الفصل الثامن عشر

72 3 8
                                    







.
.
.










جاوِر ذِكرياتك، تِلك التي تهطل من سمائك مطراً تتراكم على ارصفة الطُرقات وتلوح لك من خلف الظِل بالوداع .. وما الوداع الا حيله قد اخترعوها حينما باتوا لايطيقون البقاء اولائك الراحلين الذين لم يعودوا وان عاثت بهم الغُربه عذاباً

في ساعه مُبكره من الصباح سلكوا درب الرحيل على متن سيارة ذو الفقار الذي قرر فجأه بأن يكون موعد الخروج من المنزل مبكراً على موعد الطائره

لقد قضت طوال الايام السته الفائته مُعتزله عن العالم برمته، كما وكأنها جُندياً بهتت حماسته في منتصف المعركه او كاتباً قد فقد شغفه عند ختام روايته الاخيره .. لاتجيد هذه الفتاه الوداع بعد ان عاشت تتغنى بمعزوفة البقاء !

ترجلت عن السياره بعد ان توقفت عند بوابة المطار ترى ذو الفقار يتقدمهم بخُطاه تتبعه والدتها ثم زينه التي تعمدت ان تُبطئ خطواتها لتمسك بساعد بتراء قائله :متأكده ماتبين تتكلمين معه ؟

نظرت الى شقيقتها دون ان تجيب، فقط بفتور وركود بات يُلازمها منذُ ايام وكأنها تُساق الى الايام القادمه بلا حولٍ منها ولا قوه بينما زينه فقد اردفت :بتراء ! يمكن اذا حاولتي معه راح يتراجع هو نفسه قال انه يبيك تغيرين حياته، يمكن يقرر فجأه يلحقنا ويترك كل شيء وراه !

هزت بتراء رأسها بعد بُرهة صمت تنفي كُل ماتفوهت به زينه على مسامعها، تبّسمت بخفه ثم قالت بإستسلام بدا غير لائق بتلك العينين التي اعتادت التوهج :هذا اختياره

هزت زينه رأسها بغير رِضا لما تسمع في ذات الاثناء التي التفت بها ذو الفقار يدعوها اليه مُحتضناً كتفيها بحنوٍ وود، يؤلم بتراء كون شقيقتها لم تستطع ان تحظى بحفل زواج وان والدتها ستغادر موطنها رُغماً عنها وهي غير راضيه وكل ذلك .. كانت هي سببه ! خوفاً عليها وعليهم من خطر جرير المطلق الذي مازالوا رجاله يترددون على الصحيفه والحي مقتنصين اي فرصة قد يحصلون عليها لقتلها وربما احد آخر من عائلتها ..

جلَسن على مقاعد الانتظار بينما ذو الفقار قد ابتعد عنهم لاجراء مكالمه وقد لاحظت كونه منشغل بالمكالمات والرسائل منذُ ان اتى ليقلهم .. شيئاً ما بداخلها يخبرها بأن شيئاً جلل يحدث في هذه اللحظات من تفاني هذا الرجل بمكالماته وكأنها ستحدد مصيره وتنبّهت من شرودها بتساؤل والدتها الذي وجهته لزينه بقولها :وين ابنه مو قلتي راح ياخذه معه ؟

اومئت زينه واجابت قائله بما اخبرها به ذو الفقار :كان راح ياخذه معنا بس مالقى حجز للكل، راح يلحقنا مع خاله بعد يومين

نهضت بتراء من مكانها فأقتطعتا الاثنتين حوارهن ونظرن ناحيتها بإستفهام لذا فهي زفرت واجابت بشيء من الضجر حيال ذلك الخناق الذي يلتف حولها بطريقه محكمه :راح اخذلي شي بارد اشربه تبون شي ؟

في لغتي من المنفى ضبابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن