"الفصل الثاني والعشرون"
"رواية أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ"
✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧✧_"وَوَهبتكَ سَيفِي لأُريكَ انتمَائي
فَمَالِي أَرىٰ سَيفِي تَملؤهُ دِمَائِي؟!"
دائمًا ما كُنتُ غير مُقتنع بهذا البيت السابق، فكيف لشخصٍ وثِقنا به وأسلمناه مفاتيح قلوبنا أن يقوم بنهب مشاعرنا الجميلة من داخله ثم يرحل دون عودة؟
أو كيف لمن أعطيته سيفي كما أردف الشاعر لأثبت له وفائي الشديد، أن يقوم بطعني على حين غرةٍ؟ خاصةً أن الطعنة كانت ممن وثقت به، وبسيفي الخاص! أهذا شيءٌ يُعقل أو يُصدق؟
لكنني وأخيرًا صدَّقتُ قول الشاعر، حين طُعِنتُ بفعلِ حبيبٍ أقسمتُ أنَّه لا يخون، وبقيتُ أتمنَّى مُجاورته وتعهَّدتُ على الموتِ فداءً لهذه العيون، لكن ما حَدث لم أكُن أتوقع أن يكون..
هل تعلم يا عزيزي كيف يكون شعورك حين تجلب حلتك الرسمية لحضورِ زفافك على حبيبةِ فؤادك، ثم تأتيك دعوةٌ لحضور الزفافِ تحمل اسمها واسم رجل غيرك؟
إن تُخبرني بالصاعقة التي ستُصيبك في تلك اللحظة، سأخبرك بإن هذا أقل تقديرٍ لما شعرتُ به، بيدَ أنني ارتديت الحلة وذهبت للزفافِ، ولكن ليس كعريسٍ يجاور عروسته، بل مدعوٌ والعروسُ حبيبته!
﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉﹉
دلف بوابة القصر وهو يسحب حقيبة سفره بيُمناه، وقد وقف مُتعجبًا بعض الشيء من تزيين القصر بتلك الأنوار وتجهيز الحديقة بالمقاعد والطاولات دائرية الشكل، وتلك الأزهار التي تملؤ الحديقة بأكملها وكأن عُرسٍ سيُقام الليلة!وجدها تتحرك بخفةِ فراشةٍ بينهم وهي تبتسم بهدوءٍ كملامحها الهادئة تمامًا وبيدها كيسٍ كبير الحجم يحوي فستانًا عَلِم ذلك من أطرافه الظاهرة، وقبل أن يَهُم بالولوج للداخل أكثر لاحظته هي أولًا قبل الجميع بسبب انشغالهم فاتسعت عينيها من هول الدهشة واقتربت منه بخطواتٍ سريعة لتتأكد من إبصارها له..
وما إن اقتربت منه حتى وجدته يبتسم بهدوءٍ تلك البسمة الجذابة الخاصة به، لتتسع ابتسامتها تلقائيًا لرؤياه أمامها بعد غيابٍ دام لأسبوعٍ كاملٍ كان في غاية الثقلِ عليها، بينما الآخر لاحظ ابتسامتها لتتسع ابتسامته لرؤية ابتسامتها، وكأنها عدوى أصابته.
ظلت النظرات بينهما دائرة دون توقف، العتاب والسعادة من جهتها، فعتابها على تركها أسبوعًا كاملًا حُرمت فيه من رؤيته، والسعادة لقدومه اليوم في موعد خطبتها وكأنه يريد حضورها معها وعدم تركها وحدها، وقد لاحظت بأن سعادتها بعودته أكبر من سعادتها لخطبتها، لكنها تجاهلت ذلك فكل ما يَهُم هو رؤيته أمامها مبتسم الثغر بتلك الطريقة.
بينما هو كان يرمقها بنظراتٍ مُشتاقة وسعيدة وعاشقة، فخلال هذا الأسبوع المنصرم أشتاقها حد اللعنة رُغم أنها لم تفارق خياله ولم يُفارق طيفها أحلامه، راقب زرقوتيها بعشقٍ خاصٍ بهما وما جال بخلده أنها هي أخر مَن أبصر قبل رحيله، والآن هي أول مَن يُبصر حين قدومه، فهل لهذا الأمرِ دلالةٍ؟؟ وجد الأخرى تقترب منه وما زالت الصدمة جلية على قسمات وجهها؛ لذا تحدث مبتسم الثغرِ بمرحهِ المعهود:
أنت تقرأ
أنتَ طَوْقُ النَّجاةِ
Aksi"كُنتُ أنا وقلبي بين أناسٌ مؤذيةٍ يسلبُون كُل جميلًا بِـداخلي، ويتركونني بلا حياة؛ حتى رأيتُكَ وسط جموعِ البشرِ فأيقن قلبي أنكَ أنتَ طَوْقُ النَّجاة".