"الفصل الثامن"
"رواية أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ"
✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧_"أنا موجود."
جملةٌ مُكونةٌ من كلمتين، بعد أن تشبَّثت ثمانيَ حروفٍ وحدهم ضِعاف؛ ليصبحوا أقوىٰ بتشبُّثِهم ببعضهم بعضًا، تمامًا مِثلي..
فأنا كُنت ضعيفةً ووحيدةً قبل أن أسمع تلك الجملة القصيرة من بين شفتيك، فأصبحت أقوىٰ وأصبح الأمان يُحاوطني عند تذكري لها..
كُنت أظُنني وحيدة في هذه الحياة وسأحارب بها وحدي، لتُخبرني "بأنك معي" فتختفي الوحدة من حياتي بكلماتك تلك..
فمن أي شيءٍ سأخاف؟!
من أي شيءٍ سأهرب وأنتَ معي؟!
فإذا كُنت معي كما تقول، فأنا قويةً وفي أمانٍ.استقرت السيارتين خلفا بعضهما أمام الشركة وهبطت هي أولًا تنتظره على استحياءٍ كعادتها، ليهبط الآخر من سيارته وتحرك باتجاهها وسألها بأدبٍ وهو يغُض بصره عنها:
"في حاجة يا بشمهندسة خديجة؟!"
ارتبكت «خديجة» منه وأجابته وهي تنظر أرضًا وتفرك يديها بتوترٍ:
"كُـ.. كُنت عاوزة أشكُرك على مُساعدتك ليا، شُكرًا يا بشمهندس يحيى وجزاك اللهُ خيرًا عني."
انفرجت شفتي الآخر بابتسامةٍ هادئة، ثم تحدث بنبرته الهادئة ظهرت بها ابتسامته وهو يقول:
"جزانا اللهُ وإياكِ إنتِ كمان لإنك ما شاء الله دافعتي عن نفسك وعن دينك بالقلم اللي أديتهوله."
ابتسمت «خديجة» بخجلٍ من إطراءه عليها، وقالت بهدوء:
"ده واجبي قدام نفسي وربنا، وشُكرًا ليك مرة تانية وجزاك الله خيرًا، عن إذنك."
استأذنت منه بأدبٍ وتحركت من أمامه بخطواتٍ سريعة وحيية إلى داخل الشركة، والآخر ترتسم على شفتيه ابتسامةٌ واسعة بعد رحيل طيفها من أمامه، لقد تحرك شيئًا ما بداخله من هدوئها وحيائها لا يعلم ما هو.
نفض تلك الأفكار عن رأسه ودعا لها بالثباتِ وهو وجميع شباب وبنات المسلمين، ثم دلف الشركة بخطواته الثابتة والواثقة وهو يُردد أذكاره ويدعو الله أن يُيسر له تلك المهمة ويُكملها على خير.
_________________________________________في المساء وخاصةّ بعد عودة الجميع من عمله، دلفت «وعد» إلى شقتها وألقت السلام على والدتها، ثم قالت بهدوء مُبتسمة:
"هروح أغير وأطلع لعهد والبنات بقى."
أوقفتها والدتها حين قالت تنفي تواجد ابنتها الأخرى مع الفتيات:
"بس عهد مش فوق، عهد في أوضتها."
ألتفتت «وعد» لوادتها باستفسارٍ يُخالطه التعجّب أعربت عنه بقولها:
"إزاي ده؟! ده أنا افتكرتها معاهم أصلًا !!"
تحدثت والدتها بتوضيحٍ لما حدث، ولما تشعر به هي اتجاه ابنتها والَّتي تحفظها عن ظهر قلب:
أنت تقرأ
أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ
Aksiyon"كُنتُ أنا وقلبي بين أناسٌ مؤذيةٍ يسلبُون كُل جميلًا بِـداخلي، ويتركونني بلا حياة؛ حتى رأيتُكَ وسط جموعِ البشرِ فأيقن قلبي أنكَ أنتَ طَوْقُ النَّجاة".