20) كيف ستخرُج من هذا المأزق؟!

60 3 0
                                    

"الفصل العشرون"
"رواية أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ"
✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧

_كيف كُنتُ أحيا، دون أن أبصر جمال هذا المُحيا؟
كان نهاري للعمل وليلي للراحةِ لا غير، وكأنني لم أحظى يومًا أو أجرب شعور الطير، فقبلكِ كُنتُ أستيقظُ مُتجهًا لعملي كالعادة، وأمسي نائمًا لأُرِحْ بدني من مجهودٍ أبذله بزيادة، أنزوي بنفسي دائمًا وأختلي بها، حتى اخترق صوتك قلبي قبل أذناي، فكان جميلًا يُشبه في حلاوته الناي! لحظتها تساءلت وكُلي ذهول، وظلت الأسئلة بداخلي تجول..
فكيف كان يأتي النهار دون رؤياكِ؟ أو يحلَّ المساء دون سماعِ غِناكِ؟ بالأصل كيف كُنتُ أحيا دون النظر لمُحياكِ؟
ومن هذه اللحظة علمتُ أنكِ جنةٌ بها ما لذَّ وطاب، أوصدت عليها كل الأبواب، وأنا لم أحاوِل يومًا منها الإقتراب، ولكني تلك المرة سأحاول اختراق هذا السور، الذي يحاوط حديقتها المليئة بالزهور..
فإن كُنتِ أنتِ جنةٌ فأنا لها مالك،
وقلبي دون وصلكِ حتمًا سيكون هالك.
﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉
أسدل الليل ستاره الأول على الشمسِ ليُخفيها عن كبدِ السماء مُعلنًا بذلك إنتهاء الدوام والنهار وبداية الليل والعودة للمنزل، وكأن أحداث اليوم باتت هادئة لعدم تواجد «زياد» وزوجته ورحيل «رضوان» دون وداعًا حتى، لكن الحدث الأهم كان يكمُن في الليلِ وإجتماعِ أفراد الأسرة بالمنزل..

وبالفعل إجتمع الجميع بالقصر في تجمعٍ ينقصه ثلاثةٍ من أمرحِ أفراد الأسرة، وقد تحدث «زيدان» بهدوءٍ مُعلنًا عن قرار ابنته الذي إنتظره الجميع بفارغِ الصبرِ، فأردف مُبتسمًا بعد أن رماها بنظرةٍ هادئة:

"طبعًا زي ما إنتوا عارفين النهاردة الموعد المُحدد لإعلان قرار نداء بنتي ورأيها في الدكتور سالم، وبصراحة كده الدكتور جالي بنفسه مكتبي يسألني، وهي بالفعل وافقت وأنا قولتله واتفقنا إن الخطوبة بإذن الله آخر الأسبوع الجاي."

صُدِمَ الجميع من قرارها المُخيِّب لظنونهم ولرجاءِ عاشقها الولهان، لكن رُغم ذلك ابتسمت الأوجه وتعالت الأصوات تبارك لها وتدعو لها بالخيرِ والفرح، وقد شعرت هي بينهم بالخجلِ الشديد وهي تُجيبهم، فتحدث «جمال» بهدوءٍ وحكمةٍ رُغم الحزن القابع بين جنبيه على حفيده المسافر حين يعلم بقرارها المؤلم:

"مُبارك يا زيدان يا ابني، وإحنا بإذن الله هنبدأ تجهيزات من دلوقتي عشان خاطر عيون نداء حبيبة قلوبنا، المهم محدش يبلغ رضوان لغاية ما يجي عشان نعملهاله مفاجأة وكده."

لم يكُن يريد مُفاجئته بخبرٍ مُحزِنٍ كهذا، لكنه لن يُغامر بحفيده ويخبره فيفعل ما لم يُتوقع وهو بعيدًا عن أعينهم، وقد وافقه الجميع الرأي بتفهمٍ والشباب كلهم يشعرون بالأسى عليه وعلى قلبه المسكين الذي كُتِبَ عليه التعاسة، لكن أكثرهم ضجرًا وكان يرمق «نداء» بنظراتٍ قاتلة هو «يزيد»..

أنتَ طَوْقُ النَّجاةِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن