الفصل السادس عشر"
"رواية أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ"
✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧_"وَمَا الطَّيْفُ إِلَّا مَا تُرِيهِ الخَوَاطِرُ"
ذاك الشطر السابق للشاعر الراحل «محمود سامي البارودي» كتبه حين نُفي خارج مصر وقد فارق ابنته «سميرة» الصغيرة وهي صاحبة الخمسة أعوام والَّتي لم يتشرب ملامحها بعد، فظل طوال منفاه يتلمس طيفها في الظلام الدامس، وببقية الأبيات كان يتمنى أن يطول الظلام ليظل طيفها قرين روحه العاشقة،
وأنا أراه إختصر حالتي معكِ بهذا الشطر، فأنا أتلمَّسُ طيفُكِ في كُلِ مكان، وأبحثُ عنكِ بين جُموعِ البشرِ
يا خيرُ ما جادَ به الزمان، وأفضلُ ما أهدانيَ القدر..
فأنا دائمًا أتشوّق لرؤيةِ مُحياكِ، وأُكرِّرُ لكِ النداء فأنظُري إليَّ وأجيبيني، ها قد سقطتُ غريقًا بِحُبِكِ وعينيكِ مَن ستُنجيني، فأرضي عني بجزءٍ من الرضوان وبين ذراعيكِ ضُميني.
﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉
وعلى مقربةٍ منهم كانت «روما» تتابع حوارهم وضحكاتهم ونظراتهم سويًا وقد شعرت بالغيرة تفتك بها وعلى إثرها إجتمعت العبرَات بمُقلتيها، فقررت الخروج من القاعة والإبتعاد عن رؤياهم قليلًا حتى تهدأ.فخرجت بأنفاسٍ مكتومة أطلقت لها العنان بمجرد خروجها من بوابة القاعة، تشعر بالنيران تتأجج بصدرها من شدة الغيرة كلما تذكرت ضحكه ونظراته لغيرها، فزفرت بقوةٍ حتى وقعت عينيها على ما جعلها تثبُت عن الحِراك وهي تُردد لنفسها:
"هارون! وده بيعمل إيه هنا ده؟ كده هنتفضح!"
أنهت حديثها ثم تحركت باتجاهه لتسأله عن سبب مجيئه إلى هنا، فوقفت خلفه مُباشرةً وهي تشعر بالغيظ منه لقدومه إلى هنا والمخاطرة بكشفهم، فأمسكت كتفه وأدارته لها تزامنًا مع قولها:
"أنتَ بتعمل إيه هنا؟ أنتَ جاي ليه أصلًا؟"
وبمجرد أن وقعت عينيها عليه وأبصرت وجهه حتى شخصّت ببصرها بصدمةٍ، تشعر بإنها سقطت في الهاوية وأن لا مخرج لها، أو هي من لا تعرف المخرج، بينما الآخر نظر لها بتعجبٍ وأكمل حديثه في هاتفه ليُنهي المكالمة بقوله:
"طيب يا مُنتصر هبقى أكلمك تاني، سلام."
أغلق هاتفه ووضعه بجيب بنطاله وهو ينظر لها ويُجيبها على أسئلتها السابقة:
"بعمل إيه بتكلم في الفون، وجاي أحضر الفرح، أي سؤال تاني؟"
إرتبكت «روما» بعض الشيء لكنها لملمة شتات نفسها وتحدثت بنبرةٍ مُعتذرةٍ منه بقولها:
"أنا حقيقي إفتكرتك حد تاني خالص فَـSorry بجد على الموقف السخيف ده، I'm very sorry."
نظر لها الأخير ببعض التعجب من هيئتها الفاتنة، وأردف يستفسر منها بقوله:
أنت تقرأ
أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ
Aksiyon"كُنتُ أنا وقلبي بين أناسٌ مؤذيةٍ يسلبُون كُل جميلًا بِـداخلي، ويتركونني بلا حياة؛ حتى رأيتُكَ وسط جموعِ البشرِ فأيقن قلبي أنكَ أنتَ طَوْقُ النَّجاة".