17) وُضِعت بين المِطرقة والسِندان!

56 5 5
                                    

"الفصل السابع عشر"
"رواية أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ"
✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧

_أسوأ شعورٍ؛ هو أن يُصبح مَن تتمنى حُبَّهُ يمقُتُكَ ويُحِبُ غيرُكَ ويتمنى قُربه..
أن ترفُض كُل الأماكن وتلجأ إلى مكانٍ واحدٍ تُريد منه أن يحتويك فيقوم برفضِك؛ لتتأرجح مشاعرك بين الصدمةِ والتحطيم ويُلجم لسانُك عن الكلام، فهذا الَّذي أردته ومن بين الجميعِ إخترته هو لم يُرِدك وعلى غيرك لم يؤثرك!
تقِف تائهًا ضائعًا بعد فعلته، كطفلٍ ترك يد أمِّه وهما يسيران بسوقٍ مُكتظ ليبكي خوفًا حين لم يُبصرها في الجوار، وبإنه أصبح وحيدًا وسط جميع الأغرابِ من حوله، ولم يهدأ حتى سَمِع صوتها المُداعب لأوتارِ قلبه، وأبصر مُحياها المألوف بين الأغراب والمُحبب لمُقلتيه فركض باتجاهها يرتمي بين ذراعيها يُحاول إسترداد ذاك الأمان الَّذي إفتقده منذ لحظاتٍ قليلة من إختفاءها، وقد عانقته والدته تبُّثه الأمان والدفء،
فكما عاد هذا الصغير لمكانه وحصل على أمانه، ستعودين أنتِ أيضًا وتُصبحين لي ليُصبح الأمان رفيقي والدفء خليلي.
﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉
كادت «غفران» أن تعترض وتسحب شقيقها للخارج، لكن سبقها «سالم» وتحدث بنبرةٍ هادئة -نوعًا ما- تحمل بين ثناياها بعض الإرتباك:

"بُص يا عمي بصراحة كده ووضوح، أنا.. أنا مُعجب بالدكتورة نداء بنت حضرتك وجاي طالب إيديها منك وأتمنى مترفضش طلبي ده."

صدمة وصاعقة هي ما ألجمت أفواه الجميع وعمَّ الصمت في المكان بأكمله بعد حديثه السابق، وعلى رأسهم صاحب الصدمة الكُبرى والأعين الجاحظة هو «رضوان» الَّذي إشتدت قتامة عينيه وضغط على قبضة يده حتى ظهرت عروقه وعلت صوت أنفاسه الغاضبة وهو ينظر للأخير بنظراتٍ قاتلة، فكيف يجرؤ هذا الخبيث اللئيم -من وجهة نظره- على طلب حبيبته على مرأى ومسمع منه؟

دون دراية منه أو شعورٍ إقترب بخطوات يطوي الأرض أسفله حتى أمسك الأخير من تلابيبه يوقفه أمامه وهو يقول بأكثر النبراتِ غضبًا وغيرة:

"طالب إيد مين يا حيلتها !! عاوز أسمعها تاني عشان أبلعك لسانك يا دكتور الغبرة أنتَ."

حديثه بتلك النبرة ومسكته بتلك القوة ومُقلتيه الغاضبتين أثبتت للقابع بين يديه بإن هذا ليس بالطبيب المرِح، طيب القلب، بل هو تحول لشخصٍ أخر كُليًا وقد شعر بالخوف منه بهيئته تلك خاصةً أنه أصبحَ بربريًا همجيًا !! شهقاتٌ مُتتالية خرجت من أفواه الجميع بعد حركته تلك وقد إقترب منه سريعًا رِفاقه يحولون بينه وبين الآخر وقد كانت شقيقته أيضًا تُمسك بيده وتُحاول إبعاده.

حتى نجح «يزيد» في تكبيل حركته واستأذنهم بقوله السريع:

"بعتذر منكم يا جماعة، خليكم هنا كملوا كلامكم وأنا هشوف رضوان بس."

أنتَ طَوْقُ النَّجاةِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن