الفصل الخامس عشر
وحلت السكينة والهدوء على حياتي منذ غدت رؤى تحت أنظاري كما أيام الخوالي ، إذ أستطيع أن أمضي حياتي كلها أراقبها وأرعاها وأرعى كل شؤونها كما كانت وهي صغيرة هكذا حتى لو من بعيد المهم أن أشعر بها تحوم حولي ونتنفس تحت سقف واحد،ولكن دون أن أعود وأرتكب الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي لقد محوت شخصيتها دون قصدٍ مني لدرجة لم تستطع العيش عند غيابي،أجل لم تستطع العيش لأنه عندما يفرض على شخص شيئا لا يريده دون أن يعارض ويحركونه كدمية فهو بالتأكيد لا يعيش،وأنا بغيابي ذاك وكأني قذفتها في البحر وقلت لها اسبحي دون أن أعلمها السباحة ،وكان علي أن أصحح أخطائي حتى لو لم أعده وأعد أمي أن أكون سندًا لها فأنا اتحمل جزءًا مما قد أصابها ،وهاهي اليوم تتجاوز كل تلك الصعاب وأراها تنفتح على الحياة هذا ماأراه في وجهها إذ غدى مشرقا وتنبعث منه الحياة لمن ينظر لها ،وهذا ما تبدو عليه حين ألمحها وأنا أتجول بين أقسام الشركة مراقبا لها أولا ولبقية الافواج من الجدد.
وكعادتي وقت تجوالي بين الافواج أصادف شخصا آخر يتجول ولكن يتجول بين أقسام المدراء وليس مثلي إذ لازال يبحث ويبحث عن فراشته دون جدوى ،لا أدري ماجرى له إذ ليس من عادته أن تؤثر فيه أي فتاة يقابلها كما أثرت فيه هذه ،ترى هل أصيب بسهم العشق أخيرا؟،مع العلم هو على أبواب خطوبته من إبنة عمه!!!!رغم عدم حبه لها ،لا أدري لما يخطط أو أن تلك البنت أخذت جل عقله ولا يعلم ماذا يفعل أو على ماينوي عندما يجدها والأهم من ذلك ماذا يخبر والده وابنة عمه؟!،يجب أن أحدثه في هذا الأمر لا ربما لا يعي مايفعل.
************************
كنت كعادتي أتجول بين أقسام المدراء أبحث عن فراشتي الضائعة إذ منذ آخر مقابلة لنا لم أصادفها رغم بحثي المستمر عنها ولم ولن أيأس حتى أجدها،والسؤال الوحيد الذي يراودني كيف لم تأتي لتزور قريبها المدير مثل ماقالت ،لا يمكن أن تكون قد أتت ولم أرها لأني لم أدع الأقسام لحظة واحدة إذ أتجول طول النهار حتى ينتهي الدوام وارافقهم وهم آخر من يغادر، حتى عند خروجهم من الشركة أكون معهم لربما تكون تنتظر قريبها في الخارج.
كنت بذهن شارد من الأسئلة التي لم أجد لها أجوبة عندما صادفت أمجد في أحد الأقسام عندها سألني عن حالي الذي لا يعجبه وفي نفس الوقت يحثني بيديه كي أرافقه لمكتبه حتى نتحدث على حد تعبيره وأنا أبَيت إلا أن أطاوعه كي لا أترك لحظة واحدة الأقسام لربما تأتي فراشتي ولا أراها ،ومع هذا لم أرد أن أحرجه وهاهو يجرني من يدي كالتائه يدخلني المكتب مغلقا الباب بعدما طلب من السكرتيرة فنجانين من القهوة.
"ماذا تريد يا أمجد لما أتيت بي إلا هنا وأنا في قمة انشغالي؟"
"إنشغالك!!؟ حالك لا يعجبني يا عمار ،هل ستبقى هكذا ؟وإن لم تجدها ما انت بفاعل؟"