الفصل الثامن

59 3 0
                                    




.
.
.








يأتي الفجر بعد ظلام الأمس كقصيدةً درويشيةٍ مُبهره تهمس في أذنكَ قائلةً " ... أفرغ بحُنجرتي أنينكَ كي أئن وأسمعك .."

انه يختصر الحياه في شعاعٍ من نور مفاده بأن لابد للظلام بأن ينقشع، ورُغماً عن تعبه وإرهاقه هو نظر نحو الشمس البارده في بدايات هذا النهار، في الفجر تحديداً هامساً بخفه :الطافك يالله

تقدمت خُطاه على الرصيف البارد، بعد ليله مر نصفها الاول بحثاً عن زينه ونصفها الآخر عند باب غُرفة في مبنى المستشفى بعد تعرضها لإنهيار عصبي!

يتردد في ذهنه قول الطبيب الذي اشرف على حالتها "من الواضح تعرضت لضغط عصبي استمر لفتره طويله .. محتاجه راحه وبعد تام عن مسببات الضغط والتوتر"، وربما كانت الساعات الماضيه كافيه لتنقشع الغشاوه التي اطبقت على عيني هواري وانتابه احساساً غريب .. احساس يخبره بأن هناك في الامرِ لُغزٌ ما .. لا يعلم من يخفي اقطاب الوقائع الا انه يدرك بأن الاجابه الاعظم تكمن لدى زينه!

فقد اخبرته بتراء في المستشفى بعد وابل من اسئله مبطنه ماتوانى عنها حتى علِم بأن ذو الفقار متزوج بصديقة زينه التي تدعى فاطِمه! وان هناك شجاراً شب بين الاثنتين قبل بضع ليال توالت بعده الاحداث من اكتئاب المعنيه حد اختفائها ليومٍ كامل وانهيارها البارحه الذي ادى الى رقودها في المستشفى

فقط احتمالين ما دارا في ذهن هواري وهو يصعد الدرجات المؤديه الى شقته اولهما كان "ان الشجار الذي نشب بين زينه والمدعوه فاطمه كان لأمرٍ جلل وتأثيره مصيري على زينه" وثانيهما وقد كان ذلك الاقرب الى عقله هو "ان زينه تخفي خلف حجة شجارها بفاطمه امراً اخر متعلق بذو الفقار دون غيره"

قبل ان تتوقف قدماه عند باب الشقه، يراقبه بصمتٍ وسكون بينما ترتكز انظاره على قفل الباب والورقه البيضاء التي ثبتت هُناك بإحكام، مد يده يلتقطها بينما يقلبها بين يديه وقد كان ظرفاً محكم الاغلاق!

تنبّه من شروده به حينما فتح باب الشقه ليظهر من خلفه والده بأرق يلتف حول عينيه قائلاً بعد ان قضى الليل كله منتظراً عودته :هواري ! وش موقفك هنا !

زفر هواري قبل ان يتقدم للدخول وبينما يخلع احذيته عند الباب مر عبر مسامعه قول والده الذي اردف :ها كيف حالها البنت

واجابه الآخر بينما يتجه نحو الصاله مجيباً بقوله :تمام احسن، اصرت الا ترجع للبيت ويالله اقنعنا الدكتور يوافق على خروجها .. هالبنت فيها عرق عناد مزعج بشكل فضيع

جلس على واحد من مقاعد الصاله واضعاً مفاتيحه هاتفه والظرف على المنضده تحت انظار والده الذي تقدم عاقداً لحاجبيه وبينما يجلس امامه استفهم عن تفاصيل الأمر الذي لم يوضحه هواري جيداً في المكالمه التي دارت بينهما في ساعه من الليل :طيب ايش اللي صار معها بالضبط! معقول طول اليوم جلست تبكي بالشارع!

في لغتي من المنفى ضبابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن