الفصل الخامس: حمزة

44 2 3
                                    

يلا بسم الله♥️
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم
متنسوش الفوت (النجمة) يا بنات عشان الرواية تظهر لناس أكتر
وطبعا كالعادة رأيكم يفرق معايا جدا🥰🥰♥️
****
الفصل الخامس/ حمزة
دخل حمزة ذلك الكافيه يصحب أحد رجاله، لا يعرف لمَ أتى هنا بالتحديد؟ هو فقط رآها وهو يمر بسيارته من ذلك الشارع الذي أتاه لكي يـ.. يـ..، على أية حال رآها، واشتعل غضبه حين رأى ذلك الشاب يقدم لها الكوب داعيًا إياه لتشرب من يده!!! أيظن نفسه في قاعة الزفاف!!!!
تحركت قدماه بسرعة حتى دخل مقتحمًا المكان، ووقف خلفها مباشرة يطالع ذلك الأحمق وشياطينه تتراقص داخل عقله
مد يده يقبض على ذراعها بغلظة، وسحبها منه بعنف؛ لتقف مترنحة وهي تطلق أهة ألم صغيرة بترتها قبل أن تكتمل
تطلعت بصدمة إلى نظراته الغاضبة التي يرمق بها أحمد، وانتفض قلبها حين وجَّه شعلتيه نحو وجهها يكاد يحرقها حية
ولم تكن تعبأ بكوب عصيرها الذي سقط من يدها لافتًا أنظار زوار المكان لها للمرة الثانية، بينما يرمقهم العامل الذى مازال يلملم بقايا الكوب الأول من الأرض بحسرة
هب أحمد واقفًا صارخًا فيه "فيه حاجة يا كابتن؟؟"
لم يرد عليه حمزة، وظل يأسر عينيها المذهولتين تتطلعان إليه بخوف، ابتلعت ريقها تحاول السيطرة على طبول الفزع بقلبها، ثم نظرت لأحمد مهدئة "تمام مفيش حاجة"
ثم عادت تنظر لحمزة الذي همس لها بصوت مخيف وهو يضغط أسنانه "هتيجي بالذوق ولا أسحبك بالعافية؟"
لم ينتظر إجابتها حتى، وسحبها من ذراعها بعنف وهي فقط تحاول اللحاق بخطواته كي لا تسقط، دون مقاومة له
دخل بها الممر المؤدي لدورة المياه في نفس المكان، والذي يبعد عن زبائنه مسافة كافية، بينما وقف حارسه ببداية الممر ليمنع أحدًا إن حاول المرور
جذبها بعنف يدير جسدها كريشة في مهب عاصفته؛ لتقف أمامه، واعتصر ذراعيها الاثنتين بيديه
نظراتها المتعجبة من غضبه الذي لا يستطيع أن يسيطر عليه دون مبرر زادت من غضبه؛ فدفعها صافقًا ظهرها بالحائط
تألمت بسبب جرحها بشدة، وتقوس ظهرها بتلقائية باتجاه جسده محاولًا تفادي تلامسه مع الحائط خلفها، وهي تضم شفتيها بقوة تكتم صرخة ألم كادت تنفلت من بينهما، فكانت أنينًا مكتومًا
رأى الألم يرتسم على ملامحها بشكل فاجأه؛ فهي كل مرة تحاول إخفاء ألمها كبرياءً أمامه، فإن لم تستطع؛ فهذا يعني أنه حقا ألمًا لا يُطاق!!
أرخى ذراعيه عن كتفيها منتبهًا إلى حقيقة أنها لا تزال تعاني عواقب رصاصة والده اللعينة
وبدلًا عن كتفيها، استند على الحائط من حولها يحاصرها بذراعيه منحنيًا بجذعه تجاهها قليلًا، وسمح لها ببضع لحظات تتخلص فيهم من ألمها الحاد، بينما يتخلص هو من مناظر الدم في مخيلته، والتي تغريه ليهشم رأس المتملق الذي يجلس بالخارج، ويفجر الدماء من جمجمته
سألها حمزة بغلظة "مين الواد اللزج ده؟"
رفعت أنظارها بعدم فهم؛ فلم تكن تتوقع سؤالًا كهذا، ارتفع مستوى غضبه؛ فضرب الحائط من جوارها هادرًا فيها "ما تنطقي"
أجفل جسدها برعشة رعب من غضبه، تقسم أنها لم تفعل له شيئًا قد يحفز الحيوان بداخله، وملك قد ابتعدت عنه، وتزوجت بغير أبيه؛ لذا بالتأكيد ما من داعٍ لأخذ انتقامه منها ككل مرة
ردت بتوجس تقاوم رغبتها بالاختباء منه تبكي في أحد زوايا الدنيا "زميلي"
أظلمت عيناه وهو يتأملها للحظات بجمود قبل أن يمد يده يتلمس بظهر أنامله وجنتها البرونزية؛ فأشاحت بوجهها للجانب الآخر مبتعدة عن لمسته؛ فقابلها بيده الأخرى يتلمس بإبهامه شفتيها
عدلت رأسها بين الجانبين تنظر لوجهه بنظرات نارية، نظرات لا تعرف هي أنها توسوس له  دائمًا بتقبيلها؛ فانحنى بجذعه أكثر نحوها
دهست بحذائها قدمه بقوة وهي تدفعه من صدره بنفس الوقت؛ لتفك نفسها من سجنه؛ فتألم مبتعدًا خطوتين
فاستغلت الفرصة، وهرولت نحو المخرج، ابتعدت مسافة ثم التفتت تنظر له خلفها بقلق وهي تهرول؛ فرأته شامخًا يرفع إحدى حاجبيه استمتاعًا بتحدٍ لها، وكأنه يعلمها أنها لعبته، وسيطاردها مهما ابتعدت، فلا سبيل لها إن لم يرد تحريرها
كم تكره تلك النظرة المتسلية التي تحتل وجهه كلما لعب بها بين أصابعه، يتحكم بكل شيء في حياتها، واللعبة دائمًا تسير وفقًا لقواعده التي يضعها مرغِمًا إياها على إتباعها
عادت لتجلس مع زملائها، تخشى أن تخرج بمفردها فيتبعها؛ لذا أرادت أن تتلهى بينهم ريثما يغادر هو أولًا، وكان هذا أغبى قرار اتخذته
شعرت بهم يرمقونها بفضول؛ لذا أجابت بهدوء مبررة قبل أن يسألوا "ده واحد قريبي (وفكرت لثانيتين في سبب لما فعله ثم قالت كاذبة) معجبوش اللي عملته يا أحمد من شوية بس أنا فهمته كل حاجة خلاص"
لكزت سماح أحمد وهي تلومه "عشان أقولك بطل عشمك ده مع البنات"
وتنهدت رؤى براحة "اتخضيت..افتكرته هيعمل فيكِ حاجة.. شكله ميطمنش أبدًا"
تدخل أحمد متحفزًا "ده أنا كنت دفنته مكانه، هي سايبة ولا ايه؟"
تهكمت سماح "والنبي اقعد أنت، أنت مش شايفه عامل ازاي؟ ده لو نفخ فيك بس هيوديك زحل"
اعترض أحمد بحمية ذكورية "متاخديش بالمظاهر المهم الـ.."
بتر أحمد عبارته وهو يرى حمزة يتقدم حتى جلس بطاولة أمامهم بثقة يرمقه مضيقًا عينيه كصقر يستعد للانقضاض على فريسته
نظرت سمر حيث ينظر أحمد، وما إن التقت عيناهما؛ قرع الرعب قلبها مجددًا، ولا تعرف ماذا يريد منها بعد؟ ألن ينهي اللعبة عند هذا الحد؟
غمز لها بعينه؛ فأشاحت بوجهها بقلق تنظر لطبق الحلوى أمامها، ومدت يدها بارتباك تتناول قطعة لا تدري إن كانت ستتمكن من ابتلاعها
********************
سألت سالي معاذ بصدمة "مين الهمجي ده؟"
أجابها بهدوء "أخوها"
هكذا يظن جاهلًا حتى الآن أن حمزة أخو ليليان فقط من الأب وليس سمر، فسمر ابنة رجل آخر تزوجته ملك منذ زمن
لذا لم يتدخل؛ لأنه لا يحب التدخل في أمور عائلية أبدًا، وكذلك يعتقد أن معه كل الحق، فلو رأى أخته تشرب من يد غريب كما فعلت تلك المتحررة منذ قليل لأقام عليها الحد، ولكنه -رغم ذلك- تعجب من تعبيرات الرعب التي اكتست وجهها، والنظرات المتوترة التي تتبادلها مع ذلك ال "حمزة" الآن
فهو لم يرها بتعبير آخر غير الجمود منذ عرفها؛ لذا ظنها "خشنة" أو ما شابه، فكيف لها أن ترتعب بهذا الشكل أمام أخيها؟
هل له علاقة بالندوب التي أخبرته عنها الممرضة ذلك اليوم في المشفى؟
يعترف أن حمزة يبدو قاسيًا بعض الشيء، ولكنه لا يبدو كذلك مع ليليان!
********************
قالت رؤى وهي تنهض "أنا هقوم أغسل ايدي"
ردت سمر تحاول الهرب من حصار عيني حمزة "أنا جاية معاكِ"
وعند خروجهما، تسمرت كلتاهما أمام الباب؛ لرؤية حمزة يقف مسندًا ظهره إلى الحائط المقابل لدورة المياه النسائية عاقدًا ذراعيه
أمر حمزة رؤى بصرامة "روحي أنتِ يا آنسة، عايزها في كلمتين"
نظرت إليها رؤى بتساؤل وهي تتحرك ببطء متوجسة؛ فأوقفتها سمر "استني يا رؤى أنا جاية معاكِ"
وهمت لتتحرك من أمامه هاربة، ولكنه أوقفها قابضًا على معصمها بعنف، ورمق الأخرى بنظرة خطرة؛ لعدم تنفيذها ما أمر به؛ فأسرعت الخطى تغادر من أمامه تتعثر في قدميها، ومرت بفزع من أمام حارسه الذي يقف ثابتًا كحائط
التقت عيناها بعينيه لثوان، تتطلع فيه بعينين متوجستين تراقبان الاشتعال الثائر في محجريه
سحبها من يدها، وأدار جسدها نحوه وهو يلصق ظهرها بالحائط بلطف هذه المرة، وظل يتطلع إليها بجمود رسمه جيدًا مخفيًا به غضبه وهو يقول بتحذير خطر "فاكرة إنك هتهربي مني؟"
واقترب منها ببطء بوجهه؛ ليكمل ما قد بدأه منذ قليل، بينما انكمشت هي على نفسها أكثر تلصق جسده بالحائط تتمنى لو يتزحزح الجدار معها للخلف ولو قليلًا
اندفع أحمد باتجاهه بغضب حين أخبرتهم رؤى بأن قريبها المجنون ذلك يبدو عليه الشر، واعترض طريق قبلة حمزة الموجهة لسمر، ولكمه بقوة أبعدته مجبرًا عنها؛ فصرخت سمر صرخة فزع قصيرة وهي تضع كلتا يديها على فمها
سحبها أحمد من معصمها خطوة نحوه برفق، وسألها "عملك حاجة؟"
استسلمت له كريشة، وعيناها مثبتتان على حمزة؛ تخشى ردة فعله التي تعلم أنها لن تكون خيرًا
دب الذعر في أوصالها وهي تراه يستقيم، ويمسح زاوية فمه بيده وهو ينظر غاضبًا بتوعد لذلك الأحمق الذي تهور ولكمه!
تقدم حمزة خطوة، وهو يشير لحارسه بعدم التدخل، فهتفت باسمه متوسلة "حمزة!"
وأفلتت يدها من أحمد، وركضت تلقى نفسها أمام حمزة، تسند بيديها الاثنتين على عضلات صدره المتصلبة أسفل كفيها، تمنعه عن التقدم، وهي تنظر له بتوسل، وحاولت تهدئته بصوت يرتجف من الرعب "تمام.. تمام.. اهدأ.. أنا آسفة.. أنا آسفة.. حقك عليا هه؟.. هه؟"
لانت ملامحه قيد أنملة دون أن يرمش حتى وهو يطالعها بغضب، يتأمل أمارات الفزع التي لم تستطع التحكم بها هذه المرة أيضًا، وكذلك تأمل شعرها الأسود الذي تحرر بالكامل من رابطته للتو وهي تركض نحوه
تدخل أحمد بحمية "متخافيش يا سمر سيبيهولي يواجهني راجل لراجل"
شعرت بتصلب عضلات حمزة أكثر تحت يديها وصوت أنفاسه يتزايد؛ فالتفتت لأحمد المتهور تصرخ فيه بشراسة "متدخلش لو سمحت"
صُدم أحمد من صراخها عليه هو! ورمقها بحنق شاعرًا بالإهانة من صراخها في حين أنه تدخل ليدافع عنها فقط!!
رمقها حمزة وهي تصرخ بذلك اللزج، وفهم أنها تفعل ذلك لحمايته من بطشه، وفكرة أنها تدافع عن ذاك الأبله أمامه أحرقت آخر أبراج التعقل لديه
قبض على ذراعها، وجذبها منه لأعلى لتقف على أطراف أصابعها بالكاد تلامس الأرض، طالع مقلتيها اللتين ترتعشان كجسدها الذي يشعر به يرتجف بين يديه، وقرب أنفاسه من عنقها يقول بفحيح محذرًا "خايفة عليه؟ حلو.. هجيب العربية ألاقيكي مستنياني برا.. سامعة؟"
هزت رأسها بسرعة عدة مرات موافقة دون تفكير؛ فتركها بعنف متوجهًا للخارج قبل أن يرتكب جريمة من نوع ما
شهقت أخيرًا تسمح للهواء بالعودة لرئتيها من جديد وهي تتنفس بسرعة، بينما تخلل أصابعها المرتعشة في شعرها لتقبض عليه عند مؤخرة الرأس تحاول إعادة تشغيل عقلها الذي توقف، وبلا فائدة تحاول استيعاب أو تخمين ما يريده منها، وكل احتمال أسوأ من الآخر
انتبهت لصوت رؤى المهتز "أنتِ.. كويسة؟"
انتفضت وكأنما لدغتها حية، وهي تتذكر ألا وقت لتفكر، وأنه ينتظرها بالخارج؛ لذا انحنت بسرعة تلتقط رابطة شعرها، وركضت بتوتر دون أن ترد عليها، أخذت حقيبتها من الطاولة خاصتهم ثم أكملت ركضها مسرعة للخارج وهي تربط شعرها قبل أن يغير حمزة رأيه، ويعود ليهدم المكان على رأس أصحابه
بمجرد خروجها كان قد وصل بسيارته، وقفت قليلًا مترددة تراجع نفسها، ولكنها أجفلت حين ضرب بوق السيارة بعنف؛ فأسرعت تركب بجانبه كما يشاء
أغلقت باب السيارة عليهما، وجلست تتهرب بنظراتها منه، تنظر لكل شيء إلا هو، لا تدري علامَ ينوي، ولا حتى ما سبب غضبه منها!
تحاول السيطرة على ارتجافتها؛ كي لا يرى خوفها؛ فهي تخشى إن رأى خوفها يتمادى متسليًا بها في قبضته كالعادة
مر بعينيه على يديها التين تقبضهما بجانبها على الكرسي بشدة ترتجفان، وعينيها الزائغتين تتحاشانه، و صدرها الذي يعلو ويهبط متماشيًا مع صوت أنفاسها المتلاحقة، وشعرها الذي ربطته وكأنها تعانده، ابتلع غصة لا يدري ما أتى بها في حلقه، فبعد كل شيء هي مازالت تخشاه إذا!
رعبها منه من الواضح أنها لا تستطيع السيطرة عليه هذه المرة بالرغم من نجاحها معظم الوقت في إخفاء تعبيرات خوفها منه مرتدية قناعًا من الوجوم؛ لتبدو أمامه صامدة لامبالية أحيانًا كمحاولة بائسة منها لمجاراته في حقارته معها، ولكنه كان يدرك جيدًا في كل مرة أنها ترتجف بداخلها، وتموت ذعرًا كلما اقترب؛ فهي تخصه بنظرات لا تنظرها لغيره، نظرات واجمة متصلبة، وهو يحفظ تلك النظرات كلها عن ظهر قلب
مال عليها بجسده فجأة؛ فأشاحت بوجهها ناحية الباب مغمضة عينيها بقوة منكمشة على نفسها ظنًّا أنه سيقبلها، فتحت عينها ببطء بعد ثوانٍ لتفاجأ به يسحب لها حزام الأمان، ويجلس في مقعده ساحبًا حزامه، وكل ذلك لم ينطلق بعد بالسيارة! فلمَ شعرت أن الطريق طويلة؟
نظرت لزجاج السيارة بجانبها متحاشية النظر تجاهه، وأطلقت زفيرًا خافتًا وهي ترمش بعينيها عدة مرات تحاول السيطرة على خفقان قلبها، وأخبرت نفسها أنها لا تزال بخير، ولم يفعل بها شيء، بينما انطلق هو بالسيارة -تاركًا حارسه- نحو وجهة لا تعرفها، وكل ما تملكه أن تراقب الطريق بقلق
راقب معاذ وسالي الوضع بغرابة، أصوات الشجار بالداخل ثم خروج حمزة متجهمًا يليه ركض سمر بتوتر للخارج، وقوفها أمام الباب ليأتي حمزة بسيارته، وتركب معه، ثم شيء أكثر غرابة، وحمزة يميل برأسه عليها غير ملاحظين أنه يسحب الحزام؛ فشهقت سالي واضعة يدها على فمها وهي تنظر لمعاذ الذي عقد حاجبيه باستنكار وعدم فهم
سألته سالي "أنت مش قلت إنه أخوها؟"
أجابها معاذ مشمئزًا بعدم فهم "على حسب ما فهمت أه، أكيد فيه حاجة غلط"
********************
اختلست سمر النظر إليه بعد مدة؛ فرأته متجهم الوجه عابس الجبين، والشرر يتطاير من عينيه، يقبض بقوة على المقود، إنه ببساطة غاضب! لمَ؟؟ ماذا فعلت هي أو ملك؟
تستطيع التعامل معه بهدوء حين يتسلى بها، ولكن حين يغضب! تشك في قدرتها على النظر حتى لعينيه كي لا ترى أفكاره الشيطانية
أوقف السيارة أمام أحد الفنادق، نظرت إلى المكان بهلع ثم عادت بنظرتها المتسائلة إليه، تتمنى لو يُكذب ما فهمته
فاجأها آمرًا "يلا انزلي"
لقد جن جنونه تمامًا!
نظرت أمامها بتوجس، وتجاهلت أمره كأن لم تسمعه؛ فضغط أسنانه وهو يقول بتهديد "قلت انزلي، لو عايزاني أنزلك بالعافية معنديش مانع"
انتفض قلبها، ولكنها لن تنفذ أمره بالتأكيد؛ لذا باغتته دون أن تنظر له قائلة بهدوء تخفي به ضعفها "عايز ايه يا حمزة؟"
لم يرد، وظل صامتًا لثوانٍ يتأمل الغضب الكامن في مقلتيها؛ فاضطرت للنظر له، وبمجرد أن التقت عيناهما غمز لها بوقاحة، وقال بصوت أجش "أنتِ عارفة أنا عايز ايه"
نظرت أمامها بسرعة تتجنبه، وعيناها تزوغان، وتشتد قبضتها أكثر فأكثر تحاول الهدوء لتفكر كيف يمكنها الهرب من قبضته
أخذت نفسًا عميقًا، وأطلقته دفعة واحدة، وكأنها ستلقي بكل ما في جعبتها دفعة واحدة؛ وإما أن تنجو أو لن يحدث أسوأ مما يريده على أية حال، وأخبرته "أنت نفسك مش عارف أنت عايز ايه"
استفزته كما تفعل دائمًا حين تشعره بأنها تفهم عنه كل شيء لا يريد لأحد أن يكشفه، ولكنه كابر، ورد بوقاحة "ما تيجي نكتشفه سوا فوق"
فك لها الحزام منتظرًا إياها أن تنزل؛ فنطقت بحزم تحاول استجماع بعضًا من شجاعتها الخائنة "مش هنزل"
رفع حاجبًا وهو يتمادى بقوله "تمام لو تحبي هنا معنديش مشكلة"
وفي لمح البصر فك حزام أمانه، وانقض عليها؛ فانتفضت تخفي وجهها خلف قبضتيها، وهي تتكوم داخل نفسها مغمضةً عينيها بقوة نفورًا منه
ظل على وضعه مستندًا بذراعه بجانب رأسها حتى رفعت رأسها تنظر إليه، وهو تقريبًا أمامها، ولكن دون أن يلمسها
صدمته بدموعٍ ترقرقت داخل غيمتيها تنذران بمطر وشيك، وهي تطالعه بضعف كطفل صغير يخشى عقاب والده القاسي، ما ألطفها!!!
فارتد قلبه عليه وهو يرى دموعها تتلألأ؛ فعاد بجسده يستقر في مقعده وهو يشيح بنظره عنها، وعن دموعها اللعينة، وزفر بضيق زفرة حارة طويلة لاعنًا
تبا! ابنة ملك حقا ماهرة في إفساد متعته عليه!!
نعم.. "ابنة ملك" قالها في عقله؛ ليذكر نفسه بأنها ابنة ألد.. ألد.. أعدائه
ملك التي عرف الكره على يديها، التي تزوجت والده بعد فترة قصيرة جدا من وفاة أمه -كما يدّعي أبوه-، بالتأكيد كانت تعرف والده وأمه على قيد الحياة، كان حينها يبلغ فقط اثنا عشر عامًا
رآها كثيرًا وهي تؤثر على والده بأرخص الطرق؛ ليكتب لها شيئًا من مال، وأحيانًا كانت تدس أفكارًا سيئة عنه لوالده؛ فتتسبب في ضربه له ضربًا مبرحًا
كان حينها لا يزال طفلًا لا يملك لنفسه الدفاع عنها، ولكنه قوي واشتد ساعده، وتمكن من السيطرة على إدارة أعمال والده؛ ليكون هو المتحكم الأول والأخير
لم يعلم حينها لا هو ولا أبوه بوجود ابنة لتلك المرأة من رجل آخر، حتى دخلت عليهم ذات يوم بشابة جميلة، أو بالأحرى طفلة تبتسم لهم ببراءة خجولة، وما حدث بعد ذلك كان أعظم
أفاق من شروده حين سمع شهقات صغيرة مكتومة بجانبه أذابت جليد قلبه، لا تزال -مهما لقنها دروسًا قاسية- طفلة باكية!
التفت ينظر إليها، وليته لم يفعل! لقد غرست بدموعها سكينًا في قلبه بنجاح دون أن تفعل هي شيئًا.. حرفيًّا لم تفعل شيئًا
انهارت حصونها تمامًا، لم تعد تستطيع التماسك أكثر، تريد الاختباء والبكاء في ركن مهجور لا يصله أحد، ولكن هذا ليس متاحًا للجميع.. حتى الحق في البكاء!
ضعيفة هي كريشة وسط عاصفة هوجاء تضربها يمينًا، وتقذفها يسارًا، وهي تطوف في الهواء لا تجد لها مرسى
مسحت دموعها بعنف قبل أن يراها، ولكنها لم تستطع التحكم بضعف صوتها الذي خرج متوسلًا "عايز ايه مني يا حمزة؟ حياتي وقضيت بفضلك أسود 5 سنين مروا عليا، وملك اللي بتكرهها أوي.. خلاص.. مبقتش موجودة في حياتك.. (ارتجف صوتها وهي تكمل بألم) كنت بتنتقم منها فيا بس دلوقتي خلاص.. خلصت حكايتكم، عايز مني ايه تاني؟"
ظل صامتًا، والتزمت صمتها، صمت لا يقطعه سوى صوت أنفاسه التي انتظمت أخيرًا ناسيًا الغضب الذي سيطر عليه دون مبرر يُذكر
التفت برأسه التي يسندها على الكرسي لينظر نحوها، رآها شاخصة ببصرها للا شيء أمامها، لا حياة فيها.. أو هكذا بدت
ولكن صدرها ما يزال يعلو ويهبط بهدوء رتيب، إذًا لا تزال تتنفس على الأقل، ولكنه ليس متأكدًا ما إذا كانت حية بحق
قطعت سمر الصمت تقول بجمود خافت "أظن كده مبقاش فيه حاجة بينا"
وحاولت بعدها فتح باب السيارة؛ فأمسك معصمها يوقفها، نظرت ليده ثم لعينيه ثم أصرت تفتح الباب باليد الأخرى متجاهلة معنى ما فعله
فضغط على معصمها قليلًا وقال بتهديد "أظن إني ملحقتش أنسي اللي اللزج ده عمله معايا"
تلقى عقلها أمره أو تهديده المبطن؛ فعادت لمقعدها ثانيةً بسكون، وأغلقت الباب مرة أخرى بهدوء وكأنها آلة وليست بشرًا
مال بجسده عليها مجددًا؛ فمدت يدها بسرعة تسحب حزام الأمان لنفسها قبل أن يفعل هو ذلك ثانيةً؛ فعاد لمقعده بهدوء، وسحب خاصته، واستعد للانطلاق وهو يقول بجمود "هنروح المستشفى يشوفوا كتفك وبعدين هوصلك"
لم تعقب؛ فلا فائدة من إجابتها؛ فهو قد قرر بالفعل، ولا حق لها بالاعتراض أو المناقشة حتى
********************
عدلت صباح الوسادة خلف زوجها في أحد غرف المشفى وهي تدعو "ربنا يباركله حسين بيه يارب"
ثم أردفت "حساه جدع محترم كده وطيب أوي أول ما عرف موضوع العملية مفكرش مرتين وهو بيساعدنا"
ثم مصمصت شفتيها قائلة بحسرة "والنبي خسارة في اللي اسمها ملك ده بس هنعمل ايه؟ عرفت تجيب رجله في 4 شهور، ومين عارف يمكن كانت تعرفه قبل كده"
ثم ضيقت عينيها تستنتج "أكيد ده اللي خلاها تطلب الطلاق من اللي اسمه توفيق ده بكل الثقة ده، ما هي مش معقول كانت هتحرم نفسها من العز إلا إذا لقت عز أعز منه"
رد زوجها بتعب رادعًا إياها عن الخوض في أعراض البشر "ملناش دعوة بالكلام ده يا صباح متجبيلناش مشاكل مش ناقصين"
أضافت كأنها لم تسمعه "بس الشهادة لله اللي اسمه توفيق ده كان مدوقها المُر بالذات الفترة الأخيرة"
ثم أكملت تهمس له "سمعتهم مرة بيتخانقوا واللي فهمته إنه عرف عنها حاجة قديمة ومن ساعتها معاملته ليها بقت أسوأ"
شعر بألم شديد، وثرثرتها أضافت لرأسه صداعًا؛ فقال يخيفها وهو ينظر خلفها "حمزة بيه!"
انتفضت صباح من مقعدها برعب تنظر خلفها، تهتف بجزع "يالهوي حمزة بيه أنا..."
نظرت يمينًا ويسارًا؛ فلم تره، عادت بنظرها الحانق لزوجها الذي يكتم ضحكته كي لا يتألم، وقال "لما أنتِ جبانة أوي كده بتتكلمي ليه في أسرار البيوت"
جلست وهي تتنهد براحة أنها مجرد مزحة، وأخبرته "اسكت متجيبش سيرته كل ما بشوفه جتتي بتتلبش، عليه حتة بصة بتحسسني إنه هيدفني مكاني حية، ببقي متمنية الأرض تنشق وتبلعني، ولولا الحوجة للشغل مكنتش أبدًا شوفت خلقته العكرة ده"
تأفف من ثرثرتها، فها هو أخرجها من موضوع دخلت مباشرة في الذي يليه، ثم سألها "هتعملي ايه في الشغل صحيح؟"
أطرقت برأسها تتنهد ثم قالت بغم "ربنا يتولانا"
ثم أكملت بغل "أنت عارف اللي اسمها ملك ده جفنها مرفش حتى وهي بتقولي (وحركت يديها يمينًا ويسارًا بتهكم) استغنينا عن خدماتك"
زفر هو مجددًا؛ فها هي تعود لثرثرتها مرة أخرى!
********************
انحني حسام يطبع قبلة على جبين ملاكه النائمة بعمق في غرفتها الصغيرة
قبلة كانت تحمل ندم قلب معذب يؤنبه لصراخه بها صباحًا، وهو يتذكر أنها رفضت كل محاولاته للصلح ولم يستطع إقناعها بالخروج من تحت ذلك المكتب حتى أتت "دادة بدرية"؛ فخرج هو تاركًا إياها معها قبل أن تسيطر عليه مشاعر أنانية باحتضانها رغمًا عنها وهي خائفة منه، لا لشيء سوى أنه هو من بحاجة لحضنها الصغير الدافئ، ورائحتها الطفولية الذكية التي تذكره بعطر أمها: الحبيبة الغائبة عن بصره ساكنة بقلبه
تنهد وهو يتأملها، صغيرته تحمل قطعة من روحه، ولكنه لا يملك ذلك الشيء الفطري الذي يمكنه من التعامل معها، لا يعرف كيف يتعامل معها أو كيف يجعلها تتحدث معه كالأطفال الآخرون، هو يعترف أنه ربما يكون سببًا في ذلك؛ فهو يبالغ في حمايتها أحيانًا، وكذلك يخشى تدليلها كثيرًا؛ فيكون ضيع أمانة حبيبته
مشتت كثيرًا، ولا يدري ما يفعل، يخشى عليها، ويخاف من نفسه، ومن مسئوليتها
خرج من غرفتها، ولم يشعر برغبة في النوم؛ لذا تسلل للمطبخ، وفتح أحد خزاناته ملتقطًا كيسًا تجاريًّا من البطاطس المقرمشة متوجهًا به لغرفة المعيشة
مقاطعة يا جماعة مش اللي جه في بالكم لأ
كاد يجلس على الأريكة حين لمح –من الحائط الزجاجي- تحرك الأرجوحة التي تتوسط النصف الأيمن من الحديقة الأمامية بجانب المسبح
اقترب من الزجاج يدقق النظر قليلًا حتى تعرف عليها؛ إنها سمر!
الفتاة التي أنقذت روحه اليوم بشجاعة، لاحت على شفتيه ابتسامة ممتنة مقررًا الذهاب لشكرها؛ فلم يتسنى له شكرها من قبل
********************
قبل قليل، كانت تجلس بسيارة حمزة على وشك الوصول للقصر بعد أن اصطحبها للمشفى للاطمئنان على جرحها
أحيانًا يحيرها بأفعاله، لا تدري إن كان قاسيًا أم حنونًا!
لم تفكر كثيرًا في تلك النقطة، ولن تفكر أبدًا؛ فلا يهمها إطلاقًا، ما يهمها هو أن تتخلص منه بأية طريقة قبل أن يتمكن منها شيطانه، ويقتلها يومًا ما بطريقة تعرف أنها ستكون الأكثر إيلامًا وعارًا
انتبهت على صوت أغنية شغلها هو قاطعًا بها الصمت الذي ظل بينهما للساعة والنصف الماضية
رمقها بطرف عينه وهو يقول "عارف إنك بتحبيها"
لاحت ابتسامة على إحدى زاويتي فمها بسخرية مريرة، ليست من كونه يعلم ما تحبه، ولا من كونه يفعل لها شيئًا قد تحبه بل من تشابهه الغريب مع ملك!
أخبرته بخواء وهي تراقب الطريق بجانبها "عارف؟ أنت وملك اللي بتكرهها أوي ده فيه بينكم حاجات مشتركة كتير"
عقد حاجبيه بانزعاج من تشبيهها له بالمدعوة "ملك" بينما أردفت هي بجمود "أولها إن أنتم الاتنين بتتفننوا ازاي تكرهوني في أي حاجة بحبها"
أوقف السيارة بغضب على جانب الطريق حين وصلا، وتطلع للقصر الذي تسكنه مع أمها وزوجها وشابين آخرين!
أما هي بمجرد أن توقف، نزلت مسرعة كعصفور فُتح باب قفصه للتو، ولكنه كان له رأي آخر
ترجل خلفها، ولحق بها آسرًا معصمها، وأدار جسدها إليه لتقع بحضنه، وبحركة سريعة مد يده الأخرى يسحب رابطة شعرها؛ فانسدلت خصلات شعرها الأسود بنعومة تغطي خلف عنقها وجزء من وجهها، والنسمات الرقيقة داعبت شعرها بنعومة؛ ليتراقص على وجنتيها، ووجهه الخشن؛ فبدت كجنية خرجت للتو من كتاب الحكايات
قال يؤنبها بوقاحة "عارفة إني بحبه مفكوك ومع ذلك صممتِ تربطيه تاني"
شعرت بخطره عاد يحاصرها؛ فتجاهلت نظراته، وعبارته اللئيمة، وركزت نظرها على معصمها تحاول تحريره من قبضته
تأملها وهي تحاول تصنع اللامبالاة التي يكرهها؛ لذا مال بجذعه مقتربًا من وجهها، وسحبها نحوه من خصرها بيده التي فك بها شعرها
أشاحت بوجهها تجنبًا لقبلة قد يجبرها عليها؛ فتناثرت خصلاتها على وجهه؛ فاستنشق بدناءة شذى شعرها بنفس طويل جعله يرخي يده القابضة على خصرها بلاوعي
استغلت غفلته تلك، ودفعته عنها بحركة مباغتة؛ فتراجع خطوة للخلف، واستقام بهدوء متفرسًا في ملامحها ونظراتها التي تحدجه بشراسة قطة برية تدافع عن صغارها
ابتسم مستفزًا إياها، وقال بانتصار مستمتعًا "أهو أنا كنت مستني النظرة ده بس"
ثم رفع لها حاجبيه بتحدٍ بعد أن غمز لها بوقاحة، وتركها منطلقًا بسيارته
وقفت هي بذهول تفكر ما به هذا المختل! ألهذه الدرجة يراها تسلية له!! إلى متى سيلعب متحكمًا بخيوطها في يده فقط ليتسلى؟؟
جرت قدميها بصعوبة بأنفاس ثقيلة تجبرهما على الدخول للقصر في هذا الظلام الذي خيم على الدنيا تمامًا كما خيم على قلبها
لم تشعر برغبة في رؤية أحد؛ فأعصابها لن تتحمل المزيد اليوم؛ فاتجهت لتلك الأرجوحة التي رأتها صباح اليوم الذي كان حافلًا بكل ما يثير الرغبة في البكاء أو.. الموت!
أغمضت عينيها بإرهاق، وهي تستند برأسها إلى ظهر الأرجوحة موجهة رأسها نحو السماء
ظلت على وضعها قليلًا؛ تستعيد هدوءها، وتستشعر بعضًا من الأمان حتى سمعت صوتًا رجوليًّا يبدو أنه يحدثها "سلام.. قاعدة كده ليه؟"
فتحت عينيها تنظر إلى محدثها دون رد، فتقدم حسام يجلس بجانبها وهو يرد على جواب لم تجبه "معاكِ حق، القمر الليلة حلو أوي"
نقلت نظرها للقمر تتأمله بسكون
قال محاولًا فتح حديث معها "تعرفي شعرك وهو سايب حلو أوي، أول مرة أشوفك سايباه"
عادت لرأسها ذكرى ذلك البغيض وهو يحرر شعرها عنوة؛ فأظلمت عيناها
شعر حسام بوجود شيء بها؛ فسألها باهتمام "مالك؟"
انتبهت له، ونظرت إليه دون رد مجددًا، تحبس بصعوبة رغبة عارمة في البكاء شعرت أنها ستتحرر رغمًا عنها لو تكلمت
فعاد يسألها بحنان "فيه حاجة مضايقاكي؟ تقدري تحكيلي لو تحبي"
وحنانه زاد من رغبتها في البكاء، وكم تمنت لو كانت أمها أو حتى أبوها مكانه الآن يتطلعان إليها بحنان ولو مرة واحدة؛ لتغيرت أحوالها كثيرًا
فتابع هو متنهدًا "حاسس إن عندك كلام كتير بس مش عايزة تتكلمي.. عمومًا وقت ما تحبي أنا موجود.. شكلك وراكِ بلاوي"
ابتسمت أخيرًا على المصطلح الذي أطلقه على حياتها "بلاوي"، حقًّا لم تسمع أصدق منه يصف حالها
هتف حسام بمزاح "يااااااااااه هو أنتِ بتعرفي تضحكي زينا عادى؟"
اتسعت ابتسامتها قليلًا وهي ترد بكسل "ومعرفش ليه؟"
تصنع الدهشة وهو يرد "ايه ده؟.. وبتعرفي تتكلمي كمان!!!"
رفعت حاجبيها بدهشة تجاريه في مزاحه "شوف ازاي؟.. تصور يا جدع؟"
وهذه المرة هو من ضحك بقهقهة، وفتح كيس رقائق البطاطس المقلية، ومد يده به إليها لتشاركه
جلسا فترة يتناولان بصمت قطعه حسام "واضح إني رغاي
أوي بالنسبة لواحدة صامتة زيك، وشكلي كده صدعتك بكلامي (وأكمل بمزاح) بس بما إنك معترضتيش ولا ضربتيني وسيبتيني عايش (وضع يده على فمه يتصنع الخطأ في القول وتابع).. قصدي قاعد.. هعتبر إنك مزهقتيش مني وإن كلامي مكنش ممل أوي"
ابتسمت لحديثه، وأسلوبه؛ فتابع "بكمالة الصداع بقا.."
وتغيرت نبرته المازحة للامتنان الصادق وهو يردف "كنت عايز أشكرك على اللي عملتيه مع فرح النهاردة أنتِ حقيقي أنقذتيني أنا مش بس هي"
إذًا تلك الصغيرة تُدعى فرح!
ردت بصدق وهي ترفع كتفيها بتلقائية "أنا حقيقي معملتش حاجة، ده الطبيعي يعني"
دخل معاذ من الباب الخارجي بسيارته بعد أن أوصل خطيبته لبيتها، وتوقف بسيارته قليلًا ينظر إليهما، ثم أكمل طريقه باتجاه المرآب وهو يتعجب منها
إنها فتاة عنفها أخوها في الصباح لجلوسها مع شاب ومع ذلك تجلس مع آخر وحدهما في المساء!
بالطبع لا يقلق على أخيه؛ فهو يعرف جيدًا كم يحب زوجته الراحلة، وكم تعذب لفراقها؛ لذا يدرك جيدًا أنها لن تحصل على شيء من أخيه
ولكنه بات لا يطيق تلك الحرباء، ولا يعلم كيف سيتحمل الحياة معها تحت نفس السقف؛ فهو لا يحب ذلك النوع من الفتيات العنيدة واللعوب، وأيضًا لم ينسَ لها أنها راوغته في الكلام؛ فلم يستطع الحصول منها على اعتراف يخص القاتل الذي يشك أنها تحميه، وتتستر عليه رغم علمها بهويته!
ولم يكن وحده من رآهما، فلسوء الحظ، كان زوج آخر من العيون يراقبهما، وقد طرأت فكرة ما برأسها متمنية أن تسير الأمور كما تريد فحينها ستترسخ أقدامها بهذا البيت أكثر وأكثر؛ فتضمن لنفسها مستقبلًا مريحًا هانئًا
بعد قليل قطعت شهد خلوتهما وهي تذكرهما بموعد العشاء والذي عرفت من حسام بأنه شيء مقدس لدى والده
جلسوا جميعًا حول المائدة التي لم تخلو من شكر حسين وحسام لها، وتفاخر ملك بها بطريقة بدت لها مريبة ولكنها لم تعقب
ولم يزعجها سوى نظرات معاذ التي لم تكن مريحة لها إطلاقًا؛ فهو يرمقها بضيق أو استحقار أرجعت سببه لشكه بها الذي كان واضحًا في حديثه صباحًا، وتذكرت أيضًا أنه كان شاهدًا على الشجار الذي دار مع حمزة، ولكنها لم تعرف ما الفكرة التي قد تكونت برأسه عنها بالضبط، وعلى أية حال لا يُهمها كثيرًا، رغم أنها لم تستطع منع شعورًا بالضيق تسلل لقلبها من نظرته.. نظرته هو بالذات!
نهض حسين عن الطاولة تاركًا إياهم يكملون طعامهم؛ فأوقفته سمر منادية "أونكل حسين"
انتبه لها كما انتبه الجميع لصوتها؛ فأكملت تستأذنه بتردد "ممكن أتكلم معاك في موضوع"
رحب حسين بابتسامة ودودة "أوي أوي اتفضلي يا بنتي نتكلم في المكتب"
"بنتي" كلمة يصل عبيرها لقلبها البور، خاصة وهو يقولها بحنان يشع من عينيه تخشى أن تعتاد عليه؛ فيترك على روحها ندبة أخرى!
نهضت تتبعه متجاهلة نظرات ملك التي تخترقها بتساؤل لم تكن لتجيبه إلا بعد مناقشتها لحسين واضعة ملك أمام الأمر الواقع؛ فهي ربما تعترض على ما تريد فعله؛ لذا لا سبيل أمامها سوى حسين لتلبية طلبها
انتهى الفصل

رأيكم.. رأيكم.. رأيكم يهمني😌☺️
يومين وأنزل اللي بعده بإذن الله♥️
ودخلوا جروب الفيس هيعجبكم إن شاء الله

أضواء في آخر النفق للكاتبة ندى محمد "ندفة نوش"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن