الفصل الثاني والعشرين«طَائِر مَكِسُور»

205 22 16
                                    

كان ينظر لها بأعين زائغه من وسط دموعه وهو يجاهد ليخرج انفاساً اضافيه يسرقها من الزمن، فهو لا يصدق ما يبصره بعيناه،فهل كانت هي … هي من قتلته في النهايه، اخرج نحيباً من قلبه قبل ان ينطقه لسانه وهو يبتسم لها بخيبه، خيبه كخيبه القلب بالرفيق الخائن، خابت العهد والوعد فكلماتها بأنها جواره وان تخلي الجميع عنه هي هُنا، لم يكن إلا عبثاً، اتضح انها ياليتها رحلت وتَركته شريداً اهون عليه من طعنتها له، اخرج شهيق مرتفع بإعين جاحظه جحوظ الموتي حينما اخرجت السكين من معدته للمره الثالثه وهي تردف له بصراخ مقهور تبصر جسده الذي استلقي أرضاً يمسك جرحه وعيناه عليها تتواري بحسره:

"انتً ليه هنا، ليه جيت هنا؟؟؟ مش حياه قالتلك ارجع البيت مبتسمعش الكلام ليه دي اخرة اللي يسيب كتف القريب ويسند علي الغريب متوقع منه المسانده، انتً الغلطان يا زياد اختك فضلت كتير تداري عليا علشانك ودلوقتي بموتك هتموتني بعدك واحد غبي."

انهت حديثها الغاضب وهو ما كان منه إلا ان تابعها بنظراته الصامته ودموع عيناه تذرف كما قلبه الجريح، روحه الآن تتألم اكثر من جسده المطعون فهي محقه للاسف هو أخطأ لانه تخلي عن يده شقيقته التي دوماً ما مُدت له وامسك بيد الغريب متأملا الرفق وما الرفق إلا من الشقيق، ظن في الناس ليناً وما كان إلا مغفلاً ضحي الجميع به وارتمي جثه لا حول له ولا قوه، ولا نفعه حب القريب ولا الغريب سانده بلا طعنه في القلب واخرج روحه التي كانت هينة، لتردف ميرال بإبتسامه ارتسمت علي ثغرها وهي تجثو أرضاً تمسد علي خصلات شعره بحنان:

"انا بحبك يا زياد، بحبك صدقني، بس انتً عارف مش كل اللي بنحِبهم لازم يفضلوا معانا أحياناً قربهم بيوجع اكتر ولازم نختار بعدهم علشان نرتاح،ابعد يا زياد ووقتها هضمنلك ان انا هرتاح "

انهت ميرال حديثها لترتفع ضحكاتها عالياً وهو فقط رمق معالمها بتشوش يشعر بإنه طَائر مَكِسور جناحَيه ولكن بأستطاعتة التحليق، فهو يُحلق الآن بالفعل، يري ذلك الشريط الذي كان يتحدث عنه الجميع يُسف امام عيناه التي لا فارقها الدمع ولا انزاحت عن وجه ميرال.

"انا هنا، هنا جنبك لو الكل مات ولو الكل سابك هحميك للابد ماشي، انزل يا حبيب قلبي متعملش فيا كده انا كده هبقي لوحدي يا زياد خلينا علي الاقل معانا بعض، صح، احنا سوه صح يا زيــــاد."

"متنساش تخلص وترجع البيت"

"يبقي انتً مش محتاج اكتر من كده علشان تواصل، طالما الموت والقدر اخذوا منك كل حاجه يبقي مقدمكش غير انك تسند نفسك بنفسك، بس انتً بتقول عندك حد واحد علي الاقل سند ليك وناصفك يبقي اعتز بيه واعتز بنفسك واحمد ربنا، غيرك حتي الابتسامه الصدقه مش بيلقيها."

"ليه حد قالك ان الدنيا دي بتمشي علي هوانا نلعب ونمرح فيها ونيجي في الاخر نتوب نأخذ الدنيا والاخره انا وانتً هنموت في النهايه برضو يا زياد بس حاول لما تموت تموت مبتسم، اضحك يا زياد في اخر لحظه في حياتك، الدنيا مش مستاهله "

« يوماً ما »  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن