"الفصل التاسع عشر"
"رواية أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ"
✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧_الخوف..
أكبرَ أعداءَ الإنسانِ، وأقوىٰ مُقاتِليه؛ لهذا أنا دائمًا أُفضِل مُواجهته ومُقاتلَته عن الموت بين براثنه، فلا سيما بإن من يترُك مخاوفه تُسيطر عليه، ستقضي عليه يومًا ما، فهو يسحب صاحبه لغياهب الظلامِ..
وأنا أكثرُ ما أهابهُ منذ أن قابلتكِ هو رؤية الخوف يسكُن مُقلتيكِ الحيويتين، لطالما تميَّزتِ بالسرورِ والفرح، والضحك والمرح، وكانت عيناكِ تبتسمان دائمًا قُبيل شفتيكِ وتمتلئِان بالوميضِ اللامعِ الَّذي سقطتُ أنا «إياد» أسيرًا بهما، وأفديهما بعمري، ولرؤية السعادة قاطنةٍ بهما أزهقُ روحي..
فاقتبسي من أحرُفِ اسمكِ، وكوني لي دومًا «فرح»، وأنا سأكونُ لكِ دائمًا الأمان،
يا غصنَ سلامٍ تراقصت عليه الطيور بسرورٍ ومرح، وبات ذراعيكِ يحتويني وكأنه كل الأوطان.
﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉
وتحركت معه باتجاه هذا المكان المظلم، وما إن دلفوا لداخل هذا المصنع المهجور حتى وجدوا غرفةً واحدةً مُضيئة، فاتجهوا إليها ودلفوا سويًا وما إن أبصرت «روما» الجالِسَيْن حتى شهقت بدهشةٍ وهي تُردد اسميْهما بصدمةٍ:"نائل !! وعُمران !!"
بعض الحقائق بمثابةِ دهشةِ للأخرين، فكان من غير المتوقع بالنسبةِ لها أن تراهما هنا وبهذا المكان وبهذا الوقت! لذا وقفت تطالعهم شاخصة البصر، وقد فرغ فاها من هول الصدمة، الآن فقط علمت بإنها ليست وحدها مَن قامتْ بالغدرِ، هناك من شاركوها بالأمر وعلى ما يبدو أنهم سبقوها أيضًا ونجحوا في الغدر، فإن كانت طعنتها قوية، فهاذان طعنتيْهما ستأتيان في مقتلٍ بكل تأكيد..
ضحك «هارون» بخفةٍ على معالم الدهشة والصدمة التي اعتلت ملامح الأخرى، وأردف بنبرةٍ ما زال بها أثر الضحك:
"إيه يا روما؟ شوفتي عفاريت ولا إيه؟ دول نائل وعُمران فعلًا ودول معايا من زمان ومن بدري، عيال رجالة وتسِد عين الشمس كمان."
تحدثت الأخرى بعد أن حركت أنظارها المصدومة له، وقالت:
"كُنت فاكرة إني الوحيدة اللي غدرت بعيلة سليمان وبِعتهم، طلع في غيري غدّار وبيّاع وتقريبًا من قبلي، ده على كده العيلة أعداءها كتير بقى!"
تحدث «نائل» مؤكدًا على حديثها بقوله الساخر:
"ده كده كده، أعداءهم أكتر من اللي حواليهم، ده لو مكانش أعداءهم حواليهم أصلًا! يلا أهو كل واحد بيجيب حقه، بس إنتِ بِعتيهم ليه بس؟ مش دول حبايبك دول!"
أنهى حديثه بسخريةٍ منها، فنظرت له الأخرى بضجرٍ أعربت عنه بقولها:
"إياد هو اللي بدأ وباعني وفضل عليا واحدة ميعرفهاش أصلًا ولا عمره شافها قبل كده غير مرتين تلاتة وراح إتجوزها هي بدل ما يتجوزني أنا! وأنا اللي فضلت أحب فيه طول الوقت! عشان كده مش هسيبه ليها وإتفقت مع هارون يعمل اللي هو عاوزه فيهم بس يديني إياد، بس كده."
أنت تقرأ
أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ
Action"كُنتُ أنا وقلبي بين أناسٌ مؤذيةٍ يسلبُون كُل جميلًا بِـداخلي، ويتركونني بلا حياة؛ حتى رأيتُكَ وسط جموعِ البشرِ فأيقن قلبي أنكَ أنتَ طَوْقُ النَّجاة".