"الفصل الثالث عشر"
"رواية أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ"
✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧_أنا كعصفورٍ طليقٍ، إعتاد التحليقُ عاليًا في السماء، أرىٰ دومًا الأرض ومَن عليها عن بُعدٍ؛ فأعشق تلك المظاهر الخلَّابة من يابسٍ، ونهرٍ، وبحرٍ، وبشرٍ، فسُبحان خالقها أبدَعَ خلقِها! ثمَّ فكرتُ في الاقترابِ من ذلك الإبداع؛ لرؤيته عن كثبٍ، وياليتني ما اقتربت!
فحين وضعتُ قدماي أرضًا أمسك بي أحدهم عنوةً، ثم قام بحبسي في قفصٍ حديدي، ذاك الشخصُ الكارِهُ للحريةِ والإنطلاق، يعشق العبودية والتقييد، يُبقيني بهذا القفص -الَّذي ضاق به صدري- وهو يستمتع برؤيتي حابيسًا، والأيام تسيرُ دون توقف حتَّى بدأت إعتياد الموقِف لكن؛ وجدتُ القفص يُفتح ذات نهارٍ، ويدٍ حنونةٍ تُخرجني منه، ثم قبَّلتني وقامت بتركي لأُحلِقُ عاليًا من جديد، لكن تلك المرة أُحلِق فوق رأس مَن أخرجني وأعاد لي حُريتي؛ لذا أُدين له بكل الحُب والتقدير.
﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉
أعادت الضغط على زر الاتصال ليعود صوت الرنين يعلو في المكان حولهم، حتّى أعربت عما يجول بخاطرها بقولها:"إزاي يعني سامعين صوت رَنة فارس حوالينا هِنا !!"
ليأتيهم في تلك اللحظة صوتًا تَعرِفه «فرح» جيدًا وعن ظهر قلب، وهو يقول بنبرته الهادئة، الثابتة:
"طب ما طبيعي تسمعي صوت الرّنة حواليكي مادام صاحب الرّنة نفسه حواليكي."
أشرأبت «يارا» برأسها لمصدر الصوت ثم شخّصت عينيها بصدمةٍ وتعجب، بينما الأخرى ظلت تُردد لحالها بغير تصديق بإنَّ هذا هو صوته !! كيف لا وهي تعرِفه أكثر مِن نفسِها، أوليس هو كُل عالمها الخاص وسبب ضحكاتها الصاخبة، الحبيبُ الغائب، هل عاد الآن بالفعل؟!
وعند تلك النقطة حركت بصرها باتجاهه ليستقر على ملامحه الَّتي أشتاقتها كثيرًا، ظلت تنظر إليه باشتياقٍ ولا يَهُمها الوقت الآن، فهذا هو قرار عقلها الصائب، والقلب يُهَلِل فرحًا بعودةِ الحبيبِ الغائب.
أعربت عن حالة الدهشة الَّتي تلبستهما «يارا» بقولها الهادئ رغم تعجبها:
"حمد لله على السلامة يا فارس، بس أنتَ مش المفروض كنت هتيجي بُكره؟!"
إلتفتت لها «فرح» بتعجبٍ شديدٍ بعد حديثها الأخير، فكيف تعرِف «يارا» بقدوم شقيقها؟ هل أخبرها بذلك حين حدَّثته؟ ولِما لم يُخبرها أحد يحدُث؟ ثم عادت ببصرها لشقيقها حين تحدث يُجيب الأخرى قائلًا بهدوء:
"ما أنا استغليت الفُرصة وبدِلت مع واحد صاحبي كان ميعاد طيارته النهاردة عشان أقدر أقدم لكم الهدايا الرمضانية."
اختتم حديثه وهو يمُد يده بحقيبة الهدايا لابنةِ خاله، تزامنًا مع قوله مُبتسم الوجه:
أنت تقرأ
أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ
Action"كُنتُ أنا وقلبي بين أناسٌ مؤذيةٍ يسلبُون كُل جميلًا بِـداخلي، ويتركونني بلا حياة؛ حتى رأيتُكَ وسط جموعِ البشرِ فأيقن قلبي أنكَ أنتَ طَوْقُ النَّجاة".