.
.
.عِند أفُول الشَمس في وقتِ المغيب جلس القُرفصاء امام كهفٍ في جبل يرتب الخشبات واحده جوار اخرى كحلقه تمهيداً لإشعال النار فيها قبل ان يتقاطع سكون الاجواء من حوله بصوت بُكاء طفل كان قادماً من خلف الجبل فرمى مابيده واتجه الى حيث اتى الصوت حتى تفاجئ برفيقه الضخم يُمسك بيد طفله بدت لم تتجاوز العاشره من العمر بُكائها حاد وجسدها يرتعش بهلعٍ عظيم فتسائل :مين هذي؟
تقدم الضخم متجاوزاً الآخر الذي بدا نحيل الجسد رقيق العينين ولين اللسان بطريقه دوماً ماكانت تستفز همجيته وبربريته وبينما يصعد بالطفله تعرجات الجبل للوصول بها الى الكهف قال :لقيتها ضايعه بين الجبال
عقد اديان حاجبيه مما يسمع متعجباً من ذلك ! لذا ألقى بسؤاله مستفهماً بينما مايزال في مثبته :وليه جبتها ؟ اكيد اهلها قريب من المكان اللي لقيتها فيه !
بقي يراقبه بينما يرميها في جوف الكهف ويعود اليه نافضاً يديه مجيباً بلا مبالاه تزامناً مع اتجاه خطواته نحو كومة الحطب كي يشعلها في هذا الجو البارد :وش لنا من اهلها، هذي بكره تكبر وتخدمنا خدمه خمسه نجوم من اللي خبري خبرك
جمد الآخر في مثبته من سوء مامر عبر مسامعه، هل كانت تلك الفكره التي دارت في خلد هذا الرجل البربري حينما رأى الطفله تائهه بين الجبال ! ما المحيط الذي هو به انه اسوء من محيط طفولته حتى !
اتجه بخطى بطيئه نحو الكهف حيث وجد الطفله متكوره على نفسها عند بابه تبكي بشكلٍ خافت ومؤلم في الحين ذاته، قرفص بجوارها وانزل يده بعد تردد بسيط يمسح على شعرها الحريري الأسود حتى انتفض فجأه حينما تفجرت الدماء من معصمه وغزاه الماً فضيعاً يراقب مشبك الشعر الذي غرزته الاخرى في يده وتراجعت تزحف الى الخلف بخوفٍ ومقت
امسك هو بيده بينما يكتم اي انين قد يهرب من بين شفتيه، تراقب عينيه ظهر ذلك الجالس بعيداً منشغلاً في البحث عن الدفء فابتعد عن باب الكهف لداخله وجلس متكئاً على الصخور هامساً بنبره متألمه لتلك التي حشرت جسدها في زاويه قريبه منه قائلاً :بالله عليك هذي شراسة طفله !
ابتلعت بتراء ريق فمها وراقبته بينما ينزع عن يده المشبك بوجهٍ تعرق صاكاً على اسنانه من فرط الألم كاتماً انينه ولوهله زارها شعورٌ بالندم مما يقاسيه هذا الشاب بسببها فهمست بنبره باكيه :ابي أمي وابوي
نظر اليها بعد ان لف يده بشاله الأسود وقد بدأ الظلام بالتخييم لذا فقد بدت ملامحه شبه مبهمه هامساً بخفوت :راح اخذك لهم، بس الحين خليك هنا عاقله طيب؟
اومئت مراراً بعد ان فُتح لها باب فرجٍ من السماء تراقبه بينما ينهض متجهاً الى الخارج لدقائق طويله بين نقاشٍ احتد في الخارج لم تفهم فحواه وسكونٍ مطبق خيم على الاجواء فعاد هو اليها قائلاً بأمر :يلا مشينا