الفصل الرابع عشر (هل تكرهني )
هل أسعدك قتلي...هل تبهجك معاناتي ؟!
.........
-ايه؟!
قالتها مياسة بصدمة ...هذا الكم من الصدمات لا يُحتمل...لا يُحتمل ابداً....
أطرقت روان وقد وجدت دموعها الطريق للتحرر بالتوازي مع تحرر شهقاتها ...الألم كان بشع ...عودة الذكريات التعيسة بتلك القوة كان رهيب ....تجاوزت مياسة ثم جلست على الفراش ودموعها لا تتوقف عن الانفجار كذكرياتها التي ترفض أن تتوقف عن الاندفاع ..مهما توسلت لها ....ما تعيشه الآن هو الجحيم بعينيه...تتذكر كل شئ وليتها تعود بالوقت لتصلح ما فعلته....
كانت مياسة لا تستوعب الأمر ...اقتربت من روان وقالت:
-أنتِ بتقولي ايه ؟!
رفعت روان رأسها.بخجل وقالت :
-أنا كنت مدمنة ... بشرب اي حاجة ممكن تتخيليها .....بدأت اشرب قبل ما اقابل قصي ...بابا حاول كتير يخليني ابطل بس معرفش ...يعتبر صرف كل اللي كان محوشه عليا ...وداني مصحة خاصة واتعالجت ولما خرجت قابلت قصي لما حد معرفة لبابا قدر يتوسطلي اشتغل في شركته ووقتها حبينا بعض واتجوزنا ...حياتنا كانت ماشية حلوة اووي لحد ما مات بابا ..كل حاجة اتغيرت ....دخلت في مرحلة اكتئاب وللاسف الشديد رجعت للإدمان تاني ....كنت باخد حبوب والموضوع اتطور لحد ما بقيت اسوأ من الاول ...قصي اكتشف الموضوع وانهار ....هو الحقيقة وقف معايا في الوقت اللي قرايبي اتخلوا عني وقطعوا علاقتهم بيا بسبب الفضايح اللي كنت بعملها وأنا مش بوعيي ...وداني مصح واتنين وتلاتة وانا مكانش عندي إرادة اتعالج ...كنت زي المغيبة قصي حاول مرة واتنين وتلاتة معايا ...عمره ما يأس ...كنت كل اما ابطل وارجع تاني كان يعيد الموضوع من الاول ...لحد ما فعلا في مرة استجمعت إرادتي وبطلت ...ووقتها كان نفسي اووي اخلف ....
أغمضت روان عينيها وهي تتذكر ما حدث بينهما ...
. .
-حبيبي أنا نفسي اخلف اووي
قالتها وهي تقترب منه ...تعدل من رابطة العنق الخاصة به وهي تبتسم بإغواء ...نظر إليها قصي بحذر وقال:
-وأنا كمان بس ايه رايك نستنى شوية ...انت لسه خارجة من المصح ...
-يا حبيبي ما أنا خفيت خلاص ومش هرجع للسم ده تاني ...أنا حاسة نفسي كويسة. ..
هز هو رأسه وقال:
-لا يا حبيبتي معلش خلينا نستنى شوية ...ابوس ايديكي عايز اطمن انك تمام وبعدين نخلف ونجيب عشر عيال ...بس بلاش دلوقتي ممكن ...
صمتت ولكن كانت ملامحها تنطق بالضيق ...ابتسم وقبلها على رأسها وقال:
-يالا أنا دلوقتي هروح الشغل ...بحبك ...
ثم تركها وذهب... ابتسمت وقالت:
-لا يا قصي ..أنا هخلف !!
.....
عادت من شرودها واكملت وهي تمسح دموعها:
-وسيبت البرشام وحملت في أنس.... وقتها رد فعل قصي كان عنيف اووي ....
....
-حامل يعني ايه حامل ؟!انتِ بتستغفليني يا روان ...أنا مش قولتلك اني مش عايز حمل دلوقتي ...انتِ بتلوي دراعي يعني
كانت تنظر إليه ...عينيها العسلية لا تتوقف عن ذرف الدموع ...وهي تنظر إليه بصدمة وقد تحول حبيبها تماما من ذلك اللطيف إلى هذا الوحش الذي أمامها ...
أطرقت وهي تبكي وتقول:
-أنا اسفة ...أنا كان نفسي اخلف ...نفسي ابقى ام ...غلطت يعني ؟!
-ايوة غلطتي ...عشان حضرتك لسه خارجة من المصح ... عايز اتاكد انك مش هترجعي للزفت ده تاني ......
نظرت إليه بجرح وقالت:
-على فكرة أنا خلاص سيبته ومش هرجعله تاني ..انت ليه مصر تذلني بسبب ادماني وتعاملني كأني فاقدة الأهلية ؟!! ....
نظر إليها بصدمة وردد:
-اذلك ؟!اذلك ازاي يا روان ؟!أنتِ شايفة خوفي عليكي ده ذل؟بعد كل اللي عملته عشانك ده يبقى بذلك !!أنا بجد مش قادر افهمك ...مش قادر ...أنا عملت المستحيل عشان تسيبي القرف ده وكلامي دلوقتي بسبب خوفي عليكي ... مش عايز اجيب طفل دلوقتي وحياتنا مش مستقرة ...عايزة اتأكد انك مش هترجعي الإدمان تاني ...وده حقي ..حقي يا روان ..حقي اخاف عليكي وعلى ابني ...
-لا انت مش خايف عليا. ..انت خايف على ابنك بس ...لكن بسيطة متخافش ..ده ابني كمان وانا مستحيل اعمل اي حاجة تأذيه !!!
....
عادت من شرودها وهي تمسح دموعها وتقول بقهر:
-بس أنا أذيت ابني ...أنا قتلته !!!
ثم بدأت بالبكاء مرة آخرى ...كانت مياسة تنظر إليها بصدمة وهي تبكي ...كانت عاجزة عن الكلام أو المواساة والألم داخلها يزداد ...أرادت أن تكمل قصتها ...تخبرها كل شئ....كيف قتلت روان ابنها لدرجة أن قصي رغم حبه الشديد لها تركها ...نعم هي ترى حب روان بعيني قصي ...ذلك الحب الذي بحثت عنه فلم تجده ...ام هى تتوهم ....
انتفضا كليهما عندما فُتح باب المنزل نهضت روان بسرعة وهي تمسح دموعها وخرجت من الغرفة بينما ظلت مياسة مكانها ...عقلها يؤلمها ...كلام روان جعل عقلها يتوقف تماماً عن التفكير .....
....
بعد قليل ...
كانت مياسة ما زالت جالسة على الفراش مكانها ...دموعها تنساب على وجنتيها ...ما يحدث معها كثير ...تشعر أنها انخرطت في أمر لا قِبل لها به ....
-مياسة ...
أخرجها من شرودها صوت قصي ...لم تنظر إليه حتى بل ضمت كفيها بقوة ودموعها تسيل بشكل أقوى....
تنهد قصي بتعب وهو يمسك صينية الطعام ...وضع الصينية على الطاولة بالغرفة واقترب من مياسة وجلس على الفراش بجوارها وهو يقول :
-أنا لو اعتذرت من هنا لبكرة على اللي عملته مش كفاية ...مفيش حاجة هتغفر ليا اللي عملته يا مياسة ....عارف اني كنت اناني وورطتك في حاجة انتِ ملكيش ذنب فيها ...بس انا عملت ده عشان فعلا كنت عايزك في حياتي ....كنت محتاجك ...أنا اتعذبت كتير وكنتِ أنتِ الإنسانة الوحيدة اللي هتريحيني ...
-محتاجك....هتريحيني .... كلامك عني كله يا قصي عن انك محتاجني ...أنا مجرد مسكن ليك مش اكتر ...انت عمرك ما قولت انك بتحبني عشان الحقيقة انك محبتنيش يا قصي ...أنا حاجة بتهرب بيها من مراتك الاولى ...بتهرب من حبها عن طريقي أنا ...
-لا الكلام ده مش صحيح ...أنتِ اغلى من كده بكتير ...
نظرت إليه والدموع تطفر من عينيها وقالت:
-طيب بصلي وقول انك مش بتحبها ...قول انك بتحبني ...يالا بصلي وقول كده يا قصي وانا والله هصدقك ...
ارتبك وهو ينظر إليها ...رأت الحقيقة في رماد عينيه ...رأت الخذلان من حبه الأول ...رأت الألم التي سببته له ....
أغمضت عينيها وهي لا تحتمل أن تنظر إليه أكثر وقالت بصوت يشوبه البكاء:
-شوفت بقا أن عندي حق يا قصي ..شوفت انك لسه بتحبها ..وانا بنصحك تطلقني وتبقى معاها لانك كده بتدمر حياتنا احنا التلاتة!!!
-لا ...أنا مش هطلقك ...مقدرش !!!
قالها بهلع وكأن الفكرة نفسها أرعبته ......أنها الأمان الذي تمناه ....طريقة الهروب الأمثل له من روان وذكرياتها ....
جذب كفها وقال :
-أنا هطلقها هي ...ده وعد مني يا مياسة ...والله هطلق روان ...اديني أسبوع بس ...صدقيني بعد اسبوع هطلقها....
ثم جذبها وضمها بقوة والدموع تحتشد بعينيه وقال:
-متسبنيش يا مياسة ...أنا ما صدق اني لقيتك ..ابوس ايديكي خليكي معايا ...أنا محتاجك في حياتي ...متسبنيش ....
ضمته مياسة بدورها وهي تبكي ...كانت منهكة من القتال...المقاومة ...كانت منهكة من كل شئ !!!
وعلى باب.الغرفة كانت تقف روان والدموع تنفجر من عينيها ...أنها تخسره ....ستعود وحيدة مجددا!!.......
في المساء ....
كانت روان جالسة بالغرفة الآخرى ...تلك الغرفة التي أعدها قصي للأطفال ... أطفاله من مياسة !!!!
تلك الفكرة جعلت الألم يعصف بها ...تذكرت ابنها منه ...ملاكها الصغير ...كيف أتى وأنار حياتها ولكنها هي من أصرت أن تبقى بالظلام.حتى فقدته ...والآن فقدت قصي ...لقد اشتعلت النيران بقلبها وهي تراه يضم مياسة ...يتمسك بها بتلك القوة وكأنها الحياة ....تنهدت بألم وهي تمسح دموعها وقد قررت أن تنام الا ان دخول قصي أوقفها ...
-هتنامي ..
سألها بهدوء..فهزت رأسها دون كلام وهي تحاول تجنب النظر بعينيه كي لا تنهار ...كي لا تتوسل إليه ألا يتركها ...
فرك رقبته وقال:
-أنا مش هاخد من وقتك كتير ...
ثم جذب المقعد الصغير وجلس مقابل للفراش الجالسة عليه وقال:
-روان أنا كلمت صديق ليا وهو دكتور نفسي شاطر وأعتقد أنه ممكن يساعدك في مشكلتك ...
نظرت إليه بصدمة ونهضت قائلة :
-افندم.؟!
نهض هو أيضا وقال:
-أنا عارف ان الموضوع مش سهل عليكي أبداً ...مش هتتقبليه بسهولة ..بس أنتِ محتاجة علاج نفسي ...محتاجة حد يساعدك ...
-حد.قالك اني مجنونة يا قصي ؟!!!
-لا طبعا ...مش معني انك هتروحي لدكتور انك مجنونة؟!ده تفكير متخلف ...أنتِ بس محتاجة مساعدة عشان اللي مريتي بيه مش سهل ابداً ..
-أنا هقدر اساعد نفسي ..شكرا ليك مش محتاجة منك اي مساعدة !!
ربع ذراعيه وقال:
-وأنا ايه يضمني انك متحاوليش تأذي نفسك مرة تانية؟!لازم اضمن انك سليمة نفسيا عشان اقدر اسيبك وانا مطمن...
-أنت الوحيد اللي بتأذيني !!!
قالتها بنبرة مختنقة ...
-أنا بأذيكي؟!!
ردد بصدمة ثم أكمل :
-أنا رغم كل اللي حصلي بسببك بحاول اساعدك ...
-لا يا قصي ..انت بتأذيني ....
-أنت بتلومني على موت ابننا ...محملني أنا المسؤولية رغم أن اللي حصل كان غصب عني !!!
ده كان ابني كمان يا قصي ..كان ابني يعني أنا بعاني زيك ويمكن اكتر منك ...أنا خسرت ابني يا قصي وخسرتك كمان ...ودي كانت أكبر مصيبة حصلتلي .....اللي وجع قلبي انك.كرهتني يا قصي ...
هز رأسه بقوة وقال:
-أنا عمري ما كرهتك ...ولا عمري هكرهك...
-بس بطلت تحبني ...صح ؟!
أغمض عينيه وهو يتنهد بقوة ...أنها تلج لمناطق ممنوعة بالنسبة إليه ...تهاجم نقاط ضعفه ...
اقتربت أكثر وهي تهمس له ؛
-بطلت تحبني صح ؟!هي قدرت تخليك تحبها ونسيتني ودلوقتي عايز توديني لدكتور نفسي عشان تطلقني وضميرك مرتاح ...
هز رأسه وهو ما زال مغمضاً عينيه ...
-افتح عينيك يا قصي ...
فتح عينيه ونظر إلى عينيه العسلية المشبعة بالدموع ...ابتسمت بحزن وهي تسأله بتصميم :
-بطلت تحبني صح!!جاوبني يا قصي وريحني ...عشان خاطري ...
إلا أنه رفض أن يتكلم ....فكلامه الآن يعني هزيمته ...بدلاً من هذا عانق وجهها وهو يضع جبينه على جبينها وقال:
-حاولت كتير اكرهك مقدرتش يا روان ...مقدرتش ...
ثم اقترب بشفتيه منها وقبلها !!
ابتعد بعد فترة عنها بصدمة ثم استدار لكي يذهب إلا أنه تجمد وهو يجد مياسة تقف بصدمة وتنظر إليه !!!
يتبع
#هل_أسعدك_قتلي
#سولييه_نصار