتهت ....مفيش أمل للرجوع من قبل ما أنتِ تظهري في حياتي أصلاً....
شدت كفها وقالت وهي تكمل طعامها:
-تمام تطلقها وبعدين نكمل كلامنا يا قصي ...ونعرف هنعيش حياتنا ازاي. ...بس تنفذ وعدك الأول ...والأهم كمان شرطي اللي في العقد انك متتجوزش غيري !!
-أكيد هنفذ كل وعودي يا مياسة ...
.......
في اليوم التالي ....
في منزل سناء ....
-كده برضه يا مياسة نستيني...نسيتي خالتك ...طيب انا كنت زعلانة ومحضرتش فرحك ...أنتِ خلاص يعني قطعتي العلاقات ؟!...هونت عليكي يا مياسة ....هانت عليكي خالتك ؟!
كانت سناء تضم مياسة بقوة وهي تبكي...بينما مياسة تبكي هي الآخرى بحرقة ...وكأنها استغلت ذلك اللقاء العاطفي لتفرغ الحزن الذي أصبح يفيض من قلبها....شددت مياسة من احتضان سناء وهي تبكي وتقول :
-سامحيني يا خالتي حقك عليا ...حقك عليا ...
ابتعدت سناء عنها وهي تمسح.دموعها وتقول :
-مفيش ام بتزعل من بنتها يا عبيطة ...أنا بس كان نفسي تكوني من نصيب ماجد ...
أغمضت مياسة عينيها وقالت بصوت مرتعش :
-الحمدلله على كل حال يا خالتي ده نصيب أنا جيت عشان وحشتيني وعشان اطمن عليكي ....
شدت سناء على كفها وهي تقول :
-انا كويسة اووي يا حبيبتي ...كويسة طول ما انتي كويسة ...المهم طمنيني عليكي.انتِ يا مياسة ...اخبارك ايه في حياتك الجديدة ...جوزك كويس معاكِ؟!
بشق الأنفس رسمت مياسة على شفتيها ابتسامة باهتة على شفتيها وقالت:
-انا مبسوطة اووي يا خالتي بحياتي ...قصي بيعاملني كويس اووي ...كأن ربنا عوضني بيه عن كل اللي شوفته ...
ابتسمت سناء براحة وقالت :
-هو ده اللي نفسي اسمعه يا بنتي ...ربنا يكرمك دايما ....صحيح أنا زعلت منك عشان حوار ماجد بس يعلم ربنا اني مبسوطة انك فرحانة في حياتك ..المهم يا بت لما اتصلتي بيا وقولتي انك جاية هنا عملتلك الرز المعمر اللي بتحبيه ...هجيبهولك دلوقتي ...
ضحكت مياسة بسعادة وهي تتذكر كيف أن خالتها تعده دوما لها ...وعلى الرغم انها حاولت صنعه من قبل إلا أن طعمه من يد خالتها لا يُقارن ....ابتسمت مياسة وهي تشعر أخيراً أن كل شئ سيكون على ما يرام خصوصا مع اقتراب نهاية الأسبوع !!
........
مرت الأيام ببطئ ثقيل على مياسة التي كانت تنتظر بفارغ الصبر لترى هل سيحقق قصي وعده أم لا ....وعلى الجانب الآخر غرست روان أكثر في تناول المخدر حتى فقدت الاحساس بمرور الأيام ...بينما قصي كان يمنع نفسه قسراً من الاتصال بها يكتفي بالإطمئنان عليها من عمتها هدى ....
........
أتى آخر الأسبوع أخيراً......
.....
وجد نفسه يقف أمام منزلها ...كان من المفترض أن يبعث لها ورقة الطلاق دون أن يراها ولكن لا يعرف لماذا شعر بحاجة ملحة لرؤيتها ...خاصة أن جلسات العلاج النفسي الخاص بها سوف تبدأ من الأسبوع القادم حسب ما أخبره عبد الرحمن ...يريد أن يطمئن ان كل شئ سوف يصبح على ما يرام ...
رن جرس المنزل وأنتظر أن ترد بصبر .......دب القلق في قلبه وهو يرن الجرس بإصرار ولكنها لا ترد ....شعر بقلبه يهوي داخل صدره وأخرج بسرعة المفتاح الخاص بمنزلها الذي يحتفظ به في حالة الطوارئ وفتح الباب بسرعة ثم دخل وهو يهتف بإسمها:
-روان ...روان !!!
ركض إلى غرفة النوم لتتجمد كل خلية بجسده وهو يراها ....كانت مستلقية على الأرض بلا حراك ...بينما الحبوب تنتشر حولها ...
-روان ؟!!
قالها بينما يشعر أن عالمه ينهدم من حوله !!!
يتبع
#هل_أسعدك_قتلي
#سولييه_نصار