الفصل الرابع: مراوِغة!

59 1 5
                                    

هلا هلا ♥️♥️
مستنية رأيكم أو كفاية تعليق إنكم متابعين أو فوت حقيقي بيفرق معايا كتير🥹
يلا إنجوي🥰
*******
كان معاذ يقف أمام مرآة غرفته الطويلة يضبط هندامه، مد يده يلتقط إحدى ساعاته ذات الماركة العالمية حين سمع صوت صراخ يأتي من الحديقة الأمامية التي تطل عليها شرفته، ألقى الساعة بسرعة على الفراش، وركض باتجاه الشرفة في فزع، رأى صغيرة أخيه تصارع الماء بينما سمر تقف أمام المسبح تصرخ طلبًا للمساعدة، انخلع قلبه من محله، وركض بسرعة للخارج
قطع الدرج الطويل بلمح البصر وهو يخبر الجميع بما يحدث، هرولوا جميعًا للخارج في جزع، كان هو أولهم وصولًا إليها
كانت حينها سمر قد أخرجت الفتاة، ومددت جسدها الصغير المبلل على حافة المسبح وهي تتحقق من نبضها بوضع إصبعها على جانب عنقها ثم بدأت بعد ذلك بسرعة في إجراء التنفس الصناعي فمًا لفم بعدما لاحظت انقطاع نفسها، كانت تفعل ذلك بصعوبة متألمة وهي تلهث بقوة بين كل نفس والذي يليه
وقف معاذ جاحظ العينين يترقب في رعب، وينبض قلبه بعنف تمامًا كباقي أفراد أسرته الصغيرة الذين ينتظرون بقلوب واجفة
هبط حسام بجسده جاثيًا على ركبتيه بجانب صغيرته هلعًا من الحالة التي هي عليها، جسد ساكن حتى من النفس!
لحظات مرت عليهم كالدهر، محبوسةٌ أنفاسهم يترقبون بخوف ما ينتظرهم، ولم يهدأ اضطراب قلوبهم إلا حين سعلت الصغيرة بقوة، فسمحوا أخيرًا بالهواء أن يندفع إلى رئاتهم
أمالتها سمر على جانبها؛ لتسمح للماء أن يخرج من مجرى تنفسها، ولا يعود فيخنقها
ولم يتمهل حسام؛ فجذبها إلى حضنه بشوق، يعتصرها بين ذراعيه ضامًّا جسدها الصغير إلى صدره يكاد يدفنها به ليحميها من أي شر قد يمس طرفًا بها
تمتم حسين بكلمات شكر للمولى أن رد إليهم روحها، ولم يحرمهم من طلتها البريئة التي تضئ لهم حياتهم
أمره حسين "خدها يا بني بسرعة غيَّر لها لبسها ده وأنا هخلي بدرية تعملها حاجة دافية"
حملها حسام بين ذراعيه وهو ما يزال يضمها لصدره غير قادر على إبعادها عن حضنه بضعة ملليمترات، وتبعه كل من البيت لتطمئن قلوبهم عليها، بينما ظلت سمر جاثية على ركبتيها مستندة بيديها الاثنتين على فخذيها تنهت طلبًا للهواء، ودمعتها تترقرق بعينيها حمدًا لله أن أعانها لإنقاذ الفتاة
انتبهت على صوت فتاة بالعشرينات يبدو أنها تعمل هنا "أنتِ كويسة يا آنسة؟"
رفعت عينيها الرماديتين تنظر إليها من بين شعرها المبلل الذي كان يلتصق ويغطي معظم وجهها الذي يقطر بالمياه
لاحت الحسرة في بؤبؤيها؛ فحتى أمها لم تطمئن عليها!
أخفضت بصرها من جديد تحاول السيطرة على انفعالاتها قبل أن تهز رأسها بجمود أنها بخير، ونهضت متجاهلة ألم حارق ينبعث من جرحها التي رأته الفتاة من خلف بلوزتها البيضاء التي ترتديها حين سبقتها سمر تسير أمامها بخطوات وئيدة
صاحت الفتاة "يا خبر! كتفك عليه دم، الجرح شكله فتح تاني"
رمقت سمر بطرف عينها كتفها المصاب ثم تجاهلته وهي ترد "متشغليش بالك"
أصرت الفتاة بشفقة "ازاي بس؟ لازم دكتور.."
نظرت لها سمر بحدة من إصرارها على جعلها مثيرة للشفقة، ثم كررت وهي تضغط حروفها "قولت متشغليش بالك"
قلبت الفتاة -التي تٌدعى شهد- عينيها بانزعاج من طريقة تحدثها إليها، وحركت رأسها ويديها تهكمًا بعد أن سبقتها سمر بخطوات
********************
جلست فتحية مع زوجها محمود على طاولة صغيرة قابلة للطي، موضوعة بشكل مؤقت كي لا تشغل حيزًا من الصالة الصغيرة الخاصة ببيت بسيط مستواه أقل من المتوسط
أخبرته فتحية وهي تناوله رغيفًا من الخبز "أنا قلبي بيقولي إنها سمر، عمر إحساسي بيها ما يغلط أبدًا"
هتف محمود بانزعاج "أنا مش قولت مية مرة بلاش تجيبي سيرتها قدامي مرة تانية!"
ردت عليه باستعطاف "يا راجل! بقا بذمتك البت موحشتكش، ده أنت كان روحك فيها"
أجابها وهو يضع الخبز بعنف على الطاولة ناهضًا عنها "وأديكِ شوفتِ مع أول فرصة جتلها سابتنا ومسألتش ولو مرة عشان فلوس أمها"
أنبته فتحية باستعطاف "بالله أنت ظالم البت، أنا متأكدة إن أمها العقربة ده هي السبب"
التقط سترته البسيطة يرتديها صارخًا بغضب "كفاية كلام في الموضوع ده أنا مش عايز أسمع اسمها في البيت ده مرة تانية"
تراجعت هي عن حديثها، وهي تربت على صدره تهدئه، وتدعو في قلبها أن يجمعهما الله بها عن قريب، ويليِّن قلبه لابنته من جديد "خلاص يا أخويا متزعلش نفسك، يلا ربنا يوسع رزقك بالحلال يا رب"
هدأت نبرته وهو يسألها "هتنزلي المحل امتا؟"
أجابته "هلم الفطار بس وأنزل علطول"
********************
التف الجميع حول الصغيرة التي تتمسك بحضن والدها بخوف كما يتمسك بها هو جالسًا وهي بحضنه على فراشها بغرفتها ذات الطابع الطفولي التابعة لطابقه الذي خُصص له في القصر
خلعت عنها بدرية ملابسها المبللة آمرة شهد "ناوليني يا شهد بسرعة لبسها من الدولاب"
أسرعت شهد تلتقط قطع الملابس من الخزانة الصغيرة المرسوم عيلها صورًا لشخصيات الرسوم المتحركة، وأعطتها أمها لتلبسها الصغيرة
تقدم معاذ ليقف بجانب أخيه، وعبث بشعر الصغيرة مشاكسًا الفتاة التي لم تفهم جملته حتى "عاجبك كده يا أوزعة أنتِ كنت هتجبيلنا كلنا سكتة قلبية"
نظرت له الصغيرة ببلاهة، في حين أردف حسين "الحمد لله عدت على خير، لولا سمر كان زماننا كلنا ..."
ثم بتر جملته طاردًا عن رأسه الأفكار السلبية ثم تساءل "صحيح هي فين؟"
أجابته شهد "وصلتها لأوضتها يا بيه.."
كادت شهد تكمل حديثها، وتخبره بموضوع جرحها والدماء التى رأتها على ظهرها ولكنها توقفت وهي تتذكر نظرتها البغيضة، وقررت أن تتركها لحالها ما دامت هي قد اختارت فلتتحمل ما اختارته إذًا
********************
جلست سمر على إحدى الكراسي بالغرفة التي قادتها إليها شهد، وأزاحت بتروٍّ كنزتها عن كتفها بألم تتحسس الغطاء الأبيض للجرح والذي تلون للون الأحمر رغم أنه للتو كان غارقًا في المياه!
تحسسته بأناملها بحذر كي لا تتألم، وأمامها وضعت عدتها للتغيير على الجرح
سحبت طرف غطاء الجرح ببطء تحاول إزالته، ولكنها أفلتته سريعًا من يدها وهي تئن، وقد تجعد حاجبيها في ألم صارخ
أخذت عدة أنفاس تسيطر بها على ألمها ثم عادت تجبر نفسها من جديد على تحمل الألم حتى استطاعت إزالته، نظرت للخيوط الجراحية لم تجد سوى عقدة واحدة فقط انقطت مسببة لها ألمًا، وهو على الأغلب سبب النزيف الذي لطخ ثيابها
نظرت لظهرها في المرآة، وابتسمت بسخرية من مظهره؛ فنصفه مشوه، والنصف الآخر به خيوط جراحية إثر رصاصة اخترقته منذ بضعة أيام، ولا تدري إن كان أثرها سيزول يومًا أم سيحتفظ جسدها بذكرى منه هو الآخر
مدت يدها تلتقط المعقم من التسريحة أمامها لتسكب منه على ظهرها الذي انتصب بسرعة متشنجًا حين لمس المعقم الجرح؛ فتساقطت الدموع من عينيها بلاوعي من شدة الألم
********************
خرجوا جميعًا من غرفة الصغيرة تاركين إياها مع أبيها، وأمام باب الغرفة نادت شهد بتردد بعد أن تملك منها شعور بالذنب "حسين بيه"
التفت حسين مشجعًا إياها للتحدث؛ فقالت بارتباك خوفًا أن يلومها لعدم إخباره "الآنسة اللي أنقذت فرح كان فيه دم على كتفها"
لينتبه الجميع فجأة لحقيقة أنها كانت مصابة، وإصابتها لم تشفَ بعد!!
وبالطبع مجهود كهذا قد يضر جرحها الحديث الذي لم يلتئم، أمر حسين بلهفة "كلم الدكتور بسرعة يا معاذ ييجي يشوفها حالًا"
أخرج معاذ هاتفه من جيبه باحثًا عن رقم الطبيب قبل أن تتدخل سمر وهي تصعد الدرج لتصل للطابق الثالث حيث جناح حسام "مفيش داعي يا بشمهندس"
أصر حسين بقلق لمسته سمر في صوته "ازاي بس يا بنتي لا قدر الله يحصل حاجة"
لمست نبرته الحانية جزءًا بعيدًا في قلبها، ولكنها ردت بهدوء "أنا كويسة بجد مفيش داعي (ثم أكملت بتساؤل) أومال الطفلة فين؟"
أشار حسين بيده في اتجاه باب الغرفة وهو يقول بامتنان حقيقي "أنا مش عارف أرد جميلك ازاي؟"
أجابته بهدوء كعادتها دون أن تبتسم حتى ولو مجاملة "أنا معملتش حاجة أي حد كان هيعمل ده وأكتر كمان"
ثم ألقت نظرة على الصغيرة عبر الباب المفتوح وهي تجلس بحضن والدها تسند رأسها على صدره، تأملتها سمر قليلًا تمرر عينيها على جسدها كأنما تتأكد أنها بخير، لا تصدق أنها استطاعت إنقاذها في الوقت المناسب وإلا لحملت ذنبها هي الأخرى
ابتسمت لها الصغيرة ببراءة حين التقت غيمتيها مع عينين عذبتين للغاية تنظران إليها بلمعان، لانت ملامح سمر لها قليلًا؛ فمر على ثغرها شبح ابتسامة وهي تنظر لعيني الصغيرة
قطعت سمر ذلك التواصل وهي تستأذن للمغادرة، فسألتها ملك "رايحة فين؟"
أجابت بلا مبالاة "الكلية"
اعترضت ملك "كلية ايه دلوقتي مش مهم"
أصرت سمر ببرود "عندي محاضرات وبقالي كتير غايبة"
تأففت ملك بنفاد صبر، ثم أخبرتها "طب استني حتى السواق يوصلك"
قلبت سمر عينيها بملل من الدور الذي تمثله ملك، وهمَّت بالرفض عنادًا بها لولا تدخل معاذ الذي كان ساكنًا بجوارهما منذ مدة يراقب الحديث "أنا ممكن أوصلك في طريقي"
قال ذلك في محاولة منه لاختلاق فرصة للحديث معها لربما يتوصل لشيء ما
وافقه حسين مصرًّا بما لم يدع لها مجالًا للرفض "أيوة بالضبط كده أفضل وهكون مطمن عليكِ أكتر"
********************
بعد أقل من نصف ساعة كانت تجلس بجواره في سيارته وحدهما وهي تحاول بصعوبة الحفاظ على قناع الجمود خاصتها، خاصة تحت أنظاره المتفحصة التي تشعر بها تحاول اختراقها من كل الجهات
شغَّل سورة يوسف في السيارة بصوت منخفض كما اعتاد أن يفعل دائًما، فهو يحب تلك  السورة كثيرًا بالرغم من علاقته المتقطعة مع القرآن
استهل حواره متنحنحًا بـ "أخبار إصابتك ايه؟"
ردت باقتضاب "الحمد لله"
وسؤاله التالي كان مباشرًا "ليه قولتي إنه ملثم؟"
خفقة ارتباك اجتاحت قلبها، ازدردت لعابها قلقًا مما قد يكون يعرفه، ولكنها حاولت التماسك متذكرة أنه مادام سأل إذا هو بالتأكيد لا يعلم شيئًا
قالت مدعية الهدوء "ده اللي شوفته"
أراد حصارها في الحديث، فأكد "بس هو مكنش ملثم"
استوضحت بريبة "يعني شوفته"
أمال رأسه للجانب، وهو يجيب بتمطيط  "يعني حاجة زي كده"
لقد خرجت من حصاره إذا!
سألته بمراوغة كي لا تجيب هي "طب وموصفتوش للبوليس ليه؟"
شدد قبضته على مقود السيارة غيظًا محاولًا التحكم بنفسه، وأجاب بما يشبه الهدوء "مكنش باين أوي في الضلمة"
وكانت فرصتها لقلب الطاولة عليه، فسألته بلا مبالاة "وليه بتفترض إن أنا شوفته وأنت لأ؟"
رد بنبرة ذات مغزى "يمكن معرفتش أميزه لأني معرفوش شخصيًّا"
استفسرت بجمود  وكأنها لم ترتبك "قصدك ايه؟"
نظر إليها متفرسًا ملامحها الجامدة، ورفع حاجبًا، وقال "عندي إحساس إنك تعرفيه شخصيًّا"
ردت باستنكار أجادت تأديته وهي تلتفت إليه بجسدها "قصدك إن أنا مثلًا اتفقت مع واحد يقتل ملك وعملت الفيلم الهندي ده"
لا يعرف من أين تأتي بردودها اللامنطقية لتجعل أسئلته تبدو سخيفة بهذا الشكل!
رمقها بطرف عينه وهو يركز على الطريق، بينما قبضتيه على وشك خلع المقود من محله، ثم أردف  متصنعًا البرود محاولًا جعلها ترتبك؛ لتخرج من طور الجمود هذا لربما يزل لسانها بشيء ما "أهو إصرارك إنه كان يقصد ملك ده اللي محسسني إنك عارفاه"
اندفعت تنفي "بس أنا مش مصرة إنه كان قاصد ملك ولا حاجة وقلت للضابط الكلام ده"
توترها أشعره أنه اقترب، فأضاف "بس وقتها جريتِ وأنتِ بتنادي اسمها هي"
أعادت ظهرها للكرسي ممثلة الاسترخاء وهي تجيب "بس أنا وقتها مكنتش بفكر في اللي بعمله.. أنا اتصرفت بتلقائية لما شوفت المسدس مكنش عندي وقت أفكر هو موجهه لمين"
قالت ذلك وهي تسند مرفقها الأيمن على نافذة السيارة، شابكة أصابع كفها في شعرها محاولة إخفاء توترها كي لا يكشفها، أما هو فقد فهم ألا فائدة من حديثه معها دون دليل فهي تتملص منه كلما حاول الإمساك بها، وكلاهما يصطنع الهدوء ليلعبا حربًا باردة سيخسر فيها من يفقد أعصابه أولًا
حين وصلا قال كمحاولة أخيرة أو ربما أراده كتحذير "يعني ده آخر كلام عندك؟"
أجابت بثقة أجادت رسمها "أنا معنديش غيره لأنه الحقيقة"
تنهد يكبت أعصابه من الصراخ بوجهها، ثم أخبرها "لو غيرتِ رأيك بلغيني"
ابتسمت ببرود، وكذبت للمرة التي لم تعرف كم "أنا كمان مستنية البوليس يقبض عليه أكتر منك"
فكت حزام الأمان وهي تقول "ياريت بعد كده متعرضش توصلني تاني، شكلنا مش هيبقى حلو قدام الطلبة"
ألقت جملتها وترجلت من السيارة تاركة إياه فاغرًا فاهه استنكارًا "أهذه كلمة شكرا بعد تعبه معها؟"
راقبها وهو يمط شفتيه غيظًا وهي تقف مع مجموعة من زملائها متسائلًا في نفسه "كيف لبغيضة مثلها أن تكتسب أصدقاءً!!!"
ذهبت لزميلتها التي نادتها ترحب بها بعد فترة غيابها التي لم تعتد على فعلها طيلة سنوات الدراسة معهم
سألها زميلًا لها يُدعي أحمد "ايه مال كتفك؟"
أجابت بابتسامة صغيرة جدا مجاملة "حادثة بسيطة"
فسأل مجددا بفضول وهو ينظر للسيارة التي نزلت منها للتو "مش ده عربية دكتور معاذ؟"
ردت عليه لتغير الحديث "هو هيدينا محاضرة النهاردة صحيح؟"
أجابتها زميلتها رؤى بهيام "أااااه، ياريته يدينا كل يوم"
وتابعت سهام بحسرة "أه لو مكنش خاطب بس.."
شردت وهي تفكر كم هو جميلًا أن يكون للمرء أصدقاء بدلا من الوحدة التي تُجبر دائمًا على السجن داخلها
ولكنها تعلم أنهم ليسوا أصدقاء، وأن كل ما بينهم زمالة أو صحبة الوقت الممل في الجامعة أو مصلحة للحصول منها على ملخصاتها باعتبارها أولى الدفعة، وهي لم تكن تريد أن تكون وحيدة ومنبوذة حتى في الجامعة لذا قبلت بهم، وتخرج أحيانًا معهم حتى مع علمها أنهم لن يكونوا أكثر من ذلك يومًا فالأصدقاء يخبرون بعضهم بكل شيء، وهي لن تقدر على فعل ذلك مع أحد أبدًا
********************
جلست ليليان في غرفة المعيشة بمفردها تهز ساقها بغيرة من أختها التي سرقت الأضواء هنا أيضًا وفي أول يوم لها، وكذلك معاذ!
تلك الحق*يرة! لقد جعلته يوصلها بمفردهما، بالتأكيد ستدخل نفسها برأسه كعادتها تلفت نظر الجميع إليها، وهي حقا لم تفهم يومًا سبب اهتمام جميع من حولها بأختها فقط
بدايةً من أخيها الأكبر حمزة الذي لا يفوت مرة دون أن يتغزل بسمر أو يمازحها رغم أنها حتى ليست بأخته على عكسها هي أخته ابنة أبيه، على الرغم من أنهما من أمَّان مختلفتان، لكن أليست هي أخته وليس سمر!
إنه حتى لا يحدثها كلمتين على بعضهما، دائما فاتر تجاهها منتبهًا لأختها
وكذلك أمها، لقد ظلت سنوات حياتها كلها لا تعرف سبب بُعد أمها عنها، وجفائها معها إلى أن أتت سمر للمنزل، حينها فقط عرفت أن  لها أختًا واستنتجت أنها هي من شغلت بال أمها طوال عمرها، أما هي فلم تكن يومًا في نظرها شيئًا
حتى الشجار والنقار يكون دائمًا مع أختها دونًا عنها، لذا تكره أختها ولا تحب تواجدها حولها؛ فهي دائمًا لا تترك لها شيئًا
خاصة وهي حسنة المظهر لديها جمال فطري تحسدها عليه، يبدو كل شيء فيها مثاليًّا، على عكسها دائما مضطرة للانتباه لأكلها والسعرات الحرارية التي تدخلها فمها؛ لأنها تزداد وزنًا بسرعة، وكذلك لا تستطيع حتى الابتسام وإلا ظهرت أسلاك تقويم الأسنان التي تضعها منذ فترة طويلة بالفعل محاولة أن تضبط شكل أسنانها المبعثر
متأكدة أن أختها لم تعاني يومًا مشكلة أليمة كتلك، فهي تمتلك أسنانًا بيضاء جميلة متراصة بجانب بعضها بتناسق يعطيها ابتسامة تعترف حقدًا أنها وبالرغم من أنها لا تبتسم كثيرًا إلا أنها ابتسامة ساحرة حقًّا لطالما تمنت أن تمتلكها خاصة بغمازتيها اللتان تزينان خديها حين تبتسم لتبدو كأميرة رقيقة على عكسها، آخرها تكون خادمة الأميرة، ومهزأة المسرحية
ولكن من قرر أن الخادمة لا تملك قلبًا بحاجة للحب كغيرها من البشر!
من قرر أن الخدم لا يقعون بالحب!!
لذا تمردت على كل شيء، وعوضت نقصها بملابس فاضحة أو ضيقة إلى حد ما تستعرض بها مفاتنها، مع مستحضرات التجميل التي تملأ الأسواق باتت تستطيع الشعور بكونها أنثى جميلة
يا لحظ أختها الأميرة لا تضع مستحضرات التجميل إلا نادرًا؛ لأنها بالفعل لا تحتاجها بالإضافة إلا أنها تملك ثقة بنفسها تجعلها لا تهتم لرأي أحد مهما كان، ولديها اهتمام كل من يراها دون أن تبذل جهدًا
لذا عند المقارنة دائمًا ما تجد نفسها الخاسرة؛ فلا يميزها شيئًا سوى بشرة بيضاء ناصعة وجسد رائع بذلت جهدًا كبيرًا للحفاظ عليه، وأيضا.. عينان بلون الزيتون تضاهي عيني أختها الرماديتين جمالًا بل وتفوق
ولكن هذا لم يكن يومًا كافيًا لتحصل على الاهتمام الذي تريده!
وبينما هي شاردة تهز ساقها بعصبية شعرت بحركة بجانبها لتجد تلك التي تدعي أنها خطيبة معاذ تجلس على مسافة منها
رحبت بها سالي باصطناع "ازيك"
تحفزت ليليان، واعتدلت بجلستها، وأجابت "كويسة"
سألتها سالي "أمال فين معاذ ملقيتوش في أوضته؟"
أجابتها ليليان مصطنعة اللامبالاة "راح شغله من زمان....(وانتظرت قليلا لإشعالها أكثر) مع سمر"
هتفت سالي بصدمة "مع سمر ازاي يعني؟"
ردت تصطنع البراءة وكأنها لا تقصد شيئًا "يعني هو بنفسه قالها تعالي أوصلك وهي وافقت وراحوا مع بعض الكلية"
انقبض قلب سالي، فهو لم يرد عليها حين اتصلت به؛ لذا أتت لترى إن كان ذهب للعمل أم لا، ولكن ما سمعته الآن سيء للغاية، فخطيبها لا يفعل تلك التصرفات أبدًا، دق ناقوس الخطر في عقلها وهي تغادر بخطوات سريعة غاضبة
ابتسمت ليليان بعدها بتشفٍ آملة أن يحدث بينهما مشكلة، والأهم.. أن المشكلة ستكون بسبب سمر
********************
جلس حسام بطرف سرير ابنته غير قادر على تركها لدرجة ألغى مواعيد عمله لليوم، وهاجمته ذكرياته السعيدة مع زوجته الراحلة التي كانت تملأ حياته حبًا ودفئًا، وأهدته ابنتهما الجميلة التي تشبهها كثيرًا، ثم رحلت، وتركته معذبًا، جريح الفؤاد يصارع آلام فقدانها بينما لا يجد وقتًا للانهيار حتى كي يعتني بابنتهما
ابنتهما التي كادت أن تهجره اليوم هي أيضا كحبيبته، قبض كفيه بقوة، وسقطت دمعة حارقة من عينه وهو يتخيل ما كان ليحدث له لو حدث لها مكروهًا
شعر بحركتها أمامه على السرير وهي تفتح عينيها بنعاس، نظر لها بنظرات مظلمة معذبة ناسيًا أنها ما تزال طفلة، وتمتم بلوم "أنتِ كمان عايزة تسيبيني؟"
نظرت له ببلاهة قبل أن يصرخ بها غير واعيًا "ازاي تعملي فيا كده؟ من النهاردة ممنوع تروحي تاني ناحية البسين"
ارتعبت الصغيرة منه ومن نظرته ومن صراخه فيها فجأة بلا سبب؛ فانفجرت بالبكاء وهي تنكمش على نفسها
صوت بكائها أفاقه من غفلته، فانتبه أخيرًا لنفسه، وحاول الاقتراب منها يهدئها، ولكنها نهضت بخوف عن السرير، وركضت لتختبئ تحت مكتب دراستها الصغير تضم ركبتيها إلى صدرها، كما تفعل دائمًا حين يغضب عليها
زفر غاضبًا من نفسه؛ فقد أرعبها مجددًا بحجة خوفه عليها!!
اقترب منها جالسا على عقبيه، وناداها "فرح حبيبتي أنا آسف مش قصدي أزعلك أنا بس كنت خايف عليكِ"
حاوطت رأسها بذراعيها الصغيرين كأنما تمنع أذنيها من سماع صوته، وانكمشت على نفسها أكثر بطريقة آلمت قلبه، وود لو يسحبها عنوة مخبئًا إياها داخل حضنه لعلها تشعر بما يعانيه؛ فتعذره ولو قليلًا على حماقاته
********************
دخل معاذ مكتبه بعد أن أنهى محاضرته للتو؛ فتفاجأ بوجود سالي تجلس أمامه منتظرة إياه، سألها بقلق وهو يغلق الباب خلفه "خير فيه حاجة حصلت؟"
رسمت ابتسامة -تخفي بها غيرتها- على شفتيها المكتنزتين الملونتين بلون وردي يتناسب مع بشرتها الفاتحة، وقالت "ايه هو لازم يكون فيه حاجة حصلت عشان أخرج أتغدى مع خطيبي"
جاهدت لمنع نفسها من الغضب منه؛ فهي تعرف أنه يكره غيرتها الزائدة عليه دون أن يدرك أن سبب غيرتها الحقيقي أنه لا يعطيها الأمان الكافي تضمن أن قلبه لن يدق لغيرها، فغضبها منه الآن لن يكون في صالحها، خاصة وهي تعلم أنه اختارها بعقله لا قلبه، وهي رضيت بذلك؛ لترحم قلبها المعذب الذي انتظره كثيرًا، وقفز فرحًا حين اختارها هي في النهاية، وأقنعت كرامتها بأنه على الأقل لا يفكر بغيرها، وربما يأتي يومًا يدق قلبه لها ملبيًا نداء قلبها
ابتسم وهو يقول لها مجاملة أكثر منها حب "المكتب وصاحب المكتب تحت أمرك يا برنسيسة، ها تحبي تأكلي ايه؟"
ابتسمت بسعادة من كلماته، وأجابت "اللي أنت عايزه يا حبيبي، أي حاجة معاك هتبقى حلوة"
فكر قليلًا وقال "امممم.. ايه رأيك نروح المكان بتاعنا؟"
اتسعت ابتسامتها، وهدأ قلبها قليلًا؛ فهو بالرغم من أي شيء يملك ذكريات كثيرة معها لا يمكن للزمن محوها، ذكريات دراستهما معًا، خروجهما كثيرًا، تجمُّعهما بالمدرسة والنادي والجامعة، وحتى سيارته تلك التي تغار لأن أخرى ركبتها، لقد أوصلها بها مرارًا حتى أنها كانت معه حين اشتراها ورأت فرحته بها حينها
أجابت موافقة بابتسامة عريضة "ماشي يلا"
********************
جلست بجانبه في السيارة، وبالرغم من هدوئها قليلًا إلا أنها لم تستطع كتمان غيرتها أكثر، على الأقل لتلفت نظره، فقالت بغيرة واضحة لم تستطع التحكم فيها "أنت ليه وصلت الست هانم الصبح؟"
قال بلا تركيز وهو يحاول إخراج سيارته بحذر من مكانها المحشور بين سيارتين "هانم ايه؟"
كأنما استفزها؛ فارتفع صوتها قليلًا وهي توضح "الهانم سمر، هو حضرتك اشتغلت سواق بعد الضهر"
ضغط المكابح فجأة، فشهقت وهي تحمي رأسها من الاصطدام بمقدمة السيارة، رفعت عينيها المذعورتين إليه؛ فلمحت نظرته الحادة، فقال لها محذرًا "سالي قولتلك مية مرة صوتك يوطى وأنتِ بتكلميني مبحبش الصوت العالي"
سحب نفسًا ليهدأ، وقال ببروده الذي ينهي النقاش "ثم احنا كنا بعد الصبح مش بعد الظهر"
سحقًا، لقد أغضبته، لمَ هي غبية؟ ندمت لأنها أفسدت لحظتهما ولكن هل هذا كل ما يهمه؟ ألا تهمه مشاعرها؟؟
ألانت صوتها "أنا آسفة يا حبيبي بس أنا بغير عليك وأنت عارف ومش شايفة أي داعي انك تحتك بالبنت ده أو أختها"
تستفزه، يقسم أنها تتعمد ذلك! تصنع جبل من لا شيء ككل مرة، فهي تعلم جيدًا أنه لا يهتم لهؤلاء البنات اللاتي رآهن لأول مرة منذ أيام فقط!
هو من عاش طوال عمره عازفًا عن النساء إلا هي؛ فقد كانت صديقته الوحيدة، وجارته التي شاركها فترات دراستهما معًا، وهي خير من يعرف أنه لا يقترب للنساء، ولا يسمح لهن بالتودد إليه
يعرف أنه لا يحبها، وهي كذلك تعرف أنه لن يحب أبدًا؛ لذا ما بالها تغار دائمًا وتخنقه بذلك كل مرة!
ألهذه الدرجة لا تثق به بعدما قضت طوال عمرها معه؟ يجزم أنه قد شارك أباها في تربيتها مذ كانت طفلة، فما خطبها!
لقد سأم من محاولاتها للتحكم فيما يفعل، ومن يقابل، ومن لا يقابل، فأجاب بتهكم "مش عايزة DVD ؟"
انتهى الحوار، فما أن يقول تلك الجملة لا يرد بعدها على أي مما تقوله، ودائمًا يجبرها على ذلك حين لا يروقه حديثها
********************
جلست سمر مع زملائها في أحد المقاهي بالقرب من مبنى الجامعة؛ لإهدار بعض الوقت، وبعدها بقليل سمعت همس رؤى "ايه ده بصوا بصوا مين داخل علينا؟"
نظروا بفضول ليروا معاذ مصطحبًا معه سالي يمسك لها الباب الزجاجي حتى تدخل بأناقة شديدة
تساءلت سهام بفضول "مين اللي معاه ده؟"
أجابتها رؤى بتأكيد "خطيبته"
تنهدت سهام بهيام حاسدة "يا بختها بيه"
أما أحمد فتغزل بسالي "ده صار**وخ، ازاي واحد قفل زيه عرف يوقعها؟"
تهكمت رؤى "والنبي أنت اللي قفل (ثم أكملت بنبرة حالمة) تعرف ايه أنت بس عن الحب؟"
سألتها سهام بفضول "هما بيحبوا بعض أوي؟"
أجابتها رؤى " ده قصتهم قصة تتكتب في الروايات والأفلام"
التمعت عيني سهام بفضول، بينما نظرت سمر مترقبة لما ستقوله رؤى، فتابعت رؤى "أصل أختي صحبتها من النادي، بتقول إنهم عارفين بعض من وهم صغيرين وكانوا جيران وأصحاب جدا، طول النهار والليل مع بعض، يذاكروا مع بعض ويخرجوا مع بعض في كل حتة  لحد بقا ما الحب ولع شرارته والنتيجة زي ما أنتم شايفين كده"
هامت سهام مجددا "هيييييييييييح"
قاطعهما أحمد بضيق "بس يا أختي أنتِ وهي قبل ما ياخد باله ونتنفخ كلنا في الامتحان بسببكم"
ثم التفت لسمر الصامتة كعادتها لا تحب الكلام كثيرا، وقال "أحلى حاجة إن ملكيش في رغي البنات دول (ثم نظر إليهم بقرف وقال بنبرة مسرحية) يابااااااي"
وأكمل وهو ينظر بقرف لكوب العصير أمامها "بقولك ايه أنا حاسس إنك ظالمة نفسك بالجوافة ده"
ثم مده يده قرب فمها بكوبه، وعارضًا متخطيًا حدوده "خدي دوقي "الميلك شيك" ده هيعجبك أكتر"
وضعت يدها أمام وجهها لتوقفه، ورفضت بهدوء "لا شكرا مش بحـ"
دسها في فمها دون أن تكمل كلامها؛ فجحظت عيناها وهي تحاول بصقها بسرعة، ولكنه وضع يده على فمها بفظاظة لفتت نظر معظم رواد المطعم ومن ضمنهم سالي ومعاذ
حاولت سمر بوجهها الابتعاد عن يده، وتدفع يده بيدها بينما أصر بعشم لا أحد يدري من أين جاء به "ابلعيه بس صدقيني هيعجبك أوي"
حاولت سماح إبعاد يده المتعدية عن سمر مؤنبة إياه حين لاحظت أن سمر تصارع بشدة غير راغبة في تناولها كأنها سم
وبين شد وجذب فلت الكوب من يده ليسقط أرضا متهشمًا، فأبعد يده عنها بسرعة
بمجرد ابتعاد يده بصقت سمر العصير من فمها بسرعة، وهي تسعل بشدة وتشعر بالاختناق؛ مما أربكهم وهم يشعرون بوجود شيء غير طبيعي
التفوا حولها بسرعة ينادون اسمها في قلق، بينما تحاول التحكم في نوبة السعال وهي ترفع يدها إليهم محاولة إخبارهم بأن كل شيء بخير، في حين أنه ليس كذلك أبدًا، فلقد انسكب بعض منه في جوفها وهي تعاني من حساسية مفرطة من الفراولة!
وقف معاذ قلقًا يراقب الوضع من بعيد، وكذلك سالي التي أسرعت تلتقط حقيبتها وذهبت إليها مهرولة يتبعها معاذ، انحنت عليها تسألها بفطنة "أنتِ عندك حساسية؟"
هزت رأسها بالإيجاب دون أن تتمكن من إيقاف سعالها، ليذهل الجميع بينما هتفت سالي في سهام "ساعديني بسرعة ندخلها التويليت"
تبعتهم رؤى بهلع، وأغلقت الباب خلفهم، لتجهز سالي حقنة الأدرينالين التي تحملها معها دائمًا نظرًا لأنها لديها حساسية من أشياء عدة
حقنت الأدرينالين لسمر في العضلة الأمامية لفخذها، وانتظروا قليلًا حتى خفت أعراض الحساسية المفرطة؛ فتنفسوا الصعداء وهن يرون حالتها تتحسن وسعالها يهدأ
نظرت سمر بامتنان لسالي وهي مازالت تلهث، وقالت بصعوبة "شكرًا يا سالي"
مازحتها سالي "عدي الجمايل بس"
تدخلت رؤى وهي تنقل نظرها بينهما "أنتم تعرفوا بعض؟"
ابتسمت سمر قليلًا وهي تتذكر شجارهما في الحفلة، ونظرت لسالي التي بادلتها نفس الابتسامة وهي تتذكر نفس الشيء، ثم أجابت سمر "حاجة زي كده"
خرجن؛ فتنفس معاذ وأحمد أخيرًا براحة، فبادر معاذ باقتضاب "أنتِ كويسة؟"
أومأت برأسها قائلة "الحمد لله"
أخبرته سهام "والله يا دكتور لولا الآنسة سالي مكناش عرفنا نعمل حاجة"
ردت سالي مبتسمة بإحراج "أنا معملتش حاجة"
ثم استأذنت لتجلس هي ومعاذ مجددا، بينما يجلس الطلاب على طاولتهم، يتحدثون في رقة سالي معهم، وإنقاذها للموقف بسرعة، وكيف كانت راقية لطيفة مهذبة و رقيقة للغاية
نطق أحمد بإعجاب وهو ينظر لسالي "يعني مزة وقلبها أبيض كمان؟ طب كتير والله ع الجل*ف ده"
تدخلت سهام بغيرة واضحة "وعرفت منين يا دنجوان إن قلبها أبيض؟"
ثم أضافت بارتباك تداري غيرتها "صحيح هي جدعة إنها عرفت تنقذ الموقف لكن ده اللي أي حد هيعمله لو مكانها"
اصطنع أحمد الهيام مقلدًا إياها حين تحدثت عن معاذ منذ قليل "لا، الأشرار مش بيعملوا كده"
لاحظ أحمد أن سمر لا تشرب حتى الجوافة التي طلبتها لذا أخذ كوبها بيده واضعًا إياها أمام فمها "خلاص بقا متحسسنيش بالذنب خدي اشربي، أنا خلاص اقتنعت الجوافة قمر خااااالص"
ابتسمت له بتعب، وكأنها سامحته دون أن تهتم حقا لما فعله بها منذ قليل، وحاولت أخذها من يده "تمام أنا هشربها بنفسي"
ولكنه كان سمجًا كفاية ليصر وهو يبعد عن يدها العصير "أبدا اشربيها من إيدي عشان أعرف إنك سامحتيني من قلبك"
حقا تريد إنهاء تلك المسرحية السخيفة بأسرع وقت؛ لذا أسرعت ترتشف بفمها من يده وهي تنظر له بمعنى "رضيت؟"
ابتسم هو في سعادة مناولًا إياها الكوب في يدها قائلًا "كده ضميري ارتاح، لم يكد يكمل كلمته حتى غيمت سحابة سوداء على المائدة تحجب الضوء عنها من خلف سمر
شعرت أنه هو! هكذا يدق قلبها عند اقترابه، يتوقف للحظات ثم يدق بعدها بعنف كالمجنون، وكأنه ناقوس الخطر يحذرها حين يشعر به
رفعت عينيها لأعلى بحذر، وقد صدق قلبها الذي انتفض من مكانه بخوف وهي تتطلع بصدمة لنظرات عينيه التي أصبحت داكنة أكثر، تنم عن غضب لا تعرف سببه
انتهى الفصل

متنسوش تبعتولي رأيكم🥰
وياريت لو تناقشوني يبقى فل أوي😂😂

أضواء في آخر النفق للكاتبة ندى محمد "ندفة نوش"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن